اكتمل عقد مجلس النواب بانتخاب أمل أبو زيد نائباً عن المقعد الماروني الذي كان شاغراً منذ أكثر من سنتين بوفاة النائب ميشال الحلو، لكن المفارقة أن أبو زيد هو النائب المنتخب، فيما النواب الـ127 الآخرون ممدد لهم مرتين. فماذا يقول أبو زيد؟ وكيف يرى الحلول للازمات المتراكمة، وماذا سيحمل في جعبته الى مجلس النواب؟

<الأفكار> التقت النائب الجديد أمل أبو زيد داخل مكتبه داخل مبنى الشركة التي يملكها <OMT> في شارع سامي الصلح عند منطقة بدارو وحاورته على هذا الخط، بالإضافة الى شؤون الوضع الداخلي والملف الرئاسي:

والسؤال البديهي الذي لا بد منه هو:

ــ ما الذي أتى برجل أعمال واقتصاد ناجح إلى المعترك السياسي الحافل بكلّ المطبّات والمصاعب وهل شجّعك الوالد الإعلامي الكبير حكمت أبو زيد على خوض غمار هذه التجربة، وبماذا نصحك؟

- لا شيء يمنع أي رجل أعمال ناجح في قطاعه من الدخول في المعترك السياسي، وإذا كانت في السياسة مطبّات ففي الاقتصاد أيضاً مطبّات، ومن يستطيع تجاوز المصاعب في قطاع الاقتصاد والأعمال بإمكانه تخطّي التعقيدات السياسية وخصوصاً إذا كان قد نشأ وترعرع في بيت تعاطى السياسة والإعلام عن قرب، وطبعاً يبقى للوالد أثرٌ كبيرٌمن خلال خبرته وتجربته الطويلة، ونصيحته الدائمة الحفاظ على الانفتاح والعيش المشترك والتمسّك بالثوابت الوطنية.

ــ جزين كدائرة انتخابية أثبتت أنها برتقالية في الانتخابات الفرعية الأخيرة كما كان الحال في انتخابات 2009، فهل هذا ناتج عن تحالف التيار الوطني الحرّ والقوات اللبنانية وتأييد حزب الله ومهادنة الرئيس نبيه بري أم أن قاعدة التيار البرتقالي متجذّرة هناك؟

- الجميع يعلم أن للتيار الوطني الحرّ قاعدة شعبية كبيرة في جزين والقضاء وقد أثبتت الأرقام في انتخابات العام 2009 هذا الواقع، وجاءت نتائج الانتخابات الفرعية في 22 أيار/ مايو الماضي لتثبت هذه الحقيقة، مضافاً إليها طبعاً تحالفنا مع القوات اللبنانية والتأييد المعلن من حزب الله والمهادنة من قبل الرئيس نبيه بري.

التمديد والشعور بالاعتزاز

ــ أمل أبو زيد يعتبره الكثيرون النائب الشرعي الوحيد على اعتبار أن الآخرين مدّد لهم لمرتين بأسباب موجبة استندت إلى العامل الأمني لكن اختبار الانتخابات البلدية والاختيارية الناجح أمنياً أسقط هذه الذريعة. فكيف تقرأ ذلك وهل تشعر بتميّزك عن النواب الآخرين؟

- أن أكون النائب الوحيد المنتخب حالياً وغير الممدّد له أمر يشعرني بالاعتزاز ولكنّه لا يجعلني متقدّماً على زملائي الذين تمرّس العديد منهم بالعمل النيابي والتشريعي. وكلّي أمل وثقة أن الانتخابات النيابية آتية بعد إجراء الانتخابات البلدية، ونحن في التيار الوطني الحرّ كنّا وحدنا المعترضين مرتين على التمديد وتقدّمنا بمراجعتي طعن أمام المجلس الدستوري، ولكن في المرة الأولى حالت التدخّلات السياسية دون اكتمال نصاب المجلس الدستوري للاجتماع واتخاذ القرار، وفي المرة الثانية برّر المجلس التمديد بالظروف الاستثنائية. وأعتقد حالياً أن معظم الأطراف السياسية باتت مقتنعة بحتمية إجراء الانتخابات النيابية وانتفاء ذرائع التمديد.

ــ هل شعر ابن بلدة مليخ بشيء من التململ لدى أبناء مدينة جزين الذين يتصوّرون أن المقعد كان يجب أن يكون من حصة المدينة وليس الأطراف أم أن الأمر طبيعي ولم تبرز مثل هذه التساؤلات؟

- هذا الأمر بات وراءنا الآن وربما كان من أدوات المعركة الانتخابية، ولكن الأرقام في مدينة جزين أثبتت أن أبناء المدينة يعتبرون قرى وبلدات القضاء مكّملة للقلب، وبالتالي أتت النتائج لتؤكد المؤكد أن مدينة جزين كعاصمة للقضاء هي حصتنا ونحن كجسم نتكامل مع العاصمة وبالتالي نحن حصّتها وجزء لا يتجزأ ولا ينفصل عنها.

ــ الناخب الشيعي كان يعتبرك الأقرب إليه ولم تكن لديه مشكلة في تأييدك رغم الاعتبارات السياسية. فهل هذا ناتج عن طبيعة العيش المشترك في جزين وأسلوب التعامل مع أبناء جبل الريحان تحديداً أم ماذا؟

- نحن أبناء بيئة واحدة والتفاعل القائم بيننا ليس وليد لحظة انتخابية بل كان وليد سنوات وسنوات قبل الانتخابات وتُرجم في الانتخابات وسيبقى بعدها.ونحن في جبل الريحان عشنا معاً في أقسى الظروف واختبرنا معاً المعاناة، وعلى الرغم من كل ما مررنا به، فإن العيش المشترك في هذا الجبل لم يتأثر وبقي عيشاً طبيعياً يعبّر عن طيبة هؤلاء الناس مهما كانت الطائفة التي انتموا إليها.

