تفاصيل الخبر

”نـتـنـيـاهـــــو“ وخـطـتــــه الـجـديــــدة... مصـالــــــح اسـرائـيـــــل مـقـابـــــل بـقـــــاء الأســـــد!  

06/05/2016
”نـتـنـيـاهـــــو“ وخـطـتــــه الـجـديــــدة...  مصـالــــــح اسـرائـيـــــل مـقـابـــــل بـقـــــاء الأســـــد!   

”نـتـنـيـاهـــــو“ وخـطـتــــه الـجـديــــدة... مصـالــــــح اسـرائـيـــــل مـقـابـــــل بـقـــــاء الأســـــد!  

بقلم علي الحسيني

الشيخ-نعيم-قاسم-المناورات-الاسرائيلية-لا-تعنينا---5

على الرغم من مرور أكثر من اسبوعين على زيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي <بنيامين نتنياهو>  للجولان المحتل، إلاّ أن مفاعيل الزيارة ما زالت أصداؤها تتردد في أكثر من مكان وتتأرجح على حبال الاستنتاجات والتكهنات التي تتحدث عن نية اسرائيلية بالتصعيد في المنطقة، لاسيما وأن الزيارة جاءت في وقت  حساس تنشغل فيه الدول بملفات المنطقة، لاسيما الملف السوري منها حيث تكثر الأحاديث حول فرضية تقسيم هذا البلد إلى دويلات ومناطق مذهبية تسعى اسرائيل إلى ضمّ الجولان منها واعتباره نقطة محسومة لصالحها.

وما زالت الصحف المحلية والعربية والدولية تنشغل صفحاتها حتى الساعة بزيارة رئيس الوزراء الاسرائيلي <بنيامين نتنياهو> للجولان السوري المُحتل منذ 49 عاما تقريبا، في خطوة اراد من خلالها الابقاء على احتلال كيانه لهذه المنطقة التي تحولت منذ اندلاع الثورة في سوريا الى نقطة ساخنة دائمة الاشتعال بعدما تحولت الى ارض عمليات تنطلق منها اشارات وانذارات ورسائل حزب الله باتجاه الاراضي الاسرائيلية، كما وقد سقطت فيها مجموعة من الشهداء للحزب منهم جهاد مغنية وسمير القنطار.

جلسة حكومية في الجولان

ورسالة الى العالم

 

خلال ترؤسه الجلسة الاسبوعية لمجلس وزرائه الذي يلتئم للمرة الأولى منذ الاحتلال في الجولان، تحدد خطاب <نتنياهو> برسالة بعث بها إلى العالم بأسره وفي مقدمته العرب وتحديدا سوريا التي تعيش حربا اهلية دامية منذ نحو خمسة اعوام، حيث قال امام وزرائه وقادة المستوطنين في الجولان المحتل في مستهل الجلسة، انه جاء بهم إلى الجولان ليبعث برسالة صريحة وواضحة مفادها ان هضبة الجولان ستظل إلى الابد بيد إسرائيل، كما وثّق زيارته هذه بصورة تذكارية تم التقاطها له متوسطا وزراءه في الهواء الطلق وقد ظهر الجولان من خلفهم، ليعود ويجمعهم في جلسة اخرى في مستوطنة <كاتسرين> كبرى مستوطنات الجولان، وقد شكّلت هذه الخطوة مقدمة لشروط اسرائيل لتسوية الأزمة في سوريا حسب <نتنياهـــــو> الـــــذي كشف انـــــه ابلـــــغ وزيـــــــر الخارجية الأميركي <جون كيري> أن إسرائيل لن تعارض تسوية سياسية في سوريا شرط ان لا تكون على حساب امن دولة اسرائيل. وقد شرح <نتنياهو> كلامه هذا على الشكل الاتي: ان يتم طــــــرد قـــــــوات ايـــــــران وحزب الله اللبناني و<تنظيم الدولة الإسلامية> من الأرض السورية، وانه آن الاوان كي يعترف المجتمع الدولي بالواقع وخاصـــــة بحقيقتـــــين اساسيتين احداهما انه ليس مهماً ما سيجري خلف الحدود لأن هذا الخط الحدودي لن يتغير، وقد حان الوقت بعد خمسين سنة ان يعترف المجتمع الدولي بأن الجولان سيبقى الى الابد تحت السيادة الاسرائيلية.

