تفاصيل الخبر

نزار زكّا يجتاز السؤال حول دور حزب الله بعملية اطلاق سراحه!

21/06/2019
نزار زكّا يجتاز السؤال حول دور حزب الله بعملية اطلاق سراحه!

نزار زكّا يجتاز السؤال حول دور حزب الله بعملية اطلاق سراحه!

 

بقلم علي الحسيني

 

في الثامن عشر من تشرين الاول عام 2015، أعلنت وكالة <مهر> الإيرانية، عن اعتقال الخبير اللبناني الدولي في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات نزار زكّا وذلك لأسباب ظلّت حتى اليوم ملتبسة، على الرغم من التصريحات التي كانت أطلقتها السلطات الإيرانية والتي تحدثت في وقتها  عن <صيد ثمين> على المستوى الإستخباراتي. هذا مع العلم أن زكّا كان يتردد الى ايران لفترة سنوات قليلة قبل اعتقاله، الأمر الذي أثار تساؤلات حول التوقيت خصوصاً أن زيارته كانت بدعوة رسمية من نائبة الرئيس الإيراني لشؤون المرأة والأسرة شاهيندوخت مولافردي، لحضور مؤتمر في طهران.

منذ تاريخ الاعتقال وحتّى الحادي عشر من حزيران الجاري أي التاريخ الذي حطت فيه الطائرة التي تقله من طهران إلى وطنه لبنان، ظل زكّا معتقلاً داخل السجون الإيرانية، مع نضال متواصل من وراء القضبان، لم تهدأ وتيرته ولم تخف حدة تصريحاته، حتى انه تمكّن من خوض غمار الإنتخابات النيابية كمرشح عن الإنتخابات الفرعية في طرابلس. وبين بعد المسافات الزمنية وفارق التوقيت، أنجز رجل المهمات الصعبة المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، المهمة التي كلفه بها رئيس الجمهورية ميشال عون، فكانت أولى البشائر، هبوط الطائرة التي تقله مع المعتقل زكا على أرض ومطار الوطن، بعد رحلة غياب ممزوجة بالوجع والقهر.

<الأفكار> التقت العائد الى الحريّة بعد طول انتظار، الموطن اللبناني نزار زكّا، وأخرجت ما في جعبته من ذكريات مؤلمة عاشها داخل سجنه، لكنها لم تخلو ابداً من النضال والعزيمة والصبر. فكانت بداية الحديث معه على النحو الآتي:

ــ من هو نزار زكا وما هي طبيعة عمله؟

- خبير لبناني ودولي في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، من الداعمين الرئيسيّين ومؤسّسي مبادئ حرية الإنترنت في العالم. عملت من موقعي الريادي هذا في كل الاراضي اللبنانية من دون تمييز، حيث إنصب جهدي على الانماء وعلى ردم الفجوة الرقمية يوم كان لبنان في أمسّ الحاجة الى هذا الجهد، تماماً كما عملت في دول عربية وأجنبية كثيرة. شَغلت مناصب عربية ودولية رفيعة، أبرزها:

ــ رئيس السياسة العامة في التحالف العالمي لتكنولوجيا المعلومات والخدمات WITSA.

ــ عضو الإتحاد الدولي للإتصالات ITU.

ــ الأمين العام للمنظَّمة العربية للمعلوماتية (إجمع).

ــ شريك مايكروسوفت في العراق وأفغانستان.

ــ عضو شرف مدى الحياة في مجلس إدارة أكاديمية ريفرسايد العسكرية في الولايات المتحدة الأميركية، والاصغر سناً في تاريخها.

ــ كيفية احتجازك في إيران وكيف ذهبت إليها؟

- كان ذلك في أيلول 2015، حين كنت في زيارة رسمية بدعوة من الرئاسة الإيرانية للمشاركة في مؤتمر في طهران، وقد إعتقلت يوم 18 أيلول وأنا في طريقي الى مطار طهران ومنه الى بيروت.

ــ ما هي الاسباب التي أدت الى اعتقالك؟

- هي مجموعة مركبة من الأسباب، تبدأ بالتباسات معينة وربما لا تنتهي عند رغبة طرف ما في أن يوجه رسالة على خلفية الاتفاق النووي الذي كان حينها في طور النقاش والتفاوض.

ــ كيف دافعت عن نفسك خلال التحقيقات؟

- بقيت على موقفي من اليوم الأول. أنا لم أؤذ نملة في حياتي فكيف لي أن أرتكب جرماً أو حتى مجرد جنحة.

ــ ما هي الصعوبات التي واجهتها خلال التحقيقات؟ وهل تم التعرض لك بالضرب والاذى النفسي؟

- بالتأكيد الأعوام الأربعة الفائتة من عمري وحياتي لم تكن نزهة. قلتُ لمقربين مني إثر تحريري، كأني أعيش خيالاً، كأن الأعوام الأربعة كانت مجرّد أربعة أيام، كأني عدتُ للتو من المشاركة في مؤتمر العام 2015.

ــ ما هي الضغوط التي تعرضت لها والتهديدات أثناء الاعتقال؟

- هذه الصفحة على مآسيها وأوجاعها أضحت ورائي. أنا إبن الرجاء والأمل والطموح والتفاؤل. أتطلع الى الماضي من باب أخذ العبر ليس إلا، والمستقبل لا يزال أمامي بأبوابه الواسعة والفسيحة، وأنا لم أعتد يوماً إلا العيش كريماً تحت شمس الحرية.

