تفاصيل الخبر

نبــــرة نصــر الله المرتفعــة لأول مــرة فـي شـأن محلــي أشّرت لأزمة حكومية مفتوحة متعددة الأسباب!

23/11/2018
نبــــرة نصــر الله المرتفعــة لأول مــرة فـي شـأن محلــي  أشّرت لأزمة حكومية مفتوحة متعددة الأسباب!

نبــــرة نصــر الله المرتفعــة لأول مــرة فـي شـأن محلــي أشّرت لأزمة حكومية مفتوحة متعددة الأسباب!

قليلة، لا بل نادرة، هي المرات التي يخطب فيها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله بحدّة موصوفة عندما يتناول الشؤون الداخلية ولاسيما الخلافات السياسية، ذلك أن <السيد> غالباً ما يتحدث بغضب وانفعال كبيرين عندما يتناول الصراع مع اسرائيل، أو الخلاف المستحكم مع الولايات المتحدة الأميركية، ومؤخراً مع دول الخليج ولاسيما منها السعودية، أما عندما يتحدث عن الشؤون الداخلية فإنه يبدّل أسلوبه، ويعدّل في نبرة صوته، ويختار كلمات فيها الكثير من الاعتدال والانفتاح والحوار والنقاش...

انطلاقاً من هذا الواقع، أبدت مصادر سياسية متابعة استغرابها للأسلوب الذي اعتمده <السيد> في حديثه الاسبوع الماضي عن الشأن الداخلي ولاسيما ما عُرف بـ<عقدة> الوزراء السنة الستة الذين يواجهون رفضاً كاملاً من رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بتوزير أحدهم في الحكومة العتيدة، وهو عبّر عن ذلك مرات عدة الى حد القول: <إذا بدّكن توزروا سنة 8 آذار... فتّشوا عن غيري>!

ما من أحد كان يتوقع أن يخاطب السيد نصر الله الرئيس الحريري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع كما خاطبهم في تلك الليلة، والعبارات التي استعملها والتي بدت غير مألوفة في المسار الذي ينتهجه السيد نصر الله عندما يخاطب السياسيين اللبنانيين، الأمر الذي طرح أكثر من علامة استفهام حول الأسباب التي دفعت الأمين العام لحزب الله الى تحديد مواقفه على النحو الذي اعتمده مع علمه المسبق أن مثل هذه المواقف ستجعله عرضة للاتهام المباشر بتعطيل تشكيل الحكومة وشل البلاد، وهذا ما حصل بالفعل فور انتهائه من إلقاء كلمته.

 

<انتفاضة ضد مخطط>!

مصادر مطلعة على مواقف حزب الله أكدت لـ<الأفكار> بأن السيد نصر الله أحدث <انتفاضة> سياسية وصل صداها الى الحلفاء والخصوم على حد سواء، وأيضاً أولئك الذين اعتمدوا سياسة اللاموقف، خصوصاً أنه استشعر أن ثمة من يخطط لفرض واقع سياسي جديد يناقض المناخات التي سادت بعد الانتخابات النيابية الأخيرة، وذلك من خلال تشكيل حكومة وفق التركيبة التي رُكبت بها الحكومة الراهنة المعتبرة مستقيلة، سواء من حيث توزيع الوزارات أو من خلال تجاهل توازن القوى، وذلك للإمساك بالقرار فيها. كذلك - تضيف المصادر نفسها - ساد انطباع لدى قيادة الحزب بأن ثمة من <استغل> مواقف <السيد> الداعمة لتكليف الرئيس الحريري تشكيل الحكومة - ولاسيما كلام معاونه الحاج حسين الخليل بأن الحزب لن يفتش على غيره - من أجل محاولة منحه - أي الحريري - <أوراق قوة> يستعملها في وجه من لا يشاركه الرأي، خصوصاً بعدما وقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى جانبه في مسألة النواب السنة الستة ووصفه برئيس الحكومة <القوي>، وذلك بهدف <تحريره> من أي مواقف قد تفرضها دقة المرحلة لاسيما حيال حزب الله، فتطلق يده في إدارة شؤون الحكومة، ولاحقاً قراراتها. وأكثر ما أزعج <السيد>، وفقاً للمصادر نفسها - كان الترويج لحراجة الوضعين المالي والاقتصادي والمخاطر من <انهيار مالي> والذي شارك فيه قريبون من الحزب لاسيما منهم الرئيس نبيه بري ووافاه جنبلاط وشخصيات أخرى عزفت على الوتر نفسه، وذلك بهدف تحميل حزب الله مسؤولية أي تطور اقتصادي سلبي من جهة، والإيحاء بأن إبعاد النواب السنة الستة عن الحكومة هو الثمن المطلوب لعدم حصول <الانهيار> في الوضعين المالي والاقتصادي، في وقت لم يتم التركيز على الوضع الاقتصادي عند بروز عقدتي التمثيل المسيحي والدرزي في الحكومة واللتين بقيتا من دون حل طوال خمسة

