تفاصيل الخبر

وحدها المصارف اللبنانية قادرة على تقطيع المرحلة بأقل خسائر اقتصادية!  

23/09/2015
وحدها المصارف اللبنانية قادرة على  تقطيع المرحلة بأقل خسائر اقتصادية!   

وحدها المصارف اللبنانية قادرة على تقطيع المرحلة بأقل خسائر اقتصادية!  

بقلم خالد عوض

جوزيف-طربيه ليس أمراً عابراً موضوع تخفيض تصنيف لبنان من قبل مؤسسة <ستاندردز أند بورز> على المدى الطويل من مستقر إلى سلبي. هذا التخفيض يأتي بعد تسعة شهور من تخفيض مؤسسة <موديز> تصنيف سندات الخزينة اللبنانية من <B1> الى <B2>. النتيجة المباشرة لهكذا خطوات من مؤسسات التصنيف العالمية هي رفع مستوى الفائدة على سندات الخزينة اللبنانية أي رفع خدمة الدين وبالتالي عجز الخزينة وبالطبع رفع مستوى الدين العام ككل. جمعية المصارف تحركت <للنق> لا أكثر ولا أقل مع أنه باستطاعتها أن تقوم بأكثر من ذلك بكثير. هي قادرة فعلياً على فرض انتخاب رئيس للجمهورية عن طريق الإعلان أنها لن تجدد الديون ولن تعطي أي قروض جديدة للدولة اللبنانية قبل ذلك. هذا أمر يمكن أن يهز الوضع المالي برمته ولكن الانتظار لم يعد اليوم أقل خطراً في ظل ما يحصل حولنا.

عندما تسأل المصرفيين في لبنان عن الوضع المالي يؤكدون أنه بأحسن حال بسبب الملاءة الكبيرة في البنوك وبسبب استمرار لبنانيي الإغتراب في تحويل معظم أموالهم إلى لبنان، ويؤكدون أن الأمور الاقتصادية في لبنان ستستوي عندما تلوح بداية نهاية الأزمة السورية. المشكلة اليوم أن الأزمة السورية أخذت مساراً طويلاً لا يمكن انتظاره بهذا الشكل السلبي.

الإشارات عن طول الأزمة السورية إلى ما بعد ٢٠١٨ عديدة، ومنها:

البداية من المنافسة الإعلامية بين دول الغرب التي تبدي استعدادها لاستقبال أعداد أكبر من اللاجئين السوريين في السنوات المقبلة.

وزير الخارجية الأميركية <جون كيري> أعلن أن بلاده ستستقبل ٨٥،٠٠٠ لاجئ في ٢٠١٦ ومئة ألف لاجئ في 2017. دول أوروبية كثيرة تعمل على إحصاء النقص المتوقع في اليد العاملة لديها قبل أن تعلن عن عدد اللاجئين الذي ستستقبله. لا أحد يتكلم عن عودة اللاجئين إلى بيوتهم أو إلى مستقبل سوريا التي يهجرها شعبها من دون أي أمل في العودة. لو أن الحل على الأبواب لما كان الكلام عن اللاجئين بهذه الطريقة.

هناك ثانياً عامل جديد هو الوجود الروسي العسكري على الأرض. هناك عدة تفسيرات لهذا التغيير في الاستراتيجية الروسية. السبب الأهم هو محاربة <داعش> خاصة في ظل ظهور بوادر <تعب> عسكري إيراني على الأرض السورية وتلاشي قوة نظام الأسد مما يمكن أن يسهل زحف <داعش> إلى الساحل السوري حيث قاعدة <طرطوس> الروسية. كما أن ابرام إيران للإتفاق النووي مع الغرب سيضيّق عليها مساحة المناورة العسكرية في سوريا ولذلك يتعيّن على الروس الإستعداد لإحتمال تراجع المد الإيراني هناك. وبغض النظر عن الحافز الرئيسي الذي دفع بـ<فلاديمير بوتين> إلى قيادة العمليات العسكرية مباشرة في سوريا، لن تكون الرحلة إلى اللاذقية وما أبعد منها نزهة قصيرة، هذا يعني أيضاً أن الأزمة السورية لم تبلغ القمة بعد وأمامها سنوات طويلة وصعبة.

العامل الثالث اقتصادي إعماري. مفتاح أي حل سياسي هو المال. المال اليوم غير متوافر في ظل الحروب المختلفة في الشرق الأوسط وانخفاض أسعار النفط وتراجع النمو الاقتصادي في المنطقة والعالم. هذا يعني أنه لن يكون هناك تمويل يفرض الحلول العملية للأزمة السورية، وأننا في مرحلة تبلور الحلول التصاعدية أي الناتجة عن تغيرات على الأرض. هكذا حلول يلزمها سنوات لكي تنضج.

رياض-سلامةالعامل الرابع هو <داعش>، إذ لا بوادر أن هذا التنظيم على أفول خلال سنة أو سنتين، خاصة أنه أصبح قوة عالمية تحاربها أكبر جيوش العالم من دون جدوى.

في ظل كل المؤشرات نرى أنفسنا أمام مرحلة طويلة ومعقدة في المنطقة كلها وليس فقط في جارتنا المباشرة سوريا، لذا يجب الاعتماد على حلول من الداخل لا تنتظر الفرج هنا أو هناك. مطلوب استقرار سياسي، صحيح. ومطلوب إستقرار أمني، لا خلاف على ذلك. ولكن البلد بحاجة إلى خطة اقتصادية عنوانها حرب طويلة في سوريا وأسعار نفط منخفضة حتى إشعار طويل آخر. المشكلة أن الحكومة عاجزة عن تنفيذ أي خطط، وبالتالي فإن الكرة هي قطعاً في ملعب مصرف لبنان والبنوك اللبنانية. وتؤكد الفوائد الاقتصادية لسياسة التحفيز المالي التي بدأها مصرف لبنان منذ ثلاث سنوات والتي تخطت خمسة مليار دولار أن هذا هو الإتجاه الأصلح وربما الأوحد لتغطية العجز الحكومي والفراغ السياسي. لذلك يجب البناء على هذه السياسة وتطويرها لتخرج من الإطار العقاري الذي يطغى عليها وتتحول إلى قطاعات إنتاجية وخدماتية أخرى بالزخم نفسه بشرط مواكبة هذا التوسع ببنية تحتية بشرية تساعد على ردم الهوة المعرفاتية بين هذه القطاعات وعالم المصارف والقروض.

١٦٠ مليار دولار ودائع وأكثر من سبعة ونصف مليار دولار سنوياً من تحويلات اللبنانيين في الخارج وأرباح متزايدة تأتي معظمها من إقراض الدولة اللبنانية أي من الناس والضرائب التي يدفعونها، كل ذلك يفرض على البنوك اللبنانية لعب دور أوسع وأفعل من الذي تقوم به حالياً. البلد تشبع بالقروض الشخصية ودقت ساعة إقراض الأعمال والمشاريع.

وعسى أن تدق قريباً ساعة فرض المصارف للحلول السياسية.