بقلم حسين حمية
تعرض بيت الكتائب المركزي في الصيفي صباح الأحد الماضي الى اطلاق نار من قبل سيارة من نوع <بي أم اكس 5> أصابت طلقتان مدخلاً لكاراج ورصاصة أصابت غرفة الحرس و3 رصاصات أصابت بلوكات الباطون المسلح، لكن القوى الأمنية سارعت الى القبض على الفاعل. فما سر هذا الاستهداف وهل هي رسالة ترهيب لوقوف الكتائب في صف المعارضة أم ان هناك مخططاً لتوتير الاستقرار الداخلي الذي ينعم به لبنان رغم كل مصائبه؟
<الأفكار> استضافت عضو كتلة الكتائب النيابية الياس حنكش وحاورته في هذا الخضم، بالاضافة الى شؤون وشجون الوضع الداخلي لاسيما ما يتعلق بالوضعين المالي والنقدي واجراءات الحكومة بهذا الخصوص وقرار تعليق دفع سندات اليوروبوند ناهيك عن الدعوة لانتخابات مبكرة والخوف من رعب فيروس <الكورونا>. وسألناه بداية:
ــ كيف قرأت حادثة اطلاق النار على بيت الكتائب وهل هي رسالة ترهيب لكم أم ماذا؟
- لا نريد استباق التحقيق ولا نريد خربطة مساره وننتظر ما سيصدر عنه حتى يبنى على الشيء مقتضاه، لكن إذا كانت رسالة ترهيب وتهديد، فمن قام بهذا العمل يعرف جيداً ان هذا الاسلوب لا يرهبنا ولا يخضعنا ولا نتأثر به وسيبقى بيت الكتائب بيت كل الناس والثورة وسيبقى يطرح الحقائق كما هي من دون زيادة أو نقصان.
ــ هل الاستهداف كونكم في المعارضة وتتضامنون مع الثورة؟
- لا أعرف الأهداف من اطلاق النار وآمل ألا تكون رسالة بل مجرد عمل أرعن لخلق جو من الترهيب، لكن إذا كانت رسالة فهي مرتجعة الى أصحابها ولن تثنينا عن مواقفنا الواضحة.
الثورة مستمرة والوعي انتشر!
ــ على سيرة الثورة،أين أصبحت بعد انطلاقتها في 17 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي وهل حققت أهدافها ولا تزال فاعلة؟
- الأكيد ان الثورة لا تزال مستمرة وهي اليوم تلتقط أنفاسها، إلا ان الوعي الشعبي انتشر ولن يخمد مجدداً والثوار لديهم مطلب واحد اليوم وهو اجراء انتخابات نيابية مبكرة جديرة بأن تعيد تكوين السلطة من جديد وتعيد الأمور الى نصابها بعد كل ما جرى من تبدل للمزاج الشعبي خلال الأشهر الماضية وثورة الناس على السلطة القائمة.
ــ وهل هذه الانتخابات واردة وإن كان حزب الكتائب أول من طالب بها واتهم بأنه يريد رفع عدد مقاعد نوابه الثلاثة؟
- هذا ليس مطلب حزب الكتائب فقط وانما هو مطلب أكثرية اللبنانيين لاسيما الذين نزلوا في 17 تشرين الأول (أكتوبر) الى الشارع، ونحن لو كنا نفكر في هذا الأمر لكان الأسهل علينا نسج تحالفات أخرى تخالف مبادئنا وثوابتنا أو نبقى في صف المعارضة ولا نشارك في الحكومات القائمة، ولا نفكر في حسابات نائب بالزائد أو نائب بالناقص، بل نفكر في إرادة شعب أراد التغيير، وحان الوقت لكي يبنى الوطن على أسس جديدة علماً بأن النتائج قد تتكرر هي ذاتها إذا جرت هذه الانتخابات أو بشكل أكبر لصالح الطبقة الحاكمة لكن الأساس ان الجمود الحاصل في البلد وعدم قدرة السلطة على إحداث تغيير نوعي وأساسي يدفع للقول إن الانتخابات هي الفيصل لكي يقول الشعب كلمته ويتحمل مسؤولية خياراته، خاصة وان الشعب اللبناني لا يثق بالسلطة القائمة ويطالب بتغييرها من ضمن المؤسسات والسلطات.
ــ لكن وفق أي قانون لاسيما وان هناك خلافاً حول القوانين المطروحة، وهل لا زلتم تتمسكون بطرحكم للدائرة الفردية والنظام الأكثري؟
- الأكيد ان أي قانون سيتعثر، خاصة وان هذا المجلس بالذات لن يتفق على أي قانون، لكن لا بد من إجراء الانتخابات مهما كان شكل القانون ليصار الى فرز سلطة جديدة.
