تفاصيل الخبر

مزاد ثقافي لبيروت بريشة 51 فناناً عالمياً ولبنانياً ...

04/11/2020
مزاد ثقافي لبيروت بريشة 51 فناناً عالمياً ولبنانياً ...

مزاد ثقافي لبيروت بريشة 51 فناناً عالمياً ولبنانياً ...

 

بقلم عبير انطون

 

" :Revive Mar Mikhaelرولان بيطار مطلق مبادرة " أردنا إعادة الأمل ليعود العمل !

[caption id="attachment_82656" align="alignleft" width="172"] إحدى الرسوم المهداة لبيروت.[/caption]

 الفكرة تلو الأخرى تجعل من مبادرة  Revive Mar Mikhael (إعادة إحياء مار مخايل)، قبلة الانظار لما لهذه المبادرة الشبابية من تميّز على أكثر من صعيد بهدف إعادة الحياة الى منطقة تضرّرت كثيراً بفعل انفجار المرفأ في الرابع من آب (أغسطس)، وآخر هذه الأفكار الرائدة، مشاركة مجموعة من الفنانين من حول العالم في تقديم لوحاتهم في مزاد عبر الـ"اونلاين" على ان يعود ريع المبيع للمساهمة في إعادة إعمار "مار مخايل" التي هي الأقرب لمرفأ بيروت، وحيث مئات البيوت الأثرية التي تعود لمئات السنين، وحيث المقاهي والحانات والمؤسسات والوجهات على اختلافها، ابرزها تلك الفنية، فمن في لبنان وخارجه لا يعرف درج مار مخايل الشهير او يسمع به؟

فماذا عن المبادرة وأهدافها ؟ وماذا عن "آرت لبيروت" الذي يشارك

[caption id="attachment_82657" align="alignleft" width="250"] الجدار لجيسي تابت.[/caption]

فيه أكثر من 51 فناناً لبنانياً وعالمياً ؟

 التفاصيل حصدتها "الأفكار" من مؤسس المبادرة المهندس الكهروميكانيكي رولان بيطار، وتوقفت بإعجاب امام الفكرة التي انطلق منها لتأسيس عمله الخاص عبر المشاركة في تأسيس شركة ناشئة تتيح تأجير واستئجار أماكن السكن في مختلف دول العالم.

يبدأ رولان بالتاكيد على ان منطقة "مار مخايل" هي من اكثر المناطق التي تضرّرت جرّاء الانفجار، ومبادرة "اعادة الحياة اليها" تلته سريعاً، من خلال مجموعة من رجال الأعمال والمغتربين اللبنايين بهدف نشر الأمل، متّخذين شعاراً اساسياً: "العمل الفوري والنتائج الملموسة بعيداً من الوعود والبيروقراطية".

ويشرح رولان:

[caption id="attachment_82658" align="alignleft" width="178"] الحزن الطفولي في لوحة محمد عرابي .[/caption]

 نحن أصحاب مؤسسات صغيرة ومتوسّطة، تضرّرت كما الكثير من المحلات والمطاعم إذ نعمل في مجال تأجير الشقق. لما انهينا الجامعة، كانت هذه المنطقة وكأنها "ضيعتنا" ننزل اليها، والناس فيها تعرف بعضها البعض. الجميزة، الكرنتينا، الجعيتاوي، هذه كلها ما زالت تحافظ على طابعها القديم، ولم تفرغ من سكّانها الأصليين، ولأنها كذلك فإنها استقطبت قبل الانفجار الكثير من السواح ومن الاجانب واللبنانيين من حول العالم، وبقيت القلب النابض لبيروت. وعلى الرغم من دخول المؤسسات الحديثة عليها فقد حافظت على طابعها  والمتقدمون في السن لم يتركوا محلاتهم فيها، فمن يقصد مزين الشعر يسمع منه قصص اهله وكأنه كتاب تاريخ حي عن المنطقة واهلها ، فيخبرك عما كانوا يفعلون، وعمن كان يعمل منهم في سكة الحديد التي تمر في المنطقة، ويتحفك بخبريات ذلك الزمن الجميل. 