 

ما هو الجولان؟

الجولان هو هضبة تقع في بلاد الشام بين نهر اليرموك من الجنوب وجبل الشيخ من الشمال، تابعة اداريا لمحافظة القنيطرة كلياً في ما مضى وجزئياً في الوقت الحاضر. وتقع الهضبة بكاملها ضمن حدود سوريا ولكن في حرب 1967 احتل الجيش الإسرائيلي ثلثي مساحتها حيث تسيطر اسرائيل اليوم على هذا الجزء من الهضبة في ظل مطالبة سورية بإعادته إليها. ويُسمى الجولان أحياناً باسم <الهضبة السورية>. من الغرب تطل هضبة الجولان على بحيرة طبرية ومرج الحولة في الجليل، اما شرقا فيشكّل وادي الرقاد الآتي من الشمال بالقرب من طرنجة باتجاه الجنوب حتى مصبه في نهر اليرموك حدا عُرف بأنه يفصل بين الجولان وبين سهول حوران وريف دمشق. من جهة الشمال يشكّل مجرى وادي سعار ــ عند سفوح جبل الشيخ ــ الحدود الشمالية للجولان التي تمتد بين بانياس ــ منابع نهر الأردن ــ حتى أعالي وادي الرقاد جهة الشرق. الحدود الجنوبية يشكّلها المجرى المتعرج لنهر اليرموك والفاصل بين هضبة الجولان وهضبة عجلون في الأردن. يستوطن في الجولان نحو خمسين ألفا من اليهود الذين حشدتهم الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة منذ احتلاله في حرب حزيران/ يونيو 1967. ووعد <نتنياهو> وزراءه بآلاف آخرين سينضمون اليهم قريبا. كما يعيش في الجولان الذي تبلغ مساحته 1860 كيلومتراً مربعاً نحو ثلاثين ألفا من العرب السوريين موزعين على اربع قرى متاخمة للجزء الشمالي الممتد من سفوح جبل الشيخ بمحاذاة خط وقف إطلاق النارالذي تم ترسيمه بعد اتفاق <فك الارتباط>، وهو الاتفاق الذي أعقب حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973، اما القرية الخامسة وهي الغجر فتقع في الغرب على تقاطع الحدود بين لبنان وسوريا وفلسطين.

 

بعد خمسين عاماً..الهوية عربية

العميد-حطيط---4

وعلى الرغم من مرور 49 عاماً على احتلال إسرائيل لهذه المنطقة الحيوية، فإن غالبية سكانها ما زالوا يصرون على هويتهم الوطنية السورية معتبرين ان تصريحات <نتنياهو> لا تغير شيئا في موقفهم. ووفق المعلومات ان 27 ألف سوري غالبيتهم من الدروز يعيشون في 5 قرى عربية بقيت في مرتفعات الجولان بعد احتلال إسرائيل لها عام 1967، لكن في المقابل اقامت اسرائيل منذ احتلالها للجولان 33 مستوطنة يعيش فيها خمسون ألف مستوطن. وتطلب الغالبية من السكان العرب الحصول على الجنسية الإسرائيلية وهم يؤكدون في كل مناسبة على أن الأرض سورية محتلة وأنهم مواطنون سوريون، ومع هذا فقد حصلوا على بطاقات الاقامة الاسرائيلية مع احتفاظهم بجنسياتهم السورية. وتمنح إسرائيل للمواطنين الفلسطينيين في القدس الشرقية وللسوريين في هضبة الجولان بطاقات الإقامة الإسرائيلية في حال رفضهم الحصول على جنسيتها، وفي حين ان البطاقات تمنح السكان حق المشاركة في الإنتخابات البلدية فإنها لا تمنحهم حق المشاركة في الاستحقاقات البرلمانية التي تقتصر على الحاملين للجنسية الإسرائيلية. ويُذكر انه بعد فرض القانون الإسرائيلي على الجولان في العام 1981 حصل عدد قليل من السكان على الجنسية الاسرائيلية، في مقابل احتفاظ الغالبية من السكان بالجنسية السورية.