ــ كيف وجدت التعاطف الشعبي والسياسي معك في لبنان؟

- كان رائعاً وعارماً بالفعل. أكرر شكري لفخامة رئيس الجمهورية ودولة رئيس الحكومة ومعالي وزير الخارجية وسعادة اللواء المدير العام للأمن العام، على كل الجهود التي بذلت لتحريري. لقد كان وطني على قدر ما توقعت وآمنت. أثبت لبناني الرسمي أنه دولة قوية تحمي أبناءها أينما كانون. كما أشكر تكراراً الإعلام اللبناني الذي كان الرئة التي من خلالها إستطعتُ الكفاح من داخل المعتقل، الكفاح الذاتي متمسكاً بصلابتي والقدرة على التحمّل والبقاء بذهن صافي، والكفاح مع الخارج حتى يبقى صوتي يصل الى اللبنانيين والى الرأي العام أينما وجد. ولا أخفي مدى تأثري بالعاطفة الشعبية التي إحتضنتني وأنا في المعتقل، ولمستها لمس اليقين بعد تحريري.

ــ لماذا تم الإفراج عنك بعد كل هذه المدة؟ البعض يتحدث عن ضغط اميركي على إيران؟ من الجهة الفعلية التي عملت على اخراجك من السجن؟ ما هو دور حزب الله أيضاً؟

- سبق أن قلت في خطاب القصر إن المبادرة لبنانية 100 بالمئة، وُلدت في لبنان وحيكت في لبنان وإنتهت في لبنان، وتحديداً في قصر بعبدا برمزيته العظيمة، رمز سيادة هذا البلد وعنفوانه وصلابة شعبه.

ــ هل تطمح للعب دور سياسي؟ وهل سيكون ضمن الانخراط في توجهات حزبية؟

- لستُ غريباً عن الشأن العام، إذ كنتُ من خلال ترؤسي المنظمة العربية للمعلوماتية والاتصالات (إجمع) كما من خلال منصبي رئيساً للسياسات العامة في التحالف العالمي لتكنولوجيا المعلومات والخدمات WITSA، على تماس مباشر مع وجع أهلي في كل لبنان. في عملي التنموي، لم أفرق يوماً بين لبناني وآخر أو بين منطقة وأخرى، فكانت مشاريعنا على إمتداد لبنان وخصوصاً حيث الحاجة ملحة للمشاريع التنموية على مستوى تكنولوجيا المعلومات.

وختم زكّا لقائه مع <الأفكار> بالقول:

- حالياً، أنا في طور نقاهة مع العائلة، ومن بعدها سأنكب على إستعادة حياتي المهنية وعملي في الشأن العام. ولا يخفى أن العمل في الشأن العام في صلب أي عمل سياسي.

النائبة بولا يعقوبيان التي كانت اطلعت على الملف عن كسب وعبرت عن رأيها في أكثر من مرة وعلى اكثر من محطة، لفتت إلى أنها لا تذكر تفاصيل الحوارات التي دارت مع زكا، لكنها قالت: <دائماً بحسابات الدول نحن في لبنان لا شيء، لأننا بلد منقسم إلى محاور. الجهة التي تبيع وتشتري على حساب اللبنانيين هي التي تقبض الأثمان، ولا قدرة لنا على تحقيق أي أمر لأننا مستقلون بالشكل فقط>. وقالت: المهم الآن أن زكا سيكون حراً، أما من هو <صاحب الفضل>.. ربما تعاقب الأيام

كفيل بالرد.

لفت نزار زكا في مؤتمر صحفي بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون في قصر بعبدا فور وصوله إلى بيروت قادماً من طهران إلى <أني أتوجه اليكم لأول مرة من بيت الشعب اللبناني تحت شمس الحرية التي اشتقت اليها، أمضيت 3 سنوات في المعتقل بعيداً عن عائلتي وأصدقائي وأنتم السند الحقيقي ومنكم استمددت القدرة على المقاومة، ما زلت قومياً صامداً ورأسي مرفوع وما تغير بي إلا زيادة شراستي في حرية التعبير والوصول الى الانترنت>.

ولدى وصوله الى بعبدا، أكد زكّا أمام الاعلام أنه <قبل الإعتقال لم أتعد يوماً على أحد، وأنا ما زلت كما أنا قبل الاعتقال وخلاله وبعده، لا عمالة ولا عمولة ولن أخوض في تفاصيل الخطف والاعتقال والتهم الباطلة ومجرى المحاكمة الصورية، مشدداً على أن المبادرة من أولها الى آخرها ولدت في لبنان واليوم تنتهي في لبنان، هي صناعة وطنية، هذه المبادرة كان لها نتائج ايجابية اقليمية وأوقفت الكثير من الذي كان سيصيب المنطقة.

وكان المتحدث باسم القضاء الإيراني، غلام حسين إسماعيلي، أعلن أن طهران ستسلم اللبناني المحتجز نزار زكا إلى لبنان. وقال: وصلنا طلب عفو من الرئيس اللبناني ومن نزار زكا نفسه، ونحن قمنا بتطبيق القانون وإطلاق سراحه بشكل مشروط لأنه يحق للقاضي أن يأمر بإطلاق سراح سجين وفقاً للظروف، ولقد بحثنا بالأمر ووجدنا انه يتحلى بحسن السلوك خلال وجوده في السجن، ونظراً لأن الرئيس اللبناني وحزب الله اعتبروا الإفراج عنه من مصلحتهم، إضافة إلى تعهد زكا بأنه لن يعاود جريمته بعد الإفراج، وافقنا على طلب إطلاق سراحه. وفي وقت سابق أكد مدير الأمن العام اللبناني، عباس إبراهيم أن إيران ستفرج عن اللبناني المحتجز نزار زكا، الثلاثاء، وأنه سيعود معه إلى لبنان. وأضاف إبراهيم: إن الإفراج عن زكا، الذي يحمل إقامة في الولايات المتحدة، غير مرتبط بأي تبادل للسجناء على نطاق أوسع كما أشيع في بعض وسائل الإعلام.