تفاصيل الخبر

نفضة قريبة داخل بيت "التقدمي الإشتراكي"

16/12/2020
نفضة قريبة داخل بيت "التقدمي الإشتراكي"

نفضة قريبة داخل بيت "التقدمي الإشتراكي"

بقلم علي الحسيني

[caption id="attachment_83944" align="alignleft" width="375"] الحزب الإشتراكي في أحد احتفالاته.. ترتيب البيت الداخلي[/caption]

 في ظل تراجع المشهد السياسي في البلاد إلى حد لم يعد العمل فيه يُجدي نفعاً خصوصاً خلال المرحلة الحالية التي تقاعس فيها المسؤولون السياسيون عن القيام بأدنى واجباتهم الوطنية، تنفض بعض الأحزاب اللبنانية عن نفسها غبار سنوات الرقود وعدم الانتاجية أولاً للحلول مكان الدولة الهاربة من مشاكلها وديونها وأزماتها، وثانياً للحاق بالمواطن الذي يبدو أنه استسلم في نهاية الأمر للمجموعات الحاكمة، فقرّر أن يُدير ظهره لبلد عجز عن تأمين أدنى مقوّمات الصمود والحياة الكريمة.

نفضة داخل الإشتراكي

 من بين الأحزاب التي قررت إحداث نفضة متعددة الجوانب في بنيتها التنظيمية تبدأ من رأس الهرم وصولاً إلى أصغر عضو فاعل فيه هو الحزب التقدمي الإشتراكي. واللافت أن النفضة هذه أو ترتيب "البيت الداخلي" كما يُسميه البعض، يأتي في خضم التحولات السياسية التي يشهدها لبنان، ومواكبة للحراك الشعبي والمتغيرات التي فرضها. من هنا يرى البعض أن بداية الترتيب هذا، جاءت مع استقالة مفوض الاعلام السابق في ​الحزب التقدمي الإشتراكي​ ​رامي الريس من موقعه الحزبي وليس من الحزب ليتفرّغ لحقبة جديدة من حياته في الصحافة والكتابة والبحث والتعليم. ثم أتت لاحقاً عملية إقصاء الوزير غازي العريضي عن الكثير من المهمات الحزبية التي كان يقوم بها، بالإضافة إلى تراجع نجم بعض الشخصيات داخل "التقدمي" مثل النائبين مروان حمادة وأكرم شهيب.

 كثيرةٌ هي المرّات التي أعلن فيها رئيس الحزب "التقدمي الإشتراكي" النائب وليد جنبلاط عزمه على إحداث تغييرات في صفوف

[caption id="attachment_83947" align="alignleft" width="444"] رئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط.. هل حان وقت اعتزاله؟[/caption]

حزبه، وكثيرةٌ أيضاً المرّات التي انتقد فيها قيادات في الحزب من بوابة قصورهم وثرواتهم والمواقع السياسية التي يحتلّونها، لكن أقسّاها وقعاً كان عندما اتّهم البعض بالخروج عن مبادئ كمال جنبلاط. واليوم يبدو أن انتقادات جنبلاط قد وضعت على طريق التنفيذ للوصول الى الكمال الذي يسعى أو يطمح اليه داخل "التقدمي".

واللافت أن كلام جنبلاط الأخير المتعلق بدوره كرئيس للحزب وبأنه يقوم بالمراحل الأخيرة له في هذا الموقع بالإضافة إلى الخطوات التي سيتّخذها في ما يخصّ مجلس القيادة، خلّف نوعاً من الإرباك داخل صفوف "التقدمي" وبين جمهوره ومناصريه، والخوف في نفوس البعض الذي راح يتحسّس رقبته خشية أن يطاله سيف "البيك" العازم بحسب التسريبات من داخل الحزب، على إحداث ورشة "تنظيف" قد يبدأُها من أعلى رأس الهرم وصولاً إلى أصغر عضو منتسب.

توضيح من داخل البيت الدرزي

 كلام جنبلاط جدّي. هذا ما تؤكده مصادر مقربة من "البيك"، وترتيب البيت الداخلي بحسب المصادر نفسها لا يعود لأسباب شخصيّة ولا يرمي من خلاله إلى تحجيم نفوذ بعض من هم داخل الحزب من أجل تعبيد الطريق أمام نجله النائب تيمور جنبلاط، كما يدعي البعض، إنما الهدف منه إنتاج دم جديد من جيل الشباب، يتماشى مع المرحلة المقبلة خصوصاً وأن معظم من هم في المواقع المتقدمة، ينتمون إلى جيل جنبلاط نفسه، وعلى قاعدة "من سوّاك بنفسه ما ظلمك".

