تفاصيل الخبر

نـصـائـــــح مــــن رحـــــم الـتـجـربـــــــة... ”مــن نصحــك أحســن اليــك“ )قــس بـن ساعـدة(

21/09/2018
نـصـائـــــح مــــن رحـــــم الـتـجـربـــــــة...  ”مــن نصحــك أحســن اليــك“ )قــس بـن ساعـدة(

نـصـائـــــح مــــن رحـــــم الـتـجـربـــــــة... ”مــن نصحــك أحســن اليــك“ )قــس بـن ساعـدة(

 

بقلم الدكتور هشام جابر

لم أكـــــن يومـــــــــــــاً واعظـــــــاً أو مبشراً, ولم أرغب ولم أرتـق الى هذه الرتبـــة، مع أنني كثيراً ما استشهد بقول أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام حيث اعتبره رائدي ومرشدي وقبلها إمامي الأكبر، والذي أعلنت الأمم المتحدة منذ عقد انه <أعدل حاكم في التاريخ>، إلا اننـــي في ما يتعلــق بعائلتـــي كثـــير النصائح الى درجة مملة.

وصلتنـــــــي منـــــــــذ أيـــــــــــام علـــــــى <whatsapp> كلمــــات <فـــــشت خلقــي> تتعلق بحفظ مسافة بينك وبين الناس، حتــى أقــــرب الأصدقــــاء. وكــنت دائمــــاً أنصــح بهــا من أحب. تقــول العبــــارة <علاقـــة البشـــر بالبشــر تشبه علاقــة السيارات بالسيــارات... إن لم تـــترك مسافـــة بينـــك وبينهــــم تكـــثر بينكم الصدمات> .

قبل تخرجنـــا مـن الكليــة الحربيــة، نص علينا قائدنا العميد الركن فرنسوا جنادري (رحمه الله) دفتراً او كتيباً بعنوان <نصائح ببلاش> منها ابتدعها خلاصة تجربـــة، وفيهـــا حكم وامثال شعبية. وكون حلاقة الذقن في الكلية كانت واجباً يومياً، دونه العقاب، فقد كنا نستعير الشفرات، لذا بدأ بنصائحه بالقـــول: حلاقــة بالفأس ولا حاجــــة الناس.

كنت دائماً أقول الالتصاق بالصديق او الحبيب يشبه الالتصاق بـ<Altico> والفصـــــــل عنـــــد الضـــرورة سيـــترك ندبات و<CICATRICE> فأترك مسافة للتهويــــة او المنـــاورة حسب الـــــتعبير العسكـــــري. انتهــــــى والشاطــــــر يفهـــــم ويــــعتبر.

علمني والدي ولم أخالف نصحيته ان لا تدين احداً ولا تتدين من أحد. أعط بما تقدر عليه.

يقول الإمام علي (عليه السلام):

الدين ذل في النهار وارق في الليل.

ويقول المثل الصيني:

المدين يقف منتصباً والدائن يجثو راكعاً.

أما الاسكتلندي فيقول: <إذا أقرضت صديقاً مبلغاً تخسر الاثنين معاً>.

وشكـــراً لحكومتنــــا التي اغرقتنــــا بالدين، لذا جثونا الآن وسننبطح غداً.

نشأت في بيت مؤمن وتعلمت ان لا أحسد أحداً <لأن الحسد يأكل الايمان كما تأكل النار الحطب> النبي محمد (صلم).

- تــعلمت ان الكـــذب ليس <ملــــح الرجال> بل ملح الفاشلين، وان حبل الكذب قصير. فالذكي لا يكذب لأن <الكذابين خاسرون دائماً اذ لا احد يصدقهم حتى ولو صدقوا>.

- لمست عبر التجربة بأن القناعة هي شيء جميل ولا تتناقض مع الطموح والسعي للأفضل.

- تعلمت ان الصحة والعافية هما رقم واحد على اللوح. أضف اليها اصفاراً هي المال والمراكز والمناصب والسلطة، فإذا زالت الصحة تبقى الأصفار، لذا ادعو ربي في صلاتي كل يـــوم أن يمنحني العفـــو، والعافيــــة، وراحة البال، ولا اطلب ارقاماً.

- خسرت أصدقاء وأحباء طواهم الردى. لا يمكن ان ابعد الحزن عن قلبي إلا بالايمــان بقضـــاء الله فالمــوت حق <ولن يؤخر نفساً إذا جاء اجلها>.

- مع كل الاحترام لرجال الدين والمراجع، ومن يتبعهم. انني انتمي الى دين لا واسطة فيه ولا وسيط بين المؤمن والخالق، وقد أعطانا الله كتاباً، واعطانا النبي حديثاً، واعطانا الامام الأكبر نهجـاً طافحـاً بالبلاغــــة، والى جانب هذا اعطينـا العقل... افــلا يكفـــي ذلك؟

- الاخلاق نعمة من الله كالأرزاق فيها غني وفيها فقير، وحين أراد الله وصف نبيه قال: <وإنك لعلى خلق عظيم> الاخلاق كلمة تختصر كتباً.

- آمنت وتعلمت بأن أتعلم كل يوم، فالعلــــــم نهـــــــر وليس لأحـــــد أن يدعــــي إنـــــه شــــــرب النهــــــر. لـــــذلك ارفــــــض توصيفي بالخبير بل بباحث مستمر بالبحث.

يقول إبن قتيبة:

<لا يزال المرء عالماً ما دام في طلب العلم، فإذا ظن إنه قد علم.... فقد بدأ جهله>.

- وأخيراً وليس أخراً، تعلمت من تجربة الإنتخابات الأخيرة بأن الوفاء لم ينعدم بين الناس، هم قلة، <ولكن الكرام قليل>، وإن كان فلا تصاب بخيبة ولا بإكتئاب.

 وقد صدق الإمام الشافعي عندما قال: <جزى الله الشدائد كل خير...   عرفت بها عدوي من صديقي>.

لا ترفع سقف التوقعات يا صديقي!