تفاصيل الخبر

نجـــاح أي دعــوة لانعـقـــاد طـاولـــة الـحـــوار فــي بعبــدا مـرهــون بـوقف التجاذبــات والتجــاوب مــع الأولويـــات!

02/08/2019
نجـــاح أي دعــوة لانعـقـــاد طـاولـــة الـحـــوار فــي بعبــدا مـرهــون بـوقف التجاذبــات والتجــاوب مــع الأولويـــات!

نجـــاح أي دعــوة لانعـقـــاد طـاولـــة الـحـــوار فــي بعبــدا مـرهــون بـوقف التجاذبــات والتجــاوب مــع الأولويـــات!

حرّكت التطورات السياسية التي شهدها لبنان خلال الأسابيع الماضية، منذ حادثة قبرشمون الى المناقشات حول موازنة العام 2019 وردود الفعل التي تجاوزت الخطوط الحمر، الحديث عن ضرورة إحياء طاولة الحوار بين القيادات السياسية لمواجهة تداعيات هذه التطورات التي أدت الى تجميد جلسات مجلس الوزراء منذ شهر تقريباً، والى <فتح شهية> النافخين في نار المذهبية والطائفية وما يمكن أن تسببه من فتن متنقلة لاحت طلائعها في التوتر الذي ساد منطقة الجبل بعد الذي حصل في قبرشمون. وتتالت الأصوات التي دعت رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى تفعيل طاولة الحوار التي غابت منذ سنتين، لاسيما وان إحدى المبادرات التي طرحها الرئيس عون بعد أحداث قبرشمون كانت جمع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب والوزير السابق وليد جنبلاط مع رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني النائب طلال ارسلان في قصر بعبدا في حضور الرئيسين نبيه بري وسعد الحريري لإتمام المصالحة بينهما وطي صفحة الخلافات التي تتجدد من حين الى آخر منذ مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية التي تمت في شهر أيار (مايو) 2018.

ويرى دعاة إحياء طاولة الحوار، ان الظروف الراهنة التي تمر بها البلاد تتطلب اجراءات استثنائية لتطويق أي مضاعفات يمكن أن يشهدها لبنان، وهذه الاجراءات تحتاج توافقاً وطنياً يتطلب <مباركة> الأقطاب وليس فقط من يمثلهم من الوزراء في الحكومة الحريرية، خصوصاً ان ما حصل خلال الأسابيع الماضية، وحتى خلال مناقشة مجلس الوزراء لبنود الموازنة، دلل على ان حضور الأقطاب على ساحة الحوار بات ملحاً لأن بعض من يمثلهم من الوزراء يضطر للعودة إليهم في كل شاردة وواردة الأمر الذي انعكس سلباً على أداء الحكومة ككل على رغم مرور نحو ستة أشهر على تشكيلها من دون أن تحقق أي <انجاز> يُسجل لها، بل بالعكس تراجعت قدرتها على انتاج الحلول حتى باتت مشلولة ومعطلة بالكامل. وفي رأي دعاة الحوار ان لائحة الاستحقاقات المرتقبة كبيرة وأثبتت الأحداث الأخيرة ان حكومة <الى العمل> ــ كما سماها رئيسها سعد الحريري ــ عاجزة عملياً عن التصدي لها، لاسيما وان لبنان بات تحت المراقبة الدولية المباشرة خصوصاً بعدما <انكشف> اقتصادياً ومالياً منذ تعثر الانطلاق بإقرار توصيات مؤتمر <سيدر> الذي يراهن المجتمع الدولي على التزام الدولة اللبنانية بتوصياته للحصول على المساعدات المالية الموعودة لرفد اقتصاده ومده بجرعات دعم تمكنه من البقاء والصمود في مواجهة الانهيار المحتوم.

 

الأولوية للأمن والاقتصاد!

ويتحدث مطلعون على التطورات ان في اللقاءات مع الديبلوماسيين العرب والأجانب على حد سواء، يدور حديث واحد تقريباً يصب في خانة التساؤلات حول الأسباب التي تحول دون انعقاد طاولة الحوار التي سبق للرئيس عون أن التزم بالدعوة إليها للبحث في الاستراتيجية الدفاعية. إلا ان الأحداث التي تسارعت جعلت من غير الممكن البحث في هذه الاستراتيجية راهناً، قبل معالجة المشاكل التي طرأت والتي هزت الاستقرار الأمني ثم <أخذت بطريقها> الاستقرار الاقتصادي الذي يشهد يوماً بعد يوم تراجعاً مربكاً على رغم وجود خطة للنهوض الاقتصادي كلفت الدولة مليوناً و300 ألف دولار رفعتها الى الاستشاري العالمي <ماكينزي>، لكنها لا تزال حبراً على ورق ولم تصل رسمياً بعد الى طاولة مجلس الوزراء لمناقشتها واقرارها، علماً ان ثمة من يرى ان وصول خطة <ماكينزي> الاصلاحية الى مجلس الوزراء في هذه الأجواء الضاغطة والتجاذبات السياسية الحادة سيؤدي حتماً الى اسقاطها أو <خردقتها> ما يفقدها التلاحم الذي ظهر في بنودها المتعلقة بالمستقبل وبقطاعات الانتاج والتي جعلتها خطة متكاملة سيكون من الصعب <تفريعها> الى <ميني خطط> لا فائدة منها على المديين المتوسط والطويل.

