تفاصيل الخبر

مطالبة الحريري بمنح الحكومة صلاحيات استثنائية دونه معارضة بري إنهاء دور المجلس النيابي!

20/12/2019
مطالبة الحريري بمنح الحكومة صلاحيات استثنائية دونه معارضة بري إنهاء دور المجلس النيابي!

مطالبة الحريري بمنح الحكومة صلاحيات استثنائية دونه معارضة بري إنهاء دور المجلس النيابي!

  بصرف النظر عما ستؤول إليه عملية تشكيل الحكومة والتي لن تكون متيسرة قياساً الى ما يتردد في الأوساط السياسية من معطيات ومواقف، فإن ثمة من يرى، ومنهم الرئيس سعد الحريري رئيس حكومة تصريف الأعمال، ان الحكومة العتيدة يجب أن تنال سلطات استثنائية من مجلس النواب تمكّنها من تحقيق الاصلاحات المطلوبة لاسيما تلك التي أقرتها الحكومة السابقة في آخر جلسة عقدتها قبل أن يقدم رئيسها استقالته. وقد وضع الرئيس الحريري مسألة حصول الحكومة العتيدة على صلاحيات استثنائية في أولويات المطالب التي حددها في سبيل اخراج البلاد من المأزق الذي تعيشه والمرجح أن يتطور سلباً خلال الآتي من الأيام...

مطلب الرئيس الحريري، الذي قد يجدده بعد انتهاء الاستشارات النيابية الملزمة، ليس جديداً في الحياة السياسية اللبنانية، إذ سبق أن نالت حكومات في مرحلة ما قبل اتفاق الطائف، مثل هذه الصلاحيات، لاصدار سلسلة مراسيم اشتراعية استندت فيها الى التفويض المعطى لها من مجلس النواب. وبموجب هذه الصلاحيات تكون للمراسيم الاشتراعية التي تصدرها مفعول قوة القانون، ويمكن أن تكون صلاحيات موسعة أو حصرية في حالات محددة.

ويذكر المتابعون للملف السياسي انه في عهد الرئيس فؤاد شهاب مُنحت الحكومة صلاحيات استثنائية أصدرت بموجبها نحو 400 مرسوم اشتراعي، وتكرر الأمر في عهد الرئيس شارل حلو على أثر أزمة بنك انترا، ثم في عهد الرئيس الياس سركيس في العام 1976 حين أصدرت الحكومة مراسيم عدة لاسيما في الميدانين التجاري والاقتصادي. أما المرة الأخيرة فكانت في عهد الرئيس أمين الجميّل الذي أصدر مراسيم اشتراعية سرعان ما صوت مجلس النواب، في عهد الرئيس الشهيد رشيد كرامي على إلغاء بعضها نتيجة الخلافات السياسية التي عصفت بلبنان في تلك الفترة. ويضيف المتابعون ان الرئيس الجميّل ارتضى في منتصف عهده إلغاء مراسيم اشتراعية كان أصدرها في بداية العهد، بعدما تحول هذا الملف الى نقاش سياسي كاد أن يهدد الاستقرار الداخلي،

لاسيما وأن إلغاء بعض المراسيم الاشتراعية كان من نقاط الاتفاق في خلال <خلوات بكفيا> الشهيرة التي انعقدت برعاية سورية أمنها في حينه نائب الرئيس السوري عبد الحليم خدام، وكان يومها وزيراً للخارجية السورية. وفي هذا المجال، يضيف المتابعون ان الرئيس الجميّل لم يشأ يومها السير عكس التيار الذي كان يدعو الى <ضبط> رئيس الجمهورية ومنعه عملياً من استعمال صلاحياته الدستورية المطلقة، والتي تم في مؤتمر الطائف تقليصها والحد من تمددها. إلا ان ثمة من يقر بأن القسم الأكبر من المراسيم في عهد الرئيس الجميّل كانت ضرورية لإعادة تنظيم الأوضاع في البلاد لاسيما في  الأمور التنظيمية والادارية، ناهيك عن مواكبة التطور الذي حاول الرئيس الأسبق تفعيله في البلاد، بدليل ان بعض هذه المراسيم أبقي عليه ولم يلغ بعدما أقرت حكومة الشهيد رشيد كرامي بأهميتها.

