تفاصيل الخبر

نــزيـــــف الــدمــــــــاغ يــصـيــــــــب كــبــــــــــار الــســــــن والـشـبــــــــاب وهــــــو مـــــن اولى مـسبــبــــــات الــوفـــــــاة!

08/06/2018
نــزيـــــف الــدمــــــــاغ يــصـيــــــــب كــبــــــــــار الــســــــن  والـشـبــــــــاب وهــــــو مـــــن اولى مـسبــبــــــات الــوفـــــــاة!

نــزيـــــف الــدمــــــــاغ يــصـيــــــــب كــبــــــــــار الــســــــن والـشـبــــــــاب وهــــــو مـــــن اولى مـسبــبــــــات الــوفـــــــاة!

 

بقلم وردية بطرس

نزيف-الدماغ  a

تعتبر الوفاة بسبب النزيف الداخلي في الرأس والتي تُعرف بالسكتات الدماغية من أول مسببات الوفاة المنتشرة بين الشباب وكبار السن، وهي منتشرة لأنه يتم اكتشافها في وقت متأخر فلا تقدم العلاجات المناسبة مما يؤدي الى الوفاة مباشرة، إذ يعتبر الدماغ هو القائد في جسم الانسان وعند اصابته بمشاكل مثل النزيف فان ذلك يؤثر في عمل كامل أجزاء الجسم، وتختلف تسمية النزيف بحسب المنطقة التي يحدث فيها النزف وتختلف العوارض المصاحبة للنزيف حسب المنطقة التي يغطيها النزيف وسرعته ومدته، فأحياناً تكون العوارض مفاجئة وتتطور بسرعة وأحياناً أخرى قد تبدأ ببطء وتستمر لأيام عدة، ولكن في الغالب هناك بعض العوارض المشتركة وهي: الاصابة بالصداع الشديد، فقدان الوعي وقد يستمر للحظات او قد يدخل المصاب في غيبوبة طويلة، الشعور بالغثيان، الشعور بآلام في منطقة الرقبة وعدم القدرة على تحريكها، الاصابة بالتشنجات، الشعور بطعم غريب في الفم، التقيؤ والاستفراغ وقد يحدث ذلك بصورة مفاجئة، ضعف القدرات الادراكية، ارتفاع درجة حرارة المصاب، التلعثم في الكلام وعدم القدرة على نطق الحروف بشكل صحيح، ضعف في حركة اليدين والقدمين والاحساس بالثقل فيها، وعدم وضوح الرؤية وتشويشها.

وتجدر الاشارة الى ان الدماغ هو مركز القيادة للجهاز العصبي حيث يستقبل المدخلات من الحواس ويرسل الأوامر الى العضلات، ولديه الهيكل الأساسي نفسه كما أدمغة الثديات الأخرى، ولكن أكبرهم حجماً، وهذه بعض الحقائق عن الدماغ لاعطاء فكرة عنه: يزن حوالى 3.3 رطل (1.5 كيلوغرام) ويشكل حوالى 2 بالمئة من وزن الانسان ويحتوي على حوالى 86 مليار خلية عصبية في المادة الرمادية ويحتوي على مليارات الألياف العصبية في المادة البيضاء. وترتبط هذه الخلايا العصبية بتريليونات من نقاط الاشتباك العصبي وتغلّف الدماغ ثلاثة أغشية وهي بالترتيب من عظم الجمجمة الى الدماغ: الجافية، ثم العنكبوتية، ثم الأم الحنون.

