تفاصيل الخبر

وحده الحل السياسي لجريمة قبرشمون يحقق توافقاً لاحالتها على المجلس العدلي... وتحرير مجلس الوزراء!

19/07/2019
وحده الحل السياسي لجريمة قبرشمون يحقق توافقاً  لاحالتها على المجلس العدلي... وتحرير مجلس الوزراء!

وحده الحل السياسي لجريمة قبرشمون يحقق توافقاً لاحالتها على المجلس العدلي... وتحرير مجلس الوزراء!

يُظهر تسلسل الأحداث والمواقف ان إحالة جريمة قبرشمون التي أودت بحياة اثنين من مرافقي وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب مسألة حتمية مهما طال النقاش فيها وتشعب، وســــواء عقـــــد مجــــلس الوزراء جلسته هذا الأسبوع أم الأسبوع المقبل. وفيما يبدو ان البحث جار على <المخرج> الذي ستتم فيه إحالة الجريمة على المجلس العدلي، فإن الذين تابعوا تحركات المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم الأسبوع الماضي، وصلوا الى قناعة خلاصتها ان الطابع السياسي للجريمة يدفع بالأطراف المعنيين الى القبول بإحالتها على المجلس العدلي، شرط وجود ضمانات ان مقاربة المجلس ستكون قضائية صرف ولا تعطى أي صفات سياسية أخرى. ولم يعد سراً ان رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي الوزير والنائب السابق وليد جنبلاط يشعر بأن ثمة <سيناريو> يحضّر لما بعد تسلم المجلس العدلي الملف، يشبه ما حصل مع رئيس <القوات اللبنانية> الدكتور سمير جعجع في ما يتعلق بتفجير كنيسة سيدة النجاة في زوق مكايل، والذي بدأ بتحقيق مع متهمين أو مشتبه بهم، وانتهى بإدانة لحزب <القوات اللبنانية> ثم حله، وصولاً الى زج رئيسه في السجن.

كثيرون يخالفون جنبلاط في هذه الهواجس، فلا الواقع السياسي الراهن في البلاد يشبه الواقع الذي ساد خلال فترة تفجير كنيسة سيدة النجاة، ولا المسؤولون في السلطة حالياً هم أنفسهم الذين كانوا عامذاك، فضلاً عن ان جريمة قبرشمون وقعت بين أبناء طائفة واحدة ما ينفي صفة <الفتنة> الطائفية عنها. وفي هذا السياق، يرى مطلعون على مسار الملف، ان الجريمة سياسية بامتياز، وإن بدأت باعتراض أهلي على زيارة وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل بصفته رئيساً لـ<التيار الوطني الحر> الى بلدة كفرمتى في قضاء عاليه، إذ انها انتهت بإحداث أزمة سياسية متعددة الأضلاع أدت، في ما أدت إليه، الى توقف مجلس الوزراء عن عقد جلساته، خصوصاً ان المجلس هو من يملك سلطة الموافقة على الإحالة الى المجلس العدلي أم لا. لذلك لم يعد من بد من وضع الجريمة في عهدة المجلس العدلي الذي وإن كان ينظر في جريمة لها الطابع القضائي، لكن الأبعاد السياسية لها كثيرة ومؤثرة على الواقع العام في البلاد.

 

ماذا دار بين عون والحريري؟

 

وخلال اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون برئيس الحكومة سعد الحريري، بدا من خلال النقاش ان الحريري غير متحمس للإحالة على المجلس العدلي وذلك من منطلقات مختلفة، بعضها سياسي والبعض الآخر أمني، معتبراً خصوصاً ان الجريمة قد لا تنطبق عليها المعايير التي تعتمد ليتولى المجلس العسكري النظر فيها. إلا ان الرئيس عون قدم الى رئيس الحكومة لائحة بالجرائم التي نظر المجلس العدلي فيها ــ أو لا يزال ينظر ــ منذ عشرات السنين، وبعضها لا يرتقي الى مستوى جريمة قبرشمون من حيث ظروفها وملابساتها والمستهدف فيها. وهذا الأمر جعل الرئيس الحريري <يلين> موقفه طارحاً ضرورة ايجاد المناخات الايجابية المناسبة لتأتي الإحالة نتيجة توافق هدفه الوصول الى حقيقة ما جرى من جهة، وعدم تصوير التعاطي القضائي في هذا الملف وكأنه يجنح الى فريق من دون آخر. وعلى هذا الأساس أعيد إحياء مهمة اللواء ابراهيم الذي قاد مفاوضات صعبة مع كل من جنبلاط ورئيس <الحزب الديموقراطي اللبناني> النائب طلال ارسلان وصولاً الى تحقيق <خرق> واضح تتوجه مصالحة بين جنبلاط وارسلان في قصر بعبدا.

