تفاصيل الخبر

ناقوس أخطار "كورونا" على الصحة والمجتمع والوطن...  

12/04/2020
ناقوس أخطار "كورونا" على الصحة والمجتمع والوطن...  

ناقوس أخطار "كورونا" على الصحة والمجتمع والوطن...  

بقلم  البروفيسور ناجي الصغير

[caption id="attachment_76941" align="alignleft" width="347"] فيروس "كورونا" القاتل... تداعياته ليست صحية وحسب بل اقتصادية واجتماعية خطيرة[/caption]

يقوم رئيس مجلس الوزراء الدكتور حسان دياب وكافة وزرائه بجهود جبارة لمواجهة وباء "كورونا" الصحي الكارثي في ظل ظروف اقتصادية واجتماعية صعبة جدا، و‏تدعمهم وسائل الإعلام ببرامج التوعية للمواطنين وحملات #خليك_بالبيت و #إلزموا_منازلكم وحملات التبرعات وتغطية نشاطاتهم.

تتجاوب أكثرية المواطنين ما عدا البعض الذي لا يلتزم ويعرض نفسه وعائلته للخطر، وان عدم تشدد الدولة بفرض الحجر المنزلي والإجراءات الحكومية الجديدة التي سمحت للمواطنين بالتنقل حسب رقم السيارة (مفرد مجوز) قد تطيح بالإنجازات الحالية وتتسبب بضرر صحي كبير على كل المجتمع والجسم الطبي، بالإضافة إلى التسبب بإطالة مدة الحجر المنزلي الى ما بعد فصل الصيف، وإلغاء العام الدراسي والجامعي بالكامل، وتعطيل طويل للأشغال والاعمال والمدارس والجامعات والمؤسسات العامة والخاصة، الامر الذي ينذر بكوارث اقتصادية ومالية ومعيشية واجتماعية خلال فترة وباء "كورونا " وبعدها.

ومن باب المسؤولية العامة والحرص والمحبة، ‏كثيرون منا يودون بل يجب عليهم تدوين ورفع الملاحظات والانتقادات ‏البناءة. ‏فمنذ الحالة الأولى في 22 شباط (فبراير) الماضي وحتى يوم البارحة السبت كانت هناك 619 اصابة في لبنان و20 حالة وفاة و77 حالة شفاء وحالات اخرى في العناية الفائقة... وهذه الأرقام الحالية توحي بالطمأنينة بأن لبنان يتجه نحو السيطرة القريبة على وباء "كورونا"، ولكن هناك تخوف بأن الأرقام الحالية لا تعكس بشكل دقيق حجم انتشار "كوفيد-19" بسبب قلة عدد الفحوصات وحصرها أولا في مركز واحد (مستشفى رفيق الحريري الجامعي) ثم إضافة بعض المراكز الجامعية معظمها في بيروت، ولكونه يتم فقط فحص المشتبه بهم والذين يصلون اليهم. ولقد وعد وزير الصحة الدكتور حمد حسن الذي يعمل بصدق ليلا ونهارا باستيراد المستلزمات وإجراء فحوصات اكثر في مراكز صحية معترف بها خارج بيروت وفي المناطق البعيدة مما سوف يزودنا بإحصائيات أقرب إلى الواقع نبني على أساسها سياسة أفضل لمجابهة الوباء. فالإسراع في تأمين زيادة فحوصات "بي سي ار" و"الفحص السريع للمضادات العضوية ضد الفيروس في الدم" سوف يخفف من وطأة المرض وانتشاره بين أعضاء الجسم الطبي ويساعد على إعادة الناس الى اشغالها وعودة الحركة الاقتصادية، لذلك فانه من غير المقبول أن يتم تأخير الاستيراد الى 1 أيار (مايو) المقبل كما ذكرت وزارة الصحة.

[caption id="attachment_76942" align="alignleft" width="146"] البروفيسور ناجي الصغير: نحتاج الى تضامن اجتماعي وليس فقط تباعد مسافاتي[/caption]