 

أسباب رفض منح الصلاحيات!

 

والسؤال المطروح اليوم، هل يوافق مجلس النواب على إعطاء الحكومة الجديدة ــ متى شُكلت ــ صلاحيات استثنائية لإصدار قوانين تتطلبها المرحلة الدقيقة راهناً لاسيما في الشأنين المالي والاقتصادي؟

يقول مطلعون ان الرئيس الشهيد رفيق الحريري حاول مع بداية تسلمه رئاسة الحكومة في العام 1992 بعد الانتخابات النيابية التي أجريت ودخل فيها على <حصان أبيض> السرايا الحكومية، طلب صلاحيات استثنائية لتسهيل تحقيق بعض الاصلاحات وإصدار قوانين تحاكي مرحلة ما بعد انتهاء الحرب في لبنان، إلا انه اصطدم بموقف سلبي من الرئيس نبيه بري الذي أحبط محاولة الحريري الوصول الى مبتغاه. ولا يزال موقف رئيس مجلس النواب على حاله في كل مرة تلوح في

الأفق فكرة الاستحصال على صلاحيات استثنائية، وذلك لأسباب عدة أبرزها:

ــ أولاً: رفض الرئيس بري التفريط بصلاحيات مجلس النواب تحت أي حجة أو مبرر، وهو قال للذين راجعوه بالموضوع انه بعد الطائف لا يمكن لأي مؤسسة دستورية أن تأخذ دور مجلس النواب الذي أنيطت به وحده من دون سواه، مهمة مراقبة الحكومة، واصدار القوانين بعد درسها في اللجان النيابية المتخصصة واللجان المشتركة، ما يعني ان هذه القوانين تدرس بتأنٍ ويفسح في المجال أمام الكتل النيابية إبداء رأيها بها وتعديلها عند الضرورة.

ــ ثانياً: ضرورة احترام الدستور الذي فصل بين السلطات ونص على التعاون في ما بينها، لا أن تطغى سلطة على اخرى، بمعنى ان دور السلطة التشريعية مختلف عن دور السلطة التنفيذية، ولا يمكن استطراداً تجيير السلطة الأولى صلاحياتها للسلطة الثانية طالما مجلس النواب موجود وقادر على القيام بدوره كاملاً ولا حاجة بالتالي الى تجييرها الى السلطة التنفيذية. ولعل مبدأ الفصل بين السلطات الذي تتمسك به السلطات الدستورية في لبنان، هو الذي ــ في مفهوم بعض النواب ــ يمنع

منح الحكومة صلاحيات استثنائية.

ثالثاً: يرى بعض القانونيين ان الدستور لم ينص على منح صلاحيات استثنائية للحكومة، وان ما كان يجري في السابق هو اجتهاد نيابي وحكومي نتيجة توافق بين السلطتين، وبالتالي فإنه في غياب أي نص دستوري لا يجوز الاجتهاد أو اضافة ممارسات غير ملحوظة في الدستور.

وثمة من يرى من القانونيين ان منح الحكومة صلاحيات استثنائية يعتبر ضربة تسدد الى السلطة التشريعية التي يشكك البعض ــ ومنهم قادة في <الحراك الشعبي> ــ بشرعيتها ويطالب بحل مجلس النواب وإجراء انتخابات مبكرة تفرز طبقة نيابية تختلف عن الطبقة الحالية التي يتهمها <الحراك> بالفساد وهدر المال العام. وبالتالي لا بد من ترجمة عدم الثقة الشعبية بالمجلس النيابي الحالي بإجراء انتخابات في مناخات سياسية مختلفة.