أشهر، فلماذا الحديث عن تراجع الاقتصاد بالتوازي مع المطالبة بتوزير نائب سني من النواب الستة وكأن لا ضغوط اقتصادية ومالية كانت ماثلة قبل ذلك؟

 

لا حل وسطاً!

 

وتكشف المصادر القريبة من قيادة حزب الله أن السيد حسن نصر الله كان أوكل الى الرئيس بري مهمة المطالبة بتوزير أحد النواب الستة، وان رئيس المجلس سعى الى ذلك لكنه توقف عن المطالبة واكتفى بالقول أمام زواره انه أدى قسطه للعلى، وبالتالي فإن <انكفاء> الرئيس بري دفع بالسيد نصر الله الى تناول هذا الموضوع باسم <الثنائي الشيعي> بعدما كان أوكل مهمة الحديث في الحصص والحقائب الوزارية الى <الشريك> الرئيس بري، إلا أن <السيد> استعاد زمام المبادرة بعدما شعر أن ثمة من يريد إقرار أو إرساء صيغة حكم تقوم على الإمساك بثلثي الحكومة و<القبض> على القرار فيها، وإطلاق يد الرئيس الحريري على نحو أوسع مما كان عليه سابقاً، علماً أنه خسر في الانتخابات النيابية نواباً كانوا معه في تكتل <لبنان أولاً>، بينهم 6 نواب سنة شكّلوا تكتلاً، في حين بقي أربعة نواب خارج التكتل السني المستقل وكذلك خارج تيار <المستقبل>. وانطلاقاً من هذه الحسابات، لا يمكن للرئيس الحريري - حسب مصادر حزب الله - أن يستأثر بالتمثيل السني ويتصرف وكأنه الممثل الوحيد للسنة في لبنان، وهو ما أكده الرئيس الحريري في معرض رده على السيد نصر الله حين قال انه <بيّ السنة> في لبنان.

وتؤكد المصادر نفسها ان الحديث عن <حل وسط> لعقدة الوزير السني ليس وارداً بالنسبة الى النواب الستة الذين يلقون <كل الدعم> من السيد نصر الله لاسيما وانه التزم عدم السير بحكومة لا تتضمن ممثلاً يختارونه هم سواء كان من النواب الستة أو من يقبلون به من خارج النواب. وفي معلومات <الأفكار> أن حزب الله لم يقطع الطريق على تسمية وزير سني من 8 آذار من غير النواب الستة شرط أن يوافق النواب عليه، علماً أن المسألة في نظر الحزب باتت تتجاوز وضع النواب الى طريقة تعامل البعض مع الحزب و<استغلال تواضع أمينه العام> في محاولة لتطويقه بواقع سياسي يجعله عاجزاً عن المواجهة.

 

مجموعة 14 آذار:

الحزب يعطّل!

