تفاصيل الخبر

نائب كتلة ”المستقبل“ السابق الدكتور عاطف مجدلاني بكل صراحة: الـــــرئـيـس الـحريـــــري لـيـــــس فـــي وارد الاعـتـــــذار ولا بـديــــــل عـنــــه وإن وُجـــــد فــالـفـشل مـصـيـــــره!

14/12/2018
نائب كتلة ”المستقبل“ السابق الدكتور عاطف مجدلاني بكل صراحة: الـــــرئـيـس الـحريـــــري لـيـــــس فـــي وارد الاعـتـــــذار  ولا بـديــــــل عـنــــه وإن وُجـــــد فــالـفـشل مـصـيـــــره!

نائب كتلة ”المستقبل“ السابق الدكتور عاطف مجدلاني بكل صراحة: الـــــرئـيـس الـحريـــــري لـيـــــس فـــي وارد الاعـتـــــذار ولا بـديــــــل عـنــــه وإن وُجـــــد فــالـفـشل مـصـيـــــره!

 

بقلم حسين حمية

غابت بعض الوجوه النيابية عن العمل البرلماني والتشريعي لاسيما ممن كانوا يتسلمون رئاسة بعض اللجان الذين خسرهم المجلس نظراً لتراكم خبرتهم في المطبخ التشريعي وفي تقديم مشاريع واقتراحات القوانين ومنهم النائب السابق عن بيروت الدكتور عاطف مجدلاني الذي ترأس لجنة الصحة النيابية لمدة 18 عاماً هي فترة نيابته منذ العام 2000. فماذا يقول عن هذه التجربة وكيف يقارب الملف الصحي في لبنان؟

<الأفكار> التقت الدكتور عاطف مجدلاني داخل منزله في محلة مار تقلا ــ الحازمية وحاورته في هذا الخضم بالإضافة الى شؤون وشجون الوضع الداخلي لاسيما التأليف الحكومي المتعثر رغم مرور أكثر من 200 يوم على تكليف الرئيس سعد الحريري تشكيل حكومة ما بعد انتخابات أيار (مايو) الماضي.

وسألناه بداية:

ــ لم تعد نائباً ولا تواظب على مهنة الطب بسبب النيابة لمدة 18 عاماً، ألا تشعر بالملل والزهق؟

- لا طبعاً، وصحيح ان الكثير من الأمور تغيرت بعدما كان كل وقتي مملوءاً بالأعمال، واليوم أصبح لديّ فراغ ومع ذلك أشغل نفسي بالعديد من الأعمال بدءاً من رؤية الأصدقاء الى التعاون مع منظمة الصحة العالمية حتى نبقى في جو السياسة الصحية.

ــ سبق وأوقفت عملك كطبيب بعد فوزك بالنيابة، فهل تفكر بالعودة الى عملك الأساسي؟

- لا.. فأنا توقفت منذ أكثر من عشر سنوات، ولكي أعود الى ممارسة الطب تلزمني إعادة تأهيل من جديد، وهذا أمر يلزمه سفر لمدة ثلاثة أشهر وغير ذلك بما لا يناسبني، ولذلك لا أزال متوقفاً عن مزاولة المهنة وسأبقى، إلا ان الأمر لا يخلو من تقديم مشورة صحية بخصوص بعض القضايا المتعلقة باختصاص الجهاز العصبي، لاسيما وانني كنت بكل تواضع من أكبر أطباء الأعصاب في لبنان.

ــ لماذا وقع الخيار على ألا تكون نائباً واختير بدلاً منك النائب الحالي نزيه نجم؟

- حصل تفاهم بهذا الخصوص بيني وبين الرئيس سعد الحريري.

ــ راضٍ عن النائب البديل نزيه نجم؟

- طبعاً، فقد بدأ جديداً وأعتقد أنه سيثبت وجوده لاسيما وأنه رئيس لجنة الطاقة والأشغال، على أمل أن يكمل ما سبق وأنجزه زميلنا السابق محمد قباني الذي كان مجلياً في رئاسة هذه اللجنة.

ــ بشكل عام كيف قاربت الانتخابات من خلال القانون الجديد لاسيما انتخابات بيروت؟

- أعتقد ان قانون الانتخاب <أعوج> وهو ارثوذكسي مقنّع وأقف ضده لأنه طائفي بامتياز خاصة لجهة تضمينه الصوت التفضيلي.

