تفاصيل الخبر

ولادة الحكومة طبيعياً قبل ذكرى الاستقلال مرهونة بتذليل 7 عقد جدية تعترض التأليف!

18/11/2016
ولادة الحكومة طبيعياً قبل ذكرى الاستقلال  مرهونة بتذليل 7 عقد جدية تعترض التأليف!

ولادة الحكومة طبيعياً قبل ذكرى الاستقلال مرهونة بتذليل 7 عقد جدية تعترض التأليف!

 

berry-ali-hassan-khalil----2 إذا أراد الرئيس سعد الحريري أن يشكل حكومته قبل حلول ذكرى الاستقلال يوم 22 تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، كما صارح الذين التقاهم وهو يغادر قصر بعبدا يوم الاثنين الماضي، فإن ذلك يفرض عليه، كما تقول مصادر سياسية متابعة لمسيرة تأليف الحكومة العتيدة، تجاوز العقبات التي تعترض ولادة الحكومة والتي لم تؤدِ الاتصالات التي أجراها الرئيس المكلف على مدى 12 يوماً، الى تذليلها كلها، بسبب تمسك بعض المعنيين بالتركيبة الحكومية بمواقفهم من جهة، وبالمطالبة بحصصهم من جهة ثانية، وحجب حقائب عن أفرقاء سياسيين آخرين من جهة ثالثة.

ولأن التشكيلة الحكومية شبيهة بـ<الأوعية المتصلة> (Vaisseaux Communicants)، فإن تذليل عقدة واحدة كفيل بتذليل عقد أخرى نظراً للترابط بين مطالب الكتل النيابية من جهة، وبين شهية الاستيراز التي فُتحت على نحو واسع من جهة ثانية، على رغم أن الحكومة العتيدة لن تعمّر طويلاً لأنها حكومة انتخابات وتعتبر مستقيلة حتماً مع بداية ولاية جديدة للمجلس النيابي... هذا إذا حصلت الانتخابات في موعدها في شهر أيار/ مايو المقبل كما يريد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، ولم تطرأ معطيات تؤجل إجراء الاستحقاق وتقود البلاد نحو <تمديد تقني> للمجلس بدأ الحديث عنه يتردد بقوة في المحافل السياسية.

وإذا كانت المصادر التي تتابع مسيرة تأليف الحكومة قد نقلت عن الرئيس الحريري انطباعات <إيجابية> عن مسار عملية التأليف، فإن ثمة معطيات تؤكد أن العقد التي حُلّت مع بداية الأسبوع لا تكفي وحدها لضمان صدور مراسيم تأليف الحكومة قبل ذكرى الاستقلال، لاسيما وأن الشكوى كانت عالية من أن معالجة عقدة ما كانت تقود الى بروز عقد أخرى لا تقل دقة عن غيرها. وفي تقدير المصادر نفسها ان الرئيس الحريري عندما ألزم نفسه بتشكيل حكومة من المؤيدين والخصوم على حد سواء، جعل مصير حكومته في عهدة فريق نيابي واسع وقادر في آن على التعطيل -  إذا أراد - وإن كانت المواقف المعلنة له تتحدث عن غير ذلك. وعليه بات على الرئيس الحريري أن يتعاطى مع هذا الملف بدقة كي لا تقع أي <دعسة ناقصة> تؤثر على انطلاقة الحكومة الجديدة.

<فيتو> وحصص رئاسية

و... وزيرة!

وقد أوردت المصادر نفسها جردة بـ<العقد> التي تواجه الرئيس العتيد في تشكيل حكومته، أبرزها الآتي:

- <الفيتو> الذي قيل ان التيار الوطني الحر وضعه على إعادة توزير النائب علي حسن خليل في وزارة المال، ما دفع بالرئيس نبيه بري الى التمسك ببقاء خليل في هذه الوزارة، وإن كانت مصادر  إعلامية رددت اسم المديرة العامة للاقتصاد السيدة عليا عباس لتتولى حقيبة المالية، وهو أمر نفاه الوزير خليل ومصادر حركة <أمل>. إلا أنه وعلى رغم نفي مصادر رئاسة الجمهورية صحة المعلومات عن هذا <الفيتو>، وقولها إن الرئيس عون ليس في وارد وضع الشروط و<الفيتو>، فإن ثمة من يتمسك بالحديث عن <الفيتو>، ما أحدث تشنجاً في حالات كثيرة دفع بالرئيس عون الى القول امام وفد الهيئات الاقتصادية بأن هذه الحكومة لن تكون حكومة العهد الأول، واستطراداً فهو لن يتدخل في التركيبة التي أعدها الرئيس الحريري.

