تفاصيل الخبر

نقص المستلزمات الطبية في المستشفيات الخاصة في لبنان يهدد حياة المرضى وسلامتهم...

29/11/2019
نقص المستلزمات الطبية في المستشفيات الخاصة  في لبنان يهدد حياة المرضى وسلامتهم...

نقص المستلزمات الطبية في المستشفيات الخاصة في لبنان يهدد حياة المرضى وسلامتهم...

 

بقلم  وردية بطرس

نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون:

حذّرنا من كارثة صحية لأن المستشفيات غير قادرة على تسديد مستحقات مستوردي الأدوية والمستلزمات الطبية!

القطاع الاستشفائي في وضع خطير لا بل كارثي، اذ انه حتى أيام الحروب لم يواجه هذا القطاع ما سيواجهه في الأيام المقبلة، اذ قد نجد المرضى يموتون في المستشفيات بسبب النقص مثلاً في الفلاتر المستخدمة لغسل الكلى أو أدوية البنج او الرسورات لتوسيع شرايين القلب لأنه لم يعد بمقدور المستشفيات تقديم العلاجات للمرضى، فالمخزون الحالي يكفي لمدة لا تتجاوز الشهر الواحد، هذا ما يؤكده نقيب أصحاب المستشفيات في لبنان المهندس سليمان هارون الذي حذّر من اننا مقبلون على كارثة صحية كبيرة اذا لم يتم تدارك الوضع فوراً. ولقد حذّر النقيب من ان المستشفيات غير قادرة على تسديد مستحقات مستوردي الأدوية والمستلزمات الطبية وهؤلاء بدورهم أصبحوا غير قادرين على استيراد هذه المواد بسبب نقص السيولة من جراء تأخر المؤسسات الضامنة في تسديد المستحقات المتوجبة منذ سنة 2011 والتي تجاوزت قيمتها 2000 مليار ليرة لبنانية وعلى ازدياد يومي.

وكانت المستشفيات الخاصة قد نفذّت اضرابها التحذيري في 15 تشرين الثاني (نوفمبر) حيث توقفت خلاله عن استقبال المرضى باستثناء مرضى غسيل الكلى والسرطان، وذلك بعد وصول المستشفيات الى مرحلة لم تعد قادرة فيها على دفع مستحقات مستوردي المعدات والمستلزمات الطبية، ما يعرّض مخزونها للنقصان، والذي بدوره يحرم المرضى من تلقي بعض العلاجات المرتبطة حصراً بمعدات ومستلزمات معينة وليس فقط بالأدوية. وهذا النقص يهدد المستوردين أيضاً حين يشير تجمع مستوردي المعدات والمستلزمات الطبية الى ان مخزون المعدات الموجودة لديه يتراجع، بفعل عجزه عن تأمين الدولار الكافي لشراء مستلزمات جديدة... والاضراب التحذيري الذي نفذته المستشفيات الخاصة ليوم واحد تحت شعار <صرنا على آخر نفس> تم بناءً على دعوة نقابة أصحاب المستشفيات الخاصة ونقابة الأطباء، احتجاجاً على الأوضاع الاقتصادية المتردية التي أدت الى نقص في الأدوية والمستلزمات الطبية وأدوية السرطان وغسيل الكلى، وقد توقفت المستشفيات ليوم واحد عن استقبال المرضى باستثناء الحالات الطارئة ومرضى غسيل الكلى والعلاج الكيميائي.

النقيب سليمان هارون يدق ناقوس الخطر!

 

