تفاصيل الخبر

واحــــد مــن اثـنـيـــــن فـــي أفـــــق الـرئـــــــاسـة: عـــــــــون أو فـرنـجـيــــــــة!

10/12/2015
واحــــد مــن اثـنـيـــــن فـــي أفـــــق الـرئـــــــاسـة:  عـــــــــون أو فـرنـجـيــــــــة!

واحــــد مــن اثـنـيـــــن فـــي أفـــــق الـرئـــــــاسـة: عـــــــــون أو فـرنـجـيــــــــة!

 

بقلم وليد عوض

AOUN-FRANJIEH-1 واقعون الآن في ما يسمى الحيص بيص، أي الحيرة والارتباك. فمحاسن الصدف حملت إلينا ترشيح زعيم تيار <المردة> سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية والتقاء أكثر الفرقاء المحليين والاقليميين والعالميين في طرح هذا الترشيح. فالنائب السابق الدكتور مصطفى علوش، وهو المغرّد دائماً باسم <تيار المستقبل> أبى أن يحصر الترشيح بزعيم هذا التيار الرئيس سعد الحريري، وقال ان اسم فرنجية جاء كذلك على شفتي السفير الأميركي السابق <دايفيد هيل>. والرئيس الفرنسي <فرانسوا هولاند> زاد اقتناعاً باسم سليمان فرنجية عندما ردده أمامه الرئيس سعد الحريري في قصر <الإليزيه> واعتبره طوق النجاة من حالة التردي السياسي في لبنان، بل قيل ان الرئيس الحريري هو الذي أوحى الى الرئيس <هولاند> بالاتصال التليفوني بسليمان فرنجية، لأن ذلك يدعم المبادرة الحريرية في إخراج لبنان من دوامة العذاب.

   ولعلها المرة الأولى التي يتصل فيها رئيس الجمهورية الفرنسية بمرشح للرئاسة، وكأنه هو الرئيس الجالس في قصر بعبدا. وفي هذا الاتصال التليفوني مدلول من الأهمية بمكان لصالح سليمان فرنجية الذي هو أحد الأقطاب الموارنة الأربعة الذين استقبلهم البطريرك مار بشارة بطرس الراعي وقال لهم: تبارك الكنيسة المارونية أي واحد  تختارونه منكم كمرشح رئاسي.

   والموارنة الأقطاب الأربعة هم الرئيس أمين الجميّل، والعماد ميشال عون، والدكتور سمير جعجع و.. سليمان فرنجية. إلا ان الأقطاب الثلاثة الأول لم يمتثلوا لطلب البطريرك باختيار واحد منهم، بل بدا المشهد حتى مساء الأحد الماضي وكأن عند كل من الثلاثة تحفظاً خاصاً به على اسم سليمان فرنجية، لا كشخص، بل كسياسي مقرّب من الرئيس السوري بشار الأسد. وكان لافتاً قول الرئيس أمين الجميّل، أحد الأقطاب الأربعة بعد لقائه العماد ميشال عون ظهر الثلاثاء الماضي ان طريق اختيار الرئيس ليست بالأمر اليسير.

   وهو موسم الحرج. فالرئيس سعد الحريري محرج مع حليفه الدكتور سمير جعجع الذي سبق وسماه للرئاسة باسم <تيار المستقبل>، بعدما حصل على 48 صوتاً في أول جلسة نيابية لانتخاب رئيس الجمهورية، وهي أصوات لا تكفي لإلباس الدكتور جعجع وشاح الرئاسة. وحتى لو فرضنا ان الزعيم وليد جنبلاط لم يرشح للرئاسة نائب قضاء عاليه هنري حلو، وجيّر الأصوات الأربعة عشر للدكتور سمير جعجع فإن مجموع الاثنين والستين صوتاً لا يكفي لاعلان الدكتور جعجع رئيساً للجمهورية من الدورة الأولى.

   وقد أصغيت باهتمام الى نائب رئيس مجلس النواب السابق المحامي ايلـــي الفــــرزلي وهو ينزل صبـــاح الأحـــد الماضي ضيفــــاً علــــى الإعلاميــــة نجــــاة شرف الدين في برنــــامج <لقــــاء الأحـــــد> من ميكروفون <صوت لبنان>.

 

سقوط... الكتمان!

 

الفرزلي-بري   ما هي الإشارات التي أرسلها ايلي الفرزلي كصديق حميم للرئيس نبيه بري، ولحزب الله؟

   اعتبر الفرزلي ان الذين رشحوا سليمان فرنجية رئيساً للجمهورية قد وقعوا في خطأ <التكتيك> أو خطأ التقدير لا فرق. فقد عاد سليمان فرنجية من باريس بعدما التقى الرئيس الحريري، معتصماً بالصمت، ولم يعلن حتى لأكبر مستشاريه وصفييه، ومنهم وزير الثقافة ريمون عريجي، انه اجتمع بالرئيس الحريري، وأحب أن يبقى الموضوع طي الكتمان بانتظار المناسبة الصالحة لإعلانه، إلا ان الرئيس الحريري وجد المناسبة صالحة بعدما ادلهمت الخطوب حول لبنان، إثر التدخل العسكري الروسي في سوريا، والإفراج عن العسكريين اللبنانيين الستة عشر من قبضة <جبهة النصرة> في جرود عرسال، ووحدة الموقف الرئاسي بين طهران والرياض، حين كشف وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل خلوة في قمة <انطاليا> بين وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، ووزير الخارجية الإيراني <محمد جواد ظريف>، وكان ثالث هذه الخلوة موضوع الرئاسة في لبنان.