ــ كيف ترى القانون الأمثل؟

- النسبية لا تصلح للبنان طالما ان نظامه طائفي، فالدول التي اعتمدت النسبية اعتمدت في المقابل التصويت الحزبي والأشخاص الذين يترشحون إنما يترشحون على أساس حزبي وليس على أساس أفراد، والحزب هو الذي يقرر من يترشح ومن هو الأول والأخير، ونحن نظراً للتعقيد الطائفي والمذهبي فالنسبية تتحول الى نسبية طائفية ومذهبية. وبالتالي فلا يمكن اعتماد النسبية المطلوبة في ظل التوزيع المناطقي والطائفي والمذهبي والسياسي ما يعطل النسبية الحقيقية والدليل ان التصويت للأسف كان طائفياً ومذهبياً بشكل فاقع.

ــ أكثر من 70 نائباً جديداً وصلوا الى البرلمان، فهل يشهد المجلس حيوية في تقديم مشاريع واقتراحات القوانين أكثر من المجلس السابق؟

- صحيح، فالنواب الجدد سيتحركون بشكل أكثر فعالية وهم متحمسون كونهم يتمثلون لأول مرة، لكن المجلس الحالي يفتقد الى وجوه حقوقية قانونية كانت موجودة في المجلس القديم وخسرها المجلس، حيث يوجد حقوقيون لامعون في المجلس السابق مع احترامي لكل الحقوقيين الموجودين الآن لاسيما وان التشريع يلزمه أهل الاختصاص والعلم الدستوري.

 

تجربة النيابة لمدة 18 سنة

 

ــ 18 سنة من النيابة أي منذ العام 2000 فكيف تختصر لنا هذه التجربة؟

- كانت تجربة مفيدة علمتني الكثير من الأمور في القوانين والتشريعات وكيفية التعاطي، وهناك قوانين أقرت أخذت الكثير من وقتي وجهدي وفهمت ان اقرار القوانين يلزمه تفاهم سياسي وإلا تبقى حبراً على ورق فلا تقر المشاريع والاقتراحات ولا تطبق أيضاً. وأنا لدي تجربتان رسختا في ذهني لأنهما أخذتا الكثير من الوقت والجهد، القانون الأول هو سلامة الغذاء الذي أخذ مدة عشر سنوات من الدرس والنقاش في اللجان حتى أقر رغم كل محاولات مسخه وإلغائه لكن في النهاية مع المثابرة والمجهود سلك الطريق الصحيح وأقر. وصحيح انه لا يزال حبراً على ورق لأن المراسيم التطبيقية لم تصدر بعد وكذلك لم تعين الهيئة الوطنية لسلامة الغذاء، لكن المفروض أن يحصل ذلك حتى يصبح القانون نافذاً، فيما القانون الثاني الذي أفتخر بأنني من قدمت الاقتراح بخصوصه وعملت لمدة سبع سنوات حتى أقر وصدر وهو قانون الحد من التدخين أي منع التدخين في الأماكن العامة. وأنا ألتقي اليوم بالكثير من الأشخاص الذين يشكرونني بسبب صدور هذا القانون.

ــ هل ندمت خلال هذه السنوات على شيء لم تستطع أن تفعله؟

- ندمت أنني لم أستطع أن أنجز قانون التقاعد والحماية الاجتماعية أي ضمان الشيخوخة رغم أننا بدأنا به في لجنة فرعية وعقدنا اجتماعات مكثفة لكننا لم نستطع أن نصدر تقريراً به رغم اننا أنهينا الدراسة التقديرية وبقي المطلوب انجاز الدراسة الاكتوارية حتى نحدد الاشتراكات كي يستطيـــع هــــذا النظـــام تغطية التقاعـــد والاستفادة الصحية.

ــ هل هناك تعطيل سياسي له أم ماذا؟

-  طبعاً في موضوع المرجعية فهناك فريق سياسي يقول إن هذا النظام يجب أن يكون من ضمن الضمان الاجتماعي، وفريق آخر يرى ان هذا النظام يجب أن يكون مستقلاً لأن الضمان الاجتماعي لا يستطيع تحمل مثل هذا النظام خاصة مع التعثر الحاصل في الضمان وكيفية إدارته وتنظيمه والنقص في التمويل والمخالفات القانونية لتغطية العجز، حيث يستعيرون الأموال من نظام نهاية الخدمة لتغطية عجز المرض والأمومة في ظل عدم دفع مستحقات الدولة للضمان، وبالتالي لا بد أن تكون لهذا النظام إدارة مستقلة وحكيمة ومتخصصة لتشغيل الأموال وكيفية الاستفادة منها على أمل أن يقره المجلس يوماً لأنه لا يمكن للبنان أن يبقى بدون هذه الحماية والإبقاء فقط على تعويض نهاية الخدمة، رغم اننا كتيار <مستقبل> تقدمنا باقتراح قانون لتأمين الاستشفاء والطبابة لمن هم فوق عمر الـ64 الذين أنهوا خدمتهم وتقاعدوا من الضمان على أن يدفعوا 9 بالمئة من الحد الأدنى للأجور لكي يستمروا مسجلين في نظام المرض والأمومة هم وعائلاتهم.

