تفاصيل الخبر

نقيب المهندسين في بيروت جاد تابت: روحية مرسوم السلامة العامة ومبدأ إخضاع بعض المشاريع للتدقيق الفني الإلزامي مستوحيان من التجربة الفرنسية!

07/06/2018
نقيب المهندسين في بيروت جاد تابت: روحية مرسوم السلامة العامة ومبدأ إخضاع بعض المشاريع للتدقيق الفني الإلزامي مستوحيان من التجربة الفرنسية!

نقيب المهندسين في بيروت جاد تابت: روحية مرسوم السلامة العامة ومبدأ إخضاع بعض المشاريع للتدقيق الفني الإلزامي مستوحيان من التجربة الفرنسية!

بقلم طوني بشارة

عقارات 

في الوقت الذي تسعى فيه الدول المتقدمة إلى المحافظة على البيئة والسلامة العامة عن طريق استعمال السيارات غير المضرة في البيئة، او عن طريق استعمال مواد اولية بيئية، او اختراع آلات ومعدات تكون صديقة للبيئة، او لجهة زرع الشتول والأشجار على الأسطح، أو لجهة دعم استخدام الطاقة المتجددة لتكون الألواح الشمسية على سبيل المثال مكوناً أساسياً من مكونات البناء، تبرز أسئلة كثيرة تستحضر حول مقاربة واقع معايير السلامة في لبنان ومدى تطبيقها، فهل المعايير البيئية ومعايير السلامة العامة مطبقة لدى القطاع الهندسي في لبنان؟ ذاك القطاع الذي تشعب مع بداية القرن العشرين وبات يشمل بالاضافة الى البناء قطاع الهندسة الانتاجية والصناعية، علما أنه في 11/11/1997، صدرت ثلاثة مراسيم تتعلق تباعاً بالحماية من أخطار الزلازل والحريق والمصاعد، لكن مفاعيل هذه المراسيم لم تنتقل إلى حيّز التنفيذ لأسباب إدارية وفنية وتنظيمية، وفي 11/3/2005 صدر المرسوم رقم 14293 الذي طوّر بشكل جذري أصول تطبيق السلامة العامة في الأبنية والمنشآت وجعل هذا الأمر صالحاً للتنفيذ، ثم جرى تعديل المرسوم رقم 14293 (بموجب المرسوم رقم 7964 تاريخ 07/04/2012) حيث أصبح التدقيق الفني إلزامياً ابتداءً من 6/12/2012 للمرحلة الأولى، ثم تباعاً من 6/12/2014 و6/12/2016 للمرحلة الثانية وللمرحلة الثالثة وفق الجدول الخاص في تصنيف الأبنية والمنشآت، مع التأكيد أن إلزامية تطبيق المواصفات دائمة ومستمرة منذ 11/3/2005.

اسئلة عديدة للاجابة عنها التقت <الافكار> نقيب المهندسين في بيروت جاد تابت الذي اكد بأن النقابة في بيروت تركز على تطبيق مرسوم السلامة العامة المعدل والذي يركز في لبنان على تأمين السلامة العامة في الأبنية والمنشآت بالحماية من مخاطر الزلازل والحريق والمصاعد، والسعي إلى تطبيق المواصفات الفنية المعترف بها عالمياً ومن ذوي أهل المهنة والقطاع، وتعمل النقابة على مدار السنة لإبراز كل التفاعلات المتعلقة بتطبيق مرسوم السلامة العامة عبر إجراء الإتصالات اللازمة مع المسؤولين في الدولة واستضافة الندوات المتخصصة التي من شأنها أن ترفع التوصيات التي يمكن أن تساهم في حفظ سلامة الأبنية وتساعد على وضع دراسات خاصة للأبنية التي نشأت خلال فترة الحرب الأهلية.

 

تابت ومكاتب التدقيق!

