تفاصيل الخبر

نائب رئيس الحكومة غسان حاصباني بكل صراحة: خطــة الكهربـــاء انطـلقت بأجـــواء إيجابيــة وهـي البدايــة وليست النهايــة لكــن تبقــى العـبـــرة فــي الـتـنـفيـــذ!

03/05/2019
نائب رئيس الحكومة غسان حاصباني بكل صراحة: خطــة الكهربـــاء انطـلقت بأجـــواء إيجابيــة وهـي البدايــة وليست النهايــة لكــن تبقــى العـبـــرة فــي الـتـنـفيـــذ!

نائب رئيس الحكومة غسان حاصباني بكل صراحة: خطــة الكهربـــاء انطـلقت بأجـــواء إيجابيــة وهـي البدايــة وليست النهايــة لكــن تبقــى العـبـــرة فــي الـتـنـفيـــذ!

 

بقلم حسين حمية

لم يمر اللقاء الذي عقده نائب رئيس الحكومة غسان حاصباني مع مساعد وزير الخزانة الأميركية <مارشال بيلنغسلي> في واشنطن منتصف الشهر الماضي دون أن يترك تداعيات على الساحة الداخلية، خاصة بعدما سرّبت الصحف مضمون اللقاء وما دار فيه واتهم آنذاك بالتسريب سفير لبنان في الولايات المتحدة غابي عيسى وصدرت أصوات تطالب بالتحقيق بما جرى.

<الأفكار> التقت نائب الرئيس غسان حاصباني في غمرة عيد الفصح وحاورته على هذا الخط، بالإضافة الى ما أنجزه كوزير سابق للصحة، وتطرق الحوار الى خطة الكهرباء ومشروع الموازنة والعلاقة مع التيار الوطني الحر وتقييمه لعمل خلفه الوزير جميل جبق.

سألناه بداية:

ــ كنت في الحكومة السابقة نائباً لرئيس الحكومة ووزيراً للصحة، واليوم أصبحت نائباً للرئيس فقط. فهل اختلف الوضع وقلّت المهمّات والمسؤوليات؟ أم ماذا؟

- طبعاً خفّت المسؤوليات لأنه لم يعد هناك من عمل يومي كما كان الحال في وزارة الصحة لمتابعة الأمور الصحية والاطلاع على كل الملفات، ولكن اليوم اختلف الوضع وأصبحت أتابع عمل الحكومة واللجان بصورة أكثر، وبالتالي تحوّل العمل الى طبيعة مختلفة.

ــ الملاحظ أن نائب رئيس الحكومة عادة يترأس اللجان، لكن مع هذه الحكومة فالرئيس سعد الحريري هو من يترأسها بشكل دائم وهذا حقه وصلاحياته، فما سرّ ذلك؟

- ليس دائماً يترأس اللجان وأنا أساساً موجود في كل اللجان لمتابعة عملها وهناك أكثر من 25 لجنة ولا يمكن للرئيس الحريري أن يترأس كل هذه اللجان وبالتالي أترأس بعضها رغم أن الدستور لا يذكر ما يفعله نائب الرئيس بالتحديد، لكن إذا قاربنا موقعه نجد أن مهمته هي متابعة عمل اللجان والعديد من الوزارات التي لا يستطيع أن يتابعها رئيس الحكومة ولا يوجد أساساً تنافس معه بل نتكامل في العمل للمتابعة بشكل صحيح.

ــ كوزير سابق للصحة، ما الذي أنجزته خلال السنتين الماضيتين؟

- لن أدخل في التفاصيل وسأتركها لوقت لاحق، لكن وضعنا الأسس المتينة لانطلاق هذه الوزارة والتي نشهدها اليوم لاسيما لجهة تخفيضات أسعار الأدوية بدءاً من العام 2017 وبعدها عام 2018 وبدأت تظهر اليوم، وهذه مسألة أساسية في تحديد أسعار الأدوية وتخفيضها، حتى ان بعض أدوية السرطان والأمراض المستعصية كانت كلفتها عالية لحقها التخفيض ايضاً، وقدمنا الكثير من الخدمات في هذا المجال اضافة الى تنظيم العمل الطبي وتوسيع أطر الأجهزة الضامنة وتعزيز المستشفيات لتستوعب المرضى، ناهيك عن تنفيذ أطر التعاون والتنسيق بين الجهات الضامنة، واهتممنا بالرعاية الصحية الأولية وهذه استراتيجية صحية كبيرة كما حال البلدان المتطورة تنفيذاً لتوصيات منظمة الصحة العالمية بحيث يتعزز القطاع الصحي من جهة وتخف التكاليف على المستشفيات من جهة أخرى.

