تفاصيل الخبر

نـــــوّاف الـمـوســــوي.. نـهـايــــــة رجــــــل شـجــــــــاع... و”الـبـساتـيــــــن“ تـتـحــــــول إلـــى حـقــــــل ألـغـــــــــام!

01/08/2019
نـــــوّاف الـمـوســــوي.. نـهـايــــــة رجــــــل شـجــــــــاع...  و”الـبـساتـيــــــن“ تـتـحــــــول إلـــى حـقــــــل ألـغـــــــــام!

نـــــوّاف الـمـوســــوي.. نـهـايــــــة رجــــــل شـجــــــــاع... و”الـبـساتـيــــــن“ تـتـحــــــول إلـــى حـقــــــل ألـغـــــــــام!

بقلم علي الحسيني

على عكس التوقعات الداخلية والخارجية التي صبّت خلال الفترة الأخيرة باتجاه ذهاب لبنان إلى مرحلة استقرار سياسي شبه ثابت بعيد عن المشاحنات السياسية والمذهبية، فقد تفاقمت خلال الأيام الأخيرة الأوضاع الداخلية ونحت باتجاه تصعيد خطير من الممكن أن يُنذر بسقوط الهيكل على رؤوس الجميع خصوصاً في ظل حدثين سياسيين كبيرين عادا وسلطا الضوء على هشاشة الوضع هما: موضوع <البساتين> الذي عاد الى الواجهة بعد حادثة محاولة <الإعتداء> على وزير الدولة لشؤون النازحين صالح الغريب، وموضوع استقالة النائب نوّاف الموسوي التي أثارت جدلاً واسعاً داخل المجتمع اللبناني برمته مع ما حملته الإستقالة من أسباب إنسانية، وأيضاً داخل قيادة حزب الله التي تسعى جاهدة لتطويق الأسباب والمسببات.

 

<البساتين>.. إلى الواجهة مجدداً!

 

حتّى اليوم لا يبدو أن هناك أفقاً محدوداً لاستيعاب الأمور التي تحصل على الساحة اللبنانية. فالمجلس النيابي غرق في هموم الموازنة وما ينتج عنها من صراعات سياسية وحزبية تكاد أن تُفكّك شروحات الدستور والقانون نظراً لوجهات النظر المتضاربة والتفسيرات المتناقضة، لم يعد باستطاعته لم شمل الحلفاء ولا الخصوم تحت رأي واحد أو أقله الخروج بخلاصة تحفظ ماء وجه الجميع أمام النواب أنفسهم وأيضاً أمام الشعب اللبناني. بالإضافة إلى عجز المؤسسة التشريعية، يظهر عجز مماثل داخل المؤسسة التنفيذية التي لم تجد طريقها حتى الساعة إلى الألتئام لأسباب عديدة أبرزها الشق الأمني المتعلق بحادثة قبرشمون الضائعة على خطيّ المجلس العدلي والعسكري، في وقت تضاعفت فيه هذه القضية بعد أن وصلت ذيولها إلى إشكال جديد أمام منزل الوزير الغريب وصفه الحزب <الديمقراطي اللبناني> بمحاولة اقتحام منزل الغريب على يد شخص يُدعى ريان مرعي قال انه ينتمي إلى الحزب <التقدمي الإشتراكي>، ما جعل الحرّاس المولجين بحماية الغريب يطلقون النار عليه كردّة فعل، ممّا أدى إلى إصابته في رجله.

<الاشتراكي> و في بيان توضيحي اشار الى ان المواطن ابن بلدة البساتين ريان مرعي، وبينما كان عائداً إلى منزله بشكل سلمي ومن دون أن يكون بحوزته أي قطعة سلاح، وأثناء مروره على الطريق العام بجنب منزل الوزير صالح الغريب تعرض إلى إطلاق نار من حراس منزل الوزير ما أدى إلى اصابته بجروح خطيرة أدت لنقله إلى المستشفى، مع التأكيد أن المواطن المصاب هو غير حزبي ولا ينتمي إلى صفوف الحزب التقدمي الاشتراكي. وسأل: هل أن مرور احد أبناء ضيعة

البساتين بجنب منزل الوزير صالح الغريب سيسجل في خانة الكمين أيضاً أم أنه اعتداء سافر على مواطن اعزل من قبل حرّاس منزل ذلك الوزير وهم من اللبنانيين والسوريين؟.

