تفاصيل الخبر

نقيب المحامين الجديد ملحم خلف بكل شفافية: لا دولة من دون سلطة قضائية مستقلة ومن دون العدالة تسقط الأوطان!

03/01/2020
نقيب المحامين الجديد ملحم خلف بكل شفافية: لا دولة من دون سلطة قضائية مستقلة ومن دون العدالة تسقط الأوطان!

نقيب المحامين الجديد ملحم خلف بكل شفافية: لا دولة من دون سلطة قضائية مستقلة ومن دون العدالة تسقط الأوطان!

 

بقلم حسين حمية

شهدت نقابة المحامين في بيروت مع انتخاب النقيب ملحم خلف في الشهر الماضي حركة غير اعتيادية ونشاطاً ملحوظاً ومواكبة للقضايا المطروحة بدءاً من متابعة الموقوفين في التظاهرات الشعبية مروراً بزيارة وفد ضخم من المحامين للسجون ما يؤشر ان النقابة الجديدة ليست تقليدية وستقوم بورشة عمل واعدة وستنفض غبار الاهمال والتقاعس واللامبالاة وستكون الحصن الحصين للحريات وحقوق الانسان. فماذا يقول النقيب الجديد بهذا الخصوص؟

<الأفكار> إلتقت النقيب محلم خلف داخل مكتبه في بيت المحامي الملاصق لقصر العدل وحاورته على هذا الخط وكل ما يتعلق بشؤون المهنة وبالعدالة لاسيما وان لا دولة من دون عدالة ولا عدالة من دون سلطة قضائية ولا سلطة قضائية فاعلة بدون أن تكون مستقلة. وسألته بداية:

ــ ما إن انتخبت نقيباً في الشهر الماضي حتى أطلق عليك لقب <نقيب الثورة> التي انطلقت في 17 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. فماذا تقول عن ذلك؟

- أنا نقيب الوطن، وأطلق المحامون خلال الانتخابات صرخة أمل للناس.

ــ هل تصل الى المعنيين؟

- الناس أصبحوا يعرفون اليوم أين موقع نقابة المحامين وكيف أنها حصن لحقوق الانسان وللحريات العامة وأنها الموقع المتقدم لحماية كل مسحوق وكل مظلوم. فهي الموقع المتقدم أيضاً في حسن تطبيق القانون.

التوقيفات والمادة 47 من قانون العقوبات!

 

ــ منذ انتخابك بادرت للقيام بجولة على النظارات والمخافر لمتابعة احوال الموقوفين في الاعتصامات والتظاهرات الشعبية. فهل هذه مبادرة من صلب عمل النقابة أم التزام بالناس الذين هللوا لانتخابك والعمل للإفراج عنهم؟

