تفاصيل الخبر

متى يتم التوصل الى لقاح لفيروس "كورونا المستجد"؟...

13/05/2020
متى يتم التوصل الى لقاح لفيروس "كورونا المستجد"؟...

متى يتم التوصل الى لقاح لفيروس "كورونا المستجد"؟...

 

بقلم وردية بطرس

[caption id="attachment_77874" align="aligncenter" width="601"] فيروس "كورونا"... ابحاث كثيرة تُجرى على قدم وساق لإيجاد اللقاح الاكثر فعالية واماناً[/caption]

 

البروفيسور غسان دبيبو: موجات اخرى متوقعة لفيروس "كورونا" لذا لا بد من الالتزام بكافة الاجراءات الوقائية!

 

متى يُتاح لقاح فيروس "كورونا" المستجد؟ سؤال يشغل بال ملايين البشر الذين ينتظرون هذا اللقاح، ولكن بحسب الخبراء لا مجال للتوصل الى لقاح الفيروس قبل منتصف العام المقبل، رغم ان الأبحاث جارية على قدم وساق ويومياً تصدر الدراسات حول هذا الفيروس الذي يحصد أرواح آلاف الناس في مختلف بلدان العالم. وفي لبنان يقوم "مركز أبحاث الأمراض المعدية" في "الجامعة الأميركية في بيروت" بمتابعة كل التطورات التي تحصل على المستوى العالمي بما يتعلق بالفيروس.

البروفيسور غسان دبيبو والدراسات حول الفيروس

[caption id="attachment_77873" align="alignleft" width="167"] البروفيسور غسان دبيبو: بعد ثلاثة اسابيع من تماثل المصاب بفيروس "كورونا" للشفاء لا يعود ينقل العدوى[/caption]

ولنعرف أكثر عن أحدث  الدراسات، وعن حالات الشفاء في لبنان، والتخوف من الموجة الثانية كان لـ "الأفكار" حديث مع مدير المركز البروفيسور غسان دبيبو وهو اختصاصي في الأمراض المعدية عند الأطفال ونسأله:

* ما أحدث الدراسات التي يجريها "مركز أبحاث الأمراض المعدية" في "الجامعة الأميركية في بيروت" عن فيروس "كورونا"؟

- هناك الكثير من الدراسات تُجرى في "مركز أبحاث الأمراض المعدية" في "الجامعة الأميركية في بيروت" وغيره من مراكز الأبحاث في لبنان. وهذا المركز يتناول بعض جوانب الفيروس: منها نسبة حالات الالتهاب الثانوية التي تحدث مع "كوفيد – 19" بميكروبات البكتيريا، وأيضاً نسبة الناس الذين التقطوا الفيروس بدون ظهور اي عارض، وندرس أيضاً ردود الفعل لدى الناس الذين يمرضون بشدة بسبب "كورونا" اذ ان جهاز المناعة لديهم يكون له دور رئيسي بردة الفعل الشديدة وبالتالي ندرس أجسامهم لنعرف أكثر في هذا الخصوص.

* عادة هل تبدأ الدراسات عند ظهور اي فيروس وانتشاره ام حين يتحول الى وباء عالمي؟

- هناك مراكز متخصصة بالفيروسات التي تتحول الى وباء وهي تُعنى بالانفلونزا وفيروس "كورونا"، و"مركز أبحاث الأمراض المعدية" في "الجامعة الأميركية في بيروت" متخصص بالانفلونزا ويضم مجموعة أطباء متخصصين بالأمراض الجرثومية والمعدية. طبعاً كانت مراكز الأبحاث تدرس عن "كورونا" وقد أشارت الى ان هناك احتمالاً ان يحصل كما حصل اول مرة مع فيروس "سارس" ومن ثم "ميرس" في الخليج ذلك انه من المحتمل ان يظهر فيروس "كورونا" ويتحول الى وباء. ولو لم تُجرَ هذه الدراسات لما كنا نعرف هذه المعلومات عن الفيروس، اذ أن الطب يتطور بشكل سريع جداً واستناداً إلى الأبحاث استطعنا ان نحصل على أجوبة بطريقة ضوئية، اذ انه منذ عشرين سنة لم نكن نقدر ان نقوم بذلك بهذه السرعة... حتى ان المراكز التي لم تكن تدرس عن "كورونا" مثل عندنا في المركز باتت اليوم تركز على "كورونا" لايجاد الأجوبة عن كل الأسئلة التي يطرحها الناس.