وكان نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون قد أكد ان الوقفة هي لدق ناقوس الخطر لأن المستشفيات تعاني من عجز مالي ولا يمكنها ان تدفع للمستوردين فواتيرهم لأن الدولة لا تسدد مستحقات المستشفيات التي قد لا تستطيع تلبية كل حاجات المرضى بسبب النقص في المستلزمات الطبية والأدوية وخصوصاً أدوية السرطان وغسيل الكلى، وان بعض المستلزمات بدأت تنفد تباعاً وقد لا يكفي بعضها الآخر لأكثر من شهر ونصف الشهر. كما كشف النقيب ان المبالغ المستحقة بدأت تتراكم منذ العام 2011 لغاية اليوم وتجاوزت الألفي مليار ليرة لبنانية وهو رقم خيالي، معتبراً ان المسؤولية تقع على الحكومة مجتمعة والتي يجب ان ترفع الاعتمادات اللازمة للقطاع الصحي، مطالباً بوضع جدولة لتسديد مستحقات المستشفيات لتتمكن من متابعة عملها بشكل طبيعي وتأمين حاجيات المرضى، كما قال: لقد حذّرنا من اننا سنصل الى مرحلة حيث لن تتمكن المستشفيات من استقبال المرضى بسبب نقص السيولة ونناشد المسؤولين على مختلف المستويات العمل فوراً على السداد الفوري للمستحقات المتوجبة للمستشفيات والأطباء في ذمة وزارة الصحة والأجهزة الأمنية والعسكرية حتى نهاية العام 2018 كخطوة أولى، والطلب من المصارف تسهيل عمليات تحويل الأموال بالدولار الأميركي لمستوردي المستلزمات والأدوات الطبية وتجارها لتمكنهم من توفير حاجة المستشفيات من هذه المستلزمات، والا فان المستشفيات أمام الحائط المسدود الذي وصلت اليه ستقوم بتحرك ليوم واحد تحذيري بتاريخ 15 تشرين الثاني (نوفمبر) بالتوقف عن استقبال المرضى باستثناء الحالات الطارئة ومرضى غسيل الكلى والعلاج الكيميائي. وانني على يقين ان المستشفيات وخصوصاً في هذه الظروف الصعبة ستولي اهتماماً خاصاً بالمرضى المحتاجين الذين لا يتمتعون بأي تغطية صحية وتوفر لهم العناية اللازمة في كل الأحوال.

<الأفكار> التقت النقيب سليمان هارون وكان لنا حديث عن القطاع الاستشفائي في لبنان المهدد بالانهيار ونسأله:

ــ نحن امام كارثة صحية كما حذّرت مسبقاً، فلما وصلت الأمور الى هذا الوضع المزري الذي بات يهدد صحة المرضى وسلامتهم؟

- هناك شقان: الشق الأول: المستشفيات لا تقبض مستحقاتها وبالتالي لا تدفع للموردين لكي يستوردوا من الخارج. الشق الثاني والذي طرأ حالياً هو انه حتى لو دفعنا لهم لا يقدرون ان يحوّلوا الى الخارج لكي يستوردوا لأن التدبير الذي اتخذوه بالنسبة للدواء والبترول والطحين لم يـشملوا فيه المواد الطبيعية، مع العلم ان المواد الطبية في المستشفيات لا تقل أهمية عن الدواء لا بل هي أخطر لأن نقصها يتسبب بالموت المفاجىء، مثلاً اذا تحدثنا عن الرسورات لشرايين القلب، فاذا كان الشخص يتعرض لجرحة قلبية ولم يُوضع له الرسور فسيفارق الحياة فوراً، كما هناك مواد تُستخدم في غرف العمليات تنقص أيضاً ومنها ما يُستخدم في عمليات العظام مثل البراغي، وهناك أدوية البنج أيضاً، وحتى الخيطان التي تُستخدم في غرف العمليات، و<الفلاتر> المستخدمة لغسل الكلى، فكل هذه المواد تنقص في المستشفيات.

ويتابع:

- تجدر الاشارة الى اننا نستورد هذه المواد تقريباً مئة بالمئة من الخارج، اي ليس هناك صناعة محلية لها، وبالتالي نحن محكومون بأن نستوردها من الخارج، والكثير منها نستورده من أوروبا وايضاً من الصين وأميركا، واذا اراد أحدهم ان يستورد من الخارج فان الأمر سيتطلب وقتاً من شهرين الى ثلاثة أشهر لتصل البضاعة الى لبنان، بينما المخزون الحالي المتبقي لا يكفي لمدة شهر، اي عندما ينتهي شهر تشرين الثاني (نوفمبر)، فحتى لو تم تدبير الأمر الآن ستكون هناك أزمة كبيرة، ولهذا دققنا ناقوس الخطر، ولكن يبدو ان لا أحد يسمع، لا بل لم يظهروا اهتماماً بالرغم من التحذير من وقع كارثة صحية.

 

الأزمة تطاول المستشفيات ومدة تخزين المواد الطبية!