وفي قناعة الداعين الى طاولة الحوار انه لو كانت هذه الطاولة قائمة لكان من السهولة بمكان معالجة تداعيات حادثة قبرشمون ــ البساتين من دون الحاجة الى مبادرات تهاوت الواحدة تلو الأخرى مع تبدل مواقف القوى المعنية وتشعبها، كما كان في الامكان <تحييد> مجلس الوزراء عن ذيول ما حصل من خلال تأمين استمرارية انعقاده فيأخذ المبـــادرة في معالجـــة ما حصـــل لوجود <بركة> الأقطاب لأي اجراء يمكن أن يتخذه مجلس الوزراء لتفادي مضاعفات سلبية بحيث تكون قراراته <محصنة> من الجالسين حول طاولة الحوار لأن القرارات الفعلية هي لهم وليست للجالسين على طاولة مجلس الوزراء! وبديهي أن ينصرف المشاركون في طاولة الحوار الى المساعدة على وضع الحلول المناسبة التي سوف تحظى إذ ذاك باجماع وطني قد لا يتوافر مــن خــلال مداولات مجلس الوزراء، لاسيما وان ما كان يدور بين الوزراء خــــلال الاجتماعــات لا يشجــع كثيراً على التفـــاؤل بامكانية الوصول فعلياً الى ما يحسم الموقف بدليل ان ثمة قضايا عدة لا تزال معلقة وأحيلت الى <مزيد من التشاور>.

 

عون يمهد باتصالات آحادية!

وفي هذا السياق، أكدت مصادر مطلعة على مواقف رئيس الجمهورية ان ما أشيع خلال الأسابيع الماضية من ان الرئيس عون <لم يعد راغباً> في الدعوة الى عقد طاولة الحوار غير صحيح، وهو يندرج في إطار <الاستهدافات> شبه اليومية لرئيس الجمهورية الذي لم يوفر جهداً إلا وبذله من أجل تقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف لكنه كان يواجه بـ<تعنت> هذا الطرف أو ذاك أو بطرح شروط تعجيزية لا تلقى قبولاً من جميع المعنيين، إضافة الى حصول <تنافر حاد> بين بعض الأقطاب وعدم التجاوب مع الدعوات التي كان يرسلها إليهم عبر وسطاء للتخفيف من حالة الاحتقان التي تعيشها البلاد والتي تنوعت أسبابها. وأشارت المصادر نفسها الى ان ما قيل ان حزب الله لا يشجع راهناً الدعوة الى طاولة الحوار للبحث في الاستراتيجية الدفاعية وانه أوحى بهذا التوجه لرئيس الجمهورية، منافٍ كلياً مع الواقع ولا أساس له من الصحة، لأن المسؤولين في قيادة الحزب تجاوبوا مع كل ما طُلب منهم للمساهمة في تطويق التوتر الأمني والسياسي الذي نشأ خلال الأسابيع الماضية، وهم أبلغوا المعنيين <جهوزيتهم> لأي مبادرة تطلب منهم، وعبّروا عن ذلك بالممارسة من خلال منحهم ثقة كاملة للمبادرات التي عمل من أجلها المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم والتي كانت تتعثر في كل مرة تسجل تقدماً ولو محدوداً. وفي رأي المصادر نفسها ان الاستراتيجية الدفاعية، على أهميتها خصوصاً في هذا الظرف، يجب أن يسبق النقاش فيها، عودة الصفاء الى العلاقات بين القيادات اللبنانية لئلا يؤدي الاضطراب في ما بينها الى تفشيل أي مبادرة تتعلق بالاستراتيجية، وهذه العودة تحتاج الى حوار عميق وصريح يحدد الأولويات من جهة، ويمهّد لتفاهمات حول مواضيع أساسية عدة مرتبطة بالمعالجات الضرورية لعدد من الاستحقاقات الملحة مثل مقاربة الشأن الاقتصادي، ومسألة النازحين السوريين، ومعالجـــة قضيـــة النفـــايات وغيرها من المسائل التي تمس اللبنانيين في حياتهــــم اليوميــــة، وصولاً الى رسم استراتيجية لمواجهة المخططات المرتبطــــة بـ<صفقـــة القــــرن> ولاسيما مسألــــة توطــــين الفلسطينيين في دول الشتات ومنها لبنان لأن ذلك يرتبط مباشرة بالسيادة الوطنية من جهة وبمستقبل لبنان وصيغة العيش المشترك فيه من جهة ثانية.

وفي هذا السياق، كشفت مصادر مطلعة ان فكرة التحاور لمقاربة هذه المواضيع قبل البحث في الاستراتيجية الدفاعية واردة في ذهن الرئيس عون من دون أن يعني ذلك اعتماد صيغة طاولة الحوار التقليدية التي يمكن الاستعاضة عنها راهناً بالتواصل المباشر مع القيادات السياسية اللبنانية الذي يتولاه رئيس الجمهورية بشكل دائم وكلما دعت الحاجة، لكن نجاح مثل هذا التواصل يتطلب في المقابل وجود تجاوب حقيقي من هذه القيادات يتجاوز المواقف المعلنة والشعارات التي يرددها بعض هذه القيادات، وعندما تصبح المسألة جدية تنأى هذه القيادات بنفسها عن المضي قدماً في التواصل وتلجأ إما الى السفر خارج البلاد أو الى طرح شروط تعجيزية للمساهمة في البحث عن الحلول!