تفاصيل الخبر

وجــود لـبـــنان فـي مفـاوضـــــات ”مســــار استـانــــــا“ يفـرض طـرح ملـف النازحيــن بمـــوازاة الـحــل السيـاســي!

01/08/2019
وجــود لـبـــنان فـي مفـاوضـــــات ”مســــار استـانــــــا“  يفـرض طـرح ملـف النازحيــن بمـــوازاة الـحــل السيـاســي!

وجــود لـبـــنان فـي مفـاوضـــــات ”مســــار استـانــــــا“ يفـرض طـرح ملـف النازحيــن بمـــوازاة الـحــل السيـاســي!

 

يستعد لبنان للمشاركة في الجولة الجديدة للمفاوضات حول سوريا في إطار <مسار استانا> في كازاخستان مطلع شهر آب (أغسطس) الجاري، وذلك تلبية للدعوة التي وجهتها روسيا الاتحادية بعد نجاح الجهود التي بذلتها في سبيل ضم لبنان والعراق الى هذه المفاوضات بصفة مراقب لهذا المسار الذي يسعى الى التوصل الى اتفاق سياسي يشكل بداية لحل الأزمة السورية التي تطورت منذ العام 2011 وحتى اليوم. وعلى رغم ان لبنان لم يحدد بعد مستوى تمثيله في مفاوضات <استانا> في انتظار معرفة مستوى مشاركة الأعضاء المدعوين إليها، فإن دوائر وزارة الخارجية اللبنانية عكفت على وضع تصور لهذه المشاركة سوف تعرضه على رئاستي الجمهورية والحكومة لتأمين التوافق عليه بحيث يكون خارطة طريق للمشاركة اللبنانية في هذه المفاوضات.

وفيما أنجزت عملية توزيع الدعوات على الدول المشاركة في الاجتماعات التي سوف تعقد في عاصمة كازاخستان <نورسلطان>، فإن الأطراف الثلاثة الضامنة لوقف النار في سوريا، أي روسيا وإيران وتركيا قد أبلغت موافقتها على الحضور، كما ينتظر أن يشارك الوفد الحكومي السوري بتركيبته السابقة أي برئاسة السفير لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري. ولم تتضح بعد طبيعة وحجم مشاركة أطراف المعارضة السورية، علماً ان بعض الفصائل السورية كانت قد أعلنت نيتها مقاطعة أي فعاليات تفاوضية في حال لم توقف روسيا والحكومة السورية العمليات العسكرية في ادلب ومحيطها.

وقالت مصادر ديبلوماسية مطلعة لـ<الأفكار> ان المبعوث الدولي الى سوريا السفير <غير بيدرسون> قام مؤخراً بجولة على عدد من الدول المعنية بالأزمة السورية، من بينها لبنان حيث التقى المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، في محاولة لتحضير هذه الدول لاجتماع <مسار استانا> ومعرفة الطروحات التي سوف يحملها المشاركون ومنهم الوفد اللبناني، علماً ان <بيدرسون> يحاول وضع اللمسات الأخيرة على تأسيس اللجنة الدستورية التي من المفترض أن تضع مشروع الدستور السوري الجديد الذي يحقق بداية الحل السياسي ويرسم إطار تركيبة السلطة السورية المقبلة. وأشارت هذه المصادر الى ان روسيا تعوّل أهمية على مشاركة لبنان والعراق في <مسار استانا> بهدف إعطاء دفعة قوية للجهود الروسية التي تعرضت لانتكاسات أدت الى فشل في تحقيق انجازات جدية طوال الجولات السابقة الـ12. وقد سمع الموفد الروسي الى المنطقة <الكسندر لافرنتييف> خلال وجوده في بيروت، كلاماً من المسؤولين اللبنانيين الذين التقاهم، أكدوا فيه المشاركة اللبنانية التي سوف تتمحور حول ملف واحد يعتبر هؤلاء المسؤولون ان لبنان معني به، وهو ملف النازحين السوريين الذي يعتبر الأكثر الحاحاً بالنسبة الى لبنان. وفي هذا السياق تقول مصادر لبنانية مسؤولة، ان <مسار استانا> الذي لم يصل بعد الى معالجة قضية النازحين لتركيزه على الحل السياسي المرتقب للأزمة السورية، لا بد أن يقارب هذا الملف خصوصاً مع حصول المشاركة اللبنانية لأن الحضور اللبناني سوف يسهم في دفع الخطط الروسية حول مبادرة الشروع في عملية إعادة النازحين السوريين قبل اطلاق التسوية السياسية، لاسيما وان موسكو <فرملت> اندفاعة مبادرة العودة بعدما لمست ان <حروباً> شُنت عليها لتفشيلها، ما دفع بالمسؤولين الروس الى تغيير مسار تحركهم في اتجاه اعادة النازحين ودفعوا بالدول المعنية مباشرة بهذه العودة، وفي مقدمها لبنان، الى ان تكون <في الواجهة> كي يؤدي حضورها الى جعل بند العودة بنداً مهماً في <مسار استانا>.

 

310 آلاف نازح عادوا

الى سوريا!

