تفاصيل الخبر

وساطة ”ساترفيلد“ تجاوزت ترسيم الحدود... وهي مستمرة واسرائيل تجاوبت جزئياً مع شروط لبنان ما عدا الـ”B1“!

20/06/2019
وساطة ”ساترفيلد“ تجاوزت ترسيم الحدود... وهي مستمرة  واسرائيل تجاوبت جزئياً مع شروط لبنان ما عدا الـ”B1“!

وساطة ”ساترفيلد“ تجاوزت ترسيم الحدود... وهي مستمرة واسرائيل تجاوبت جزئياً مع شروط لبنان ما عدا الـ”B1“!

يبدي مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط السفير <دايفيد ساترفيلد>، حرصاً على تحقيق تقدم لافت في المفاوضات التي قادها بين بيروت واسرائيل لاطلاق عملية ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، قبل انتقاله الى أنقرة سفيراً لبلاده في تركيا، ويستفيد من تأخير الكونغرس الأميركي في الموافقة على تعيينه في العاصمة التركية، ليحاول تحريك ملف المفاوضات اللبنانية ــ الاسرائيلية بعدما قدم لبنان ورقة موحدة ترسم خارطة طريق للتفاوض على النقاط المتنازع عليها على الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة. صحيح ان زيارة <ساترفيلد> الأسبوع الماضي لبيروت لم تحمل جديداً يمكن أن يطلق صفارة بداية مسيرة المفاوضات، إلا ان ما عاد به الموفد الأميركي من تل أبيب لم يقطع الأمل بامكانية إحداث خرق في حراكه لترسيم الحدود نظراً لما تشكله قبول لبنان واسرائيل ببدء المفاوضات، من نتائج ايجابية يعرف المسؤولون اللبنانيون انها تفيدهم بقدر ما تفيد الجانب الاسرائيلي.

وعلى رغم أن الكلام الكثير الذي ملأ وسائل الاعلام عن <فشل> <ساترفيلد> و<انقطاع> تحركه، طغى على الايجابيات التي حققتها مهمة السفير السابق في لبنان، إلا ان ثمة مؤشرات تدل على مجموعة توافقات لاستمرار الاستقرار في الجنوب اللبناني لاسيما وان الحديث عن الاتفاق على الترسيم بصرف النظر عن الشروط والموجبات الشكلية منها والأساسية، أحدث مناخاً ايجابياً يمكن التأسيس عليه وخفض منسوب التوتر الذي كان <يسجل عادة في المنطقة الحدودية، وهو ما أشار إليه قائد <اليونيفيل> الجنرال <ستيفانو دل كول> خلال ترؤسه الأسبوع الماضي الاجتماع الدوري للجنة الثلاثية اللبنانية ــ الدولية ــ الاسرائيلية في مقر القيادة الدولية في الناقورة، حين قال انه على الرغم من التوتر الاقليمي المتصاعد فقد ظلت منطقة عمليات <اليونيفيل> هادئة نسبياً، معرباً عن أمله <بكل اخلاص> في أن تبذل الأطراف كل ما في وسعها لضمان استتباب هذا الهدوء والاستقرار!

رغبــــة مشــــتركة بــــــالوصول

الى اتفـــــــاق؟

وتقول مصادر تابعت حراك <ساترفيلد> ان هذا الهدوء الذي أشار إليه الجنرال <دل كول>، هو الذي يعوّل عليه الموفد الأميركي في تنقله بين بيروت وتل أبيب، وهو ما كان ليواصل مهمته لو لم يلاحظ رغبة مشتركة بالوصول الى نتائج عملية تسفر تحريكاً للمفاوضات التي يفترض أن تنهي نزاعاً حول الحدود البحرية بالتزامن مع الحدود البرية، خصوصاً بعدما أعطى الاسرائيليون الأولوية للترسيم البحري الذي من شأنه الوصول الى نتائج ايجابية فيه، تحريك عمليات التنقيب عن النفط والغاز في المياه الاقليمية المحتلة بعدما أحجمت شركات كبرى عن البدء بالعمل الفعلي تحسباً لنشوب نزاعات بفعل التداخل الحاصل  بين البلوك رقم 9 في المنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية والمنطقة المقابلة في المياه المحتلة. إلا ان المصادر تؤكد بأن الرغبة الاسرائيلية في اطلاق عمليات التنقيب في المياه التي تحتلها ليست السبب الوحيد للتجاوب المشروط وغير المكتمل الذي أظهرته حيال المبادرة الأميركية، إذ ان هناك أيضاً التطورات الاقليمية المتسارعة في دول الجوار، وفي المنطقة ككل والتي لا تريد اسرائيل أن تنتقل نارها الى الحدود اللبنانية وتريد حصرها في الأراضي السورية بدليل تكرار غاراتها الجوية على مواقع حيوية سورية وعدم الاقتراب من جبهة الجولان بشقها السوري الذي استعادت دمشق سيطرتها عليه، وذلك