البطاقة الصحية وانطلاقة جبق

ــ ماذا عن البطاقة الصحية؟

- هذا مشروع متكامل تقدمنا به واستطعنا تشريعه في مجلس النواب بعدما أقرته اللجان النيابية، لكن تبقى مسألة التمويل، ونحن في هذا السياق تقدمنا بعدد من الاقتراحات، لكن النقاش جرى حوله وبشكل مفتوح للوصول الى حل. وبغض النظر عن ذلك، فالتمويل سيؤمن من الدولة إما بالاشتركات أو من خزينة الدولة إذا كانت هناك عائدات تستطيع تغطية كلفة هذه البطاقة، وهناك عائدات يمكن أن تغطي ذلك لكن تبقى مسألة الرعاية الصحية الأولية هي الأساس في أي عمل طبي.

ــ كيف تنظر الى خلفك الوزير جميل جبق بكل موضوعية، حتى لو كنتما في فريقين سياسيين مختلفين؟

- كل واحد له مقاربته للملفات ولا يمكن أن أعطي رأيي بعمله إلا بعد فترة لنستطيع الحكم بموضوعية، فهو لا يزال في طور اكتشاف الوضع الصحي من داخل الإدارة لأنه يعرفه من خارجها وسيدخل في التفاصيل، وبالتالي تلزمه فترة معينة لكي نحكم عليه، لكننا نتمنى له التوفيق على أن يكمل الخطوات التي سبق وبدأنا بها لأن هناك الكثير من الأمور التي يراها اليوم توقفنا عندها وركزنا عليها.

ــ الوزير جبق ركز على تعزيز المستشفيات الحكومية، فهل هذا يوفر على الخزينة الكثير ويؤمن اللامركزية الصحية؟

- هذا أمر أساسي ركزنا عليه نحن أيضاً. ونحن نرى أن الدعم الأساسي للمستشفيات الحكومية يكون معنوياً لا مادياً على أن تؤمّن وزارة المالية مستحقات هذه المستشفيات التي لا تزال عالقة منذ العام 2018 بحيث تدفع بالكامل وإجراء عقود مصالحة بشأنها. وقصة السيولة أكبر مشكلة تعاني منها المستشفيات الحكومية وعدم تغطيتها مادياً من قبل المعنيين خاصة وأنها مصالح مستقلة عليها أن تكون مكتفية ذاتياً ولا تتلقى دعماً إلا بحدود 12 مليار ليرة لكل المستشفيات الحكومية وعددها كما أذكر 30 مستشفى وهذه مساهمة رمزية لا تفي بالغرض. وحتى معاشات الموظفين تدفع أحياناً من أموال المرضى، ولذلك فلا بد من الاهتمام بهذه المستشفيات ودعمها مادياً ومعنوياً حتى تستطيع القيام بمهامها على أكمل وجه.

ــ الوزير جبق أطلق شعار <إغلاق أي مستشفى لا تستقبل الحالة الطارئة وممنوع أن يموت مريض أمام أبواب المستشفيات>. فماذا تقول عن ذلك؟

- لن أعلق على هذا الموضوع ولن أدخل في مقاربة أو تقييم للوزير الجديد، فهو يأخذ وقته كاملاً حتى يعرف ماذا يواجهه في الوزارة، وما يقوله أو يفعله تبقى خياراته ومواقفه، ونحن علينا أن ندعم القطاع الصحي لأنه يعني كل اللبنانيين بدون استثناء بغية المحافظة على بيئة صحية سليمة وبلد خال من الأمراض والأوبئة وانتشارها بدءاً من اللقاحات وصولاً الى الاستشفاء.

خطة الكهرباء والموازنة!