 

وتضيف المصادر اللبنانية نفسها ان المسؤولين اللبنانيين توافقوا في ما بينهم على طرح ملف إعادة النازحين على مراحل وليس دفعة واحدة، خصوصاً ان النازحين أبدوا رغبة بهذه العودة مع تسجيل عودة ما يزيد عن 310 آلاف نازح سوري طوعياً الى بلادهم عبر العمليات التي ينظمها الأمن العام اللبناني بإشراف مديره العام اللواء عباس ابراهيم الذي يتواصل مع المسؤولين السوريين لتنسيق عمليات انتقال العائدين الى قراهم وبلداتهم في سوريا. ويبرز الجانب اللبناني خلال شرح أسباب تمسكه بعودة النازحين، التداعيات السلبية التي تركها تمدد النازحين وتكاثرهم في المناطق اللبنانية كافة، على مختلف القطاعات الحياتية والاجتماعية والاقتصادية والصحية والتربوية... إضافة الى الوضع الأمني الذي تراجع بشكل ملحوظ بفعل ممارسات بعض النازحين المخلة بالأمن وارتفاع مستوى جرائم السرقة والسلب والقتل والاغتصاب وغيرها من الجرائم التي يرتكبها بعض النازحين السوريين، لاسيما الشباب منهم. وسوف يضع لبنان المشاركين في <مسار استانا> أمام المعطيات التي يملكها حول الأسباب التي حالت وتحول دون دعم المجتمع الدولي لعودة النازحين على رغم ان لبنان طلب مراراً ان تتولى المنظمات الدولية مساعدة النازحين السوريين مباشرة في بلدهم لأن استمرار تقديم هذه المساعدات في لبنان سيجعلهم يرفضون العودة خوفاً من حجب الدعم الدولي المادي عنهم. وخلال أحد الاجتماعات التي ضمت مسؤولين دوليين، أبرز الرئيس عون تقارير تظهر حجم المساعدات الدولية التي تقدم الى النازحين مباشرة من دون العودة الى السلطات اللبنانية المختصة التي

تقدم بدورها مساعدات عينية ومادية لهؤلاء النازحين تشمل الرعاية الصحية والاجتماعية والعلاج في المستشفيات والتعليم وغيرها...

وأظهر أحد التقارير كيف ان مجموعات من النازحين ينتقلون الى داخل الأراضي السورية للعمل فيها، ثم يعودون مع نهاية كل شهر لقبض المساعدات الدولية والعودة بعد ذلك الى سوريا. وهذا المشهد يتكرر مع اقتراب نهاية كل شهر ومع بدايته، ما أسقط عن أعضاء هذه المجموعات صفة النزوح وحوّلهم الى مواطنين سوريين يتنقلون دورياً بين المناطق اللبنانية والسورية لاسيما تلك التي تنعم بالاستقرار بعد دحر الارهاب وتنظيماته المسلحة. كما عرض الرئيس اللبناني على الوفود الدولية خرائط تظهر كيف تمدد النازحون داخل الأراضي اللبنانية منذ العام 2011 حيث كانوا مجموعات صغيرة، الى أن أصبحوا في العام 2018 مجموعات كبيرة تنسق في ما بين أعضائها كي يكون موقفها واحــــداً تجـــاه المنظمات الدولية التي تتذرع بـــعدم الرغبــــة حينــــاً، وعـــدم القـــدرة أحيــاناً، علــى ارغـــم هؤلاء النازحين بالعودة، وترفع شعار <العودة الطوعية> التي تعني عملياً بقاء النازحين حيث هم!

الحضور اللبناني يفعل بند العودة!

                                      

في أي حال، يتطلع لبنان الى أن يكون حضوره في <مسار استانا> التفاوضي فاعلاً ومؤثراً ومفيداً للطروحات اللبنانية خصوصاً في ملف النازحين، على رغم ان العناوين الكبيرة التي تلقاها لبنان والتي ستكون برنامج عمل مفاوضات <استانا>، لا تعطي لملف النازحين الأولوية، وتقدم مسألة تأسيس اللجنة الدستورية على ما عداها من المواضيع المطروحة، ومن أبرزها مواصلة مناقشة جهود مكافحة الارهاب (في إشارة الى الوضع في ادلب)، إضافة الى ما ينوي الموفد الدولي السفير <بيدرسون> طرحه لجهة التوصل الى اتفاقات محددة في إطار عملية بناء الثقة خصوصاً في مجال اطلاق السجناء السياسيين في السجون السورية، وهو أمر لا يزال الجانب السوري يتريث في التجاوب معه لعدم شعوره بعد بوجود رغبة دولية حقيقية بوقف التنظيمات الارهابية عن أعمالها التي تقوّض كل المساعي السلمية من أي جهة أتت. الى ذلك، تفيد المعلومات ان الديبلوماسية الروسية تعمل من أجل ترتيب قمة ثلاثية يشارك فيها رؤساء روسيا وتركيا وإيران مباشرة بعد جولة <استانا> الرقم 13، تعقد في اسطنبول، ولم تتوافر بعد أجوبة نهائية من الدول المعنية لجهة المشاركة في القمة الثلاثية.

وتخشى مصادر ديبلوماسية مطلعة أن يكون ملف ادلب النقطة الخلافية الأبرز خلال الجولة المقبلة على خلفية عدم حصول أي تقدم ملموس على الأرض بعد سلسلة عمليات القصف الواسعة التي استهدفت مواقع الفصائل المعارضة في مدينة ادلب وجوارها، على رغم تناقض المعلومات الواردة من <الجبهة> حول حجم مشاركة القوى وتوزعها وسط تأكيد ان لا وجود إلا لقوات برية روسية في هذه الجبهة المفتوحة على المجهول. وكانت موسكو شكت من ان الولايات المتحدة الأميركية تسعى الى اخراج <جبهة النصرة> من قائمة التنظيمات الارهابية وتحويلها طرفاً في المحادثات حول الأزمة في سوريا، واصفة ذلك بـ<القنبلة الموقوتة> التي يمكن أن تنفجر في أي لحظة وتعطل مسار المفاوضات في <استانا>.