ولأن الدماغ من أكثر اعضاء الجسم تعرضاً للأذى بسبب حادث ما يتوجب على كل شخص ان يتقيد بالارشادات أثناء القيادة، فعندما لا يثبت السائق حزام الأمان فان نسبة احتمالات تعرضه لاصابات الرأس ترتفع في حال حصول حادث سير مفاجىء بأي شكل كان، كما ان حوادث السقوط أثناء ركوب الدراجات النارية وحتى الهوائية سبب آخر في اصابات الرأس البليغة، في حال عدم التقيد بإرشادات الأمان ومنها ارتداء خوذة وقاية الرأس بنوعيها الصلب لراكب الدراجة النارية والخفيف لراكب الدراجة الهوائية، بالاضافة الى حوادث السقوط من المرتفعات مثل الشرفات او الأبنية للكبار او الصغار، او الحوادث المنزلية للأطفال والمتقدمين في السن مثل التعثر بالسجاد او غيره من قطع الأثاث او التزحلق على الأرضيات المبتلة في دورات المياه او غيرها... ووفقاً لنشرات الرابطة الأميركية لأطباء الأسرة ان اصابات الرأس قد تكون ذات تأثير مؤذ جداً للانسان، وتعلل الأمر بأن حصول نزيف عبر أحد الأوعية الدموية داخل الجمجمة، او حصول أنواع من التهتك مختلف الدرجات لمناطق ذات أهمية بالغة في تركيب الدماغ، او الانتفاخ مع مرور الوقت في تلك الأنسجة نتيجة نشوء عملية التهابية كردة فعل للتهتك او الرض الذي يعتريها، كلها عوامل تؤدي الى تأثيرات بالغة الأذى والضرر على سلامة الانسان.

فما هي الأسباب التي تؤدي الى نزيف الدماغ؟ وهل هناك أنواع من نزيف الدماغ؟ وغيرها من الأسئلة أجاب عنها الاختصاصي في جراحة الدماغ والأعصاب والعمود الفقري والأورام الدماغية والصرع وجراحةالجهاز العصبي الدكتور مروان وهيب نجار ونسأله بداية:

ــ ما السبب أنه عندما يتعرض الانسان لحادث ما او يقع أرضاً من مكان مرتفع يتضرر الدماغ بشكل كبير أكثر من بقية أعضاء الجسم؟

- بالفعل هذا صحيح لأن الرأس أثقل من جسم الانسان، وبالتالي اذا وقع الشخص من مكان مرتفع يتضرر الرأس أكثر من بقية أعضاء الجسم، وفي حال حدث تورم في الدماغ فيمكن ان يؤثر ذلك سلباً على الدماغ، وتجدر الاشارة هنا الى انه يمكن ان تُعوض بقية الأعضاء او ان تُرمم في حال أصيبت بأذى ما، ولكن لا يمكن ترميم الدماغ لأن أنسجة الدماغ لا تنمو من جديد، وبالتالي ان تعويض الدماغ ليس سهلاً ولذا يجب ان نتقيد بطرق عدة لحماية الدماغ، على سبيل المثال من الضروري ان يتقيد كل شخص بالارشادات من حيث استخدام حزام الأمان عند القيادة لأنه يحمي الشخص في حال تعرض لحادث سير اذ أقله يجنّب رأسها لارتطام بالأرض او بأشياء صلبة تسبب له اصابة بليغة في الرأس، وطبعاً يتوجب على كل شخص يقود الدراجة النارية ان يتقيد بالارشادات لحماية نفسه في حال تعرض لحادث ما، مثلاً عليه ان يرتدي الخوذة لحماية رأسه بالدرجة الأولى، فهناك أشخاص أصيبوا باعاقات جسدية وعقلية نتيجة تعرضهم لحادث سير وهم يقودون الدراجات النارية دون ارتداء الخوذة أو يقودون السيارة دون استخدام حزام الأمان، إذ ان ارتداء الخوذة عند قيادة الدراجة النارية تحمي السائق كثيراً، والواقع ان اصابات الرأس غيّرت حياة أناس كثيرين اثر تعرضهم لحادث ما، فهناك حالات عديدة من اصابات بليغة واعاقات جسدية وقعت لعدم تقيد الأشخاص بالتعليمات والارشادات أثناء القيادة وخصوصاً الشباب.

أنواع نزيف الدماغ

الدكتور مروان نجار  b

ــ وهل هناك أنواع من النزيف الذي يصيب الدماغ؟

- ان الدماغ هو عضو من أعضاء جسم الانسان، وهناك شرايين تغذي الدم ولكن ممكن ان ينحصر الدم في الدماغ وهذا يحدث لأسباب عدة:

