تفاصيل الخبر

واشنطن تتحرك لتعديل مهام ”اليونيفيل“ وموازنتها فهل يكون التمديد لها ”مشروطاً“ أم روتينياً؟

30/08/2019
واشنطن تتحرك لتعديل مهام ”اليونيفيل“ وموازنتها  فهل يكون التمديد لها ”مشروطاً“ أم روتينياً؟

واشنطن تتحرك لتعديل مهام ”اليونيفيل“ وموازنتها فهل يكون التمديد لها ”مشروطاً“ أم روتينياً؟

تؤكد التقارير الواردة من واشنطن، ان ادارة الرئيس الأميركي <دونالد ترامب> ماضية في موقفها الداعي الى إعادة النظر في مهمة القوات الدولية العاملة في الجنوب <اليونيفيل> قبل أيام من موعد التمديد لها في 29 آب (أغسطس) الجاري خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي يفترض أن يطرح فيها طلب الرئيس ميشال عون والحكومة اللبنانية التمديد لـ<اليونيفيل> من دون أي تعديل في مهامها أو في عديدها أو في موازنتها...

المعلومات الديبلوماسية التي وردت من واشنطن تشير الى ان ادارة <ترامب> <غير مقتنعة> بأن <اليونيفيل> تقوم بدورها كاملاً من دون صعوبات تعترضها، ولذلك فإن المسعى الأميركي الذي تكثف الأسبوعين الماضيين، صبّ كل جهده على المطالبة بتحقيق أمرين:

ــ الأول أن يشمل التعديل في مهام <اليونيفيل> اعطاءها الحق في الدخول الى الممتلكات الخاصة وتفتيشها بذريعة ان حزب الله يستعملها كمنشآت عسكرية ومستودعات لأسلحته وذخيرته. وفي هذا السياق، تكشف مصادر ديبلوماسية ان الجانب الأميركي يتابع منذ سنوات هذه المسألة من خلال توافر معطيات مدعمة بالوثائق والصور الجوية حول <حركة دائمة> لمجموعات من الشباب تدخل وتخرج الى هذه المنازل وهي تحمل صناديق حيناً وأكياساً كبيرة أحياناً تضعها في سيارات رباعية الدفع، يقول الأميركيون ان عناصر حزب الله يستعملونها في تنقلاتهم في المناطق والقرى الجنوبية. وتورد التقارير انه في إحدى المرات دخلت دورية من <اليونيفيل> من دون التنسيق مع الجيش اللبناني المنتشر في المنطقة الدولية الحدودية للمساعدة على تطبيق القرار 1701، الى إحدى البلدات الجنوبية، لكن مجموعة من الشبان والشابات منعوا تحركها من خلال قطع الطريق عليها ومحاصرتها ومصادرة آلات تصوير كانت في حوزتها، واقدم عدد من الشبان على نزع أسلحة من عدد من عناصر الدورية الدولية الذين لم يفك الحصار عنهم إلا بعد تدخل دورية للجيش اللبناني تمكن رجالها من فك الطوق عن الدورية الدولية التي غادرت البلدة، إلا انه وحتى الأمس القريب لم تكن الأجهزة والأسلحة التي أخذت من عناصر الدورية قد أعيدت إليهم، ويستعمل الأميركيون هذه الحادثة وغيرها من أجل التشدد في مطلبهم الداعي الى تمكين <اليونيفيل> من الدخول الى المنشآت المشتبه بها وتفتيشها عند الضرورة.

خفض العديد والموازنة!

 

ــ أما المطلب الثاني الذي يتمسك به الأميركيون ويسعون الى إدخال تعديلات بشأنه في قرار التمديد، فهو خفض عديد <اليونيفيل> البالغ مبدئياً 15 ألف عسكري (لكن العدد لا يتجاوز فعلياً الـ12500 عسكري)، على أن يؤدي هذا الخفض الى تعديل موازنة <اليونيفيل> وانقاصها. وعلى رغم ان اللجنة المالية المختصة في الأمم المتحدة كانت أقرت تخفيضات على موازنة <اليونيفيل> لا تؤثر بشكل مباشر على عمل القوات الدولية وعديدها، إلا ان الجانب الأميركي لا يزال يضغط من أجل الحصول على مزيد من التخفيضات مستخدمين <سلاحهم> المباشر، وهو خفض مساهمتهم المالية في موازنة قوات حفظ السلام في العالم ومن ضمنها لبنان، انطلاقاً من ان الولايات المتحدة الأميركية تدفع الحصة الأكبر، ما يؤدي تلقائياً الى خفض عديد <اليونيفيل>، وهو ما لا يقبل به لبنان. وتخشى أوساط ديبلوماسية وأوروبية فاعلة في نيويورك من ان تلجأ الولايات المتحدة الى جمع أكثرية حولها في مجلس الأمن لإصدار قرار يلبي مطالبها، لاسيما وان بعض الدول مثل بريطانيا، يتناغم

موقفها مع الموقف الأميركي، ومثل هذا التناغم ظهر في أكثر من محطة.

