تفاصيل الخبر

وســـــط تـجـــــاري آخـــــر فــــي الـمـلـحـقـــــــات بـعــــد جـنــــون الأسـعــــار فــي وســـط بـيـــــــروت...  

23/10/2015
وســـــط تـجـــــاري آخـــــر فــــي الـمـلـحـقـــــــات  بـعــــد جـنــــون الأسـعــــار فــي وســـط بـيـــــــروت...   

وســـــط تـجـــــاري آخـــــر فــــي الـمـلـحـقـــــــات بـعــــد جـنــــون الأسـعــــار فــي وســـط بـيـــــــروت...  

بقلم طوني بشارة

حتى غلاء الأسعار في لبنان يتميز عن نظيره في البلدان القريبة، حيث ان أسعار السلع والخدمات في أسواقنا ترتفع بشكل جنوني مع اي حدث يحصل، مستفيدة من غياب او ضعف السلطة الرقابية والمحاسبة، فتأخذ بذلك منحى تصاعدياً يرهق القدرة الشرائية لدى المستهلك ويؤثر سلباً على ثقته، واللافت ايضاً ان أسعار السلع والخدمات في لبنان تتأثر بما يشهده العالم من متغيرات اقتصادية بل وحتى أمنية، وعند اول أزمة تحصل في بلد قريب، ترتفع الأسعار عندنا ثم لا تعود الى سابق عهدها حتى وان تمت معالجة المشكلة في البلد الآخر، وبذلك اصبح المستهلك اللبناني يعلم علم اليقين ان الأسعار سترتفع بشكل ملحوظ قبيل اي موسم من دون اي مبرر، مستسلماً بذلك للواقع الذي فُرض عليه وأُجبر على التعايش معه.

ففي جولة ميدانية لاحظنا ان الغرفة في فندق خمس نجوم سواء كانت مفردة او مزدوجة يتراوح سعرها بدءاً من 350 دولار بالإضافة الى 10  بالمئة كقيمة مضافة، مروراً بمبلغ 430 دولار وصولاً الى 530 دولار، اما بالنسبة للجناح الخاص فهو يبدأ بـ500 دولار مروراً بـ750 دولار وصولاً الى 900 دولار، وطبعاً هذا داخل بيروت، والملفت ايضاً ان هناك أسعار غرف وأجنحة تتخطى آلاف الدولارات لليلة واحدة.

  واللافت ايضاً ان هناك فنادق سياحية خارج بيروت يبدأ سعر الغرفة فيها بدءاً من 50 دولار مروراً بـ60 دولار وصولا الى 180 دولار.

اما المطاعم فالأسعار كالعادة تعمها الفوضى، فالمطاعم والمقاهي وخاصة في بيروت تعاني من ارتفاع لافت للأسعار حيث يعزو بعض اصحاب المطاعم والمقاهي هذا الارتفاع في الأسعار الى ارتفاع الايجارات في بيروت، فنجد في جولة على بعض المقاهي إقبال الشباب على ظاهرة تدخين النارجيلة، وفي جونيه، هناك تفاوت كبير في أسعار النارجيلة بين مطعم وآخر حيث تتراوح التسعيرة ما بين العشرة آلاف ليرة وتصل الى حد العشرين ألفاً إذ ان بعض المطاعم اصبحت لا تسمح بإنزال النارجيلة وحدها الا مع غداء او عشاء، فتصبح التكلفة باهظة للمواطن.

امام هذا الواقع، بدأ المواطنون يبحثون عن اماكن جديدة للسهر والترفيه، فانتعشت المطاعم والمقاهي خارج اطار بيروت الادارية، ونالت جبيل والبترون المرتبة الاولى في استقطاب الساهرين، فتم تصنيف المنطقتين بالوسط التجاري الثاني للبنان بعد انحلال الوسط التجاري في بيروت بسبب الاوضاع الأمنية السيئة التي عصفت بالبلاد وكثرة الاعتصامات فيه، ناهيك عن الأسعار والقيمة التأجيرية المرتفعة في منطقة <السوليدير> مما دفع أصحاب هذه المحلات الى رفع الأسعار بدورهم، وقد أدى ذلك بمعظم اصحاب المحلات بول-عريسالى هجر محلاتهم هناك والاتجاه للاستثمار في مناطق استقطاب الشباب.