 

وتابع رئيس اتحاد المهندسين اللبنانيين النقيب المعمار جاد تابت:

- بعد سلسلة من الاجتماعات امتدت ما يقارب الستة أشهر، تمكنّا من تحديد مجموعة من القضايا الرئيسية التي تتعلق بفئات المباني المختلفة التي حددها مرسوم السلامة العامة، وقد سمحت هذه الاجتماعات بتوضيح بعض النقاط الواردة في المرسوم والتي كانت تفسّر أحياناً بنوع من التشدد، منها على سبيل المثال الهنغارات المخصصة للمحاصيل الزراعية وكيفية احتساب مساحات الأبنية الخاضعة للتدقيق الفني التي تحتوي على نشاطات مختلفة، لافتاً إلى أنه تم الاتفاق مع مكاتب التدقيق الفني على تحديد نظام جديد لاحتساب <الكوتا> لا يرتكز على العدد الإجمالي للمهندسين في المكتب فحسب بل يعتمد نظام <بندل Bundle> الذي يصنف مهندسي التدقيق حسب سنوات خبرتهم في هذا المجال، ونأمل أن يساعد ذلك في رفع بعض التحفظات التي وردتنا من زملاء يشكون من أن بعض مهندسي التدقيق الذين يتعاملون معهم يفتقدون الخبرة المطلوبة للقيام بعملهم على أتم وجه.

وأشار تابت إلى أن هذه المبادرات التي تم إقرارها نتيجة الحوار والنقاش مع مكاتب التدقيق الفني تشكل خطوات لا بأس بها من أجل تأمين آلية أفضل لتطبيق ما جاء في مرسوم السلامة العامة، لكن هذا لا يكفي، إذ علينا الآن فتح ورشة جديدة من أجل إعادة دراسة مرسوم السلامة العامة على ضوء التجربة الماضية بغية جعله أكثر ملاءمة مع واقع الممارسة الهندسية في بلادنا.

وأوضح تابت أن روحية مرسوم السلامة العامة ومبدأ إخضاع بعض المشاريع للتدقيق الفني الإلزامي مستوحيان من التجربة الفرنسية، وإذ أراد المشرّع تحويل بعض جوانب نظام السلامة العامة المتبع في فرنسا لجعله يتكيف مع الواقع اللبناني، وهذا بنظرنا أمر ضروري، إلا أنه أسقط في الوقت نفسه بعض المبادئ الأساسية التي من المفيد العودة إليها، ومن هذه المبادئ مثلاً تصنيف الأبنية حسب ثلاث فئات: المباني السكنية والمباني التي تستقبل الجمهور ومبان أخرى مخصصة لنشاطات لا تستقبل الجمهور كمباني المكاتب وغيرها.

ــ ولكن هل يطبق القانون الفرنسي في لبنان؟

- أن النظام الفرنسي يعتمد أنظمة مختلفة لمكافحة الحريق في كل فئة من هذه الفئات الثلاث مما يسمح بالتمييز بين الأبنية التي ينبغي التشدد في فرض أنظمة صارمة للوقاية من الحريق عند دراستها مثل الأبراج والابنية التي تستقبل إعداداً كبيرة من الجمهور من جهة، ومن جهة أخرى الأبنية التي يمكن الاكتفاء فيها باعتماد بعض التدابير البسيطة كالأبنية السكنية التي لا يتعدى ارتفاعها الطوابق الثلاثة أو الأبنية البسيطة التي لا تستقبل الجمهور، لذا يمكن اعتماد النظام الفرنسي بالنسبة للمصاعد حيث يفرض على شركات المصاعد نفسها تأمين شهادة مطابقة من مكتب تدقيق معتمد بدلاً من أن يرتبط ذلك بعملية الترخيص مما يدخل تعقيدات إضافية، على المهندس المسؤول أن يتحملها.

وتابع تابت:

- من جهة أخرى، يرتبط نظام التدقيق الفني في فرنسا بنظام آخر هو التأمين العشري الإلزامي للأبنية، وإذ لم يشأ المشرع إقرار نظام التأمين العشري في لبنان، جاء اعتماد نظام التدقيق الفني الإلزامي مجتزأ، فأصبح المهندس المسؤول يتحمل القسط الأكبر من المسؤولية دون أن يؤمن له التدقيق الفني تغطية إضافية فعلية، لذا لا بد لنا من حل مشكلة ازدواجية أنظمة الوقاية من الحريق المعتمدة اليوم في لبنان (النظام الفرنسي والنظام الانكلوسكسوني) وذلك من خلال العمل مع <مؤسسة ليبنور> لاستصدار نظام لبناني للوقاية من الحريق يتلاءم مع أساليب البناء ونوعية المواد المستعملة عندنا، وليعتمد هذا النظام الوطني كأساس لتصميم كافة المشاريع.

1 

السيارات الكهربائية من ضمن الحلول!

