تفاصيل الخبر

نفي الحريري لخبر لقائه مع نصر الله لا يسقط "المهادنة" القائمة مع حزب الله!

19/03/2020
نفي الحريري لخبر لقائه مع نصر الله لا يسقط "المهادنة" القائمة مع حزب الله!

نفي الحريري لخبر لقائه مع نصر الله لا يسقط "المهادنة" القائمة مع حزب الله!

[caption id="attachment_76148" align="aligncenter" width="580"] اجتماع تيار المستقبل[/caption]

لم يكد رئيس "حزب التوحيد العربي" الوزير السابق وئام وهاب يعلن خلال مقابلة تلفزيونية أجريت معه الأسبوع الماضي، بأن الرئيس سعد الحريري التقى مع الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، حتى كان مكتب الرئيس السابق للحكومة ينفي نفياً قاطعاً حصول اللقاء، الي تجاهلته أيضاً وسائل الإعلام التابعة للحزب تجاهلاً تاماً. وفيما بقيت مجهولة الأسباب التي دفعت الوزير السابق وهاب الى "رمي" مثل هذه الرواية، وترددت معلومات عن ان وهاب قصد من خلال ما قاله "ارباك" الحريري في علاقاته مع دول الخليج التي تمر أساساً في ظروف دقيقة تحتاج الى متابعة دائمة ورعاية استثنائية.

إلا ان هذا الخبر الذي بثه وهاب حرك ردود فعل كثيرة ركزت في معظمها على تقييم العلاقة بين الرئيس الحريري وقيادة حزب الله لاسيما الذين التقى بهم أكثر من مرة خلال التحضير لتشكيل الحكومة الجديدة وفي مقدمهم المعاون السياسي للأمين العام الحاج حسين خليل الذي سعى، كما هو معروف، لاقناع الحريري بتشكيل حكومة جديدة وفق الأسس التي ترددت في حينه، أي حكومة اختصاصيين، لكن اصرار الحريري على أن يكون الوزراء من الاختصاصيين المستقلين، ولا يكون للأحزاب أي دور في تسميتهم، عقد الأمور، التي ازدادت تعقيداً بعد الحملة التي شنها الحريري على "التيار الوطني الحر" وعلى رئيسه الوزير السابق النائب جبران باسيل. وسعى المستذكرون لتلك المرحلة الى العمل لكشف مضمون جلسات التشاور التي جمعت الحريري بالخليل والتي تجاوز البحث فيها موضوع التشكيلة الحكومية الى مسائل ظلت، بموافقة الطرفين، بعيدة عن الإعلام وعملاً بالمبدأ القائل "المجالس بالأمانات".

المطلعون على تلك المرحلة يؤكدون ان وجود الحريري خارج السرايا واصراره على البقاء بعيداً عن الكرسي الثالثة، أزعج قيادة حزب الله التي كانت تفضل أن يكون الحريري في السرايا الكبير، لكن ثمة قناعة لدى المعنيين في الحزب ان وجود الحريري خارج الحكم راهناً لا يفسد في الود قضية، و"المهادنة" غير المعلنة بين الطرفين "مستمرة ومصانة" بدليل ان نواب الحزب ووسائل الاعلام فيه يتفادون أي اساءة سياسية للرئيس الحريري وإن كانوا يتحدثون عن "المرحلة السابقة"، إلا ان أياً من هؤلاء لم يذكر يوماً الحريري بالاسم في معرض تناوله "سلبيات" المرحلة الماضية. أكثر من ذلك، تعمل وسائل الإعلام التابعة لحزب الله الى "ضبط" أي سياسي أو اعلامي يطل عبر هذه الوسائل لئلا "يتحمس" ويتناول الرئيس الحريري بالاسم على نحو لا يتفق مع توجهات الحزب.