ليقينها بأن الاقتراب من الجولان يقرّب مساحة المواجهة مع الجبهة اللبنانية التي تحرص اسرائيل على أن تبقى هادئة بصرف النظر عن <البطولات> الإعلامية اليومية التي تصدر عن مسؤولين اسرائيليين من مستويات مختلفة.

وفي هذا السياق، يقول مصدر ديبلوماسي ان اسرائيل <تجاوزت> حادثة دخول طائرة صغيرة مسيّرة الأجواء الاسرائيلية الأسبوع الماضي وعودتها الى الأجواء اللبنانية واكتفت بالإضاءة على هذه الحادثة اعلامياً من دون استثمارها كما كانت تفعل عند حصول أي خرق للأراضي المحتلة أو للأجواء إذا كان مصدر الخرق الأراضي أو الأجواء اللبنانية. وفي تقدير هذا المصدر ان الموقف الاسرائيلي ليس <تعففاً> بل رغبة من تل أبيب بعدم التعكير على مهمة <ساترفيلد> الذي تعتبر الدولة العبرية انه حقق <انجازاً> في انتزاعه قبولاً لبنانياً بمعاودة التواصل معها، ووجود ورقة عمل لبنانية موحدة ترسم آلية للتفاوض على رغم تعديلها اسرائيلياً، والذي قوبل بتمسك لبنان بأن تكون مشاركة الأمم المتحدة في المفاوضات محققة بعدما كانت اسرائيل ترغب في أن تكون المفاوضات ثنائية لبنانية ــ اسرائيلية بمتابعة أميركية.

المدة الزمنية والكشف المسبق

ولاحظ المصدر الديبلوماسي ان قبول اسرائيل بإجراء المفاوضات في مقر القيادة الدولية في الناقورة وتحت علم الأمم المتحدة يعني ان الاسرائيليين تجاوزوا الشكليات التي كانت عائقاً أمام حصول المفاوضات من دون أن يقدموا المزيد من التنازلات، لاسيما في مسألتين أساسيتين تعرقل عندهما مهمة <ساترفيلد> من أن تتوقف:

ــ المسألة الأولى تتعلق بالمدة الزمنية المحددة للمفاوضات حيث تصر اسرائيل على أن تكون لمدة ستة أشهر، فيما يرى الرئيس نبيه بري الذي تولى ابلاغ <ساترفيلد> موقفه، أن يكون التوقيت مفتوحاً لئلا يشكل التوقيت عامل ضغط في سير المفاوضات. لكن الجانب الاسرائيلي يعتبر ان التوقيت الزمني أمر بديهي عندما تجري مفاوضات بين طرفين متخاصمين لأنه من غير المنطق أن يستمر النقاش مفتوحاً الى ما شاء الله. وثمة معلومات تشير الى اقتراح سوف يتقدم به <ساترفيلد> يشكل حلاً وسطاً بين الموقف الاسرائيلي بتحديد المهلة، والرفض اللبناني، يقوم على إطالة المدة الزمنية بحيث تكون تسعة أشهر أو سنة لأنه يرى ان مثل هكذا مهلة كافية للوصول الى نتائج في التفاوض أو عدمه.

