تفاصيل الخبر

نصـــــر الله و”نتنياهــــــو“ والمواجهــــــة المُرتقبــــــة.. الصــــلاة فــي القــــــدس أم الترحــــــم عـــــلى لبــــــنان؟

25/07/2019
نصـــــر الله و”نتنياهــــــو“ والمواجهــــــة المُرتقبــــــة.. الصــــلاة فــي القــــــدس أم الترحــــــم عـــــلى لبــــــنان؟

نصـــــر الله و”نتنياهــــــو“ والمواجهــــــة المُرتقبــــــة.. الصــــلاة فــي القــــــدس أم الترحــــــم عـــــلى لبــــــنان؟

بقلم علي الحسيني

في ظل الأجواء المشحونة والمتشنجة في المنطقة أميركياً ــ إيرانياً، والتي وصلت خلال الأيام الاخيرة إلى ذروتها تصاعدياً وسط خلافات باتت تُقرش بـ<الجملة>، دخلت المقابلة الأخيرة التي أجراها الأمين العام لــحزب الله السيد حسن نصر الله والرسائل التي وجهها إلى كل من <يعنيهم الأمر>، حيز التفاعل والحذر بين لبنان وإسرائيل بعد ان تأرجحت ردود الفعل هنا وهناك بين خطي الرفض والتأييد والإستنكار من دون ان يعني وجود تماهي في مواقف الطرفين خصوصاً في ظل تهديد رئيس الوزراء الإسرائيلي <بنيامين نتنياهو> الذي ورد فيه: <سنوجه ضربة ساحقة إلى لبنان>.

في كلام نصر الله و<نتنياهو>

خلال إطلالته الأخيرة على قناة المنار أفرد السيد نصر الله مساحة واسعة من كلامه خلال تناوله الأوضاع التي تحكم الأجواء القائمة اليوم بين حزب الله من جهة وإسرائيل من جهة اخرى. فإلى جانب الإتهامات المتبادلة بين الطرفين والتي سبقت موضوع <الأنفاق> وما تلاها من استنفارات دائمة عند الحدود بين لبنان وإسرائيل وخصوصاً تلك التي أصبحت جزءاً من حركة الجيش الإسرائيلي في الفترة الاخيرة، إضافة إلى عمليات التدعيم والتدشيم على مسافات قريبة من بعض القرى

الحدودية، يبقى الحذر من الآتي من الأيام سيد الموقف وذلك على ضوء الأحداث في المنطقة والتي دخلت حيز التهديدات المباشرة والإستعداد لما هو أسوأ لاسيما بعد أزمة احتجاز كل من ايران وبريطانيا ناقلات النفط والتهديدات المتبادلة التي أعقبتها.

تحدث نصر الله عن احتمالات الحرب في المنطقة تحديداً بين أميركا وإيران، ليدخل من هذا الباب إلى احتمال أدرجه في خانة المؤكد وهو أن <إسرائيل لن تكون بمنأى في حال اندلاع حرب وأن إيران قادرة على قصفها بشراسة وقوة>. وذهب بشكل مباشر إلى تحديد هوية الداعمين لأميركا بقوله إن <كل دولة تشارك في الحرب على إيران ستدفع الثمن. ونبه إلى أن الإماراتيين والسعوديين وكل من سيكون طرفاً في الحرب لن يكون في مأمن>. ورغم انه أكد خفض عدد قوات حزب الله

المنتشرة في سوريا بشكل كبير على خلفية تراجع وتيرة القتال هناك، إلا أن نصر الله أشار إلى أنه بالإمكان إعادة نقل هذه القوات مجدداً إلى سوريا بسهولة، وإذا دعت الحاجة لعودة كل من كان هناك سنعود>.

خرائط نصر الله والهلع الإسرائيلي

 

خلال المقابلة عرض نصر الله أمام الرأي العام المحلي والدولي، مجموعة خرائط ميدانية لأهداف إسرائيلية أكد أنها أصبحت في مرمى صواريخ حزب الله. ولعل أبرز هذه الأهداف تبرز في تلك التي كشف أنها تتعلق بمفاعل نووية يُمكن أن يؤدي استهدافها الى مقتل العديد من الإسرائيليين. واللافت أنه بعد أقل من مضي 24 ساعة على عرض نصر الله للخرائط، كشف الإعلام الإسرائيلي عن قرار للجبهة الداخلية الإسرائيلية بتحصين 20 منشأة استراتيجية في أنحاء مختلفة من إسرائيل تحسباً لتعرضها للقصف من حزب الله. وكشفت صحيفة <هآرتس> أن من بين تلك المنشآت شركة الكهرباء وشركة خطوط الغاز الطبيعي.