أولاً يجب ان نميز بين النزف الناتج عن الاصابة والنزف التلقائي من دون اصابة. بالنسبة للنزيف الناتج عن الاصابات، فعند الاصابة غالباً ما يحدث النزيف نظراً لتعرض الرأس لضربة شديدة مثلاً اذا تعرض أحدهم لحادث سير او اذا وقع من مكان مرتفع وارتطم رأسه بالأرض او اي شيء صلب فعندئذٍ يحدث نزيف في الدماغ، وبالتالي هذا النزيف مرتبط بالاصابة، وعندما تحدث كسور نتيجة اصابة في الرأس من الخارج ينتقل ذلك الى داخل الدماغ وممكن ان يحدث نزيف، واذا حدثت كسور في الجمجمة ممكن ان يحدث نزيف خارج غلاف الام الجافية اذ تتكون الام الجافية من طبقتين: طبقة خارجية ليفية تلتصق بالعظام، وطبقة داخلية ناعمة او نسميها بالأم الحنونة اذ تحمي الدماغ، وممكن ان تسبب الاصابة بكسر في الجمجمة جرحاً خارج الأم الجافية، وأحياناً يتطلب الأمر الجراحة، وهذا النوع ممكن ان يتطور بسرعة، وممكن ان لا يفقد الشخص وعيه اثر تعرضه لذلك ولكن بعد بضع ساعات يصبح في غيبوبة ولهذا يحدث النزيف، وممكن ان تكون الاصابة تحت الأم الجافية وبالتالي تتأذى شرايين الدماغ، واذا حدث هذا النزيف تحت الأم الجافية، فاذا كان حجم الجرح صغيراً يمكن معالجته، أما اذا كان الجرح كبيراً فممكن ان يكون نتيجة رضوض اي نزيف داخل الدم، وغالباً الذي يتعرض لضربة في الرأس يجب ان تتم مراقبته في المستشفى لأنه ممكن ان يحدث ضرر في الدماغ او تورم في الدماغ فتصبح الحالة أسوأ، وبالتالي يجب ادخال المصاب الى العناية الفائقة.

ويتابع:

- أما في حالــــة النزف التلقائــــي فيعتمــــد الأمــــر علـــى ســـــن المـــــريض، اذ ان النزف الناتج عــن الاصابــــة يصيب الشبــــاب أكثر ممـــــا هو عليــــه الأمـــــر بالنسبــــة للمسنــــين. اذاً النــــزف التلقائــــي يتم تشخيصه بناءً على سن المريض، على سبيل المثال اذا كان الشخص في العشرينات والثلاثينات يكون النزف في الدماغ ناتجاً عن تشوه شرياني خُلقي (اذ يُولد الطفل ولكن فجأة يحدث نزيف في دماغه وفي بادىء الأمر تتم معالجة النزف وذلك حسب موقع التشوه الشرياني الخُلقي، وممكن انقاذه بعد اخضاعه لعملية جراحية وفقاً لحجم التشوه)، اما اذا كان المريض في سن الاربعينات والخمسينات اي في متوسط العمر فممكن ان يكون النزف ناتجاً عن نزف ام الدم الشريانية وهذا النزف في الدماغ خطير جداً، اذ ممكن ان يُنقل المريض غير فاقد للوعي ولكن اذا حدث الأمر مرة أخرى فعندئذٍ كون الوضع أخطر خصوصاً في الأيام الثلاثة الأولى من حدوث النزف، وعندما يحدث نزيف في ام الدم الشريانية يجب نقل المريض الى غرفة العناية الفائقة واخضاعه للتمييل لتحديد مكان نزف ام الدم الشريانية ثم علاجه اما بالجراحة او عن طريق القسطرة.

وأضاف:

- بالنسبة للنوع الثالث من النزف في الدماغ فيحدث ذلك عند المسنين خصوصاً اذا كانوا يعانون من ارتفاع الضغط لأن ارتفاع الضغط مرض صامت وقاتل، وفي هذه الحالة يكون المسن عرضة للوفاة، علماً أن ارتفاع الضغط على المدى الطويل يؤذي الشرايين ويحدث فيها تفسخات، واذا ارتفع الضغط بشكل كبير ممكن ان يحدث النزيف. أما العامل الثاني الــــذي قــــد يؤدي الى نزيف فهو مرض الشرايين الناتج عن مشاكل الكولسترول والتقدم في السن.

