تفاصيل الخبر

وداعاً... ميشال اده!

08/11/2019
وداعاً... ميشال اده!

وداعاً... ميشال اده!

 

فقد لبنان شخصية وطنية فذة هي ميشال إده الحافل سجله بالعمل والعطاء، حيث بدأ محامياً بعد تخرجه من كلية الحقوق في جامعة القديس يوسف عام 1948، وانخرط في الشأن العام باكراً كمحام ورجل اعمال، ليشغل اول منصب وزاري له في وزارة البرق والبريد عام 1966، وتكر السبحة الوزارية، حيث تقلب في وزارات الإعلام، والثقافة والتعليم العالي، والدولة، وساهم في اصدار صحيفة <الاوريان لوجور> وترأس الرابطة المارونية عام 2003، وأسس المؤسسة المارونية للانتشار، ومارس الكتابة الصحافية وتخصص في الصراع العربي الاسرائيلي والمسألة اليهودية.

رحل ميشال اده يوم الاحد الماضي عن عمر ناهز الـ91 عاماً بعد صراع مرير مع المرض الخبيث الذي لم يقعده عن العطاء وبقيت ذاكرته فولاذية وروحه مرحة كما هو طبعه كصاحب نكتة وظرافة، لا بل كان اسمه مطروحاً على الدوام بعد اتفاق الطائف ليكون رئيساً توافقياً للجمهورية، خاصة وانه كان منفتحاً على كل الطيف السياسي ونسج علاقات ود وصداقة مع كل الاطراف، وكان خير من يؤتمن على منصب الرئاسة لأخلاقه واعماله وعطاءاته الانسانية، اضافة الى جدارته السياسية وتحدره من عائلة سياسية بإمتياز، حتى ان البطريرك بشارة الراعي منحه السنة الماضية وسام مار مارون وهو الوسام الأرفع الذي تمنحه الكنيسة المارونية للمرة الأولى.

 ويذكر هنا ان ميشال اده كان في عداد وفد وزاري ترأسه الشهيد رفيق الحريري زار دمشق عام 1992 بوصفه وزيراً للثقافة والتعليم العالي لتوقيع اتفاقات بين البلدين، واستقبل الرئيس حافظ الاسد الوفد اللبناني وعمل الحريري على تقديم الوزراء الى الاسد الذي قال لإده مصافحاً: <استاذ إده. انا سامع عنك>، فكان رد اده على الفور: <وانا كمان سامع عنك> الامر الذي اغرق الاسد والحريري بالضحك.

وكان اده مناصراً للقضية الفلسطينية ومؤمناً بالخطر الصهيوني على لبنان والبلاد العربية، ويقول ان اسرائيل لن تقبل بدولة فلسطينية وتعتبر ان الضفة هي ارض الميعاد، مؤكداً ان أي بلد عربي سوف يظلّ مهدداً بإستقلاله وسيادته وإقتصاده وثرواته وتطوّره وكرامته ما دامت إسرائيل لا يُفرض عليها الإنكفاء والتراجع والتخلي عن المشروع الصهيوني، أي عن طابعها العنصري التوسعي العدواني الإرهابي.

كما كان يشيد بالرئيس السوري بشار الاسد وكذلك بأمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله الذي اهداه رشاشاً من صنع اسرائيلي غنمته المقاومة في احدى عملياتها ضد الجيش الاسرائيلي، الا ان اشادته بنصر الله وبانتصار المقاومة في مواجهة اسرائيل والقول انها كسرت اسرائيل ولم يسبق ان حصل ذلك عند العرب، لم تمنعه من التحذير من التورط في الداخل.

ورحيل ميشال اده خسارة للبنان لأنه قامة وطنية لا غبار عليها، آمن برسالة بلده كنموذج لتعايش الديانات والثقافات، ودافع حتى الرمق الاخير عن الصيغة اللبنانية، لكنه حذر من سوء الاداء السياسي، وقال: انا لا اقول ان البلد ميت ولا حياة لمن تنادي، انما نحن في حالة المنازعة.

لروح ميشال اده السلام ولعائلته أصدق التعازي.