وبدا من خلال مسار الاتصالات انه لم يكن من السهل بمكان الفصل بين انعقاد مجلس الوزراء وبين إحالة الجريمة على المجلس العدلي لأن الرئيس الحريري كان يتخوف من أن يؤدي طرح هذا الموضوع على الجلسة الحكومية الى حصول اهتزاز بين أعضاء الحكومة ينتهي باستقالة وزيري الحزب التقدمي الاشتراكي أكرم شهيب ووائل أبو فاعور، وقد يتضامن معهم وزراء <القوات اللبنانية>، فيهتز المشهد الحكومي وتكون البلاد في مصيبة أحداث قبرشمون، فتصبح في مصيبة أخرى هي استمرار الحكومة! علماً ان عملية <بوانتاج> سريعة تظهر ان أي تصويت في مجلس الوزراء سيأتي لصالح الإحالة على المجلس العدلي، خصوصاً بعد الموقف المعلن الذي اتخذه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله لجهة تأييد مطلب <الحليف> النائب ارسلان، ما يضع الرئيس بري في مأزق، فهو من جهة حريص على علاقته مع النائب جنبلاط التي يصفها بـ<المميزة>، ومن جهة أخرى لا يمكنه الخروج من الاجماع الشيعي المتمثل بـ<الثنائية> وباتفاق ضمني على أن تكون

مواقف وزراء <الثنائية الشيعية> منسقة وموحدة، فكيف في مسألة كهذه؟!

مصالحة درزية ــ درزية

في بعبدا؟!

في أي حال، فإن الأفكار التي يتحرك اللواء ابراهيم من خلالها تقود حتماً الى مصالحة درزية ــ درزية لن تكون عائقاً أمام المجلس العدلي، سواء تمت قبل درس الإحالة في مجلس الوزراء أو بعدها، علماً ان السبب الذي أخّر وضع الحل المتفق عليه موضع التنفيذ، تمحور حول تسليم المتهمين أو المطلوبين أو الشهود. وفي معلومات <الأفكار> ان جنبلاط اشترط لتسليم المتهمين الاشتراكيين أن يتولى التحقيق معهم فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، وأن يسلم ارسلان المتهمين باطلاق النار لفتح الطريق أمام موكب الوزير الغريب. إلا ان ارسلان رفض أن يتولى فرع المعلومات التحقيق مع هؤلاء <الشهود>، وهو كان تحفظ في السابق أن تتولى مديرية المخابرات في الجيش التحقيق لأنها ــ حسب قوله ــ غير حيادية والضباط فيها يميلون الى جنبلاط والحالة الجنبلاطية. من هنا برزت فكرة إنشاء لجنة أمنية للتحقيق في ملابسات جريمة قبرشمون تضم أكثر من جهاز أمني واحد، وتعهد إليها مهمة التحقيق مع الموقوفين ومن سينضم إليهم، على أن ترفع اللجنة في نهاية  تحقيقاتها توصية بإحالة الجريمة على المجلس العدلي، فيرحّب ارسلان ولا يعارض جنبلاط، ما يشكل مخرجاً قانونياً ــ ولو بالشكل  ــ لتعثر التحقيقات في الجريمة بعد <تغييب> المتهمين الحقيقيين.

وترى مصادر متابعة ان الحل السياسي ــ الأمني ــ القضائي الذي وجد بفعل المسارات الثلاثة، يبقى الأكثر قبولاً لتغطية أي خطوة أمنية أو قضائية، لأن بلداً مثل لبنان يحتاج دائماً الى <مخارج خاصة> تزاوج ــ قدر الامكان ــ بين تطبيق القانون وبين مراعاة خصوصية بعض الأحداث والمتورطين بها، والتاريخ الحديث خير شاهد على ذلك.

تبقى الإشارة الى ان الجرائم التي أحيلت على المجلس العدلي تأخذ وقتاً طويلاً قبل لفظ الأحكام بها، في حين ان القضاء العادي يمكن أن يسرع في انجاز المحاكمات وإصدار الأحكام، إلا ان هذه الأحكام تبقى عرضة للاستئناف ثم للتمييز ما يجعل مدة الفصل بالجرائم طويلة، في حين ان المجلس العدلي، وإن كان يسير ببطء السلحفاة، إلا ان لذلك ما يبرره، وهو أن أحكام المجلس العدلي غير قابلة لأي طريق من طرق المراجعة، أي ان أحكامه مبرمة!