ــ خطة الكهرباء سلكت طريقها، فهل أنتم راضون عنها بعدما استجابت للتعديلات التي طرحتموها؟ وهل سترى النور 24 على 24 ساعة؟ أم ستجهض هذه الخطة كما حال غيرها؟

- خطة الكهرباء انطلقت عام 2010 وتمّت الموافقة عليها، وكذلك عام 2017 ولو بطريقة مختلفة، لكن على أرض الواقع لم تصل الى حلول وتم التركيز على جزء صغير منها وهو تأمين الطاقة المؤقتة ولم تنفذ بكامل بنودها، واليوم نأمل أن تكون العبرة في التنفيذ، خاصة وأن كل القوى السياسية وضعت أفكارها وتنافست حول الخطة وأقرت في مجلسي الوزراء والنواب لكن لا بد من السعي للاهتمام بمشكلة الإنتاج وحل أزمة النقل على الشبكة قبل زيادة الطاقة الإنتاجية، فكل هذه الخطة لا يمكن أن تنفذ في أجواء غير مريحة كما كان الحال في السابق، لكن كما يبدو فالخطة انطلقت بأجواء ايجابية وبدأ العمل بها.

وأضاف:

- نحن سنتابعها لكي نتأكد بأن الخطة سائرة نحو التنفيذ كما يجب وأن الحكومة تعطي الدعم الكافي لوزارة الطاقة حتى تنجز كامل بنود الخطة، وبالتالي فالخطة بداية الطريق وليست نهايته.

ــ من الطبيعي أنك اطلعت على مشروع الموازنة بكل تفاصيله بما في ذلك مسألة تخفيض العجز، فكيف تقرأ ذلك؟ وهل فعلاً المشروع يطاول رواتب موظفي القطاع العام؟

- دخلت في كل التفاصيل، والخطوة الإيجابية الأولى أن المشروع أتى الى طاولة مجلس الوزراء لتتم مناقشته بهدوء، ونحن سبق وطالبنا رئيسي الجمهورية والحكومة العماد ميشال عون وسعد الحريري بالإسراع بتحضير هذا المشروع ووضعه على طاولة مجلس الوزراء لأنه المكان الأصلح والأفضل للنقاش والدرس. وكما يبدو فإن المشروع خاضع للنقاش والأهم في الموازنة أساساً ليس أن تكون فقط تقشفية بل أن تكون إصلاحية، فالتقشف لتخفيف الكلفة والعجز بدون إجراء إصلاحات بنيوية تخفض العجز على البعيد وكأننا نقوم بعمل مؤقت وليس دائماً، وبالتالي لا بد من إجراءات إصلاحية تطاول كافة القطاعات ومقاربة طريقة وأطر المعالجة والتعامل مع القطاع العام سواء من حيث هيكلية المخصصات والتعويضات الإضافية وما شابه.

ــ تقصد معاشات بعض الموظفين التي تفوق الوصف خاصة في مجالس الإدارة والمصالح المستقلة؟

- أقصد كل المعاشات والتعويضات التي يتم الحديث عنها وبات الإعلام يتناول بعضها، إضافة الى الاصلاحات العامة للهيئات الموجودة وإعادة النظر في بعضها خاصة التي أصبحت بدون جدوى.

تخفيض العجز وتفاهم معراب

ــ وماذا عن تخفيض الرواتب؟

- لدينا خطوات عديدة جداً قبل الوصول الى تخفيض الرواتب، فلا يمكن تجزئة الموازنة بل ينظر إليها بشمولية، لأن الموازنة أساساً تتبع مبدأ الشمولية، وبالتالي علينا أن ننظر إليها بشكل كامل، فلا أحد تطرق الى خفض الرواتب، لكن لا بد في مكان ما من اتخاذ خطوات لتحقيق أهداف الموازنة بدءاً من الإصلاحات البنيوية وهذه ليست عملية تخفيض تكاليف بل عملية إصلاح في الجباية ورفع العائدات، بمعنى أن الضرائب التي تحصلها الدولة لا فائدة من رفعها، وعلينا البدء بتحصيل الضرائب والجمارك وإصلاح هيكلية  القطاعات حيث بدأنا بالكهرباء وعلينا المتابعة في الاتصالات وكيفية تعامل الدولة مع خدمة الدين وتخفيض الكلفة التشغيلية للدولة.