في المقابل يحرص الحريري وأعضاء كتلته النيابية على عدم تناول حزب الله بالاسم أيضاً، لا بل ان الحريري نفسه "نأى" عن ذكر حزب الله في الكلمة التي ألقاها في ذكرى اغتيال والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، فغابت كلياً العبارات التي كانت تحضر دائماً حول "الدويلة" و"سلاح الدولة" و"الاستقواء بالسلاح" وغيرها من التعابير التي كانت دائماً في أدبيات الحريري ونواب تياره. الى درجة ان الحريري لم يذكر بالاسم حزب الله وان أتى بسرعة على ذكر إيران من دون أن يسميها أيضاً بالمباشر. ويقول المطلعون على العلاقة بين الحريري وحزب الله، ان لا شيء بارزاً يمكن أن يؤثر حتى الساعة على العلاقة بين الحريري والحزب وان "المهادنة" سوف تستمر بين الطرفين الى اشعار آخر، ما لم يطرأ تطور سياسي ما يتمثل بزيارة يقوم بها الحريري، مثلاً، الى السعودية أو دولة الامارات العربية المتحدة، لأنه إذ ذاك سيكون عليه أن يسقط حالة "المهادنة" مع الحزب نظراً للعلاقات المقطوعة كلياً بين هاتين الدولتين الخليجيتين وحزب الله الموصوف خليجياً بأنه "حزب ارهابي" ومقاطع من المجتمع الدولي بسبب علاقاته مع إيران.

وفي رأي المطلعين، ان الرئيس الحريري راغب في إبقاء "شعرة معاوية" مع الحزب الذي "لم يطعنه في ظهره" وظل يتمسك بعودته الى السرايا حتى آخر دقيقة قبل تشكيل حكومة الرئيس حسان دياب، علماً ان السياسة في لبنان متحركة ولا تعرف الجمود، فمن يدري، قد يعود الحريري للمرة الثالثة الى السرايا ذات يوم، وهذا يتطلب دعماً من حزب الله...

في المقابل، ترى مراجع أخرى ان اهتمام الرئيس الحريري في هذه المرحلة، يتجاوز مسألة علاقته مع حزب الله وذلك بالتركيز على الشأن الداخلي لـ"تيار المستقبل" كما وعد في كلمته في ذكرى 14 شباط (فبراير) الماضي، وذلك من خلال التحضير لمؤتمره العام الذي يعقد كل أربع سنوات والذي يحتل فيه الشأن التنظيمي حيزاً مهماً هذه المرة تبدأ بالظروف المحيطة بـ"التيار الأزرق" الداخلية منها والخارجية، ولا تنتهي بالتحديات المستجدة التي تواجهه. لقد آل الرئيس الحريري على نفسه أن يمنح الشأن التنظيمي الكثير من الانتباه والتركيز علّه يتمكن من الإجابة مع فريقه المساعد على كل التساؤلات التي تطرق أبوابهم والتي تبحث بشكل خاص عن طبيعة دور "تيار المستقبل" في المرحلة المقبلة، وماذا يريد منه الرئيس الحريري، وعما إذا كان المطلوب أن يكون "التيار الأزرق" حزباً مناطقياً له هيكلية موسعة يتمتع بكل أدوار تلبية حاجات الناس الخدماتية، أم يريده واحداً من هيئات المجتمع المدني التي تعمل مع المنظمات الدولية لتنفيذ المشاريع الحيوية والحياتية، أم يكتفي بأن يكون "التيار" ماكينة انتخابية تدار محركاتها قبيل الانتخابات ثم تخلد الى الراحة في انتظار الاستحقاق الانتخابي المقبل. وفي رأي المراجع نفسها ان المؤتمر لا بد أن يجيب عن السؤال الأبرز وهو ما سيكون دور "التيار" في المعارضة بعد خروج رئيسه من السلطة، وكيفية التعامل مع الاستحقاقات المتتالية المنتظرة وما إذا كان سيتحرك على الأرض للتعبير عن معارضته، أم تكون المواقف السياسية هي المعبّرة فقط عن الخيار "المستقبلي".

أسئلة برسم المؤتمر المقبل لـ"تيار المستقبل" الذي ينشغل الرئيس الحريري في التحضير له سياسياً وتنظيمياً واعلامياً.