ــ هذا بالنسبة لسلامة البناء ولكن لاحظنا اهتمام النقابة باختراع السيارات على الكهرباء فما سبب هذا الاهتمام؟

- بلدنا يعاني يوميا من ازدحام سير وصعوبة المعالجة البيئية، بالإضافة إلى المسببات الأخرى لتلوّث الهواء والتي تزيد حجم فاتورته الصحية كل سنة، كما وأنّ عدد السيارات الهائل في شوارع العاصمة والمدن الرئيسية <سيارة لكلّ شخص ونصف> يستدعي منا اطلاق صفارات الانذار نحو وضع الحلول الناجعة لمشكلة أصبحت تهدد بكارثة بيئية، وهنا لا بد من التأكيد بأن جميع الدراسات الصادرة عن مراكز صحية وبيئية أكدت أن نوعية الهواء في لبنان تستدعي حالة طوارىء، فنسبة التلوث في المدن ترتفع إلى ذروتها خلال أكثر من 100 يوم في السنة، بل إنها تمتد إلى الهضبات القريبة على ارتفاع ما بين 700 و900 متر فوق سطح البحر.

وأضاف تابت:

- في معلومات مراكز الابحاث الدولية ان حصة الطلب على الطاقة لأغراض النقل تبلغ حوالى 20 بالمئة من استهلاك الطاقة على مستوى العالم، وتُعد عمليات النقل مسؤولة عن انبعاث 23 بالمئة من الغازات الدفيئة جراء استهلاك الطاقة على مستوى العالم، ويشمل قطاع النقل كل أنواع المركبات التي تسير في الشوارع (مثل الشاحنات، والحافلات، والسيارات، ووسائل النقل)، مما يعني ان زحمة السير الهائلة التي تشهدها الطرقات اللبنانية خصوصا الرئيسية منها، تؤدي إلى تلوث كبير مهما كان نوع المحرك ونوع المحروقات المستخدمة، لأن اشتغال المحرك خلال الوقوف يؤدي إلى تلوث أكبر بست مرات منه خلال السير.

وتابع تابت قائلا:

- من هنا برز موضوع السيارات الكهربائية من ضمن الحلول لمسألة التلوث البيئي التي نوليها اهتماما خاصا في نقابة المهندسين في اتحاد المهندسين اللبنانيين والتي اثرناها في المنتديات الهندسية العربية والدولية أكثر من مرة بحيث عقدنا اكثر من ندوة ومؤتمر ولقاء متخصص بهذا المجال سعيا لتقديم المقترحات والتوصيات اللازمة لمعالجة هذه المعضلة التي تؤثر تأثيرا مباشرا على حياة الانسان في لبنان، وتشكل السيارات الكهربائية نقلة نوعية في عملية المعالجات البيئية في العالم بحيث ان العديد من الشركات رصدت ميزانيات ضخمة لتطوير القدرة الاستيعابية للبطارية وتسريع عملية الشحن، للانطلاق في انتشار هذه السيارات عالميا.

وعن الواقع الحالي لهذه السيارات قال تابت:

- في لبنان لا يزال واقع هذه السيارات محدوداً جدا وتسعى الشركات المستوردة الى العمل على البدء بدراسة الجدوى الاقتصادية والبيئية لها، وها نحن نشجع على استعمال مثل هذه السيارات بعد وضع التدابير والتشريعات اللازمة لها، ويأتي مدخل ذلك في اقرار البرلمان اللبناني القانون 341 لسنة 2001 والتعديلات عليه في عام 2004، والذي يفرض التخفيف من تلوث الهواء الناتج عن قطاع النقل، والاتجاه إلى السيارات الأقل تلويثا، وهنا لا بد من التذكير بالمبادرة التي أطلقتها وزارة البيئة منذ سنوات من خلال <الشبكة الوطنية لرصد نوعية الهواء> بمساعدة الأمم المتحدة عبر انشاء محطات في بيروت وزحلة وصيدا وبعلبك للرصد، ناهيك عن اطلاق الاستراتيجية الوطنية لنوعية الهواء منذ عام 2015، ومن ضمنها أهداف قريبة الأمد لعام 2020، وأهداف بعيدة الأمد لعام 2030، مع لحظ التعامل مع أيّ مؤشرات بشكل مباشر، ونأمل أن تسمح هذه المبادرة بوضع حلول عملية لمشكلة أصبحت تنذر بكارثة بيئية حقيقية تهدد كافة المناطق اللبنانية.