 

لعبة الاسرائيلي في القنيطرة

خلال الفترة الماضية كشفت ملفات سرية مسربة من مكتب ضابط اسرائيلي يحمل صفة ضابط ارتباط له علاقة موثوقة بمكتب <نتانياهو>، عن مراسلات بين اسرائيل والمعارضة السورية بهدف تزويد الاخيرة وخصوصا تنظيم <جبهة النصرة> بسلاح نوعي يمكن ان يغير قواعد اللعبة في درعا والقنيطرة التي تقع في نقطة مرتفعة في هضبة الجولان. وقد اظهرت الوثائق حرص اسرائيل على عقد صفقات اسلحة نوعية مع <النصرة> بينها صواريخ <ستينغر> الاميركية المضادة للطائرات، كما كشفت الملفات المسربة من حاسوب ضابط الإرتباط الاسرائيلي عن رسالة موجهة من المدعو محمد الشعار عضو <ائتلاف الدوحة> وجّه فيها الشكر للإسرائيليين على موقفهم ومساعدتهم لإئتلافه في عملياته في سوريا.

وفي محادثة عبر <سكايب> جرت مطلع العام الجاري هدفت لتنسيق لقاء بين الضابط الإسرائيلي وأحد متزعمي تنظيم <جبهة النصرة>، ظهر حرص العدو الاسرائيلي على بناء علاقة قوية مع متزعمي التنظيم وتأمين الدعم التسليحي لهم، كما رصدت الوثائق محادثة أخرى مع المدعو عبد الباسط الموجود في منطقة الريحانية على الحدود السورية - التركية ذكر فيها الاخير ان تنظيمه سيتواصل مع مسؤولين اسرائيليين عبر شخص من طرفه بخصوص تسليم أسلحة وصلت إلى اسطنبول نهاية العام الماضي وبأن يحدد الضابط الإسرائيلي وقت ومكان التسليم. وقد ضُبطت هذه الرسائل على يد وحدة التعقبات التابعة لحزب الله بالتعاون مع كتيبة المعلوماتية التابعة للنظام السوري والتي تديرها اليوم مجموعات من الجيش الروسي. وفي ضوء هذه التغيرات الجذرية على جبهة الجولان كان رئيس الاركان الاسرائيلي قد أجرى منذ اشهر تغيرات اساسية، فعمل على تحصين السياج الحدودي وشكّل فرقة عسكرية جديدة هي فرقة 210 المعدة والمسلحة خصيصاً من اجل الدفاع عن الحدود، وحتى الآن نجح الجيش الاسرائيلي في وضع حاجز بين المدنيين في الجولان وبين ما يجري شرقي الحدود. لكن هذا الجيش يعرف بان عليه ان يأخذ في الحسبان على المدى البعيد احتمال حدوث هجمات ضد الاهداف المدنية الاسرائيلية من جانب <جبهة النصرة> و<الدولة الإسلامية> والتنظيمات المتشددة الاخرى لانها قد تنقلب عليه في اي لحظة، لان هذه هي طبيعة الحركات التي تقوم علاقتها على الدعم التخريبي لا العقائدي او الديني.

مسؤول ساحة لبنان:

حزب الله نما وتعاظم

خلال اليومين المنصرمين انتشر كلام لضابط عُرِّف عنه بأنه <مسؤول ساحة لبنان في الاستخبارات العسكرية الاسرائيلية> قال فيه ان حزب الله دفع في حرب سوريا ثمنا باهظا اكثر مما كان متداولاً حتى الآن، نحو 1300 قتيل ونحو 10 آلاف جريح. وعلى الرغم من هذه الاعداد، فإن التنظيم يواصل التدخل لمساعدة قوات الاسد. وتابع: هناك نحو 7 آلاف مقاتل من حزب الله يشاركون في الحرب، والعلامة العملياتية التي تُعطى لهم عالية، فقد انتصروا في معظم المعارك التي شاركوا فيها. لقد وضعت الحرب في سوريا حزب الله في الجانب الصحيح، فلأول مرة أصبح بحقّ درع لبنان، لقد حقق التنظيم ما لم يكن له في الماضي، تجربة قتالية مهمة في أطر كبيرة بما في ذلك استخدام وسائل متطورة كالطائرات غير المأهولة، ومن جهة اخرى وُضعت عليه أثقال جسيمة ونفقاته ارتفعت جدا في اعقاب القتال كنتيجة للحاجة لدفع معنويات المقاتلين وتمويل الجرحى وعائلات القتلى. وعلى الرغم من القتال والخسائر والتقليصات يحافظ حزب الله بعناية على بناء قوته العسكرية استعدادا لمواجهة مع اسرائيل. وبحسب الضابط الصهيوني، فإن حزب الله بعد سنوات استثمر فيها الصواريخ بالكميات، يركّز الآن على النوعية كالصواريخ البعيدة المدى والدقيقة المجهزة برؤوس متفجرة تضمن ضررا اقصى. وهذا يهدف الى جباية ثمن كبير من اسرائيل في الحرب التالية، وبالتالي ردعها من الدخول في حرب كهذه لعلمها المسبق بالثمن الذي ستدفعه.

وقال: إن حزب الله يلخص بايجابية العقد الذي انتهى منذ حرب لبنان الثانية 2006. فقد نما وتعاظم، وفي نظره يردع اسرائيل. وبعد سنوات من التجلد على جملة الأعمال المنسوبة الى اسرائيل عاد ليرد على ما يعتبره مساً بذخائره او بمكانته. ومع انه مستعد لان يمتص الضربات شريطة الا يُحرج، ففي اللحظة التي تُنشر فيها الامور وتتضرر مكانته يضطر الى الرد بل ومستعد لركوب المخاطر. وهو يفعل ذلك رغم ان لا مصلحة له في مواجهة واسعة مع اسرائيل وعليه يحرص على ان يكون رده في اطار قواعد اللعبة في مزارع شبعا وضد اهداف عسكرية. ولكن التخوف هو ان يؤدي تواصل الضربات المتبادلة الى دينامية تصعيدية وفقدان السيطرة وتدهور الوضع في الشمال المتاخم لجنوب لبنان والجولان.

 

قاسم يرد: <ونحن جاهزون لها>

لقاء-هرطقة-ام-طبخ-صفقة؟---3 

في ظل الاستعدادات الدائمة التي يجريها الجيش الاسرائيلي على رأسها المناورات العسكرية التي يقوم بها هذه الفترة والتي قيل انها ستمتد الى فترة شهرين، خرج كلام عن المسؤول الاسرائيلي نفسه يقول ان بلاده مستعدة للدخول في حرب مع حزب الله في حال اضطُرت لخوضها، لكن هذا الكلام وهذه الاستعدادات قابلها رأي مخالف من قبل نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم الذي رأى ان المناورات الإسرائيلية ليست مؤشرا على الحرب، بل هي مناورات يقومون بها دائما كجزء من استعداداتهم التي يجرونها، ونحن لا نتوقع أن تكون هناك حرب في المدى المنظور لعدة اسباب، السبب الأول، هو ان اسرائيل تعلم بجهوزية المقاومة وفشل اي حرب يمكن أن تخوضها ضد لبنان، والسبب الثاني انهم يراهنون على ان الأزمة في سوريا قد تستهلك كل الأطراف المعادية لإسرائيل، وهذا يخفف عنها في المستقبل. وهو كان قد اكد اكثر من مرة اننا لا نتعامل مع المناورات الاسرائيلية كحق طبيعي لاسرائيل، فالمقاومة جاهزة دائما قبل المناورات وأثناءها وبعدها.