 

ــ هل من مدة محددة يتم فيها تخزين المواد الطبية في المستشفيات؟

- اجمالاً التخزين يكون لحوالى ثلاثة اشهر وليس أكثر من ذلك، وهناك مواد تُخزن لشهرين وأخرى لخمسة أشهر، ولكن عادة تُخزن لثلاثة أشهر. ولهذا نحن نصرخ ونرفع الصوت منذ شهرين اي منذ ان بدأت مشكلة الدولار وصعوبة التحويل الى الخارج، اذ حذّرنا من هذه المشكلة، ولكن للأسف الجميع سمع ولكن لم يقم احد بأي خطوة ولم تُتخذ الاجراءات اللازمة.

ــ وهل ستعاني كل المستشفيات الخاصة من نقص المستلزمات الطبية ام سيختلف الأمر بين مستشفى وأخرى؟

- طبعاً هناك مستشفيات يكون لديها مخزون يدوم لمدة أطول من بقية المستشفيات، ولكن هنا نتحدث عن ايام فقط وليس عن اشهر لأن كميات هائلة منها تُستعمل في المستشفيات، وبالتالي لا يمكن ان يخزّن المستشفى هذه المواد بكميات كبيرة، اذ في هذه الحالة سيحتاج الى مستودعات ضخمة لتخزينها، بينما المستودعات موجودة عند الوكلاء، ونحن مثلاً نضع الطلبيات كل اسبوع او اسبوعين. وأعطيك مثالاً عن الخيطان التي تُستعمل في غرف العمليات، فهناك أنواع عدة من هذه الخيطان وأيضاً قياسات عدة، اي ممكن ان تنفد أنواع معينة منها نحتاجها فيما يمكن ان تبقى أنواع أخرى ولكنها لا تحّل مكان الخيطان التي نفدت، اذاً كل هذه الخيطان ستُنفد تباعاً... وهذه جريمة تُرتكب بحق المرضى.

 

الاضراب التحذيري والحلول!

 

ــ بعدما نفذت المستشفيات الخاصة اضرابها التحذيري الذي توقفت خلاله عن استقبال المرضى باستثناء مرضى غسيل الكلى والسرطان هل تحقق شيء ما؟

- ما حصل ان وزارة الصحة قدمت لنا دفعة ولكنها جزء يسير جداً من المستحقات، اذ ان مجموع مستحقات المستشفيات هو 2000 مليار ليرة لبنانية، والمبلغ الذي دفعته الوزارة لا يتجاوز 75 مليار ليرة لبنانية اي أقل من 3.5 بالمئة من الديون المستحقة. وفوراً عندما دفعوا لنا سدّدنا فواتير المورّدين لكي تكون بين ايديهم على الأقل السيولة ليقدروا ان يستوردوا، ولكنهم لا يقدرون ان يستوردوا اذا لم يسمحوا لهم بالتحويل الى الخارج، واذا لم يوفروا لهم الدولار، لأننا نحن ندفع لهم بالليرة اللبنانية، اي نقبض وندفع بالليرة اللبنانية، وبالتالي أول مرحلة للحل هي ان يحول البنك لهم من الليرة اللبنانية الى الدولار بالسعر الرسمي، وثانياً يحولون الاموال لهم الى الخارج لصالح لمصانع التي يطلبون منها.

ــ وهل سبق ان عرضتم المشكلة على وزارة الصحة بكل تفاصيلها؟

- لقد قصدنا وزير الصحة الدكتور جميل جبق، وحسب ما أبلغنا انه تواصل مع حاكم مصرف لبنان وتواصل أيضاً مع وزير الاقتصاد، فقصدنا حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ويبدو انه كان هناك سوء فهم للمشكلة بما يتعلق بالمستلزمات الطبية، فشرحنا لحاكم مصرف لبنان عن هذه المستلزمات، وقال لنا انه سيتحدث مع جمعية المصارف لكي تعمم التعليمات على البنوك، وهذا الحديث جرى تقريباً منذ اسبوعين، وفي الأمس كان لدي اجتماع مع رئيس جمعية المصارف ولم يحدث تطور اي اننا لا نزال نراوح مكاننا، وكما ذكرت في سياق الحديث ان جميع المسؤولين يعرفون المشكلة ولكن لا أحد يقوم بشيء.