- هذا صحيح، لكن ليس للإفراج أو إخلاء سبيلهم كما يظهر فقط للخارج، فالأمر يختلف كلياً، فنحن في النقابة مؤتمنون على حسن تطبيق القانون، ومؤتمنون على تحديد كيفية تطبيق القانون، وهناك المادة 47 من أصول المحاكمات الجزائية تعطي كل شخص حقوقاً عند التوقيف الاحتياطي وأول حق أن يتصل بشخص سواء كان من أفراد عائلته أو محاميه، لا بل أكثر يمكن له أن يوكل مباشرة المحامي من دون وكالة عند كاتب العدل من خلال المحضر، في وقت كانوا يمنعون المحامي أن يدخل الى هذه المخافر ويمنعونه أن يدون وكالته عن الموقوف. وأنا عندما جلت على المخافر والنظارات أكدت على ثلاثة أمور: الأمر الأول هو وجوب تطبيق المادة 47 من أصول المحاكمات الجزائية وأولى تبعاتها ان يتم احترام المحامي بحيث لا يمكن لأحد أن يملي أوامره على المحامي ويقول له ان يقف هنا أو هناك. والأمر الثاني هو اننا نحن لسنا في دولة بوليسية كي لا ألتقي كمحام بالموقوف الذي يخضع لحجز الحرية لكن مع هذا الحجز لا بد لنا من معرفة اسمه ووصفه ومكان وجوده كي يرتاح أهله والناس، والأمر الثالث وهو الأساس هو ان نواكب الموقوف بالاجراءات القانونية، وهذه المسألة بشكل أو بآخر حق من حقوقه، علماً بأن المادة 47 كانت منسية ولا تطبق ومن خلال التركيز عليها، ولذلك تواصلت مع المدعي العام التمييزي (القاضي غسان عويدات) الذي كان متعاوناً بشكل لافت وهو بشخصه الكريم أكد في تعميم الى كل المخافر والوحدات وجوب تطبيق المادة 47 التي تفرض أن يكون هناك استقبال للمحامي ليلتقي مع الموقوف أو المحتجز، فهذه أمور وضعت على السكة وبدأنا العمل بها خلال شهر واحد حتى ان وزيرة الداخلية السيدة ريا الحسن أصدرت تعميماً في هذا الموضوع إضافة الى المدعي العام التمييزي ونقابة المحامين أكدت على هذا الموضوع، وكذلك ضمن هذا السياق أصبح لدينا انتباه وتنبيه بأن كل شخص يحتجز لديه الحق بأن يجتمع بمحاميه وأن نعلم أين يحتجز وأن نفيد بواقعه وأن نتابع أموره وبالتالي ضمن هذا السياق ركزنا على الأمور وهذا أساس جولتي وليست مجرد زيارة.

وعاد ليقول:

- ليس هذا فحسب بل تحركت عندما تم توقيف أربعة شباب في جونية كتوقيف احترازي، لكن ما حصل ان المسؤولين الأمنيين قالوا لهم بأنهم لن يخرجوا إلا في الساعة العاشرة ليلاً، وهذا معناه مخالفة قاعدة قانونية مهمة وهي التي تقول ان التوقيف الاحترازي ليس بعقوبة وبالتالي لا يمكن تمديد التوقيف الاحترازي بل تتم الاجراءات ويتخذ قرار إما بالتوقيف وإما بالترك لكن لا يمكن أن تفرض عليهم عقوبة وتحجز حريتهم 4 ساعات زيادة. ونحن في هذا الإطار تحركنا وكان هناك موقف لافت وجدي للقاضي عويدات الذي اتخذ القرار اللازم.

ــ ما الذي استجد حتى بدأ تطبيق القانون وعدم تجاوزه وهل هي هيبة النقابة الجديدة التي تتحرك على الفور؟

- صحيح، فلا بد من الإضاءة على الموضوع. وضمن هذا السياق دورنا كنقابة محامين أن نسلط الضوء على حقوق الناس لأننا مؤتمنون عليها.

 

حصيلة الجولة على السجون والانطباعات!

ــ زيارة السجون كانت خطوتكم الثانية. فهل هي للمعاينة والمتابعة لاسيما وأن السجون تشكو الاكتظاظ وبطء المحاكمات ووجود أبرياء دون وجه حق؟

- من ضمن رسالة المحاماة وهي قبل كل شيء رسالة قيمية، ولأننا مؤتمنون على حقوق الناس لاسيما الأضعف في المجتمع وهم اليوم في السجون. ولذلك كانت هذه الفكرة وهي سهلة تتمثل في كيف يمكن لنا أن نسلط الضوء على واقع السجناء؟! فنحن من زاوية النقابة نرى ان الهم الأول هو أن نؤمن محامياً لكل شخص موقوف وبالتالي تأمين حق الدفاع مرتبط بالمحامي، ولذلك جلنا على 24 سجناً في لبنان، وهذه السجون تضم 7 آلاف سجين ولكي نستطيع القيام بهذه العملية لا بد من التزام، وجاء الالتزام من أكثر من 726 زميلا ًوزميلة قالوا إنهم مستعدون على الأقل لمعرفة إن كان لأي سجين محام، وهذا يعني الكثير في أن يأتي منذ السادسة صباحاً 726 شاباً وصبية من المحامين وهم على أهبة الاستعداد بعد 10 أيام من التنظيم للدخول الى 24 سجناً للقيام بهذا المسح.