ويشرح المحلل السياسي في موقع <هآرتس> الصهيوني <رون بن يشاي> بأن الهدف الرئيسي من زيارة <نتنياهو> لموسكو، هو منع اي تسوية مستقبلية يمكن لايران من خلالها ان تؤسس مع حزب الله جبهة ضد إسرائيل تفعّلها من الجولان السوري ومن الأراضي السورية بشكل عام. ويقول: أما الاهداف الاخرى فهي منع تمرير سلاح روسي حديث من الجيش السوري وايران الى حزب الله والحؤول دون تسلح إيران بسلاح حديث من كل الأنواع بصفقة بقيمة المليارات مع روسيا، وعلى الرغم من ان الاسرائيليين سمعوا من الروس انهم لا يزودون حزب الله بسلاح يكسر التوازن، لكن <نتنياهو> اوضح للرئيس الروسي ان سلاحاً حديثاً من انتاج بلاده قد يصل إلى حزب الله من مخازن الجيش السوري وقد يصل مستقبلاً ايضاً من ايران.

هذا وفي ظل المعمعة الحاصلة واصل اهالي الجولان المحتل إحياء الذكرى السنوية ليوم الجلاء كعادتهم كل عام، وهو يوم جلاء المستعمر الفرنسي وزوال استعماره عن الأرض السورية في مثل هذا اليوم من عام 1946 حيث احتشد العديد بميدان سلمان باشا الأطرش في مجدل شمس وهتفوا لحرية الجولان وعافية سوريا. وقد بدا هذا التحرك بمنزلة رد على تصريحات <نتنياهو> حيث رفع المشاركون شعارات ورددوا اهازيج ملخصها ان زيارة <نتنياهو> وحكومته <الفاشية> لا تستطيع تغيير موقف اهل الجولان واصحابه، وانه مثلما تم كنس المستعمر الفرنسي عن سوريا سيتم تطهير الجولان من دنس الاحتلال الإسرائيلي. كما أعرب الكثيرون من المواطنين السوريين في الجولان المحتل عن رفضهم القاطع لما وصفوه بتغيير الجغرافيا والتاريخ من جانب <نتنياهو> وأن ما ادعاه يجافي طبيعة أهل الجولان وهويتهم القومية. وذكر هؤلاء ان الجولان شهد هبّة جماهيرية كبيرة شملت احراق بطاقات الهوية الاسرائيلية عندما سنّ <الكنيست> قانون ضم الجولان، وذلك تعبيرا عن رفضهم القاطع للانفصال عن الوطن الأم كما يطلقون على سوريا رغم الظروف الصعبة التي تمر بها بلادهم.

 

اسرائيل وهاجس الجولان الدائم

 

وتعتبر اسرائيل اليوم ان الاخطار المباشرة التي تتهدّدها في هذه المرحلة ستكون من جبهة الجولان، وذلك بعد انهيار الجيش السوري وتفكك الدولة المركزية وتراجع سيطرتها على هذه الهضبة واقتصارها على <جيب> ونقطة عسكرية هنا وهناك تربط الهضبة بدمشق، كما وتعتبر ان الخطر هذا يتأتى بالدرجة الاولى من حزب الله وعناصره المنتشرة عند طول المناطق التي ما تزال موالية لنظام الأسد، خصوصا وان هناك اصراراً من الحزب بدعم ايراني بإنشاء بنية تحتية عسكرية مشابهة لتلك القائمة في جنوب لبنان للوصول لاحقا الى ربط جبهة الجولان السوري بجبهة الجنوب اللبناني. وانطلاقاً من هذا الافتراض انتهجت إسرائيل سياسة تهدف الى عرقلة هذا المسعى سواء عن طريق القيام بعمليات اغتيال موضعية مطلع السنة المنصرمة عند جبهة القنيطرة، أو من خلال فتح قنوات اتصال مع الاطراف المعتدلة  في المعارضة السورية التي تقاتل جيش الأسد والحزب في الجولان، وذلك عبر تقديم مساعدات انسانية وطبية لها. ولكن الشعب الاسرائيلي نفسه يعتبر ان الاخطار الحقيقية تنبع من وجود عدو خطر يتربص بامنهم عند حدودهم ويتمثل بتنظيمات جهادية متطرفة مثل <داعش> و<النصرة> اللتين اصبحتا تسيطران على اجزاء كبيرة من الهضبة في الجانب السوري.