 وهنا يقول محمد شريف: ان ارتفاع الأسعار في مقاهي ومطاعم بيروت كان كفيلاً لأقصد مناطق خارج بيروت وأرفّه عن نفسي بأسعار تشجيعية وتتلاءم مع واقعنا الاقتصادي بحيث لا قدرة لنا على سبيل المثال في حال أحببنا الترفيه أقلّه مرتين في الاسبوع ان ندفع في كل مرة  حوالى الـ100 ألف ليرة، كأننا نعمل فقط لنرتاد المطاعم والمقاهي، وبالتالي وبسبب الأزمة والغلاء اصبحنا من دعاة الترفيه المنزلي الخفيف على الجيوب.

 

هاربون من ترفيه بيروت

 

اما فادي ابي خليل فيقول: كنا انا واصدقائي رواد مقاهي شارع الحمراء وفردان الا ان الأسعار المرتفعة والاشكالات المتنقلة وقطع الطريق من فترة الى فترة دفعنا للبحث عن اماكن جديدة لنرفه عن انفسنا، فوجدنا في جبيل كما البترون ما نريده، فبمعادلة بسيطة في جبيل ومقاهيها تتراوح النارجيلة ما بين ستة آلاف ليرة وعشرة آلاف، وحتى أسعار المأكولات والمشروبات تراعي الحال الاقتصادية ولا تكلفنا اي زيادة، وفي ما يتعلق بالتكلفة الاضافية للبنزين فهي لا تتعدى الـ15 ألف ليرة فقط ما يعادل تقريبا نصف تنكة، واذا اضطر الأمر اتقاسمها مع رفاقي الاربعة فلا تتعدى التكلفة الاضافية الـ4 آلاف ليرة على كل فرد نوفرها على الاقل بالفارق بسعر النارجيلة وحدها.

منى-شهاب-واصدقائها

الى مطاعم البترون

اما منى شهاب فهي وصديقاتها اصبحن منذ سبعة اشهر تقريبا من رواد مطاعم ومقاهي البترون، فالأسعار في البترون اقل بكثير عما هي عليه في الاشرفية او الحمراء لا سيما أسعار المأكولات اللبنانية، فالفارق فقط في سعر صحن الحمص على سبيل المثال ما بين الاشرفية والبترون هو 4500 ليرة، ففي البترون سعر الصحن 5500 اما في الاشرفية فهو لا يقل عن عشرة آلاف، كذلك الأمر بالنسبة لسعر صحن الفتوش، والتبولة، واذ اردنا مقارنة سعر المشاوي او الكحول فحدث ولا حرج، مما يعني اننا وبالمأكولات الشرقية التقليدية فقط نوفر أقله ما بين الـ17 ألف والـ23 ألف بالنسبة لتكلفة شخصين، فماذا لو كانت اعدادنا ورفاقي ما بين العشرة اشخاص والخمسة عشر شخصاً؟ فالتوفير يتعدى بالفعل ال200 ألف ليرة في مثل هذه الحالة، اما تكلفة البنزين الاضافية فلا تتجاوز الخمسة آلاف على كل شخص، مما يعني ان الامر يستحق تكبد عناء المسافة.

طوني-رامي زهير برو يشرح الموقف

 

في هذا السياق كان لنا لقاء مع رئيس جمعية حماية المستهلك زهير برو الذي قال: تبين لنا في آخر فصلين ان هناك في بعض المقاهي والمحال التجارية استمرارا في غلاء الأسعار رغم انخفاض أسعار النفط عالمياً وهبوط ملحوظ لسعر اليورو، ومع ان التوقعات كلها كانت تصب في ناحية خفض الأسعار لكن ما حدث في الواقع هو ان الأسعار ارتفعت، وعلل برو ذلك لعدة اسباب منها: ان البلد يعيش في حالة من الفلتان، والتجار كما اصحاب الاستثمارات يستغلون الفرصة للاستفادة منها كما هي العادة، فضلاً عن عدم توفر اليات تعمل على ضبط الأسعار واستقرارها، وكذلك غياب المنافسة وهذا عامل رئيسي يتسبب باحتكار التجار للسوق وبالتالي رفع الأسعار كما يحلو لهم.