 أما العقدة الثانية التي برزت بقوة فتمثلت بالحديث عن حصص مكرسة لـ<الرؤساء الثلاث> بمعزل عن حصة الكتل النيابية التي يمثلونها في السلطة، وقد برز في هذا السياق موقف الرئيس بري الذي ناقض موقف الرئيس عون، واستعان بالذاكرة ليقول إن الرؤساء لم تكن لهم حصة في الحكومات، وان هذا التقليد بدأ مع عهد الرئيس ميشال سليمان على أساس أن الرئيس السابق لم تكن لديه كتلة نيابية، فأُعطي حصة راوحت بين 3 و4 وزراء حسب عدد أفراد الحكومة العتيدة. وإذا ما نجح الرئيس الحريري في تذليل هذه العقدة، فمن الممكن أن يحرز تقدماً في مسيرة الألف ميل الحكومية بصرف النظر عن الشعارات التي رفعت في هذه hariri-aoun----1 المناسبة.

وتتلخص العقدة الثالثة في نوعية الحصص الرئاسية، لاسيما وأن ثمة من يريد من الرؤساء الثلاثة أن يتمثل في الحكومة بوزراء من غير طائفته، وهو ينادي بوضوح انه إذا حصل فريق على واقع معين، حصل الآخرون فوراً على الواقع المماثل. وهذا الطلب لامس الكتل النيابية التي تعتقد أن من حقها إضفاء صفة <الوطنية> عليها عوضاً عن استمرار <صبغها> باللون الطائفي أو المذهبي. ولن يكون من الصعب على الرئيس الحريري تذليل هذه العقدة، وهو قال وهو يغادر قصر بعبدا ان لا مشكلة من اعتماد حصة لكل رئيس، بل المهم أن يكون صاحب هذه الحصة مقبولاً من شركائه الآخرين.

 

ضد حقيبة سيادية لـ<القوات>

 

وبدا أن العقدة الرابعة هي الأكثر إحراجاً لكثيرين، وهي تتصل بـ<الفيتو> الذي وضعه الرئيس بري على منح حقيبة سيادية للقوات اللبنانية، وتضامن معه في الموقف حزب الله وغيره من الحلفاء الذين وزعت في ما بينهم الأدوار. وبين اعتراض <الثنائية الشيعية> على تسليم <القوات> حقيبة سيادية، والإرباك الذي أحدثه هذا التمسك <القواتي>، بدا أن البديل كان - في حال موافقة قيادة <القوات> - في زيادة حصة <القوات> الوزارية والتي لن تتجاوز ثلاثة وزراء أحدهم في حقيبة أساسية مثل وزارة الاتصالات، وتتفرع عن هذه العقدة واحدة مضافة وهي <الصراع> على الحقائب المصنفة <أساسية>، وخصوصاً وزارتي الاتصالات والصحة، وتقترب منهما في الأهمية وزارة الأشغال العامة والنقل، وقد أقرّ الرئيس الحريري أمام الرئيس عون في لقائهما بداية الأسبوع، بأنه <عجز> في بداية مقاربة التشكيل، عن تحديد الحصص بشكل علمي ودقيق لأن ردود الفعل لم تكن على مستوى الحدث حتى الآن على الأقل.