ــ وهل القانون الحالي بصوته التفضيلي لا يشكو من شيء بعد تجربته أم لا بد من تعديله وإنجاز قانون جديد؟
- طبعاً نحن مع الدائرة الفردية، لكن اليوم نرى ان هناك ارادة شعب أقوى من كل شيء وحتى لو لم يحقق أي قانون تطلعاتنا لكن ارادة الشعب تعوض عنه ويصار الى سحب وكالة الشعب من النواب ويتم انتخاب نواب جدد ويقرر الشعب ما يريد وهذا شعار يضع الجميع تحت المحاسبة وينطلق منه الاصلاح.
ــ هل ترون ان الشعب أصبح أكثر وعياً وبات حسيباً ورقيباً وتخطى الكثير من الحواجز الطائفية والمذهبية والمناطقية ويمكن أن ينتخب نواباً على شاكلته؟
- أكيد، الشعب وصل الى نقطة اللاعودة الى الوراء بعدما خلق معادلة جديدة، ولكن أي قرار ستتخذه السلطة ستحسب حساب ردة فعل الشعب عليه لأن الشعب سيكون بالمرصاد لها، والشعب اليوم يمارس سلطة رقابية غير مسبوقة وسيتصدى لأي خطأ يحصل.
اليوروبوند وخطة الانقاذ!
ــ البعض يصف قرار الحكومة بتعليق دفع سندات اليوروبوند بالشجاع. فما تقول؟
- اتخذت الحكومة هذا الخيار لانعدام وجود خيار آخر والأمر لا يتطلب أي شجاعة، ولا توجد أموال للدفع، لكن لا بد أن يتزامن ذلك مع انجاز خطة بما فيها هيكلة الديون، ونحن ننتظر خطة الحكومة بهذا الخصوص على أمل ألا تكون على حساب اللبنانيين.
ــ وكيف قرأت خطاب الرئيس حسان دياب بخصوص محاربة الفساد والعمل لتصحيح الأوضاع المالية من دون وعود براقة؟
- لا يعنيني الكلام الانشائي وماذا ستفعل الحكومة، المهم هو التنفيذ والفعل، ولتتفضل الحكومة وتتصرف من دون اخبارنا بأي خبرية. فاليوم هو يوم الأفعال بعدما وقع لبنان في أزمة غير مسبوقة نتيجة كل الممارسات العشوائية من فساد وهدر وسوء ادارة الأمر الذي أوصل البلد الى المأزق ولا يجوز أن تنفض الدولة يدها مما اقترفته بل علينا اصلاح الوضع ووقف كل الممارسات العشوائية خاصة وان كل الأموال طارت نتيجة الفساد الحاصل.
ــ وكيف ترى المدخل الصحيح لأي خطة وما هي عناوينها الرئيسية؟
- أولاً لا بد من اعادة ثقة المجتمع الدولي بلبنان حيث لا يمكن أن نعزل أنفسنا عن العالم، والانقاذ يبدأ عبر خطوات جدية توقف الهدر في الكهرباء وتعمل على تصغير حجم القطاع العام وصولاً الى ضبط المعابر الحدودية والمرافئ والمطار ومنع التهريب.
ــ وأليس من حق الحكومة أن تنال فترة سماح لمدة مئة يوم؟
- لو كان لدينا ترف لكنا قلنا بفترة سماح، انما البلد يعيش أزمة خانقة ولا بد من حلول سريعة، وبالتالي فالاجراءات مطلوب أن توضع على سكة التنفيذ فوراً.
ــ وقعتم مع بعض النواب على عريضة قدمت للسفارة السويسرية تطالب بإعادة الأموال المهربة. فهل يمكن أن يحصل ذلك بما يساعد على انخفاض سعر الدولار المفقود من السوق؟
- هذا صحيح والثوار تظاهروا أمام السفارة السويسرية أيضاً. وأنا سبق والتقيت السفيرة السويسرية <مونيكا شمودز كيرغوز> وقمت بجولة بخصوص التحويلات المالية الى الخارج وخاطبنا حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ورئيس مجلس النواب نبيه بري حيث طالبنا بلجنة تحقيق برلمانية واستدعاء للحاكم رياض سلامة الذي رد وكانت أجوبته مقنعة في بعضها وغير مقنعة في بعضها الآخر، وعرفنا من مدعي عام التمييز غسان عويدات بأن هناك أموالاً حولت الى الخارج ولا بد من معالجة هذا الأمر والضغط على المصارف لتصحيح الوضع خاصة وان بعض الأموال المحولة تشوبها الشكوك حول نظافتها وشرعيتها.
