تفاصيل الخبر

وباء "كورونا" وتأثيره  السلبي والخطير على الحالة النفسية عند اللبنانيين

02/04/2020
وباء "كورونا" وتأثيره  السلبي والخطير على الحالة النفسية عند اللبنانيين

وباء "كورونا" وتأثيره  السلبي والخطير على الحالة النفسية عند اللبنانيين

بقلم وردية بطرس

[caption id="attachment_76548" align="aligncenter" width="600"] الرياضة في الطبيعة تمد الانسان بالطاقة والحيوية[/caption]

 

الطبيب النفسي الدكتور نزار حجيلي: التوتر والقلق يصيبان أكثر اللبنانيين خوفاً من المجهول!

حالة من القلق والتوتر تنتاب الناس منذ ظهور فيروس "كورونا" وسرعة انتشاره في كل بلدان العالم. بالنسبة للبنانيين فهم في الأساس يعانون الأمرين بسبب الأزمة الاقتصادية المعيشية والبطالة وغيرها، ليأتي فيروس "كورونا" ويزيد من معاناتهم وقلقهم. الجميع يخشون من انتقال العدوى اليهم والى عائلاتهم فيشعرون بالقلق والتوتر. صحيح انه يتم التركيز حول مخاطر الفيروس على جسم الانسان، إلا أن تأثيره على الحالة النفسية لدى الناس لا يقل خطورة، لا بل يؤثر كثيراً في هذا الخصوص. الناس يتابعون نشرات الأخبار والبرامج المتعلقة بفيروس (كورونا)، وايضاً كل ما يتداول في وسائل التواصل الاجتماعي بهدف الاطلاع على كل ما يتعلق بالفيروس والوقاية منه، ولكن احياناً يؤثر ذلك على نفسيتهم فيشعرون بخوف كبير وقلق مستمر، لاسيما انه احياناً يسري تداول الشائعات والمعلومات المغلوطة في وسائل التواصل الاجتماعي مما يزيد من توترهم خوفاً مما ينتظرهم في الأيام او الأسابيع المقبلة إذا استمر انتشار الفيروس، فكل هذه الامور تؤثر سلباً على الحالة النفسية. وقد يختلف الشعور بالخوف والقلق بين شخص وآخر، ولكن في حال ازدادت المخاوف والقلق عن المعدل الطبيعي عندها ينصح باستشارة الطبيب النفسي لكي لا تخرج الامور عن السيطرة.

                       

الدكتور حجيلي وتراكم الأزمات على اللبنانيين 

[caption id="attachment_76547" align="alignleft" width="280"] الدكتور نزار حجيلي: أنصح الناس بـ "اليوغا" والرياضة والتأمل لتخفيف التوتر[/caption]

كيف يؤثر انتشار فيروس "كورونا" في لبنان على الحالة النفسية لدى الناس، وكيف السبيل لتخطي حالة التوتر والقلق من هذا الوباء؟ وغيرها من الأسئلة اجاب عنها الطبيب النفسي الدكتور نزار حجيلي، فقال بداية:

_ عادة الاشخاص الذين ليست لديهم امراض نفسية يتعاملون مع الوضع وكأنهم في حالة حرب، وبالتالي ما إن ينتهي الوباء يعودون إلى حياتهم الطبيعية دون أي مشاكل نفسية. وهناك اشخاص يشعرون بالكآبة بسبب فيروس "كورونا" ولكن عندما يختفي الفيروس ستزول الكآبة أيضاً. وهناك اشخاص يصابون بـ " Adjustment Disorde" أو اضطراب التكيف. وفي لبنان هناك تراكمات عدة، فلا ننسى أن الشعب اللبناني عانى من ويلات الحروب والصراعات، وبالتالي لأننا عشنا ظروفاً قاسية فلهذا السبب لم يشعر الناس بالهلع والخوف كما فعل الناس في الغرب، إذ إنهم هرعوا الى السوبرماركات لشراء اكبر كمية من المواد الغذائية وأدوات التنظيف والتعقيم لأنهم لم يعتادوا ان يجدوا انفسهم أمام خطر كما عشنا نحن. فاللبناني معتاد على الشعور بالخوف، ولكن اليوم مع تفشي الفيروس وعدم معرفة ما ينتظرهم في الأيام المقبلة ومتى ينتهي كل هذا، يجعلهم يشعرون بقلق كبير. وطالما أن اللبنانيين لا يعرفون متى يختفي هذا الفيروس كما هو حال كل شعوب العالم، فهذا يدفعهم للشعور بقلق كبير وتوتر اكثر من اي وقت مضى. بالرغم من ان اللبنانيين عانوا لسنوات ولكن ما يعيشونه اليوم مختلف تماماً وهذا بذاته يزيد من التوتر والقلق، مع العلم انهم يشعرون بالتوتر والقلق منذ انطلاق الثورة في تشرين الأول (اكتوبر) الماضي وأزمة الدولار والى ما هنالك، حيث رأينا حالات مرضية نفسية مثل نوبات الهلع الذي يشعر فيه الشخص وكأنه يفارق الحياة، ولكن لا شك أنه بسبب انتشار الفيروس إزداد الوضع سوءاً.