 

مصالح اسرائيل مقابل بقاء الاسد

ويمكن القول ان قرار ضم الجولان بدلالاته وبتوقيت الإعلان عنه بعد مرور 70 سنة على استقلال سوريا و50 سنة على وجوده تحت سلطة القانون الإسرائيلي يأتي في إطار سعي إسرائيل الجدي لتغيير المعادلات والتحالفات في المنطقة بسبب الأوضاع التي تمرّ بها سوريا، وذلك بالتنسيق مع الادارة الأميركية من خلال التواصل المستمر مع وزير الخارجية الأميركي <جون كيري، ومع الرئيس الروسي <بوتين> الذي عرض على <نتنياهو> أثناء زيارته لإسرائيل في العام 2013 اقامة منطقة عازلة وحزام امني عبر انتشار الجيش الروسي على طول الحدود السورية مع إسرائيل بعمق خمسة كيلومترات، لكن <نتنياهو> رفض الفكرة يومئذٍ محاولاً اقناع <بوتين> بتكريس حل الدويلات انطلاقا من تقسيم سوريا، ظنا منه ان قيام كيانات طائفية في سوريا يخدم مصلحة اسرائيل اكثر من أي مشروع آخر، واليوم يُعتقد بأن <نتنياهو> ضرب ضربته نتنياهو-واعضاء-حكومته-في-الجولان---2في الوقت المناسب كمقدمة لإعادة تقسيم المنطقة من جديد بمباركة روسية اميركية ايرانية لتفكيك سوريا بشرط بقاء الرئيس بشار الأسد في الحكم.

حطيط: حزام امني بتنفيذ <جبهة النصرة>

وفي شرح شبه تفصيلي لما هو مخطط له على جبهة الجولان وما تخفيه اسرائيل لجهة ارتياحها من وجود <جبهة النصرة> على تماس معها عند حدودها يشير الخبير الاستراتيجي العميد المتقاعد امين حطيط الى ان هناك خطتين وضعتا للجبهة الجنوبية في سوريا، الأولى اسرائيلية عبر اقامة حزام أمني بتنفيذ <جبهة النصرة>، خصوصا واننا سمعنا سابقا كيف ان وزير الخارجية الاسرائيلي <افيغدور ليبرمان> قال ان <النصرة> حليفة لاسرائيل و<داعش> ليست عدوة. وهذه الخطة اذا نجحت باقامة حزام امني بعرض 15 الى 23 كلم وعلى بعد 35 كلم من دمشق، ستهدد العاصمة بشكل غير مسبوق. أما المخطط الثاني فهو الذي اعتمدته اميركا ويرتبط بالخيار الاردني الذي بدأ الترويج له مع مسألة قتل الطيار الأردني معاذ الكساسبة، ما دفع بالاردن الى استعمال جيشها البري في اتجاه العراق وسوريا، وكان الرد السوري واضحاً من وزير الخارجية وليد المعلم الذي اكد ان سوريا لن تسمح لاي جيش بري ان يدخل اراضيها او ان يكون جزءاً من منظومة الدفاع السورية  من دون التنسيق معها.

وفي سياق متصل يعتبر حطيط ان <جبهة النصرة> التي تعمل في خدمة اسرائيل بدأت تخطط لاحداث الرعب في نفوس الدروز في سوريا وتحديداً في القرى المحاذية لاسرائيل لإظهار حاجتهم الى حماية لن تؤمنها سوريا او محور المقاومة، بينما اسرائيل جاهزة لتأمين هذه الحماية، ما يعني الوقوع في الفخ الإسرائيلي وإنشاء حزام أمني وربط دروز السويداء بدروز الجولان بدروز الجليل، ليصبح الجولان بعد ذلك في خبر كان. ومن هنا تكمن خطورة المرحلة المقبلة التي لم ترسو حتى الساعة على قاعدة ثابتة اذ ان كل الاحتمالات تبقى واردة في ظل تأكيد كل الاطراف المتصارعة على اهمية جبهتي الجولان والقنيطرة، وهو الامر الذي ستتعزز مخاطره في الفترة المقبلة، خصوصا وان الدروز في سوريا لن يسمحوا باقامة حزام امني تحميه جماعات اصولية سواء <النصرة> او غيرها حتى ولو بدعم اسرائيلي مبطن.