واستطرد قائلاً:

- من هنا فإن تخفيض الرواتب والأجوار بشكل عشوائي غير جائز بل لا بد من عملية هيكلية قد تسبب فائضاً في المصاريف في غير مكانها بما في ذلك التوظيف العشوائي وتعزيز العائدات من كافة الأماكن. ونحن كقوات قدمنا ورقة عمل تتضمن كل الإيجابيات من ناحية تخفيض العجز من خلال زيادة الإيرادات وخفض الإنفاق وعدم زيادة الديون قبل معالجة خدمة الدين العام بشكل جدي، وإذا تحققت هذه الأفكار وتوافقنا حولها يمكن الوصول الى موازنة حقيقية نتمكن من خلالها وضع الاقتصاد على السكة المالية الصحيحة حتى يخرج لبنان من الأزمة التي يتخبط بها ويصل الى إصلاح جدي ومواجهة جدية على مستوى مكامن الفساد وترشيد الإنفاق وخفض العجز بحيث تتحول الأزمة الى فرصة تنقلنا الى شاطئ الأمان وننتقل من إدارة دولة مزرعة الى إدارة دولة حقيقية تلبي طموحات وتطلعات كل اللبنانيين، خاصة وأن الموازنة تخص الجميع ولا بد أن تكون بعيدة عن المزايدات لاسيما وأن الوضع دقيق ولا يتحمل التأخير في الإصلاح المطلوب.

ــ يبدو أن الخلاف مع التيار الوطني الحر ينتقل من ملف الى ملف آخر. فما مصير تفاهم معراب؟

- الخلاف يتعلق بوضع كل ملف حيث نتفق في بعض الملفات ونفترق في اخرى. وبالأمس، اتفقنا على خطة الكهرباء بعد الاستجابة لطلب التعديلات، فيما التفاهم قائم، ولو كنا نتمنى أن يكون الأداء أفضل، إنما حصل ما حصل على أمل أن يحصل تناغم أكبر في المستقبل لخير الجميع على مستوى الشارع الوطني والمسيحي خاصة وأن هذا التفاهم أراح الجميع وكان له الوقع الإيجابي عند الجميع.

التعيينات وتسريب محضر واشنطن

 

ــ يقال إن التعيينات الإدارية حالياً هي موضع نزاع بينكما وتتهمون التيار بالاستئثار بالحصة المسيحية من الوظائف. فهل هذا صحيح؟

- أكيد، وهذا ما أبلغناه للجميع وقلنا إن المطلوب أن يتم التعيين وفق آلية محددة بعيداً عن المحسوبيات الحزبية وتقاسم الحصص.

ــ هل الحل بالعودة الى آلية وزارة الدولة لشؤون التنمية الإدارية؟

- لا مشكلة في أي آلية بل المهم أن يتم الاختيار وفق آلية محددة وتكون هناك عدالة في التوظيف ولا يستأثر أي طرف سياسي بهذا الملف.

ــ كيف تلخص ما حصل من تسريب لوقائع اجتماعكم مع مساعد وزير الخارجية الأميركية <مارشال بيلنغسلي>؟

- بغض النظر عما دار من حديث معه وما إذا كان هذا التسريب تشوبه شوائب فلا يجب أن يحصل مثل هذا التسريب من منظومة وزارة الخارجية التي من واجبها إجراء تحقيق كامل وشفاف باعتبارها المعنية الأولى بالموضوع، ونحن نطالبها بذلك لأنه لا يجوز التغاضي عما حصل كأمر عابر، خاصة وأنه يضع صدقية الدولة على المحك لأن السلك الديبلوماسي يعد محاضر جلسات يفيد أن فيها حدثاً أساسياً ومهماً ويرسلها الى وزارة الخارجية، وبالتالي يتوجب حماية هذه المحاضر الرسمية من التسريب لتفادي الحرج مع جهات دولية أخرى وليس فقط الجهة اللبنانية.

وأضاف:

- نحن اليوم طالبنا الخارجية بإجراء تحقيق كامل وشفاف لوقف هذا التجاوز الذي حصل اليوم وقد يحصل مع آخرين غداً وكي لا يطعن بصدقية السلك الديبلوماسي ووزارة الخارجية على أمل أن يتم إجراء هذا التحقيق في أسرع وقت حتى نعرف نتائجه لأن ما حصل أمر خطير لا يمكن السكوت عنه. ونحن على أي حال طالبنا الولايات المتحدة بتحييد الإجراءات الأميركية عن القطاع المصرفي لأنه عمود أساسي في الاستقرار، وكذلك استمرار دعم الجيش اللبناني، كما طرحنا بعض الأفكار لدعم القطاع المالي، وبالتالي ما نُشر من تسريب كان خارج السياق الفعلي.