تفاصيل الخبر

وجود دولة مارقة تدير موازنة أكبر من موازنة لبنان ليس ممكناً لولا إرادة دولية واقليمية متعددة المصالح

29/08/2014
وجود دولة مارقة تدير موازنة أكبر من موازنة لبنان ليس ممكناً لولا إرادة دولية واقليمية متعددة المصالح

وجود دولة مارقة تدير موازنة أكبر من موازنة لبنان ليس ممكناً لولا إرادة دولية واقليمية متعددة المصالح

1 النظر إلى اقتصاد <داعش> يقول الكثير عن مستقبل هذا التنظيم وكيفية التعامل معه.

عدد المنضوين تحت لواء <داعش> يتجاوز السبعين ألف شخص يتقاضى كل واحد منهم ما يقارب ثلاثة آلاف دولار شهرياً ما عدا السلاح والأكل. وهذا العدد إلى ازدياد مع تنامي <شعبية> التنظيم في كثير من الأوساط السنية المعمية بالمذهبية والتي سئمت الفقر والظلم. هذا ما تؤكده تقارير بريطانية حسب مقابلات مع أعضاء في <داعش>، أي أن كلفة التنظيم المباشرة الشهرية تتجاوز مئتي مليون دولار. تضاف إليها كلفة الموظفين والأجراء الحكوميين والمقدرة بحوالى خمسمئة مليون دولار شهرياً في منطقة <داعش> العراقية وحدها حسب موازنة الحكومة العراقية للمحافظات السنية في وسط العراق.

كما تصل كلفة الذخيرة الشهرية إلى عشرة آلاف دولار للجندي الواحد أي سبعين مليون دولار في الشهر في أقل تقدير رغم كل الغنائم التي حصل عليها التنظيم. في الحصيلة، لن تقل <مصاريف> التنظيم الذي بات يسيطر على مناطق تتعدى مساحتها ثلاثة أضعاف مساحة لبنان عن ثمانمئة مليون دولار شهرياً أو حوالى عشرة مليارات دولار سنوياً أي ما يقارب موازنة الدولة اللبنانية (من دون السلسلة!).

من أين تحصل <داعش> على كل هذا المال؟

 

١- من الضرائب والخوات التي تفرضها على الناس في مناطقها مقابل الماء والكهرباء وخدمات أخرى منظورة وغير منظورة.

٢- من الكهرباء التي تبيعها للنظام السوري مع كل ما في ذلك من براغماتية مفرطة لدى الجانبين المتحاربين.

٣- من النفط الذي تبيعه من الحقول السورية لتركيا كما تستعد لبيع النفط العراقي لتركيا أيضاً عبر تجار مختلفين.

٤- من المساعدات المالية التي ما زالت تأتيها من متمولين عرب ومسلمين يرون في <داعش> التحجيم الأمثل لنفوذ إيران في المنطقة.

2

التحدي الأكبر لـ<داعش> هو اقتصادي ومالي. ولذلك يسعى التنظيم إلى الاستيلاء على حقول النفط ومحطات الماء والكهرباء. المشكلة الثانية التي لا تقل أهمية هي إرضاء الناس في المناطق التي تسيطر عليها قبل أن يتحول تأففهم إلى غضب فمقاومة. وهذا يتطلب خطاباً داخلياً مختلفاً تماماً عن الذي نسمعه من <داعش> كل يوم. المعضلة الثالثة هي الحاجة إلى متنفس دولي لتأمين الاستيراد والتصدير. هذا ما تؤمنه نسبياً تركيا اليوم وستظل تؤمنه حتى تحصل على الموقع الاقليمي الذي يناسبها. ولكن تركيا لا تجاهر بذلك وما زالت تعتبر على الورق أن <داعش> و<جبهة النصرة> تنظيمان إرهابيان. لذلك فإن التنظيم سيكون بحاجة عاجلاً أم آجلاً إلى <حلفاء> دوليين آخرين لا يخجلون من التعامل معه وهذا شبه مستحيل.

هناك استحالة اقتصادية في استمرار <داعش> إذا لم تتحول إلى دولة فعلية وليس فقط دولة قطاع طرق. فإدارة نفقات تناهز مليار دولار شهرياً تتطلب أكثر بكثير من بضع <فيديوهات> حول قطع رؤوس هنا وغنم أسلحة هناك.  كل المطلوب التركيز على محاربتها ثقافياً واقتصادياً ومالياً وليس عسكرياً فقط. صحيح أن <داعش> استثمرت توسع نفوذ إيران لشحن العصبية المذهبية. ولكن الأهم أنها ترعرعت على الفقر والظلم والفراغ الثقافي الذي أصاب الشباب المسلم في أنحاء عديدة من العالم العربي. حتى  اليوم لا يبدو أن أحداً استوعب أن أصل <داعش> اقتصادي ونهايتها لن تكون إلا اقتصادية ومالية. هذا إذا كان فعلاً يراد لها نهاية. فالمستفيدون من <داعش> وتكابرها اليوم كثر ويعلمون تماماً أن انهاءها ممكن جداً بوسائل غير عسكرية. ولكن يبدو أن استثمار ظاهرة <داعش> ما زال في بدايته.