الأدوية المسيّلة للدم

وعن الأدوية المسيّلة للدم يشرح:

- العامل الثالث هو الأدوية المسيّلة للدم التي يأخذها المصاب بأمراض القلب، فاذا حدث نزيف في الدماغ وتناول دواءً مسيّلاً للدم فعندئذٍ سيصبح النزيف أسوأ، ففي الماضي كان الأطباء ينصحون بتناول حبة الاسبرين للوقاية من الجلطات، ولكن اليوم لم يعد يُوصى بتناول الأسبرين، وبالتالي ليس بالضرورة تناول أدوية مسيّلة للدم اذا لم تكن هناك حاجة لذلك، او لم ينصح الطبيب بذلك، فإذا فعل المريض ذلك من تلقاء نفسه، عندئذٍ يعّرض نفسه للخطر ويحدث نزيف داخلي، صحيح ان الأدوية المسيّلة للدم تنفع الشرايين وتمنع الجلطات ولكن في المقابل فقد يحدث نزيف في الدماغ. وان أمراض الشرايين وارتفاع الضغط ممكن ان تسبب نزيفاً في الدماغ عند المسنين، ويكون الأمر خطيراً حسب كمية النزف، اذ ممكن ان يكون النزف خفيفاً وعند ذلك يمكن معالجته فيما ممكن ان يكون النزف شديداً وقد يدخل المصاب في غيبوبة ونادراً ما نجري له عملية جراحية، اما آخر نوع من النزف فيحدث عند المسنين، وهو نزف تحت ام الدم الجافية ــ نزف مزمن تحت الأم الجافية ــ وهذا النوع من النزيف يحدث لشخص ارتطم رأسه أثناء تعرضه لحادث سير او انه وقع من مكان مرتفع او من مبنى وما شابه... وقد لا يحدث له عارض خطير انما مع مرور الوقت يتجمع الدم فوق ام الدم الجافية، وعندما يتجمع الدم يتحول الى ماء سوداء ويسبب عوارض عديدة مثل: الصداع، وعدم الاتزان في المشي، وضعف في اليدين والقدمين. وغالباً اذا وقع المسن على الأرض ولم يؤثر ذلك عليه خصوصاً اذا كان يتناول أدوية مسيّلة للدم ولكن ظهرت لديه هذه العوارض التي ذكرتها، فمن الأفضل ان يخضع لفحص صورة الرأس للتأكد ما اذا حدث نزيف تحت ام الدم الجافية لكي يُخضع اما لعملية جراحية بسيطة او عملية زرع انبوب مؤقت لسحب الدم وغالباً ما يتحسن حال المريض.

 

الفحص الطبقي المحوري

ــ وماذا عن الفحوصات التي يجب اجراؤها عند تعرض الرأس لضربة شديدة؟

- عادة عندما يتعرض الرأس لضربة شديدة نطلب اخضاع الشخص لصورة كمبيوتر او <CT scan> او طبقي محوري وهذا الفحص أفضل من فحص الرنين المغناطيسي، لأن فحص الرنين المغناطيسي ليس كافياً في حالة نزيف الدماغ، وبالتالي يجب اخضاع المريض لفحص الطبقي المحوري عند حدوث نزيف الدماغ خصوصاً بعد ظهور هذه العوارض: عدم الاتزان في المشي، ودوخة شديدة... الى جانب الأخذ بالاعتبار التقدم في السن إذ ان الأمراض تجعل المسنين عرضة للاصابة بالنزيف في الدماغ أيضاً، ولكن الأهم ان يتنبهوا بألا يتناولوا أدوية بطريقة عشوائية وخصوصاً الأدوية المسيّلة للدم بدون استشارة الطبيب المتخصص.

حملات التوعية

ــ وهل تُقام حملات توعية كافية لحماية الناس من حوادث السير خصوصاً الشباب الذين يدفعون الثمن بسبب عدم اتباعهم الارشادات أثناء القيادة وما شابه؟

- لا شك تُقام حملات توعية في هذا الخصوص ولكن يجب اتخاذ تدابير واجراءات أكثر حزماً لحماية الشباب خصوصاً انهم يدفعون الثمن غالياً في كثير من الأحيان، لأنه كما ذكرت ان اصابة الرأس اثر التعرض لحادث سير تغير مجرى حياتهم، وقد يُصابون باعاقات أو قد يحدث لديهم خلل في الدماغ وبذلك يخسرون حياتهم المهنية والعائلية والاجتماعية ككل، وحتى لو خرج المصاب من الحادث حياً فالنتيجة تكون مؤلمة، وبالتالي لماذا لا يتقيد كل شاب بهذه التعليمات حفاظاً على سلامته وحياته بدل التهور ومواجهة مخاطر عديدة تؤثر على حياته بشكل سلبي؟