ويضيف:

 ومع انفجار الرابع من آب خشينا أن تخسر المنطقة طابعها الخاص هذا، والرونق الذي تنشره من خلال أهلها وحرفييها اذا ما فكّروا بتركها. عندئذِ، وحتى ولو اعدنا اعمار شركاتنا فإنها ستفقد الكثير من بريقها ويحلّ بها ما حل بوسط المدينة، وتموت اقتصادياً . فنحن نعمل في إطار تأجير البيوت على موقع عبر مواقع التواصل، ويصب عملنا على اختيار البيوت والشقق المتروكة، التراثية منها او

[caption id="attachment_82659" align="alignleft" width="325"] رسم رؤوف رفاعي.[/caption]

غير التراثية  فنتصل بمالكها، ونعمل على ديكورها تحسين وضعها وتجديدها ونؤجرها للبنانيين والأجانب. ولا يقتصر عملنا على ذلك، انما نواكبه مع مرحلة الايجار كله، ونؤمن التنظيفات، ونهتم بكل ما يحتاجه بالزبون. يمكن اعتبار عملنا كمن يدير اوتيلاً من دون أن يقع في بقعة واحدة، ويمكن ان يمتد هذا الإيجار لاشهر وسنين ويمكن ان يكون ليوم او اسبوع واحد. كانت الطلبات جيدة جداً الى ان اضمحلت بعد انفجار المرفأ لتعاود سيرها اليوم ولو بتواضع . كنا صامدين الى أن حصل  الانفجار، و"بلحظة راح كل شيّ". كان عندنا نحن كشركة اكثر من 80 بيتاً للايجار 80 بالمئة منها تقع في منطقة مار مخايل، انهدمت بظرف ثوان. صحيح أّنّ قبلها تأثرنا بوصول جائحة كورونا وتضرّر العمل، إلا أننا اعتبرناها مرحلة وتمر، وكانت الناس قد بدأت تتأقلم ... 

  ويضيف رولان:

  لمّا حلت كارثة الرابع من آب، وصلتنا آلاف الرسائل والاتصالات تأسف لما حدث معربةً عن حزن كبير، خاصة من قبل من سبق واستأجروا البيوت في المنطقة، وراحوا يرسلون لنا صورهم مع ابناء الحي وأصحاب الافران والدكاكين والحلاقين، معتبرين انهم ذهبوا وتركوا قلبهم فيها.

[caption id="attachment_82661" align="alignleft" width="377"] شعار المبادرة.[/caption]

صورة لبنان ...

 ولدى سؤالنا لرولان عن الجنسيات التي تطلب إيجار هذه البيوت فإنه يشير الى ان الغالبية هي من اوروبا، فرنسا وايطاليا فضلاً عن الولايات المتحدة وأستراليا وتركيا ومصر وغيرها من الدول العربية. كذلك، وصلتهم قبل الانفجار طلبات كثيرة من قبل صينيّين بفعل عملهم في لبنان او بقصد السياحة، وكانت الطلبات تزداد على الرغم من الصورة السيئة، كما يؤكد رولان، التي تصل عن لبنان عبر الميديا ووسائل الاعلام الاجنبية، فيعتقد من يستعلم عن البلد انه تحت وطاة الإقتتال وانعدام الامن، ما هو خاطئ كلياً. فعلى الرغم من وجود بعض المناطق الخطرة ربما، الا انها كما في كل بلدان العالم، لا بل اقل خطراً، حيث يمكنكم السير في بيروت عند الرابعة فجراً من دون ان يتعرّض لكم احد. وانطلاقاً من ذلك، كان هؤلاء المستأجرون يشعرون بالامان وينسجون العلاقات الودّية مع الاهالي وتصير كأنها بيتهم الذي يلجأون اليه سنوياً.

[caption id="attachment_82660" align="alignleft" width="309"] رولان بيطار مطلق المبادرة.[/caption]

 وللابقاء على هذه الميزة، واندفاعاً منا بتمسك اهل المنطقة بها وعدم تركها، كان لا بد من مدّهم بالأمل. فالناس عقب الانفجار كانت فقدت الأمل نوعاً ما، وصار التحدي كبيراً لاحيائه من خلال مبادرات على الأرض . قررنا ان ننزل. فنحن لسنا جمعية، انما مبادرة لا تتوخى الربح، ورحنا نبتكر ما قد يضفي بعض الحياة ، كأن نزلنا مجموعة من الشباب مثلاً الى أحد الحلاقين الذي تضّرر محلّه، فقصصنا شعرنا عنده ودعمناه بمبلغ رمزي وصوّرنا ما جرى،  ونشرناه على صفحتنا عبر مواقع التواصل الاجتماعي حتى نتشاركه مع الناس وبينهم العديد من الداعمين .