ــ وكيف قرأت قرار النيابة العامة المالية بحق المصارف بهذا الخصوص والذي جمد بقرار من النيابة العامة التمييزية؟
- هذا صراع من نوع تصفية الحسابات، وما يهمنا ألا تعمم التهمة على الجميع خاصة وان هناك بعض المصارف غير منخرطة في تحويل الأموال لكن البعض الآخر متورط وحان الوقت لحساب هذه البنوك وحساب كل السياسات العشوائية التي حصلت ولا بد أيضاً من محاسبة مصرف لبنان.
ــ وهل التعميم الذي أصدره مصرف لبنان بخصوص سعر الدولار وهامش الربح كان لخفض سعر الدولار الذي ارتفع بشكل جنوني؟
- صدرت عدة تعاميم تتعلق بسعر الشراء والبيع، وبالتالي لا يجوز بعد اليوم أن نسخر اقتصادنا لدعم الليرة بل يجب انجاز خطة متكاملة للتوجه الى الاقتصاد المنتج والخروج من الاقتصاد الريعي الذي استفاد منه أهل السلطة.
ــ اللجان اللبنانية ستدرس قوانين الإثراء غير المشروع والسرية المصرفية واستعادة الأموال المنهوبة. فهل هذه القوانين وحدها كافية لضبط الفساد الحاصل؟
- قانون استعادة الأموال المنهوبة سبق أن قدمناه عام 2017 وقانون السرية المصرفية وتناقشه كل اللجان ولا بد من أن نصدر هذه القوانين بسلة متكاملة حتى تعطي مفعولها بدءاً من السرية المصرفية ورفع الحصانة واستعادة الأموال المنهوبة والإثراء غير المشروع، وطلبنا من اللجنة أن يتم اقرار هذه الاقتراحات في سلة متكاملة حتى تعطي النتائج المرجوة، لكن المهم يبقى أولاً وأخيراً التطبيق العملي.
ــ وهل ستحصل محاسبة أم ان المحميات السياسية ستمنع ذلك؟
- هنا بيت القصيد، فالقضاء إذا لم يكن مستقلاً لن يستطيع محاسبة أحد لاسيما أهل السلطة.
ــ ستصدر التشكيلات قريباً ويحكى انها جيدة، هل تأمل أن يعطى القضاء هامشاً استقلالياً معقولاً؟
- نعول على اصرار الرئيس سهيل عبود بأن لا يتدخل أحد في عمل القضاء ونأمل أن يحقق القضاء استقلاليته الكاملة خاصة مع وجود قضاة أكفاء ونزيهين.
ــ وكيف تقارب الاجراءات الرسمية لمواجهة فيروس <كورونا>؟
- لم تكن هناك جدية في مقاربة الملف منذ البداية بل تم تسييس الملف، وسبق أن طالبنا في البداية بوقف الرحلات من والى إيران إلا ان جواب وزير الصحة حمد حسن كان بأن القرار له تداعيات سياسية وكأن <الكورونا> إيرانية.
ــ لكن تم توقيف الرحلات أخيراً؟
- صحيح، لكن الاجراءات الأولية كان لا بد منها من كل البلدان المصابة بهذا الفيروس على أمل أن يكون الناس واعين لخطورة هذا الوباء وأن يلتزموا باجراءات الوقاية والحماية.
ــ البعض رفض تخصيص بعض المستشفيات الحكومية في المناطق لمواجهة هذا الوباء تماماً كما سبق وحصل في ملف النفايات. فهل هذا جائز؟
- هنا وعلى سيرة النفايات يعكف مجلس الانماء والاعمار على انجاز دراسة بخصوص مطمر برج حمود، لكننا نقول له انه ليس من المسموح بعد اليوم ذلك، مع التأكيد انه لا يجوز تسييس لا <الكورونا> ولا النفايات ولا بد من خطة مستدامة للنهوض بالبلد وإلا سنبقى نعاني من الانهيار والاهتراء والتعثر.
ــ وهل تأمل خيراً من حكومة مواجهة التحديات لاسيما وأن الوزراء من التكنوقراط؟
- أي تكنوقراط وكل وزير شكر رئيس الحزب الذي ساهم في توزيره؟ فهؤلاء امتداد للحكومات السابقة على أمل أن أكون مخطئاً ولكن ما لا يبشر بالخير قضية أن يرثوا موازنة من حكومة سابقة، ونحن لم نر بعد أي فعل منهم بل مجرد كلام ونريد فعلاً وحده هو الكفيل بأن يجعلنا نغير رأينا بهم، حتى اننا استمعنا في جلسة نيابية الى أحد الوزراء وفوجئنا انه لا يعرف قصة فرض ضريبة على استيراد السكر.
ــ وماذا تقول لأهل الحراك؟
- الثورة حققت الكثير من الأجواء الجديدة في البلد وستقدم أكثر حتى نصل الى بلد يليق بالثوار وبمستقبل أولادهم على أمل أن نبدأ بالمحاسبة ورسم خط واضح بين دولة القانون ودولة المزرعة التي نعيش فيها اليوم.