أمّا الجيش اللبناني فقد اوضح في بيان انه عند الساعة الثانية فجراً وفي بلدة البساتين ــ عاليه، ولدى محاولة المدعو ريان مرعي وهو بحالة السكر الظاهر، الدخول إلى باحة المبنى الذي يقطنه الوزير صالح الغريب، تدخّلت عناصر الجيش في النقطة العسكرية المولجة حماية المنزل لردعه، لكنّ الإشكال تطوّر عند تدخّل عناصر الحماية الشخصية للوزير الغريب، تلاه تدافع وإطلاق نار من أحد عناصر الوزير، ما أدّى إلى إصابة المدعو مرعي برجليه، نُقل على إثرها إلى أحد المستشفيات للمعالجة.

الزعيم <الإشتراكي> وليد جنبلاط كان له رد على حادثة <البساتين> وتفاقماتها التي وصلت إلى حد تهديد السلم الأهلي وتحديداً داخل البيئة الدرزية، بالإضافة إلى تعليق حول الموازنة العامة. فقد اعتبر بتغريدة أن <الأزمة التي نتجت عن حادثة البساتين والتي ابتدأت في الشويفات يبدو أنها لم تعد محلية وبعض من كلام جهة سياسية نافذة يشير الى ذلك. لذا فإن اجتماع بعبدا غير مفيد اذا ما اصحاب العلاقة المباشرين وليس ابواق النعيق اليومي، وضحوا لنا لماذا هذا العداء الجديد والذي كنا اطلقنا عليه تنظيم الخلاف واخيراً اين الطائف؟. وفي هذا السياق، فقد كشفت مصادر خاصة لـ<الأفكار> أن الإجتماع الذي عُقد بين رئيسي الجمهورية والحكومة منذ أيام والذي خُصّص للبحث في إيجاد مخرج لانعقاد الحكومة لم يصل الى نتائجه المرجوة خصوصاً في ظل احتدام النقاش حول المطالبة بإحالة ملف <البساتين> إلى المجلس العدلي.

وشددت المصادر على ان ما يُحكى في الإعلام أو داخل بعض المجالس حول استقالة الرئيس الحريري أو اتخاذه قراراً بالإعتكاف داخل أو خارج لبنان، يقع ضمن التحليلات الخاصة ولا يندرج ضمن الحقائق ولا الجهد الذي يقوم به الرئيس الحريري لتذليل كل هذه العقبات والألغام في دور يُشبه الى حد كبير، الدور الذي قام به خلال محاولات البعض عرقلة عملية تأليف الحكومة.

 

حزب الله يُزيح الموسوي

من الواجهة السياسية!

 

في موازاة ما يحصل على الجبهة الدرزية بين الوزير السابق وليد جنبلاط والنائب طلال إرسلان، ثمة ملف لا يقل أهمية فرض نفسه على طاولة البحث الحزبي والمؤسساتي خلال الاسبوع الفائت والمتعلق بإستقالة النائب نوّاف الموسوي من البرلمان والتي تلاها رئيس مجلس النوّاب نبيه بري وفقاً للمادة 17 من النظام الداخلي والتي اعتُبرت نهائية. وكان لافتاً أن حزب الله امتنع عن التعليق حول أسباب الإستقالة في وقت سرّبت مصادر قريبة منه، أنها جاءت بقبول منه لا بل بإصرار خصوصاً وان هناك تراكمات سياسية كان ارتكبها الموسوي خلال الفترات السابقة، وربما أخرها الإشكال العلني الذي وقع بينه وبين النائب نديم الجميل داخل المجلس النيابي والذي حمل رئيس كتلة <الوفاء للمقاومة> النائب محمد رعد لاحقاً، على الإعتذار من رئاسة المجلس وأركانه عن ما بدر من زميله في الكتلة من كلام بحق الرئيس الراحل بشير الجميل.

من خلال عملية <تعقّب> لتصريحات النائب الموسوي الأخيرة والمواقف التي كان أعلنها سواء عبر لسانه أو من خلال مقربين منه خلال فترة تجميد نشاطه الحزبي واعتكافه السياسي، يتبيّن أنه شخصيّة متحررة من كل القيود التي تجعل منه آلة مطواعة بيد أصحاب القرار، لا بل أكثر من ذلك فقد تم وضعه في قالب المتمرد الذي يرفض المساومة على المبادئ العامة والخاصة، فكيف إذا كانت أبرز هذه المبادئ تتعلق بجزء من روحه (ابنته) التي يرفض لها الخضوع للإذلال بعد أن كرّم الأسلام المرأة بشكل عام ووضعها برتبة الأم والأخت والزوجة، وهو الأمر الذي جعله يُطلق النار من مسدسه باتجاه من حاول مسّ قدسية الإبنة وحضانتها لأطفالها. من هنا كان الموسوي قد عبّر في تصريح له بأن <الأولوية في هذه المرحلة الدفاع عن عائلتي وبناتي>.