بالعودة إلى كلام نصر الله، فبعد حديثه عن أن <المقاومة قادرة على إعادة إسرائيل إلى العصر الحجري بتدمير هذه المنطقة التي هي تحت مرمى صواريخنا>، سارع <نتنياهو> للرد: سمعنا تبجحات نصر الله حول مخططاته الهجومية. فليكن واضحاً أنه لو تجرأ حزب الله على ارتكاب حماقة وهاجم إسرائيل، فسنسدد له وللبنان ضربة عسكرية ساحقة. يكفي التذكير بأن نصر الله حفر أنفاقاً إرهابية على مدار سنوات ونحن دمرناها خلال أيام معدودة. كما يقول المثل الشعبي: ما طار طير وارتفع إلا كما طار وقع.

 

الحرب في ميزان لبنان والخارج

 

على مستوى لبنان الرسمي، ثمة إقرار واضح بأن خطر نشوب حرب اسرائيلية على لبنان قائم في كل وقت، وذلك نتيجة لعدم الاستقرار العام في المنطقة، لكن واقع حال الرسميين هو ان الإحتمال ما زال بعيداً نوعاً ما أو كلياً خصوصاً إذا ما تمت ترجمت هذا الاحتمال مع التأكيدات التي حملها الدبلوماسيون الأميركيون خلال زيارتهم لبنان في الأشهر الماضية والتي تصب بأن لا فرضيات لأي حرب إسرائيلية على لبنان. لكن على مستوى حزب الله، فهو، كما يقول بعض قيادييه، مدرك لما تحضر له إسرائيل، ويقارب ما أعلنه أو يحضر له رئيس الأركان الاسرائيلي، بما يتناسب معه. والصحيح أن نظرية الحزب قائمة على أن إسرائيل تُحضر لحرب بصرف النظر عما إذا كانت قريبة او بعيدة، ولكن في مطلق الاحوال، فإن جهوزية المقاومة قائمة وحاضرة لكل الاحتمالات ورد أي عدوان.

أما تقديرات الخبراء العسكريين فهي تلحظ ان إسرائيل درجت منذ العام 2006 على إجراء سلسلة مناورات عسكرية وقرنتها بتهديدات متتالية تجاه حزب الله ولبنان من دون أن يؤدي ذلك الى الدخول في حرب. ولكن عندما تشعر أنها قادرة على شن حرب تؤدي الى الانتصار على <الحزب> فلن تتأخر لحظة عن شنها. ولكن حتى الآن لم يتوفر لها ذلك. وترجح التقديرات أن حديث المستوى العسكري الاسرائيلي عن حرب وانتصارات هدفه إبقاء ثقة الاسرائيليين قائمة بالجيش، وفي الوقت نفسه إرسال رسائل الى أعداء اسرائيل، بأنها قوية وتمتلك قوة الردع والتفوق. وفي الوقت نفسه، تشير بعض التحليلات الاستراتيجية الغربية، إلى ان هناك صعوبة من تمكن اسرائيل من الانتصار على حزب الله وبالتالي فإن إندلاع الحرب في ظل الموازين القائمة، سيؤدي حتماً الى <خسائر مهولة> في الجانبين اللبناني والإسرائيلي، أي حرب تشبه حرب تموز 2006 ولكن على نطاق أوسع واكبر.

 

ريفي: لبنان أكبر من أن يوضع في محور إيران

وزير العدل السابق أشرف ريفي يرى أنه لم يسبق أن جاهرت أي جهة في لبنان بتبعيتها للخارج، كما فعل نصر الله بقوله إنه في حال حصول حرب مع إيران، فإن المنطقة كلها ستشتعل. والملاحظة الأولى على كلام نصر الله انه عندما كان لبنان يتعرض للحروب والدمار، لم نسمع مسؤولاً إيرانياً واحداً يقول إنه سيُدخل إيران في حرب دعماً للبنان، بل كانت إيران دوماً تتاجر بلبنان عبر أداتها اللبنانية حزب الله، وقد دان نصر الله نفسه بنفسه. ويقول: إن كلام نصر الله يطيح الدولة وأركانها، ويؤكد أنه المرشد الذي يتحكم في قرار السلم والحرب، وهذا الأمر سيء للغاية على لبنان، في ظل الاحتدام الحاصل في المنطقة.