وأضاف:

- هذا ما يخص بالمحامين، لكن الأمر الآخر هو ان بعض السجناء قضوا عقوبتهم لكن تبقى الغرامات ونحن قلنا إن هذه الغرامات يمكن دفعها من خلال المحامين الذين يساهمون في تسديد هذه الغرامات. ونحن لدينا أولويات ونضع اليوم معايير وأولها الاحداث المخالفين للقانون وهم تحت سن الـ18، ومن ثم النساء، وكذلك الأجانب الذين لا يتفقدهم أحد وهم الأكثر تهميشاً، ومن بعد ذلك لدينا الجنح من ثم المحكومون بالجنايات. فهذا هو الموضوع وسندخل ضمن هذه المنظومة وفقاً لهذه المعايير. وبالتالي من الأهداف الثلاثة تتلخص في تكليف محام وتسديد بعض الغرامات ومتابعة الاجراءات القضائية لكل موقوف لأن الإبطاء بالمحاكمات كأنه إعاقة للعدالة، وبالتالي نحن نحاول ضمن هذا التواصل الاهتمام بكيفية متابعة الملفات مع القضاء بحيث سنكون كنقابة صلة وصل بين وزارة الداخلية والسجناء وبين وزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى وضمن هذا السياق، هذا ما يمكن لنا أن نساعد فيه وهذه هي مهامنا.

ــ ماذا عن أوضاع السجون وماذا وجدتم فيها؟

- هناك معاناة غير مقبولة وغير موصوفة، وهذه المعاناة لا تتعلق بالسجين فقط بل تبين لنا ان المعاناة تطاول قوى الأمن الداخلي الذين يتحملون المسؤولية لأن الكم الهائل من المسؤوليات الملقاة على هؤلاء الناس غير طبيعي ضمن إطار مبان بحالة مزرية من دون صيانة. فكل هذا الأمر يرهق حتى الأشخاص المسؤولين عن هذه الأبنية بسبب إدخال أعداد الى هذه المساحات تفوق استيعابها الأساسي نظراً لوجود اكتظاظ غير مسبوق وهذا بحد ذاته حالة لاانسانية.

ــ يعني أماكن إعادة انتاج الجريمة وليس للتأهيل؟

- هذا ما تقوله أنت لكن ما أقوله أنا اننا أمام واقع مرير يمكن أن نصفه باللاانساني.

ــ وضعتم تقريراً بهذا الخصوص وتواصلتهم مع وزارة الداخلية. فما الخطوة التالية وكيف يمكن الوصول الى حل؟

- سنقوم بإنجاز تقارير وسنرسلها الى وزارتي الداخلية والعدل وسنتواصل مع كل المعنيين وسنعمل لإنجاز خطة وطنية ستتكفل بمتابعة هذا الجهد الذي لا تستطيع قوى الأمن الداخلي القيام به لوحدها من دون استنهاض همم المجتمع ككل.

ــ بعض أهالي شهداء الجيش انتقدوا زيارتكم للشيخ الموقوف أحمد الأسير للاطمئنان على صحته. فما تقول هنا؟

- أعتذر عن الإجابة لأننا تخطينا هذا الأمر وأنا زرت كل الناس ولا يمكن أن نختصر مشروعاً وطنياً من خلال 726 محامياً و24 سجناً ضمن مبادرة وطنية وزيارة 7 آلاف سجين أن تختصر بزيارة لشخص ولا بد من أن نتخطى هذا الأمر.

الفساد ومحاربته!