انجازات لجنة الصحة

 

ــ كنت رئيساً للجنة الصحة طوال نيابتك، فما هي انجازاتكم هنا؟

- هناك الكثير من الانجازات بحيث تم اقرار أكثر من 34 قانوناً من بينها تعديل المادتين 46 و47 من قانون مزاولة مهنة الصيدلة الذي سمحنا للصيدلي بهذا التعديل أن يستبدل دواء بآخر أرخص شرط أن تكون لديه الجودة نفسها والفعالية، وهذا التعديل كان وراء إقرار الوصفة الطبية الموحدة التي كان مفعولها ايجابياً على أسعار الأدوية التي شهدت تخفيضاً بلغ حدود 50 بالمئة.

ــ ومع هذا يقال إن لبنان أغلى بأسعار الدواء من دول الجوار. فما سبب ذلك؟

- هذا صحيح، لأن طريقة تسعير الدواء تختلف وكذلك الأسس التي تعتمدها هذه التسعيرة، وهناك عدة أمور لا بد من أخذها بعين الاعتبار وهي اننا نأخذ أسعار الأدوية لدى الدول المجاورة التي تتبع النظام نفسه مثل الأردن والسعودية، عكس تركيا التي تعتمد الصناعة الوطنية المدعومة من الدولة وتمنع من تصديرها الى الخارج عكس لبنان الذي يعتبر سوقه مفتوحاً، ولذلك تختلف الأسعار بسبب ذلك وبسبب آلية التسعير علماً أن لبنان لديه مصانع أدوية وأسعارها منافسة وجودتها فعالة.

ــ وماذا عن الأدوية المزورة والمهربة؟

- هذا موضوع عالمي تعاني منه كل البلدان والتصدي له يتم عبر دوريات تفتيش على الصيدليات تقوم بها وزارة الصحة بالتعاون مع نقابة الصيادلة وطبعاً مع النيابة العامة، وسبق أن أغلقت بعض الصيدليات والمستودعات التي اكتشف فيها أدوية مهربة ومزورة، فالأمر يعتمد على صدقية الصيدلي في النهاية لأن نقابة مستوردي الأدوية وضعت نموذجاً على كل علبة دواء حتى تقول إن هذا الدواء مضمون من قبلها وإذا الصيدلي اشترى من هذه الأدوية يكون قد تفادى أي غش سواء كان تهريباً أو تزويراً، لكن بعض الصيادلة يضعفون ويشترون من <بائعي الشنطة> وهذا أمر خاطئ لكن العدد قليل منهم.

ــ لجنة الصحة اليوم في يد زميلك السابق الدكتور عاصم عراجي. فهل تعتقد انه سيكمل ما بدأته أنت؟

-أكيد، فهو كان المقرر في اللجنة السابقة وسبق أن تعاونا معاً في كثير من الأمور لاسيما اقتراحات القوانين التي سبق أن تقدمت بها ولم يتم البت بها لاسيما موضوع الصيدلة السريرية وحقوق وواجبات المتعايشين مع فيروس <السيدا> إضافة الى قوانين تخص نقابة الأطباء وحصانة الطبيب كي لا يتبهدل في المخافر والنظارات على أمل أن يتبناها ويستكملها.

أهمية البطاقة الصحية

 