واضاف برو: في ظل هكذا وضع لا بد من عقد اجتماع لمجلس حماية المستهلك، وذلك من اجل دراسة الموضوع ومناقشة الاجراءات الآيلة لضبطه والعمل على توفير الراحة المطلوبة للمستهلكين، فنحن للاسف نعيش في دولة احتكارات ولسنا في دولة منافسة واقتصاد حرّ، فاقتصادنا ممسوك من قبل المحتكرين، وهذا ما جعل معدل الغلاء فيه أعلى بنحو 25 بالمئة من معظم البلدان المحيطة بنا والقريبة منا.

وأردف برو: هناك سياسات وتضامن وشبكة علاقــــات سياسية - تجاريـــــة تسيطر على السوق اللبناني وحتى اليوم لا نملك قانونا للمنافسة، وبالتالي فهذا يفسر الوضع الراهن ويتسبب بعدم انخفاض الأسعار، وهي في حال انخفضت قليلا يكون ذلك بشكل مؤقت.

محمد-شريف-واصدقائهعريس من جهة اقتصادية

وبالنسبة للفارق في الأسعار (أسعار المأكولات بين منطقة واخرى) التقت <الافكار> نقيب اصحاب المطاعم بول عريس الذي تحدث بكل صراحة عن هذه المسألة قائلاً: هذه المسألة تتعلق بوزارة السياحة، فنحن مع الاسف ليس لدينا الصلاحيات الكافية، لذلك كل ما يمكننا القيام به هو اعطاء الارشادات والتوجيهات لهذه المطاعم، وما على المواطن سوى التدقيق بالفواتير وألا يخجل من المطالبة بحقه ومن قراءة لائحة الأسعار الموجودة خارج المطعم قبل الدخول اليه، وبالتالي من الضروري ان يتنبه إذا ما كانت هناك اية ضريبة مضافة كي لا يفاجأ بها فيما بعد.

اما نقيب اصحاب الملاهي والباتيسري طوني رامي فأعلمنا ان حركة السوق خلال الفصل الاول من العام 2015 كانت افضل بنحو 20 بالمئة من الفترة نفسها من العام 2014، ولكن الحركة تراجعت فيما بعد بسبب الخطاب السياسي من جهة ووضع البلد من جهة اخرى، فالسياسيون في لبنان لا يدركون ان بإمكانهم العمل على ملفاتهم السياسية تحت الطاولة دون نشرها على العلن، فكلما خرج سياسي ما بموضوع ما يضعه في عشرين صفحة ويطلق اربعين خطاباً حوله خلال أسبوع، وما ارمي اليه هنا هو ان اللهجة والمنطق السياسي في لبنان يرتدان سلباً على السياحة.

واشار رامي الى ان لبنان بلد سريع التعافي والانتعاش ولو حصلت اليوم اية مبادرة ايجابية في البلد فبإمكانه ان يقوم بإعادة تأهيل نفسه والتماثل للشفاء.

اما عن الفارق بالأسعار بين منطقة واخرى، فاعتبر رامي ان سبب ذلك عائد لغلاء الايجارات في بيروت وضواحيها من جهة ولرغبة البعض في الربح السريع من جهة أخرى، ونحن لا نعاني هذه المشكلة سوى مع خمس او ست مؤسسات سياحية، وحاولنا قدر الامكان معالجة هذا الامر لكن الاوضاع التي يمر بها لبنان من قلة فرص العمل ومن وقوع خضات أمنية سهّلت وجود هذا الفارق في الأسعار.