 

ــ ماذا تخطط النقابة للمستقبل؟

- لدينا الكثير في الداخل والخارج وعلى عدة مستويات، والهم الأول لدينا هو كيفية أن يكون القضاء سلطة قضائية مستقلة فاعلة مُحاسِبة ومُحاسَبة وهذا يجب أن يكون حجر الزاوية لوطننا لأنه من دون عدالة تسقط الأوطان، ولا بد من تشريع ضمن هذا الإطار حتى يسمح بقيام السلطة القضائية، وما نحكي عنه هنا قانون استقلاليته الموجود في مجلس النواب الذي لا بد أن يتابع ويصدر ونقوم بكل الجهد اللازم لإتمام هذا التشريع، وهذا أمر لا يمكن التغاضي عنه.

ــ يقال إن القضاء يتمتع بثلاثة أعمدة نزيهة وكفوءة ويراهن كثيرون عليها وهي رئيس مجلس القضاء سهيل عبود ومدعي عام التمييز غسان عويدات ونقيب المحامين ملحم خلف لتنقية الذات واحقاق الحق. فماذا تقول هنا؟

- تنقية الذات أمر مطلوب لكن دون تشهير، فالقضاة بشر ويمكن أن يكونوا ضعفاء أحياناً، ولكن إذا سقط عضو ليس من الضروري أن نشهر به لأن الجسم لا بد أن يبقى في ثباته لكي يؤدي رسالته. وهذا الموضوع يجب الانتباه إليه لأنه استثناء وليس قاعدة، وهذا الاستثناء لا يجب أن نشوهه في أي وقت من الأوقات.

ــ ألا تعتبر ان فساد القضاء جزء من فساد المجتمع ككل ووليد الثقافة التي باتت تعشش فيه على كل الصعد؟

- صحيح الفساد بنيوي ولا بد من مكافحته ويمكن لنا ذلك.

ــ هل يمكن في ظل نظامنا الطائفي والحمايات السياسية؟

- أنا لدي مقاربة مختلفة وأقول بداية ان مكافحة الفساد تبدأ من إنشاء سلطة قضائية مستقلة فاعلة ونزيهة، وإذا لم تكن هذه السلطة موجودة عبثاً نحاول مكافحة الفساد، فهذا أمر أساسي وضروري، والفساد هو مشكلة أساسية لأنه تم تعطيل دور مجلس النواب، وبالتالي الرقابة السياسية للحكومة تعطلت ووضع يد السياسيين على القضاة عطل الرقابة القضائية، وبالتالي فالحكومة تعمل من دون رقابة سياسية ومن دون رقابة قضائية، وهي قالت إنها تريد أن تحكم معاً لكن لا بد أن يكون الطرفان متجانسين، ولم تأت الحكومة متجانسة كفريق عمل واحد متكامل ومتكافل إنما بصورة مختلفة ضمن قاعدة التعطيل وتبادل الفيتوات، وبالتالي تم تعطيل كل شيء انما رغم ذلك تم تمرير المشاريع بالمحاصصة وتقاسم النفوذ والاتيان بمتعهدين هم الذين أقاموا منظومة الفساد البنيوي لأن العمولة تتوزع على كثيرين ما أسقط الرقابة السياسية والقضائية وصارت هناك من أعلى الى أدنى هيكلية مكبلة بالفساد.

ــ ألا تعتقد ان الفاسدين بعد 17 تشرين الأول (أكتوبر) تراجع دورهم والمحاسبة ستبدأ؟

- لا أعتقد ذلك لكنهم لن يجرؤا على الاستمرار بفسادهم بكل قباحة ووقاحة، لكن المهم في هذا الموضوع أن نرمي الحجر لكن الأهم أن يكون لدينا قضاء مستقل وأن نؤشر على الفاسدين، وهذا دور نقابة المحامين بحيث سنلتزم وسنمتنع عن تسديد أي مبلغ لتسهيل أو دفع غير متوجب أو غير قانوني تسهيلاً لإتمام أي معاملة، وإذا حصلت إعاقة لأي ملف سنعلن عن رقم ساخن ليتم الاتصال بنا وستقوم النقابة بمراجعة هذا الأمر مساهمة منها في مكافحة الفساد.