   ورأى ايلي الفرزلي في <صوت لبنان> ان الرئيس الحريري، الزعيم السني، لم يحافظ على كتمان اجتماعه بزعيم تيار <المردة>، واستبق الجميع بإعلان هذا الاجتماع الباريسي، ربما لرؤية خاصة عنده بأن الرئيس الآتي ليس رئيس الموارنة وحدهم، بل رئيس كل الطوائف مجتمعة، ورئيس كل لبنان. وكان الأفضل في منظور ايلي الفرزلي أن يأتي الترشيح من قطب ماروني، ثم تــــأتي المساندة من الرئيس الحريري، وذلك منعاً لكل بلبلة، وحسبنا في هذه البلبلة ما قاله وزير الخارجية جبران باسيل في إحدى مناسبات مدينة البترون كرئيس للتيار الوطني الحر بمعنى ان التيار مستعد للتنازل للوطن، وليس للتنازل لمصلحة شخص أو فريق.

   وقال باسيل بالحرف: <إن التضحية بالذات من أجل الصالح العام واجب، ولكن التضحية بالذات لمصالح الآخرين تخلٍ وخيانة بل هي تخلّ عن القضية>.

   ولعل أخطر ما قاله ايلي الفرزلي في المقابلة الإذاعية انه لا يرى رئيساً للبنان في المدى المنظور!

نبؤة ايلي الفرزلي

   ويبدو ان نظرية ايلي الفرزلي قد أثبتت حضورها، بعدما تعثرت طريق الرئاسة، حتى الآن، أمام سليمان فرنجية، وإن كانت هذه الطريق صالحة من حيث المبدأ لتكون سالكة وآمنة. فإن اجتماع سليمان فرنجية يوم الثلاثاء الماضي بحليفه العماد ميشال عون في الرابية، قد أعطى ما لقيصر لقيصر وما لله لله. لقد ساد التفاهم والوئام بين المضيف والضيف، فكرر سليمان فرنجية للجنرال بأنه ما زال يعتبر العماد عون هو مرشحه للرئاسة، ولكن في حال أبدى انسحابه من المعركة الرئاسية، فإن زعيم <تيار المردة> يطلب تأييده ومؤازرته، ولتكن الصورة واضحة بهذا الشكل، ولا ضرورة لدخول الشيطان في التفاصيل.

   والعماد ميشال عون ما زال يضرب الأخماس بالأسداس. فهو المرشح المسيحي الأقوى للرئاسة، ومدعوم من قوة جماهيرية اسمها حزب الله، وبينه وبين السيد حسن نصر الله أمين عام هذا الحزب ارتباط عام 2006 في كنيسة مار مخايل ــ الشياح. ومنذ هذا الارتباط وفر العماد عون والتيار الوطني الحر لحزب الله بحيرة هدوء في الجبل، وهيأ له تواصلاً مع المسيحيين، بدل أن يبقى في الإطار المذهبي. والسيد حسن نصر الله، من باب الوفاء، لا يمكن أن ينقلب على هذا التحالف، وينضم الى حملة الترشيح للنائب سليمان فرنجية، إلا إذا.. وأداة الاستثناء في هذا الباب مهمة جداً، وتحل حزب الله من الوعد الذي قطعه السيد حسن نصر الله في عدة مناسبات، وهو ان مرشح الحزب للرئاسة هو ميشال عون، وليس هناك عند الحزب مرشح رئاسي آخر.

الجميل-عون--1 

الممر والمقر!

 

   ولكن لا بد من التذكير هنا بأن السيد حسن نصر الله استخدم في إحدى خطبه عبارة <العماد عون هو الممر الرئاسي الى قصر بعبدا>. وقد حاول أهل الاجتهاد أن يقوموا بعملية تجميل لعبارة <الممر الرئاسي>، فاعتبروها تأكيداً على ميشال عون كمرشح للحزب لدخول قصر بعبدا، إلا ان السيد حسن نصر الله، بما اتصف به من ذكاء وبُعد رؤية، كان يقيم حساباً لظروف اقليمية أو دولية ضاغطة، بحيث يصبح ميشال عون هو الممر بدل أن يكون المقر. فكيف إذا كان المرشح الآخر أمامه هو الحليف الآخر للحزب سليمان فرنجية صديق سوريا؟

   أي ميشال عون عند الحزب عين وسليمان فرنجية عين، ولكن يبقى الأول عيناً أوسع بحكم العرفان والوفاء.

   وخلاصة الموقف ان جلسة 16 كانون الأول (ديسمبر) الحالي المخصصة لانتخاب رئيس الجمهورية لن تكون مختلفة عن سابقاتها، إلا إذا حصلت معجزة..

   ولا يبدو هناك ما يشير الى اننا في زمن المعجزات!