وأبرز ما عبّر عنه هو أن الحصانة النيابية التي فقدها لا تهمّه، كونه يستند فقط الى حصانة مبادئه واقتناعاته في مواقفه وخياراته، لافتاً الى أنّ ضميره مرتاح <وأشعر براحة نفسية غير مسبوقة منذ أن قُبلت استقالتي>، ومشدّداً على <انّ النيابة لم تعطني، بل أنا أعطيتها، ولم تُضف إليّ، بل أخذت مني>. وقد استغرب الموسوي محاولات البعض تسخيف الحادثة التي وقعت معه، مشيراً الى أن الأمر لم يعد يتعلق بحادثة أمنية وإنما بقضية إنسانية ــ حقوقية>.

النابلسي: استقالة الموسوي

قرار فردي!

الشيخ صادق النابلسي المقرب من حزب الله والذي يصفه كثيرون بأنه ناطق باسم <الحزب>، يتطرق في حديث لـ<الافكار> حول ما سمته بعض المصادر <ديمقراطية> الحزب التي اتاحت للنائب الموسوي التقدم باستقالته من دون احداث ضجيج سياسي واعلامي داخل تركيبته. يقول النابلسي بداية: الديمقراطية هي نسبية عند كل الأحزاب والدول خصوصاً امام المصالح المرنة وغير الثابتة إلى حد ما وهذا بالتأكيد يمكن أن ينعطف على ما قام به حزب الله تجاه موضوع الموسوي الذي رفض من خلال ما قام به تحميل الحزب أي تبعية وقرر الذهاب الى الإستقالة. هنا وجب القول إن حزب الله لا يتحمل على الإطلاق فعل الموسوي كما أن لا علاقة لهذا الأمر بالديمقراطية. النائب الموسوي شعر بظلم طاول أحد أفراد عائلته وهذا الامر جعله يتخذ موقفاً بغض النظر عن صوابية الفعل أو عدمه، لكن للتأكيد مجدداً، هو أن لا علاقة لحزب الله بالحادثة ولا هو أيضاً ضغط باتجاه الإستقالة.

ويؤكد النابلسي أن هناك هجمة على حزب الله متعددة الأطراف والأوجه. هذه الهجمة تقودها الولايات المتحدة الهدف منها إلى جانب التضييق المالي والإقتصادي، تشويه سمعة وصورة الحزب ووضعه في خانة الإرهاب. ومن جهة أخرى يستمر الجانب الأميركي برفع وتيرة الهجمات الإعلامية ضد حزب الله والتشكيك بشرعيته إلى جانب تشويه صورته ومحاولة إبعاده عن حلفائه. لذلك من الطبيعي أمام حدث مثل استقالة النائب الموسوي أن ترتفع وتيرة الحملات ضد <الحزب> وأن نرى ما نشاهده اليوم من هجوم مُبرمج يقوم به الأميركي سواء بشكل مباشر أو غير مباشر عبر حلفائه في لبنان والمنطقة.

ويكشف النابلسي أن قيادة حزب الله كانت حذّرت القياديين من حملة لتشويه صورته وصورة الحزب أمام الرأي العام الدولي والمحلي من قبيل انه إذا استلم أي قيادي في الحزب مركزاً أو موقعاً ما داخل الدولة فهذا معناه ان الدولة أصبحت مطية لهم وسيعبثون بمؤسساتها وسيُخضعونها لقراراتهم، وأيضاً سيتصرفون كما يتصرف البعض لناحية الهدر والفساد وسرقة المال العام، لذلك كان الحزب سباقاً بطروحاته التي تحفظ المال العام وتوقف الهدر والفساد، إلى جانب المطالبة بمحاسبة كل من امتدت يده أو تمتد الى خزينة الدولة. وهذه الحملة نشاهدها الآن مع ما يحصل مع النائب الموسوي إذ إن هناك محاولة مستمرة لتشويه صورة حزب الله ووصفه بأنه دولة ضمن الدولة وأنه يتحكم بمفاصلها ومؤسساتها وتحديداً مجلسي النواب والوزراء. وهم يُجندون وسائل اعلامية واعلاميين للقيام بوظيفة التشويه هذه، ويحاولون إعطاءها طابعاً حقيقياً، مع العلم أن الأمور جميعها واضحة لا لبس فيها. قرار الإستقالة شخصي اتخذه النائب الموسوي بملء إرادته.

 

الموسوي والدولة والمحاكم الشرعية!

الملاحظ أن الموسوي كان انتقد في كلامه ما وصفه بتقصير العناصر الذين يتولون حماية المخفر لبناته الذين تعرضن لتعنيف <لأنّ الزلمة طالع خلقه>، في رأيهم. وأكد في السياق أن <هناك تقصيراً لدى المحاكم الشرعية، وهذا من مظاهر الفساد التي يجب أن تُكافَح، ويوجد كذلك قصور قانوني يعكس الحاجة الى تكييف قوانين الاحوال الشخصية مع المتطلبات، حتى تكون أكثرَ قدرة على الاستجابة لحقوق المرأة المتزوجة والأرملة والمطلّقة والأم>.