تصحيح المعلومات المغلوطة

* اليوم تُنشر معلومات مغلوطة حول هذا الفيروس، فما هو دوركم في المركز في هذا الخصوص؟ وما هي أكثر المعلومات المغلوطة التي يتم تداولها بين الناس او في وسائل الاعلام والتواصل الاجتماعي؟

- نصرف وقتاً لتصحيح المعلومات المغلوطة، مثلاً هناك مقولة لها علاقة بنظرية المؤامرة وبأن هذا الفيروس سلاح بيولوجي او انه تم فبركته او تصنيعه، ولكن نحن كأطباء لا نرى ذلك لأن هذه الجائحة واضحة ولقد توقعنا الوباء ولم يحصل ذلك بشكل فجائي. اذ يومياً أتلقى وزملائي رسائل نصية مع فيديوهات عن مؤامرات وكذا كذا، فنصرف وقتنا لمعرفة عما اذا تلك المعلومة صحيحة ام لا فيتبين انه يتم أخذ بعض المعلومات ودمجها مع معلومات أخرى ولكنها ليست صحيحة.

ويتابع:

- وهناك معلومات متعلقة بالعلاج تصدر عن بعض الأطباء للأسف حول دراسات وعلاج وما شابه... اذ منذ شهر تقريباً رأينا الولايات المتحدة تتحدث عن أن دواء الملاريا سيحل المشكلة، ولكن في ما بعد تبين ان ذلك غير صحيح بعدما أجريت دراسة اثبتت أن هذا الدواء يضّر أكثر، وبالتالي منذ البداية قلنا للناس وللأطباء الا يستعجلوا بالاستنتاجات، فهذه الدراسات أُجريت بطريقة خاطئة ولا نقدر ان نعتمد عليها او ان نعتمد على أحد يود الترويج لنفسه بأنه وجد دواء فعّالاً، فليس هكذا تُجرى الدراسات لأنها تحتاج للوقت والعمل بتأن. اما بالنسبة للعلاجات فهناك علاجات عدة لا تزال قيد التجربة، واذكر هنا دواء في أميركا كانوا قد حضروه لفيروس "ايبولا" وقاموا بتجريبه على (كوفيد – 19) وتبين أنه يساعد بنسبة 30 او 40 بالمئة من حيث تقليل نسبة الوفيات كما انه يقلّل أيضاً فترة المرض ولكنه ليس الدواء السحري، وهذا كان أول دواء يُدرس بشكل صحيح.

"مركز أبحاث الأمراض المعدية" ومواكبة التطورات

* ما أبرز الدراسات التي يقوم بها "مركز الأمراض المعدية" في "الجامعة الأميركية في بيروت" حول فيروس "كورونا المستجد"؟

- هناك نقاط عدة نعمل عليها في المركز. أولاً نتابع كل الأبحاث  التي تصدر يومياً اذ كل يوم يصدر ما بين 200 و300 بحث عن فيروس "كورونا" عالمياً، وعلينا ان نتابعها لكي نواكب التطورات التي تحصل في العالم، وان نعدّل طريقة العلاج وطريقة الاهتمام بالمصابين حسب التطورات الجديدة. ولقد باشرنا في "مركز أبحاث الأمراض المعدية" بالتعاون مع مراكز أخرى في لبنان ومنها "مستشفى رفيق الحريري الحكومي" وغيرها من المستشفيات لكي نجمع المرضى بسجل واحد لنقدر ان نتابع وضعهم وتطور المرض لديهم ولمعرفة ما هي أوجه المناعة التي تتكون لديهم وكم تدوم هذه المناعة، وطبعاً عندما يتم تصنيع اللقاح لهذا الفيروس سيكون لنا دور بدراسة وتطوير هذا اللقاح.