 وتوضح المصادر أن جنبلاط يعمل على إنشاء مجلس قيادة جديد من

[caption id="attachment_83946" align="alignleft" width="334"] رامي الريس ..الرفيق الدائم.[/caption]

الشباب داخل الحزب كون المجلس الحالي تنتهي ولايته في شباط المقبل ودائماً من منطلق احترام المهل، لكن حتّى الساعة لم تُعرف بعد الآلية التي ستُتبع لانتخاب هذا المجلس في ظل الوضع الصحي الموجود اليوم في البلد. وفي جميع الأحوال فإن هذا المسعى الجنبلاطي لا ينطلق من خلفية وجود حالة تململ لدى "البيك"، إنما تعود أسبابه للظروف الجديدة التي مرّت بها بعض الأحزاب في لبنان منذ العام الفائت والحملات السياسية التي تعرّضت لها السلطة بما أن "التقدمي" كان جزءاً من هذه السلطة. وما يُحاول جنبلاط تأكيده اليوم، هو انه لا يجوز وضع جميع الأحزاب في ميزان واحد خصوصاً وان مسيرة الإصلاح داخل "التقدمي"  ليست وليدة الساعة، بل لها امتداد من زمن الشهيد كمال جنبلاط.

اسألوا فؤاد شهاب عن برنامج "التقدمي"

 تعود المصادر لتوضح انه حتّى الرئيس فؤاد شهاب قد استند في برامجه الإصلاحية من برامج كمال جنبلاط والجبهة الوطنية الإشتراكية التي قامت في العام 1951 والتي كان لها علاقة بأمور تنموية وزراعية واقتصادية وصناعية، ولها علاقة بالضمانات ومجلس الخدمة المدنية والتفتيش المركزي. ومن أجل كل ذلك، يقول وليد جنبلاط اليوم إنه جزء لا يتجزّأ من أي مسيرة إصلاح في البلد، وإن محاولات إقصائه عن موقعه التاريخي والنضالي الذي يتميز به لن تُثنيه عن القيام بدوره. وقد أظهر للجميع منذ بداية جائحة "كورونا" أن الإصلاحات تقوم بالعمل والفعل وليس بالقول وانتظار انفراجات الخارج.

أمّا حول الكلام المتعلق بوجود جناحين داخل "التقدمي" يقودهما النائب أكرم شهيب والوزير السابق غازي العريضي من جهة، والنائبان هادي ابو الحسن وبلال عبد الله من جهة أخرى، تنفي المصادر هذا الأمر وتضعه في رسم الجهات المتضررة من مسيرة "التقدمي" وتحديداً

[caption id="attachment_83945" align="alignleft" width="399"] النائب تيمور جنبلاط والحمل الثقيل[/caption]

الإصلاحية. ومع هذا لا يوجد أي ضرر داخل الحزب من وجود وجهات نظر مختلفة لكنها دائماً ضمن التوجه الحزبي الرسمي.

هل سيعتزل جنبلاط؟

في أذار (مارس) العام 2015 زار وليد جنبلاط العاصمة الفرنسية  باريس وأبلغ رفيقه في الاشتراكية الدولية  الرئيس "فرنسوا هولاند" أنه ينوي التقاعد السياسي ليترك لنجله تيمور مسؤولية قيادة الحزب التقدمي الإشتراكي. بعدها راح جنبلاط يُفكر ملياً بالاستقالة حتى من دوره كنائب في البرلمان اللبناني واتاحة المجال لانتخابات فرعية تأتي بنجله تيمور، لكن كثر الذين عارضوا هذه الاستقالة لعل أبرزهم رئيس مجلس النواب نبيه بري لاقتناعه وإدراكه أن دور وليد جنبلاط السياسي لم ينته بعد وأن وجوده في اللعبة السياسية هو أمر أكثر من ضروري خصوصاً في ظل الصراعات الطائفية والمذهبية القائمة حتّى اليوم، ولو تحت حجّة العمل السياسي.

لاحقاً، استجاب جنبلاط للتمنّيات بعدم التقاعد لأنّ الوضع حينذاك كان وما زال يحتاج إليه. فالتحَدّيات الآتية كبيرة. والوضع في سوريا كان مفتوحاً على التصعيد إلى أجلٍ غيرِ مسَمّى، بالإضافة إلى أن غيابه كان وربما لا يزال، سيترك مفاعيله القاسية لبنانياً. وللوقوف عند حقيقة الأمر، نسأل المصادر حول وجود نيات فعلية لدى جنبلاط بالاستقالة من العمل السياسي، لتجيب: لا يزال دور وليد جنبلاط قائماً وسيبقى حاجة للبنان ولحزبه، وعلى الرغم من انه قام بدوره حتى اليوم على أكمل وجه وهذا يظهر من خلال الرسالة المُستمرة منذ اغتيال "المعلم" حتّى اليوم، فهو ما زال حاجة وطنية ودرزية ويُنتظر منه القيام بأدوار إضافية خصوصاً وأننا في بلد ليس بعيد عن كل هذه الصراعات الحاصلة في المنطقة التي ما زالت تحتاج إلى خبرات سياسية وأفكار مستقبلية كتلك التي يتميّز بها وليد جنبلاط.