ــ وبهذه الحالة ماذا يمكن القيام به بعدما وصلت المشكلة الى حائط مسدود؟

- لا بدّ ان يتم ارسال الطلبيات الى المصانع في الخارج لكي تقوم بدورها بارسال كل ما يلزم لأن هذه المواد لا تُصنّع في لبنان ولهذا يتم استيرادها بالكامل، وبالتالي مهما فعلنا هناك أزمة، ولكن الفرق هنا ان نتمكن من ادارة الأزمة على ان تفلت الأمور من أيدينا، ولكن للأسف كما هو الوضع الآن يبدو اننا متجهون الى أزمة لن نقدر ان نديرها.

ــ وماذا ستفعل من موقعك كنقيب أصحاب المستشفيات اذا لم تُحل المشكلة بأسرع وقت ممكن لانقاذ القطاع الاستشفائي من الانهيار؟

- اللهم اني بلّغت، ماذا نقدر ان نقوم به أكثر مما قمنا به؟ كما انه عندما نتحدث عن هذه الكارثة يشعر الناس بالقلق والخوف كثيراً وهذا يؤلمنا كثيراً. لقد نبهّنا مرات عديدة وبشدة ولجأنا الى الاضراب التحذيري، لقد أسموه اضراباً ولكنه بالحقيقة ليس اضراباً فنحن لا نقوم باضراب، نحن قمنا بتوقف تحذيري اي حسرنا الاستقبال بالحالات الطارئة ولم ندع اي مريض ان يتأذى، لقد قمنا بذلك لكي نقول للمسؤولين ان ينتبهوا وانظروا ماذا سيحصل اذا لم تكن هناك مواد طبية في المستشفيات، ولقد كان الهدف من التحرك الذي قمنا به ان يدرك الجميع مدى خطورة ان تنقص المواد الطبية في المستشفيات.

ويتابع:

- الآن نقدر ان نتحكم بالموضوع ونقول اننا قررنا بهذا النهار ان نستقبل الحالات الطارئة فقط، ولكن سنصل الى وقت تفلت الأمور من أيدينا <غصباً عنّا>، وعندها لن نقدر ان نستقبل الا الطوارىء حكماً، ومن ثم سنصل الى مرحلة لن نقدر ان نستقبل فيها أي مريض حتى الحالات الطارئة. وبالنسبة لمرضى غسيل الكلى ومرضى السرطان فلقد تبلغّت من احدى المستشفيات ان لديها 130 مريضاً يخضعون لغسيل الكلى، والقسم الأكبر منهم يخضع لثلاث جلسات، اذ كما تعلمين قد يحتاج مرضى غسيل الكلى لثلاث جلسات في الاسبوع وممكن لجلستين في الاسبوع، الا انه وبسبب هذا النقص تم اخضاع مرضى غسيل الكلى لجلستين في الاسبوع بالوقت الذي يحتاجون فيه لثلاث جلسات وهذا يشكل خطراً على حياتهم، وبهذه الحالة لن نرى مرضى يموتون امام أبواب المستشفيات بل سيموتون داخل المستشفيات.

ــ مرّ لبنان بحروب قاسية ولكن لم يعرف مثل هذه الكارثة...

- هذا صحيح، لم يواجه لبنان يوماً هكذا أزمة، اذ حتى خلال حرب تموز 2006 عندما كان البلد مستهدفاً وكانت المستشفيات مستهدفة استطعنا ان نقوم بعملنا بالتعاون مع الأمم المتحدة، اذ دبّرنا أمورنا بالتعاون مع المنظمات الدولية اذ كانت تلك المنظمات تتدخل بالوساطة بين لبنان واسرائيل لكي تحيّد اسرائيل سيارات الاسعاف وسيارات الأوكسجين وسيارات المازوت التي تكون متوجهة الى المستشفيات... أما اليوم فلا حياة لمن تنادي، ولكن بالرغم من خطورة الوضع فالحل ليس مستعصياً، فالذي يؤمن الدولارات للاتيان بالفيول، يمكنه القيام بالمثل بما يتعلق بالمستلزمات الطبية، كما ان حجم السوق كله لا يتعدى 400 او 500 مليون دولار في السنة، بينما فاتورة المازوت فهي أضعاف وأضعاف من هذا المبلغ، وأيضاً فاتورة الدواء هي ضعف المبلغ الذي ذكرته.