 ومن مبادرة الى أخرى، رحنا  نلقى تجاوباً أكبر، ما ساعد على انعاش الامل أكثر. كذلك فإن في مار مخايل الكثير من البيوت والأدراج الفنية والمعارض والغاليريهات، والكثير من الفنانين تضررت بيوتهم ومعارضهم، فاتخذنا كصورة لمبادرتنا درج مار مخايل تصطف أمامه سيارة  "فولس فاغن" قديمة ، مرسومين بريشة السيدة غادة بو عون وهي والدة احد المؤسسين معنا، وقدمت ريع مبيع اللوحة لاي شخص تضرر. ومن ثم كرت السبحة، واتصلت  ليزا بيطار بأكثر من خمسين فناناً من لبنان ومن العالم، من برلين ونيويورك وفرنسا ومصر والاردن الى العديد بينهم مثلاً رؤوف رفاعي (لبناني)، غازي باكر (لبناني)، أنس حمصي (سوري)، هيلين زغيب (لبنانية-أميركية)، ساندرا دوتوربيه (فرنسية)، زينة عاصي (لبنانية)، كلير ويلتشير (بريطانية) وأحمد فريد (مصري)، وقد اجتمعوا في مزاد علني بدأ الثلاثاء الماضي ويعود ريعه للمبادرة تحت عنوان "آرت لبيروت" فكانت 70 لوحة معبرة لعاصمة لبنان التي تعتبر رمزاً للثقافة وللقوة وللتعايش. ويستعرض موقع "آرت سكوبس" مختلف هذه

[caption id="attachment_82662" align="alignleft" width="188"] لوحة ريتا ماسويان .[/caption]

اللوحات ما يتيح للداخل اليه اختيار اللوحة التي يريد ويشتريها، ويمكن القول ان حركة الشراء هذه جيدة جداً حتى الآن.

 وعن وضع منطقة مار محايل حالياً بعد انقضاء ثلاثة أشهر على الانفجار، يقول رولان ان الوضع بات افضل، مؤكداً على الدور الكبير الذي لعبه الجيل الجديد: لقد تفاجأنا فعلاً بجيل كنا نعتبره "آخر همو" فأثبت العكس. تفاجأنا بالآلاف يتطوعون، لا يعرفون اسماء ولا ديانات ولا مناطق بعضهم البعض، يدخلون البيوت وينظفون ويساعدون، وبسرعة فائقة، تمّت إزالة  الركام من المنطقة، وتم تنظيفها: والآن تجري اعادة التأهيل بوتيرة جيّدة مع جمعيات "جدية" تعمل على الأرض يذكر رولان بينها "فرح العطاء"، "دونيه سان كونتيه"، "ليف لاف بيروت"، "بسمة"، "بيت البركة"، "بيتي بيتك"، وغيرها وقد تمّ تأهيل الكثير من البيوت قبل حلول الشتاء، وكذلك عاد قسم كبير من المطاعم ليفتح أبوابه. الـ"كورونا" ايضاً تؤخّر بعض الشيء، الا الحياة عادت لتنبض رويداً رويداً.

 وعن "مسموعيات" البيع والحث عليه من قبل المستثمرين العقاريين وإذا ما كان مبالغ به يقول

[caption id="attachment_82663" align="alignleft" width="250"] من أعمال انس حمصي.[/caption]

رولان ان تمسّك اهل المنطقة بأرضهم أكبر من اي اغراءات ، وهذه إن تمّت فعلى صعيد محدود جداً. 

 في النهاية يؤكد رولان على ان مبادرتهم في اعادة اعمار مار مخايل لن تتوقف واكثر من واحدة يجري تحضيرها على غير صعيد، بينها مبادرة مع  المتقدمين في السن .فقد لمسنا ان الكثير منهم ، كما الأصغر سناً، لم يتخطوا هول الصدمة، وسيحتاجون إلى وقت طويل جداً للتعافي، واّنهم بغير الدعم المادي هم بحاجة الى دعم نفسي ومعنوي والى الحديث معهم. من هنا كانت مبادرة " تعشّى مع كبار السن" بحيث تعمل مجموعة من المبادرين الى تحضير بعض المأكولات وتتشاركها في بيت "ختيار" ويستمعون منه الى الاخبار والسوالف القديمة.

والى الجيل الشاب الذي هبّ للمساعدة متطوعاً، لا يغفل بيطار الاشارة الى التعاطف الكبير من قبل الفنانين، الرسامين تحديداً أكانوا لبنانيين أو أجانب، وربما يجعلنا ذلك نقدّر قيمة بلدنا بشكل أكبر، والمعنى الذي تكتسبه بيروت في العالم كلّه.