في المقابل، لم تجد مصادر تيار <المستقبل> ومعها القوات اللبنانية ومجموعات من 14 آذار سابقاً، في كلام السيد نصر الله إلا <دفاعاً عن النفس> بعدما التقى كثيرون على تحميله مسؤولية تعطيل تشكيل الحكومة، وتعاملوا معه ومع المطلب الذي رفعه لتمثيل <سنة 8 آذار> على أنه حجة وذريعة ترمي الى تغطية أهداف إقليمية ايرانية. وفي رأي هذه المصادر ان السيد نصر الله <لم يكن مقنعاً> في حديثه عن أن المطلب الذي رفعه كان قد طرحه منذ بداية الأزمة الحكومية بدليل أنه لم يُطرح كعقدة سنية خلال البحث في العقدتين المسيحية والدرزية. كذلك هدف <السيد> في رأي المصادر نفسها - من النبرة المرتفعة تثبيت موقع <سنة 8 آذار> داخل المعادلة الحكومية لإسقاط أحادية الزعامة الحريرية للطائفة السنية وللتأكيد على أنه لا يمكن تجاوز هذه المجموعة التي تلتقي مع حزب الله في خياراتها الوطنية والقومية. علماً أن <السيد> يعرف أن الرئيس الحريري سبق أن أعلن رفضه توزير <سنة 8 آذار>، وكأنه من خلال إصراره على تمثيل هؤلاء وضع الرئيس المكلف أمام خيار بين اثنين لا ثالث لهما: العودة عن التكليف مع كل ما يترتب عن ذلك من خلط أوراق وإدخال لبنان في توتر مذهبي وسياسي شديدين، أو القبول بتمثيلهم من حصة رئيس الجمهورية كمخرج موضوعي للأزمة. وفي تقدير المصادر نفسها، أن الحزب وجد نفسه وحيداً ومحاصراً في المشهد السياسي لأن مطلبه بتوزير <سنة 8 آذار> لا يحظى بتأييد حتى رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر، ولم يعرف حتى آخر دقيقة أية وزارة ستسند اليه باستثناء وزارة الصحة، وهذا ما زاد من تضايق قيادة حزب الله وقد انعكس بوضوح في كلمة السيد نصر الله.

أما مصادر الحزب التقدمي الاشتراكي فقد اعتبرت أن الانتقاد الذي وجهه السيد نصر الله الى رئيسه وليد جنبلاط، يعود الى كون جنبلاط يكثف من انتقاداته للدور الايراني في لبنان وسوريا، وهذا ما أزعج الحزب نظراً للحضور الدولي والاقليمي الذي يمثله جنبلاط، وبالتالي فإن اعتماد الزعيم الدرزي هذا الموقف يمكن أن يؤثر سلباً في المجتمع الدولي، مسؤولين وشعوباً. وفي رأي المصادر نفسها، أن إصرار الحزب على تمثيل <سنة 8 آذار> مرده الى اعتبارات عدة أبرزها اظهار تحالف سني مع حزب الله ما يجعله حزباً عابراً للطوائف إذ يتحالف معه مسيحيون وفريق من الطائفة الدرزية، إضافة الى الفريق السني الذي يعمل الحزب على تعزيزه أكثر فأكثر لمنع الحصرية السنية عن الرئيس الحريري.

في أي حال، خطاب السيد نصر الله غير المسبوق داخلياً، ورد الرئيس الحريري على مضمونه بعد ثلاثة أيام من صدوره، أعادا ملف تشكيل الحكومة الى نقطة حساسة تتعلق بتمثيل الفريق السني المدعوم من الفريق الشيعي الأقوى، ما يشكّل واقعاً جديداً على خط التحالفات السياسية وغير المذهبية، فمن يدعم الفريق السني المعزول هو الفريق الشيعي الأقوى، فيما الأطراف المسيحيون يتابعون ما يجري ولا حول لهم ولا قوة!