ويلفت ريفي إلى أن الترجمة العملية لهذا الكلام هي أن حزب الله ذراع إيران مستعد أن يضحي بلبنان من أجل إيران، وفي وقت يتهم نصر الله غيره بخرق النأي بالنفس، نرى أنه يخرق الدستور والقرارات الدولية، لاسيما القرار 1701، وينفي عن نفسه كونه مواطناً لبنانياً ملتزماً بمصلحة بلده. ويتابع: إن لبنان أكبر من أن يوضع في محور إيران، وإذا اعتقدت أن غلبة السلاح تزور الهوية والتاريخ والجغرافيا، فأنت مخطئ. ويرى أن لبنان جزء من الإجماع العربي والشرعية الدولية، وفي هذا الإطار نؤكد أهمية القمم الخليجية والإسلامية والعربية التي عُقدت في السعودية، ونقف إلى جانب العرب في مواجهة الإعتداءات الإيرانية.

 

جبور: هذا هو موقف <القوات اللبنانية>

بالنسبة إلى موقف <القوات اللبنانية> من كلام نصر الله، فقد أكد رئيس جهاز الإعلام والتواصل في حزب <القوات> شارل جبور أننا نعتبر بشكل لا يحتمل التأويل أن قرار الحرب والسلم في لبنان هو بيد الدولة اللبنانية والجيش اللبناني حصراً وبالتالي لا يحق لأي طرف ان يتفرد بأي قرار بعيداً أو بمعزل عن المكونات السياسية الأخرى. وحزب الله مكون اساسي ومشارك في الحكومة والمجلس النيابي وأي قرار من هذا النوع لا يستطيع لأي اعتبار أن يأخذه بعيداً عن أي قرار حكومي واضح. لذلك فإن موقفنا كقوات لبنانية هو ان قرار الحرب والسلم يُتخذ داخل مجلس الوزراء ولا يحق لأي طرف توريط لبنان أو اخذه الى مواجهات لا ناقة له فيها ولا جمل.

وشدد جبور على أن الحكومة اللبنانية هي الوحيدة من يُحدد الأولوية اللبنانية والمصلحة الوطنية العُليا وأي قرار خلاف ذلك يكون ضد الشعب اللبناني وضد مصلحته. والمؤكد ان لا علاقة للبنان بالمواجهة القائمة بين الولايات المتحدة الأميركية وبين إيران، فمصلحة لبنان هي بالتمسك بسياسة النأي بالنفس وتطبيق سياسة النأي بالنفس وبالتالي على حزب الله أن يلتزم بالسقف اللبناني والموقف اللبناني وموقف الحكومة اللبنانية، مشدداً على ان مواجهة يُمكن أن يخوضها لبنان، لا بد ان تكون بقيادة الجيش اللبناني ولا يُمكن أن يصار إلى استخدام لبنان أو الساحة اللبنانية كمنصة لاطلاق الصواريخ خدمة لإيران او غير ايران.

وشدد على ان القوات اللبنانية تتمسك بسياسة النأي بالنفس وبسيادة لبنان وبمرجعية الدولة اللبنانية وحدها لا غير. والمطلوب من حزب الله الإبتعاد عن سياسة المحاور فضلاً عن ان لبنان في ظل وضعه الإقتصادي الدقيق لا يحتمل أي إنتكاسة من هذا النوع يُمكن أن تؤدي إلى إنهياره التام والكامل. إذاً المطلوب من الجميع وخصوصاً من حزب الله، التزام سياسة النأي بالنفس والإقرار بأن الحرب والسلم هما قراران بيد الدولة اللبنانية والحكومة فقط.

حطيط: النووي نهاية إسرائيل

 

من جهته علق المحلل والخبير الإستراتيجي العميد المتقاعد امين حطيط على كلام نصر الله بالقول: بعد 13 عاماً على العدوان الإسرائيلي على لبنان تستمر تداعيات السقوط الإسرائيلي وانتصار المقاومة، وتستمر هذه التداعيات على أكثر من صعيد وفي أكثر من اتجاه الى الحد الذي مكن السيد حسن نصر الله من إطلاق وعد جديد مزلزل قال فيه وفقاً للمنطق والتحليل السليم <أنا سأصلي في القدس>. قال هذا علماً بأن عمره لامس الــ 59 عاماً، والسيد كما عود الجميع صديقاً كان أو عدواً لا ينطق إلا بما يراه واقعياً ممكن الحصول ولا يعد إلا بما يراه قابلاً للتنفيذ وفقاً للإمكانات المتوافرة.