أما العقدة الخامسة، فتكمن في إصرار <الثنائية الشيعية> على تمثيل رئيس تيار <المردة> النائب سليمان فرنجية في الحكومة الجديدة بحقيبة وازنة تليق بخيارات فرنجية ووقوفه الى جانب قيادة الحزب في تطبيق قرارها مقاطعة جلسات مجلس الوزراء سابقاً، ناهيك بمواقف أخرى لمعزين وأهل وأقرباء... وبدا أن النائب فرنجية الذي <يعرف مكانته ويتدلل> يريد هو الآخر حقيبة أساسية لا تقل أهمية عن تلك التي سوف تنالها القوات اللبنانية إذا قبل الدكتور سمير جعجع بـ<التنازل> عن الحقيبة السيادية لينال بدلاً منها 3 وزارات على الأقل، بينها وزارة الاتصالات، وهذا الإصرار على تمثيل النائب فرنجية من قبل بعض حلفاء 8 آذار ولاسيما حزب الله و<أمل> يندرج في إطار الوفاء والالتزام بين الحزب والنواب المعنيين. وقد سعى الرئيس الحريري من خلال مستشاره الدكتور غطاس خوري الى تبديد اعتراض <القوات> على حصتها والوزراء، وكانت آخر المحاولات بداية هذا الأسبوع.

 

الكتائب تعترض... والقومي يطالب

hariri-geagea----3

والى العقدة السادسة التي وإن كانت تقل أهمية عن العقد الاخرى، إلا أنها موجودة، وهي ترتبط باعتراض حزب الكتائب على حصته في التشكيلة الجديدة، على رغم أن نواب الحزب لم يقترعوا للرئيس عون في الجلسة الانتخابية، وقد كثرت في الآونة الأخيرة الانتقادات حول مواقف رئيس الحزب النائب سامي الجميل. ويحمّل الكتائبيون مسؤولية محاولة إبعادهم من الحكومة الى القوات اللبنانية التي يقول عنها بعض الكتائبيين انها باتت من مراكز القوة بحيث تحاول عزل الآخرين أو تهميشهم، وقد أتى اتهام النائب الجميّل العلني للقوات اللبنانية بمحاولة إقصاء حزب الكتائب عن التركيبة الحكومية ليزيد الموقف إحراجاً وتباعداً بين الحزبين المسيحيين، ما جعل الرئيس المكلف في حيرة من أمره، فهو لا يريد أن يفك تحالفه مع القوات اللبنانية و<الحكيم>، وفي الوقت نفسه لا يرغب في ممارسة أي دور اقصائي بحق فريق سياسي لبناني أو أكثر.

وفي خط موازٍ لما يمكن أن يكون عقدة سابعة أقل حدة من العقد الاخرى، يتظهّر موقف الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي لا يريد أن يكون توزيره أحد مناصريه <صدقة> أو اقتطاعاً من حصة هذا الطرف أو ذاك، في مقابل الحرص على تسمية وزير واحد مسيحي.

حيال هذا الواقع المليء بالعقد التي بعضها قابل للحل، والبعض الآخر صعب لكنه غير مستحيل، فإن الرئيس الحريري لن يتراجع عن رغبته في تشكيل الحكومة قبل عيد الاستقلال، وهو سيقدم الكثير من الاقتراحات لإرضاء المشاركين في حكومة يقول ان عمرها لن يتجاوز شهر تموز/ يوليو المقبل لأنها سوف ترحل مع تركيبة المجلس النيابي الحالي التي تسقط فور إجراء الانتخابات النيابية. وعليه، فإن الرئيس الحريري بدا واثقاً وهو يغادر قصر بعبدا مع بداية الأسبوع من أن التشكيل آتٍ قبل الاستقلال كي لا يتكرر مشهد مشاركة رئيس حكومة مكلف الى جانب رئيس مجلس النواب ورئيس حكومة فعلي في حضور العرض العسكري التقليدي في ذكرى الاستقلال الذي سوف يرئسه هذه السنة رئيس الجمهورية بعد انقطاع امتد على سنتين ونصف السنة، وتكرار المشهد نفسه مع <الرؤساء الأربعة> في تقبل التهاني في القصر الجمهوري، وهم الرئيس ميشال عون والرئيس نبيه بري والرئيس تمام سلام والرئيس المكلف سعد الحريري.