حين تكون صفقة الأسلحة الفرنسية الممولة من المملكة العربية السعودية للبنان في رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع الأمير سلمان بن عبد العزيز، صديق لبنان واللبنانيين، فإن الأسلحة الفرنسية المطلوبة للبنان بهبة الثلاثة مليارات دولار، ستصبح على دفعات في حوزة الجيش اللبناني، ولن يتأخر وصولها، بعدما أبلى هذا الجيش أحسن بلاء في التصدي للارهاب.
وتوقعت المصادر الفرنسية أن يصدر اعلان بين الرياض وباريس حول العقد العسكري الخاص بلبنان والذي تموله المملكة العربية السعودية لتقوية الجيش اللبناني وذلك في شكل تفاهم على تنفيذ العقد تولاه الأمير سلمان مع وزير الدفاع الفرنسي <جان ايف لودريان>.
وقد نال جانب مكافحة الارهاب حيزاً مهماً من المحادثات بين ولي العهد السعودي والرئيس <هولاند>. ومما قاله الأمير سلمان في هذا الخصوص: <لقد دأبت المملكة العربية السعودية من خلال تواصلها مع الأصدقاء على تجسيد ما تتمسك به من قيم ومبادئ اسلامية، ومن ذلك قيم التسامح والاخاء والعدالة والدعوة الى الحوار ونبذ التطرف والعنف ومحاربة الارهاب>.
مئة مليون دولار لمكافحة الارهاب
وزاد الأمير سلمان قائلاً في احتفال الاستقبال الذي أقيم له داخل قصر <الإليزيه>: <لقد أدركت حكومة المملكة العربية السعودية خطورة ظاهرة الارهاب على المجتمع الدولي منذ وقت مبكر حيث دعت الى مؤتمر دولي لمكافحة الارهاب عقد في مدينة الرياض عام 2005، كما دعا سيّدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الى تأسيس مركز دولي لمكافحة الارهاب ليكون جزءاً من الجهود الدولية الرامية الى تعزيز مكافحة الارهاب، بالتبرع بمئة مليون دولار لتفعيل المركز، واننا في هذا الصدد لنأمل أن تسارع الدول المحبة للسلام الى الاسهام بفاعلية في دعم هذا المركز ليكون محوراً فاعلاً وركيزة أساسية للتعاون الدولي لمكافحة هذه الآفة التي تهدد الأمن والاستقرار في العالم..>.
ولم تغب القضية الفلسطينية عن محادثات الأمير سلمان مع الرئيس <هولاند> في قصر <الإليزيه> باعتبارها القضية الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط، وكان الملك السعودي المؤسس عبد العزيز آل سعود، طيب الله ثراه، أول من أعلن تبنيه لهذه القضية بعد حرب 1948. وفي هذا السياق قال الأمير سلمان ضمن خطابه في قصر الرئاسة الفرنسي:
<لقد جاءت مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز التي أصبحت منذ قمة بيروت عام 2002، المبادرة العربية للسلام، لتؤكد هذا الاهتمام حيث تضمنت هذه المبادرة أسس وركائز الحل العادل للقضية الفلسطينية الذي يجنّب الشعب الفلسطيني ويلات الحروب والمعاناة القاسية، ويحقق له تطلعاته المشروعة وإقامة دولته المستقلة تحقيقاً للسلام العادل والدائم في المنطقة. وفي هذا الخصوص نؤكد هنا ان ما تعرض له الشعب الفلسطيني الأعزل من عدوان وحشي مدمر على غزة أمر لا تقره المواثيق والمبادئ الدولية وتستهجنه كافة الشرائع. واننا لذلك نهيب بالمجتمع الدولي أن ينهض بمسؤولياته لتأمين حماية الشعب الفلسطيني من الاعتداءات الاسرائيلية المتكررة. وفي سوريا دعونا الى تنفيذ قرارات مؤتمر جنيف وما تضمنه من تشكيل هيئة حكم انتقالية تملك صلاحيات تنفيذية كاملة>.
لبنان والعراق
وعن لبنان قال الأمير سلمان: <اننا نأمل أن يتم الاتفاق على رئيس يجمع كل الفرقاء، ويمكّن لبنان من تجاوز أزمته الحالية>.
وعن العراق قال سموه: <لقد رحبنا بالتوافق الذي حصل في العراق واختيار قياداته متمنين لهم النجاح في تشكيل حكومة وحدة وطنية تحرص على وحدة العراق وأمنه واستقراره وسلامة أراضيه>.
وعن اليمن جارة المملكة العربية السعودية قال الأمير سلمان:
<إننا فيما يتعلق بالشأن اليمني إذ نعرب عن قلقنا البالغ لتدهور الوضع الأمني فيه، وما يتم القيام به من أعمال تهدف الى تقويض العملية السياسية التي تستند الى المبادرة الخليجية، لنأمل أن يسود الأمن والاستقرار في اليمن والالتزام بالشرعية وما صدر عن مجلس الأمن في هذا الشأن. ولقد دعمنا كل هذه المبادرات والمواقف السياسية بمساعدات انسانية وتنموية، وبرغبة جادة في تحقيق السلم والأمن والاستقرار السياسي في دول المنطقة>.
وعن دور المملكة في مجموعة العشرين التي تضم فرنسا كعضو رئيسي قال الأمير سلمان: <لقد أدركت المملكة دورها في مجموعة العشرين وعملت ما في وسعها لتعافي الاقتصاد العالمي بعد الأزمة التي مر بها فزادت من انفاقها على البنية الأساسية ومن دعمها لصناديق التنمية الاقليمية والدولية. وأخذت بنهج معتدل لتأمين الاستقرار للسوق البترولية مراعاة لمصلحة المنتج والمستهلك، وقامت المملكة بمسؤولياتها وقت الأزمات في توفير الامدادات البترولية مدركة لدورها ومسؤوليتها تجاه الاقتصاد العالمي>.
<هولاند> ولبنان
وأضاف الرئيس الفرنسي قائلاً: <إن تعاوننا السياسي وطيد الى حد بعيد، إذ تم تعزيزه بتعاون عسكري قيّم للغاية. فقد أقام جيشنا أنشطة عمليائية منذ زمن بعيد في مجالات حاسمة لأمن المملكة، وأود أن أتقدم بالشكر الى المملكة العربية السعودية للثقة التي توليها للخبرة والتكنولوجيات الفرنسية في ما يتعلق بدفاعها الخاص، بل أيضاً دفاع بلدان المنطقة، وتتجلى هذه الثقة والتعاون في لبنان حيث نستعد لنزوده معاً بتجهيزات يحتاجها لبنان من أجل تحقيق أمن اقليمه وسلامة جميع طوائفه>. وفي خطابه أمام الأمير سلمان قال الرئيس الفرنسي <فرانسوا هولاند>: <إن فرنسا تدعم مبادرة السلام العربية التي بلورتها المملكة العربية السعودية عام 2002 في قمة بيروت متطلعاً على العمل معاً على انعاشها>.