أضاف: إن المتتبع لمجريات الأمور في المنطقة وفي كل ما يتصل بالصراع مع العدو الإسرائيلي وحوله يدرك وبكل موضوعية أن هناك فئتين من الحقائق تشكلتا في فترة حرب وما بعد حرب 2006. حقائق لا يتعامى عنها إلا حاقد موتور رافض للحقيقة او جاهل أعمى عاجز عن رؤية الحقيقة، وكما هو معلوم ليس لرأي أي من الطرفين وزن. اما الفئة الأولى من الحقائق تلك فهي ما نتج مباشرة عن حرب 2006 وفيها تحطمت الأركان الرئيسية للعقيدة العسكرية الإسرائيلية واختلت استراتيجيتها الهجومية اختلالاً كبيراً، حيث خرجت إسرائيل من الحرب وقد فقدت الحرية في قرار الحرب، وخسرت عنصر الحرب على أرض الخصم. وودعت الى الأبد نظرية الحرب الخاطفة وسقطت من يدها نظرية سلاح الطيران الحاسم.

وتابع حطيط: في السنوات العشر الأخيرة أي منذ بدء الحريق العربي وما جرى من قتال على أرض سورية وما تبعها من متغيرات دولية وتطورات عسكرية في جانب المقاومة ومحورها وعلى صعيد قدراتها وخبراتها فقد باتت إسرائيل في مواجهة مشهد عملاني واستراتيجي جديد لم تعرفه منذ اغتصابها لفلسطين، مشهد يقوم على ما يلي: أولاً: إن الحرب المستقبلية ستكون حرباً إقليمية شاملة لكامل المنطقة مع تعدد الجبهات ولن تستطيع إسرائيل أن تستفرد بأي من مكونات محور المقاومة لاسيما أنه سقط عنصر آخر في عقيدتها العسكرية يتمثل بنظرية القتال على جبهة واحدة وتجميد الجبهات الأخرى. ثانياً: وهن البنية الإسرائيلية أمام فعالية النار التدميرية للمقاومة. وهو ما عرضه السيد نصر الله في حديثه الأخير وحدد فيه البقعة الرئيسة التي تحتوي على الأساسيات في بنك اهداف المقاومة وكلها تقع في منطقة لا تتجاوز 1200 كلم2 وهي ما يمكن تسميته بـ<إسرائيل الحيوية> أو <قلب إسرائيل>، حيث تتجمع كل مراكز القيادة والإدارة والإنتاج والعمل في السياسة والأمن والاقتصاد والمال حتى باتت تسميتها بأنها منطقة قلب إسرائيل هي تسمية موضوعية جداً، فإذا شلت أو توقفت عن العمل ماتت إسرائيل وهو أمر باتت المقاومة قادرة على إنجازه لما تملك من أسلحة نار تدميرية فاعلة.

ثالثاً: فعالية القدرات الهجومية للقوات البرية التي باتت المقاومة تملكها ما يخيف إسرائيل. وهو ما أكد عليه السيد نصر الله بوضوح مشدداً على حجم هذه القوى والخبرات العالية التي اكتسبتها في الحرب الدفاعية التي خاضتها في سورية ما مكنها من بناء عنصر قتالي اقتحامي فاعل في البر قادر على الهجوم والاقتحام في أصعب الظروف. أضاف: نقول هذا مع أننا لا نسقط من الحساب احتمال التدخل الغربي بقيادة أميركية، وامتلاك إسرائيل للسلاح النووي، لكننا نعرف أيضاً ان الغرب يقدم السلاح والذخائر ولا يقدم الدماء لحماية إسرائيل في حرب ستكون مفتوحة وستكون فيها مصالحه في خطر، أما عن السلاح النووي فإنه في الأصل سلاح ردع لا يُستعمل، وإذا استعملته إسرائيل فسيكون الدليل القاطع على نهايتها، وأكتفي بهذه الإشارة دون تفصيل أكثر.