الخوف من الفقر ما بعد "الكورونا" وسلة نصائح

* يخاف الناس ما بعد "الكورونا "من البطالة والعوز والفقر، فهل هذا سيؤدي إلى مشاكل نفسية أكثر؟

- لا شك ان اللبنانيين يفكرون ما بعد "الكورونا" وكيف سيكون وضعهم المادي والمعيشي، لأنهم اليوم لا يعملون وتتراكم الديون عليهم، وبالتالي هم يشعرون بالتوتر اكثر من غيرهم لأنهم يدركون بأن ما ينتظرهم الإفلاس والفقر والعوز، هذا عدا عن خوفهم الشديد من مرض "الكورونا" الذي يثير الذعر والهلع في كل انحاء العالم. في الماضي عندما كانت تندلع الحروب كان الناس يلتقون مع جيرانهم في الملاجىء فيتحدثون ويتشاركون الهموم وما شابه، أما اليوم فبالعكس، لأن التباعد الاجتماعي هو المطلوب والحل الانسب للحد من انتشار الفيروس بين الناس حفاظاً على صحتهم وسلامتهم، وهذا ايضاً زاد من حدة التوتر لأن اللبنانيين معتادون على حياة اجتماعية ناشطة جداً. فكل هذه الامور تؤثر على الحالة النفسية لدى الناس.

*  بماذا تنصح الناس لتخطي هذه المرحلة الصعبة والخطيرة من الناحية النفسية؟

- ننصح الناس تخفيف التوتر والتشنج بسبب الخوف من هذا الوباء باللجوء الى "اليوغا"، وايضاً التأمل، فهذه الامور تساعدهم في هذه المرحلة الصعبة. كما ننصح بالا يشاهدوا الأخبار ليلاً ونهاراً لأن ذلك سيؤثر على مزاجهم ونفسيتهم. طبعاً من المهم الاطلاع عما يجري في هذا الخصوص ولكن ليس على مدار الساعة. ومن الضروري أن يقوم كل شخص بتنظيم يومه بأن يخصص مثلاً وقتاً لكل شيء، اي ان يضع لائحة ويحاول ان يطبقها خلال هذه الفترة للاستفادة من وقته وان يقوم بترتيب اغراضه او غرفته او مكتبته، إذ لطالما أراد ان ينظمها ولكن لم يكن يتسنى له الوقت للقيام بذلك، اما الآن فبامكانه ذلك. كما أن يخصص وقتاً لمشاهدة الافلام، ومطالعة الكتب، والاستماع إلى الموسيقى او الرسم، والتواصل مع الاقارب والاصدقاء عبر الواتساب او السكايب وغيرهما، وايضاً إعداد الطعام، فاليوم بامكان اي شخص تعلم الطبخ من المواقع الالكترونية التي تنشر فيديوهات عن كيفية إعداد المأكولات على أنواعها. كذلك الرياضة مهمة جداً في هذه الفترة لأنها تزود جسم الإنسان بالطاقة والراحة. ويمكن مزاولة التمارين الرياضية خلال الحجر المنزلي الصحي، واذا كان يوجد أمام المنزل مساحة خضراء يمكن ان يزاول الشخص المشي او الركض فيها، أما إذا كان يقيم في الجبل او القرية فيمكن أن يمشي في أحضان الطبيعة وايضاً ان يركض. وطبعاً المحادثة والحوار بين أفراد الأسرة في هذه الفترة مهمان اذ يتاح لهم اليوم فرصة كبيرة لتمضية وقت اطول مع بعضهم وعليهم أن يستفيدوا من ذلك.

 وبالسؤال عما اذا كان الشخص يعاني من قلق شديد فيقول:

 _ في حال كان الشخص يعاني من توتر شديد ولا يقدر ان ينام ويأكل، عليه ان يستشير طبيباً نفسياً ربما عن طريق (السكايب). إذ من جهتي أنا اقوم بذلك حين يتصل بي أشخاص عبر (السكايب) لمساعدتهم بهذا الخصوص. ولكن طبعاً في حالات معينة عندما يزداد التوتر كثيراً نتيجة مرض نفسي يجب ان ينقل الى مستشفى لمعالجته خصوصاً ان هناك امراضاً نفسية قد تؤدي إلى الانتحار أو انفصام الشخصية وغيرهما.

* برأيك كطبيب نفسي هل سيتخطى الشخص القلق والتوتر بعد انتهاء الوباء ام سيؤثر ذلك عليه على المدى الطويل؟

- اذا لم يكن الشخص يعاني سابقاً من مرض نفسي، سيتخطى حالة القلق والتوتر عندما ينتهي الوباء، إذ يجب ألا يغيب عن البال أن هناك اشخاصاً لديهم قدرة على التحمل اكثر من غيرهم، ويعود ذلك الى جيناتهم وتربيتهم والى ما هنالك، اذ تجدين احياناً اشخاصاً يتحملون كل الصعاب والمخاطر اكثر من غيرهم وبالتالي يتخطون كل شيء مهما كان صعباً.

ويختم قائلاً:

_ لا شك أن الناس يعيشون تجربة صعبة، ولكن هناك عائلات وضعها صعب جداً، إذ يخاف رب الأسرة من ألا يتمكن من تأمين احتياجات أسرته، وبالتالي يجب ان تبذل الجهود لتخفيف المعاناة من حيث تأمين الحاجيات الأساسية للعائلات الفقيرة لكي تصمد أمام هذه الأزمة الصحية التي تطاول كل الناس. صحيح ان الناس يشعرون بالقلق من وباء "الكورونا"، ولكن عدم قدرة رب الاسرة على تأمين ربطة الخبز لأبنائه هم كبير يثقل كاهله، لهذا يجب ان يعمل الجميع لتخفيف المعاناة قدر الإمكان لأن الأزمة كبيرة وصعبة.