ــ أما المسألة الثانية فتتناول <ضمانات> طلبها الرئيس بري تدلل فيها اسرائيل على <حسن نيتها> ورغبتها الجدية في الوصول الى حلول عملية. وهذه الضمانات تقضي بأن تسهّل الدولة العبرية إجراء عملية مسح للبلوك رقم 9 للتأكد من وجود كميات من النفط والغاز فيه تبرر التفاوض للوصول الى اتفاق حول ترسيم الحدود البحرية لأن لا معلومات أكيدة بعد عن حجم كميات النفط والغاز في هذا <البلوك>، علماً ان المعطيات الأولية تحدثت عن وجود كميات يجري لبنان العمل جدياً على التنقيب عليها واستخراجها إلا ان الجواب الاسرائيلي لا يزال سلبياً حيال هذا الاقتراح اللبناني الذي وجده <ساترفيلد> <منطقياً> ويمكن بالتالي التفاوض لتحقيقه. وقد اندرج اللقاء الذي عقده <ساترفيلد> مع وزيرة الطاقة والمياه ندى بستاني في إطار استطلاع المسؤول الأميركي لواقع <البلوك 9> كي يكون على بينة من وضعه خلال مناقشة الاسرائيليين للاقتراح اللبناني، فضلاً عن حرص أبداه <ساترفيلد> للوزيرة بستاني بأن تشارك شركات أميركية في الاستثمار في مجال الطاقة بعدما انكفأت عن هذه المشاركة عند طرح <البلوكين> 4 و9 على الاستثمار.

 

تلازم مساري الترسيم

ويؤكد المصدر الديبلوماسي ان ما يوحي بأن <ساترفيلد> حقق تقدماً في حراكه بين بيروت واسرائيل، تناوله خلال لقاءاته مع المسؤولين اللبنانيين مسائل تتجاوز قضية الترسيم، وتتطرق الى مواضيع أخرى من بينها مستقبل التعاون اللبناني ــ الأميركي في حقول متعددة، إضافة الى الأوضاع في سوريا والعراق ودول الجوار، وأزمة الشرق الأوسط. ويسجل المصدر عدم بروز أي <ممانعة عملية> لمهمة <ساترفيلد> لأن المعلومات التي تصل تباعاً الى <جبهة الممانعة> برموزها الأساسية والثانوية، تجعلها مطمئنة الى ان الموقف اللبناني <سليم> لجهة التمسك بالثوابت وعدم تقديم تنازلات، علماً ان ثمة من يؤكد ان بدء المفاوضات لم يعد بعيداً إذا ما كانت الأجوبة الاسرائيلية ايجابية ومحصورة فقط بمسألة الترسيم من دون التطرق الى أي موضوع يتصل بالأوضاع على الحدود أو بسلاح حزب الله لأن التفاهم كان من البداية على فصل ملف الترسيم عن غيره من الملفات وأدركت اسرائيل ان أي مقاربة من قبلها لغير مسألة الترسيم تعني تفخيخ مبادرة <ساترفيلد> وموتها.

وترى مصادر رسمية لبنانية انه من غير الجائز القول إن مهمة <ساترفيلد> نجحت بالمطلق أو هي فشلت بالمطلق، لأن ثمة نقطة لا تزال عالقة تتصل بتلازم المسارين البري والبحري في الترسيم والذي لا يزال لبنان يتمسك به، في حين قالت اسرائيل انها تلتزم تحريك المسار البري إذا شعرت ان هناك تقدماً في المسار البحري، كما اقترحت تعليق البحث حول نقطة رأس الناقورة الى حين بدء المفاوضات على أن تبقى منطقة <محايدة> لا وجود عسكرياً اسرائيلياً فيها، وان توضع تحت اشراف قوات الأمم المتحدة طوال فترة التفاوض. إلا ان لبنان أصرّ على موقفه من نقطة رأس الناقورة المعروفة بـ<B1> لأنه يعتبر ان الترسيم البحري مرتبط بها ارتباطاً عضوياً لأنها نقطة التقاء الموج باليابسة. وقد قاد الخلاف حول النقطة <B1> الى بروز مسألة خلافية برية إذ طالب لبنان بوقف الأعمال على الخط البري طوال فترة المفاوضات، لكن الجواب الاسرائيلي اقتصر على القبول بأن يكون وقف العمل فقط في النقاط المتنازع عليها وعددها 13 نقطة، وليس على طول <الخط الأزرق>.