ــ كيف حال الإنماء في جزين كقضاء وما الذي يعانيه الناس وهل من حرمان هناك وأي من المشاريع التي يحتاجون؟

- ما لفتني أنه في آخر نشرة أصدرها مجلس الإنماء والإعمار تبيّن أن قضاء جزين كان في أدنى مرتبة من تنفيذ المشاريع وصرف الأموال حيث بلغت النسبة 0,54 في المئة، وهذه النسبة غير مقبولة على صعيد قضاء لديه 3 نواب ويعيش فيه 60 ألف مواطن. وهذا الأمر لا يعوّض غياب الدولة عن جزين أيام الاحتلال الإسرائيلي. وقد حصلت حركة جديدة بعد ذكرى التحرير في 25 أيار/ مايو ونفّذ مجلس الجنوب بعض المشاريع إنما لم تكن كافية لتلبية الحاجات وسدّ النقص.

التمديد سقط الى غير رجعة

ــ على ذكر التمديد، فهل إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية حكم بعدم مجرد التفكير بالتمديد حتى أن الرئيس نبيه بري حذّر من ثورة شعبية؟

- أجزم بأن التمديد بات وراءنا لأن الناس باتت متعطشة للتغيير ولم تعد مقتنعة بكل مبررات هذا التمديد.

ــ هل ستجري الانتخابات في اعتقادك وفق قانون الستين النافذ حتى الآن طالما أن أهل الحوار واللجان النيابية المشتركة وقبلهما لجنتي التواصل النيابيتين فشلوا في التوافق على قانون جديد أم أن الجميع محكومون في النهاية بقانون جديد ولو كان أبغض الحلال؟

- ما زال الاتفاق على قانون الانتخاب يعرقل المسار الديموقراطي، ولا يسعني سوى أن أؤكّد على ضرورة عدم حرمان الشعب اللبناني من حقه الدستوري في إيصال صوته والتصويت لممثّليه. ولكن للأسف هناك من لا يرغب في إجراء الانتخابات النيابية لأنه يخشى أن تغيّر نتائجها موازين القوى النيابية تحت قبّة البرلمان. وأعتقد أنه في حال تعذّر الاتفاق على قانون انتخابات جديد، يبقى ضرورياً إجراء الانتخابات حتى ولو على أساس القانون الحالي.

لا خيار إلا العماد عون

ــ ماذا عن الاستحقاق الرئاسي وهل كل الحلول مستعصية إلا بوصول العماد ميشال عون خاصة بعد إعلان معراب وترشيح رئيس حزب القوات سمير جعجع له، وماذا عن التفاهم مع الرئيس سعد الحريري كمعبر إلزامي ليتقدّم اسم الجنرال في السباق طالما أن الحريري لا يزال يتمسّك بترشيح الوزير سليمان فرنجية أم أن الأزمة الرئاسية باتت أسيرة الحلول الإقليمية؟

- بغض النظر عن تمسّكنا بترشيح العماد ميشال عون واعتباره الشخصية الوحيدة التي يمكن أن تحقّق التغيير في قصر بعبدا، فهناك أطراف سياسية تلتزم هذا الخيار. وإن القوات اللبنانية عبر رئيسها الدكتور سمير جعجع أو عبر نائب رئيسها النائب جورج عدوان أكّدت أن لا خيار إلا بالاتفاق على العماد عون أو الذهاب الى مبادرة الرئيس بري بإجراء الانتخابات النيابية قبل الرئاسية. فاليوم جاء تفاهم معراب ليؤكّد أن الغالبية المسيحية باتت مع ترشيح الجنرال عون لرئاسة الجمهورية وبالتالي لا يمكن تجاهل الرأي العام المسيحي وإرادة أكبر حزبين مسيحيين. وبدأنا نلاحظ مرونة أكبر من قبل رئيس اللقاء الديموقراطي النــــــائب وليـــــد جنبــــلاط نحو انتخاب العماد عون. وأعتقــــد أن العقــــدة امام الاستحـقـــــــاق الـــــرئاســي ليست أســـــيرة الحلـــــول الإقليميـــــة بقـــدر مــا هـــــي أسيرة الداخل  الذي مازال يراهن من دون أفق على تغيّر موازين في الخارج تعزّز أوراقه الرئاسية فيما الرهان على الخارج خاسر.

ــ مجلس شورى الدولة قبل الطعن المقدّم من رئيس لائحة <نحنا لجزين> خليل حرفوش وأعلن فوزه مع ثلاثة آخرين من رفاقه هم أنطوان منصور وسليم باخوس ومارون حبيب. فكيف قرأت ذلك وما هي قصة الـ23 ورقة في أقلام عين مجدلين التي استند إليها خصمك ابراهيم عازار للطعن بالنتائج وتالياً ما هي قصة الـ250 ورقة <المعلمة> التي ألغيت وساهمت في إعادة فوز حرفوش ورفاقه؟

- القضاء قال كلمته في الطعن المقدّم من رئيس اللائحة خليل حرفوش ولو وجد ما يعزّز فرضية الطعن ويتعارض مع نزاهة وحرية الانتخابات البلدية في جزين لما تردّد، وبالتالي فإن مجلس شورى الدولة حسم الجدل وأعلن فوز حرفوش ورفاقه. أما بالنسبة إلى ما يحكى عن أوراق في أقلام عين مجدلين فنترك الأمر أيضاً للقضاء ليقول كلمته في حقيقة هذه الأوراق وأهميتها ومدى تأثيرها على نتائج جاءت الفوارق فيها بآلاف الأصوات.