‏ورغم ان الإجراءات التي تقوم بها وزارة الصحة والحكومة لتأمين عودة الطلاب واللبنانيين العالقين ‏في بلدان العالم ومن ثم فحصهم وعزلهم في الفنادق والبيوت قد لاقت ارتياحا كبيرا عند الجميع، إلا انه إذا ظهرت حالات اصابات كثيرة بينهم، خاصة انه لا يتم فحصهم قبل الصعود إلى الطائرة، فهذا قد يتسبب بمتطلبات طبية واستشفائية إضافية كثيرة وباطالة فترات البقاء في المنازل وبتداعيات اقتصادية واجتماعية جمة، لاسيما اذا لم يتم الحجر والعزل والفحص كما يجب وحصل انتشار ‏زائد، فعندئذ قد لا تستطيع مستشفياتنا وطاقمنا الطبي الإستيعاب. اما بالنسبة الى مئات والاف المغتربين فلا يمكن استيعابهم فورا، ولكن ربما بعد أن نكون قد أصبحنا متأكدين من قدراتنا وتجهيز انفسنا... ولا بأس بأن تطلب الحكومة منهم أن يساهموا بتأمين المستلزمات وأدوات الفحوصات للمستشفيات مثل تأمين كميات كبيرة من ماسك وطاقم حماية للأطباء والممرضات والموظفين وحتى تجهيز مراكز حجر وعزل واستشفاء وعناية مركزة وماكينات اوكسيجين وآلات تنفس اصطناعي قد نحتاجها لهم.

‏أما بالنسبة لصحة الرؤساء والوزراء والمسؤولين النشطاء ولحرصنا على عدم انتقال العدوى لهم شخصيا وللناس الذين يجتمعون بهم، فإننا نتمنى عليهم أن يلتزموا بتعليمات التباعد المسافاتي والتباعد الاجتماعي لأننا نخشى بأن حضورهم الى المطار مثلا وغيره قد يعرضهم هم وقوى الأمن والصحافيين والمصورين والموظفين لإلتقاط الفيروس ومن ثم نشره على من يجتمعون بهم لاحقا وذلك حتى في فترات ما قبل ظهور اعراض "كوفيد-19" عليهم.

‏أما وقد مددت الحكومة قرار التعبئة العامة إلى تاريخ 26 الجاري، وبما ان المراقبين والإحصائيين يتوقعون ان يحصل المستوى الأعلى للإصابة في لبنان وسط شهر إيار (مايو) المقبل، فإن التعبئة العامة قد يتم تمديدها إلى شهرين او ثلاثة أو أكثر، الامر الذي قد يؤدي إلى ارتفاع بأعداد المواطنين الذين لا يلتزمون أو لا يستطيعون أن يلتزموا بالبقاء في المنازل ("إنما للصبر حدود" كما غنت أم كلثوم، و"يا أصحابي يا أهلي يا جيراني أنا عايز أخذكن بأحضاني" كما غنى عبد الحليم حافظ) ولذلك فإننا نرحب بمبادرات واجراءات زميلنا الدكتور رمزي مشرفية ووزارة الشؤون الاجتماعية لمساعدة من يسمونها العائلات "الفقيرة" أو"المحتاجة"، كما نرحب بحملات تبرعات المؤسسات الإعلامية والجمعيات الأهلية وتوزيع العينات على البيوت، ولكنها وحدها لن تكون كافية... فلقد رأينا كيف أن الدول ترصد مئات مليارات الدولارات للصمود والتخطيط لمرحلة ما بعد جائحة "كورونا" الحالية، لذلك نطالب بإعطاء الحكومة اللبنانية سلطات استثنائية لتستطيع تأمين احتياجاتها المالية لكي لا ينهار البلد بالكامل. وبما انه من الصعوبة بمكان استعادة الأموال المنهوبة خلال جائحة "كورونا" في الأشهر الثلاثة او الأربعة المقبلة، وبما أن مصرف لبنان يقول أنه يملك احتياطا ماليا قدره 26 مليار دولار أميركي، فيا ليت الحكومة تلجأ الى تشريع يسمح لها باستعمال جزء من هذا الاحتياط المالي لمواجهة الوباء ومساعدة ليس فقط العائلات الفقيرة والمحتاجة بل أيضا لتأمين استمرارية معظم الناس والعائلات التي اضطرت للبقاء في بيوتها بدون عمل وبدون انتاج، وهذا يجب أن يتضمن انجاز خطة اقتصادية لدعم الجميع بمن فيهم المؤسسات الصغيرة والكبيرة، ‏حتى نتخطى أزمة "كورونا" الصحية والاقتصادية الكبيرة، وإلا بماذا تنفع هذه المليارات المخبأة في مصرف لبنان إذا انهار البلد بالكامل؟!

وكما نحن بحاجة الى تباعد مسافاتي فنحن أيضا بحاجة الى تضامن اجتماعي، ونذكر في هذا الصدد أن الميسورين اللبنانيين الكبار، والذين يتصدر بعضهم لوائح أثرياء العالم ومجلة "فوربس 500"، يمكنهم المساهمة ومساعدة بلدهم بشكل اوفى في ظل هذه الظروف العصيبة، لاسيما وأنهم يعرفون جيدا أن الانهيار سوف يطاول الجميع و"اذا راح البلد، ما في بلد غيرو" على حدّ قول منصور الرحباني.