ــ ما رأيك في إقرار البطاقة الصحية ولمن الفضل في ذلك؟

- البطاقة الصحية بدأ الحديث بها في عهد الدكتور محمد جواد خليفة في حكومة الرئيس فؤاد السنيورة وحصل تعاون بينهما، وكان هناك مستشارون للرئيس السنيورة عملوا مع الوزير خليفة لوضع أسس هذه البطاقة، لكن العملية توقفت خاصة مع توقف موازنة العام 2010، ونحن أخذنا هذا العمل ووضعناه، بشكل اقتراح ضمن برنامج صحي اجتماعي لتيار <المستقبل> وتقدمنا بالاقتراح الى المجلس، حيث ناقشته لجنة الصحة ووضعت تعديلات عليه. ثم ذهب الى لجنة الادارة والعدل بعد تسلم الوزير غسان حاصباني لوزارة الصحة الذي وضع بعض التعديلات على هذا الاقتراح، وأنهت مناقشته لجنة الادارة والعدل وذهب الى لجنة المال والموازنة التي أدخلت بعض التعديلات عليه، لكن لم يحصل تفاهم حول موضوعين أساسيين هما طريقة التمويل والمرجعية لهذه البطاقة، وحصل فيما بعد تفاهم حول موضوع المرجعية بحيث تكون ضمن لجنة في وزارة الصحة لكن موضوع التمويل لا يزال قيد البحث، إنما إقرار هذا القانون يعتبر أكبر وأهم القوانين ولا بد من ايجاد التمويل اللازم علماً بأن منظمة الصحة العالمية أشارت في اجتماعات لها الى الضرائب المتخصصة لتغطية تمويل البطاقة الصحية. وهي تطال الضريبة على الدخان وعلى الكحول وعلى السكر، لكن المشكلة ان لبنان لا يعتمد الضريبة المتخصصة، فكل ضريبة تذهب الى الخزينة وتصرف من ضمنها، ولذلك لا بد أن يكون الحل بإقرار قانون يخصص الضريبة على الدخان وعلى الكحول لمصلحة تمويل البطاقة الصحية بدل أن يكون الاقتراح كما أشار الوزير حاصباني وضع رسم 8 بالمئة على كل فاتورة هاتف خلوي، لكن البعض يعترض ان هذا الرسم يطاول كل الناس ومن بينهم المضمونون الذين لا يستفيدون من البطاقة.

ــ بشكل عام أنت راضٍ عن مكانة لبنان الصحية؟

- الوضع الصحي في لبنان مقبول وهناك امكانيات كبرى لتحسينه ولا بد من ذلك خاصة في موضوع أسعار الأدوية والبطاقة الصحية للتخلص من الشوائب العديدة، بحيث تخول البطاقة الصحية كل مريض أن يدخل في أي مستشفى تتعاقد معه هيئة تشغيل البطاقة دون التوقف عند السقف المالي الذي يشكل عذراً لبعض المستشفيات التي ترفض دخول بعض المرضى وبالتالي فالبطاقة تلغي السقف المالي المحدد وتؤمن سريراً لكل مريض كما كان شعاري يوم ترشحت للانتخابات لأول مرة وهو <سرير لكل مريض>.

ــ نأتي الى السياسة ونسألك: هل عرقلة التأليف داخلية تتعلق بالحصص أم مرتبطة بالوضع الاقليمي؟

- الإصرار على توزير النواب السنة الستة وتركيب هذا اللقاء التشاوري في آخر لحظة يدل ان العقدة خارجية أكثر مما هي داخلية، خاصة وان العقدتين الدرزية والمسيحية حلتا لأنهما عقدتان داخليتان تتعلقان بالحصص والأحجام، لكن الإصرار على تمثيل النواب الستة يطرح علامة استفهام. فهذا الأمر لم يكن موجوداً في بدايــــة التأليف خاصــــة وان النـــــواب الستـــــة أتـــــوا الى المشــــاورات الملزمـــــة والمشــــــاورات غــــــير الملزمـــــــة فرادى أو مع كتلهــــم ولم يكونوا ضمن كتلة نيابية واحدة وهذه ازدواجية حيث انهم يتمثلون مرتين وهذا غير جائز.

ــ الى أين ستصل الأمور وهل التسوية الرئاسية أصبحت في مهب الريح أم ماذا؟

- لا أعتقد ذلك، وفخامة الرئيس ميشال عون لديه من الحكمة أن لا يسمح لهذا الخلاف بأن يطاول التسوية الرئاسية، وأيضاً لديه من الحكمة والاهتمام بعدم ايصال البلد الى الوضع المأزوم والكارثة الاقتصادية والاجتماعية، ولا بد من أنه سيجد الحل المطلوب لاسيما وأنه عودنا في الأماكن الصعبة أن يجد الحلول ويبتدع الاقتراحات، وسبق أن أعطى مثلاً عن سليمان الحكيم وأنه أم الصبي، ولذلك أتمنى عليه أن يكون سليمان الحكيم ويبتدع الحل خاصة وان الحل ليس صعباً عليه.

ــ هل وارد أن يعتذر الحريري؟

- هذا ليس وارداً. ولو سلمنا جدلاً بأنه اعتذر فلا يوجد في الطائفة السنية مَن مِن الممكن أن يكون بديلاً عنه. وعلى أي حال فقد حصل شيء من هذا القبيل في الماضي عندما سمي الرئيس نجيب ميقاتي ولكن ولايته كانت فاشلة وسلبية على لبنان سياسياً واجتماعياً واقتصادياً، وكذلك فالفشل سيكون مصير من قد يكون البديل للرئيس الحريري هذا إن حصل ولن يحصل.