 

تفجير الحكومة والمصالح المتضاربة!

ملخص الأحداث والأزمات التي تحوم حول مجلس الوزراء، تؤكد جميعها أن فرط الحكومة لا ولن يصب في مصلحة أي فريق سياسي ولا حزبي، بل على العكس فإن الإنعكاسات السلبية ستطال الجميع من دون إستثناء وخصوصاً الجهات التي تعتبر نفسها رقماً كبيراً يصعب تجاوزه سياسياً. فهذه الفئات لن تنال أولاً ثقة الناخبين الذين مهدوا لها التحكم بجزء كبير من مفاصل الدولة خصوصاً وأن الوضع الإقتصادي والمعيشي أصبح يتهدد الجميع، وأيضاً سترسم علامات استفاهم حول نفسها تتعلق بنظرة الخارج اليها، مما سيُعيق أحلام كثيرين لجهة تبوّء مراكز متقدمة في المرحلة المقبلة. من هنا، فإن المطلوب التحرك تحت سقف واحد ووحيد يُمكن من خلاله اجتياز حقل الغام <البساتين> أولاً ولاحقاً الذهاب الى تشريعات تُنصف المرأة في

لبنان وتُعيد لها جزءاً من حقوق الأمومة بعدما أفقدتها القوانين حقوق تجنيس أطفالها.

وفي انتظار ما ستؤول إليه الجولة الجديدة من اتصالات المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم، يبدو أن أمراً وحيداً بات ثابتاً هو أن الحريري يزداد إصراراً على عدم تحويل ملف <البساتين> إلى المجلس العدلي خصوصاً وأن التحقيقات لم تصل الى خواتيمها بعد وهو الذي يُمارس إلى جانب رئيس المجلس النيابي نبيه بري، أقصى درجات التمهل والتأمل في سبيل إخراج كافة الملفات العالقة لاسيما منها المصيرية من الكباش السياسي ونقلها إلى داخل مؤسسات الدولة وخصوصاً طاولة مجلس الوزراء على الرغم من التركيبة الهشّة التي تضمها. في المقابل، قد يستوجب القول إن البلد يمر اليوم في أسوأ وأصعب أوضاعه على مختلف الصعد منذ انتخاب ميشال عون رئيساً للجمهورية.

وبحسب المعلومات يجري العمل على احتواء مسألة إحالة قضية قبرشمون ــ البساتين على المجلس العدلي من خلال تسوية قديمة جديدة يعمل عليها اللواء إبراهيم، تكون بديلاً لاقتراح جنبلاط بضم حادثة الشويفات إلى حادثة البساتين ــ قبرشمون، وإحالتهما معاً على المجلس العدلي. وتقضي التسوية الجاري تسويقها، وفق جريدة <الأنباء>، بإبقاء الحادثتين في نطاقهما القضائي الراهن، وانتظار صدور القرار الاتهامي عن قاضي التحقيق لدى المحكمة العسكرية في قضية قبرشمون، فإما أن يعتبر القضية من صلاحيات المحكمة العسكرية أو أن يرفع يده عنها، معتبراً أنها من صلاحيات المجلس العدلي، عندها يكون على مجلس الوزراء أن يتخذ قرار الإحالة، على أن يستتبع ذلك أو يسبقه لقاء مصالحة.

أزمات أم انفراجات؟

يرى البعض أن التعقيد الإضافي الذي طرأ على الوضع الحكومي تمثّل بالموقف الذي أعلنه الأمين العام لـحزب الله حسن نصرالله، بدعم النائب طلال إرسلان لناحية مطلبه إحالة أحداث الجبل على المجلس العدلي، مدعوماً من الرئيس عون و<التيار الوطني الحر>. وعلى الضفّة الأخرى، سيقف الحريري مدعوماً بكل من جنبلاط ورئيس حزب <القوات اللبنانية> سمير جعجع في موقف رافض، ما يجعل الأمور على درجة عالية من التعقيد والتي يُمكن أن تصل بحسب بعض التحليلات والقراءات السياسية، إلى حد إبقاء الحال على ما هـــو عليه الأمر الذي سيتسبب بتعطيل دور المؤسسات، وبهذا سيدفع الجميع ثمن مواقفهم المتصلبة وسيدفع بالبلد إلى المجهول وسط أزمات متعددة الأوجه تُقارب حد إعلان إفلاس لبنان من كل شيء.