إلا ان المطلب الأميركي، وفق المصادر الديبلوماسية المطلعة، يواجه معارضة فرنسية وصينية وروسية، ما دفع بالجانب الأميركي الى تكثيف مساعيه مع الدول العشر الباقية غير الدائمة العضوية في مجلس الأمن للضغط من أجل تحقيق رغبته، لاسيما وان القيادة الدولية كانت لفتت في أكثر من مرة الى بعض الصعوبات التي تواجهها في عملها على الحدود اللبنانية، وقد ورد الكثير من المعلومات في هذا الصدد في التقرير الذي قدمه الأمين العام للأمم المتحدة <أنطونيو غوتيريس> حول مراحل تنفيذ القرار 1701.

نيويورك لم تقتنع!

وتضيف المصادر نفسها ان الحكومة اللبنانية مطلعة تماماً على هذا الجو الديبلوماسي الضاغط، وخلال الزيارة التي قام بها ممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان <يان كوبيتش> الى المسؤولين اللبنانيين بعد عودته من نيويورك حيث حضر جلسة الإحاطة حول القرار 1701، حرص <كوبيتش> على التأكيد بأن هذه الأجواء يمكن أن تجعل التمديد المقبل لـ<اليونيفيل> تمديداً مشروطاً، أو أن يتم فيه وضع <ضوابط> أو <شروط> بهدف تمكين <اليونيفيل> من أداء دورها بشكل أفضل، مركزاً خصوصاً عند واقعة الانفاق التي عثرت عليها اسرائيل قبل مدة على الحدود اللبنانية الجنوبية والممتدة الى داخل الأراضي التي تحتلها اسرائيل التي عمدت الى <تفجير> عدد منها، وذلك لأن الجانب اللبناني لم يقدم أجوبة مقنعة حول وضع هذه الأنفاق، ولا ساعد في كشف مداخلها من الجانب اللبناني علماً ان قيادة <اليونيفيل> تأكدت على نحو لا يقبل الشك بأن هذه المداخل تقع في الجانب اللبناني وأنها معروفة، لكن المسؤولين العسكريين اللبنانيين لم يقدموا أي معلومات من شأنها الإجابة عن تساؤلات القيادة

الدولية التي دققت في المعلومات الاسرائيلية وتأكدت من مسار هذه الأنفاق وامتداداتها داخل الأراضي اللبنانية.

وتقول المصادر نفسها ان <كوبيتش> <أُحرج> جداً خلال جلسة الإحاطة لأنه لم يقدم معلومات دقيقة مصدرها الجانب اللبناني، في وقت كانت المصادر الاسرائيلية <أغرقت> المسؤولين الأمميين بالتفاصيل المطلوبة، الأمر الذي دفع <كوبيتش> الى القول، حسب التقارير الديبلوماسية الواردة الى بيروت، ان الجانب اللبناني <لم يكن مقنعاً> بأجوبته حول الأنفاق وظروفها ودورها... واللافت، كما جاء في هذه التقارير، ان الجانب الدولي بدا ميالاً الى الاعتقاد بأن لبنان <لا يرغب> في الدخول في التفاصيل حول هذه الأنفاق، وانه يريد أن يتجاوز هذه المسألة، طالما ان الأنفاق أُغلقت من الجهة الاسرائيلية بحيث لا يتمكن أحد من الوصول عبرها الى الأراضي المحتلة. لكن الثابت أيضاً ان اسرائيل تريد استغلال هذه المسألة <الى النهاية> وقد أضاءت عليها قبل مدة من خلال تقرير اعلامي مصوّر لعب معدوه دوراً مباشراً في إعادة <إحياء> هذا الملف الذي كان خبا بعدما أضيء عليه بشكل مباشر من الإعلام الاسرائيلي.

مصانع الصواريخ!

وتشير المصادر الديبلوماسية الى ان الادعاءات الاسرائيلية عن وجود معامل لتصنيع صواريخ يديرها خبراء من الجمهورية الاسلامية الإيرانية، تشكل مادة أخرى تضاف الى المواد التي تستثمرها الدولة العبرية للتأثير على القرار الأممي في التمديد لـ<اليونيفيل> مع نهاية شهر آب (أغسطس) الجاري، الى درجة ان وزير الخارجية الأميركية <مايك بومبيو> فاتح الرئيس سعد الحريري بهذه المسألة خلال المحادثات التي أجراها رئيس الحكومة في واشنطن الأسبوع الماضي مع رأس الديبلوماسية الأميركية. وكان سبق للجانب الأميركي أن طرحها عبر السفير <دايفيد ساترفيلد> خلال زياراته المكوكية الى لبنان من دون أن يحصل على أجوبة واضحة تلقي الضوء على حقيقة هذا الموضوع الذي أخذ حيزاً كبيراً من اهتمام الديبلوماسية الأممية.

ويبقى السؤال: وسط هذه الأجواء، هل سيتم التمديد لـ<اليونيفيل> بسلام في 29 آب (أغسطس) الجاري؟

مصادر رسمية لبنانية تؤكد ان التجديد لـ<اليونيفيل> حاصل لا محالة، وإن استمر شد الحبال لحظة التصويت، لأن ما من أحد يمكنه أن يقبل بأن يهتز الاستقرار القائم على الحدود الجنوبية للبنان والذي تساهم <اليونيفيل> في تثبيته بالتعاون مع الجيش اللبناني، وبالتالي فإن خطر انهيار الوضع على الحدود يشكل تهديداً مباشراً للسلم والاستقرار الدوليين، ما يعني استطراداً ان التجديد حاصل ولو سجل الأميركيون <تحفظاً> لا يبدل في القرار.