وبالسؤال عن الدعم المادي للمركز يقول:

- يعتمد المركز على الدعم المادي من مصادر عدة منها "مستشفى الجامعة الأميركية" ومنها مصادر خارجية من شركات ومنظمات لدعم الأبحاث، فالمشكلة المادية العالمية تؤدي الى شح بدعم مراكز الأبحاث وهذا خطأ فادح، والدولة مشكورة بدعم "مركز الأبحاث الوطني اللبناني" في محاولة لدعم الأبحاث في كل لبنان، وطبعاً نحن شاركنا في دعم الابحاث حول فيروس "كورونا المستجد"، غير ان نسبة الدعم محدودة جداً خصوصاً اليوم في ظل ازمة العملة الوطنية اذ يدعموننا بالعملة اللبنانية بحيث لم نعد نقدر ان نشتري المواد التي نحتاجها للأبحاث وهذا الأمر يسبب أزمة وجودية للمركز من حيث امكانية الاستمرار بهكذا أجواء قاهرة. واود ان اشير في هذا الصدد إلى انه لو كانت هناك أبحاث مستمرة حول الفيروسات لكنا قد حضرّنا سيناريوهات للقاحات وتمت دراستها جيداً ولكان وضعنا أفضل بكثير اليوم، وأعطيك مثالاً هنا اذ عندما انتشر فيروس "سارس" منذ 20 سنة تحمست الكثير من شركات الأدوية لتصنيع اللقاح وحصلت على الدعم المادي ولكن بمجرد ان انحسر "سارس" توقف الدعم المادي كلياً على مدى 15 سنة الى ان عادت الابحاث واستأنفت من المكان الذي كانت قد توقفت عنده منذ 15 سنة، فلو انها استمرت على مدى 15 سنة لكان وضعنا اليوم أفضل بكثير لأننا كنا نتوقع كأطباء متخصصين بأنه سيأتي وقت نشهد فيه وباء عالمياً سواء بالانفلونزا او الـ"كورونا" او"الايبولا"، ونتمنى هذه المرة الا يتوقف الدعم المادي للدراسات والابحاث وان يستمر لأن هذا لن يكون آخر وباء، اذ ان هذا الأمر نقدر ان نؤكده بأن فيروس "كورونا المستجد" لن يكون آخر وباء يصيب العالم.

* الى اي مدى صحيح ما يُنشر بأن فيروس "كورونا" في الغرب قاتل أكثر مما هو عندنا في الشرق وفقاً لدراسة أجريت بأن الأمر له علاقة بتركيبة أجسامنا؟

- بصراحة هذه الدراسة ليست موثقة، ولكن هناك أمر يجب ان نتنبه له الا وهو ان معدل عمر الانسان في منطقتنا أقل بكثير مما هو في القارة العجوز أوروبا اذ ان معدل عمر الانسان في أوروبا مرتفع جداً، وكما رأينا ان المصابين هناك الذين تعرضوا لمضاعفات كانوا بسن الثمانين وما فوق وقد تسجلت حالات وفاة لديهم بنسبة اعلى. طبعاً عندما تكون هناك اعداد كبيرة جداً والاف الاصابات تُسجل عندئذٍ من بينها حالات لأشخاص غير مصابين بأمراض او بسن الشباب، ونحن في لبنان ولأن عدد الناس ليس كبيراً فان غالبية الأشخاص الذين أصيبوا بالفيروس كانت لديهم مشاكل صحية.

* بعد ان يتماثل مريض الـ"كورونا" للشفاء، هل يُشفى من الفيروس تماماً او انه قد يُصاب بمشاكل صحية اخرى وهل يمكن ان ينقل العدوى؟

- يعتمد الأمر على شدة مرض الشخص عند اصابته بهذا الفيروس واذا كان قد ادخل الى العناية الفائقة لمدة أسبوعين نتيجة حدوث مضاعفات فهذا لن يعود الى وضعه الطبيعي خلال اسبوع او اسبوعين اذ قد يحتاج من ثلاثة الى ستة أشهر ليعود كما كان. وعادة عندما يُصاب الشخص بالـ"كورونا" فبعد ثلاثة أسابيع لا ينقل العدوى للآخرين، على العكس يكتسب المناعة.

الاستعداد للموجة الثانية

* هناك تخوف من الموجة الثانية، فهل صحيح بحسب التقارير أنها ستكون أشد خطورة وقاتلة؟

- طبعاً ستكون هناك موجة ثانية، فهذا الفيروس جديد وليس لدينا مناعة ضده، وانه بحالة الفيروسات الجديدة التي ليست لدينا مناعة ضدها فانها تصيب كل الناس او تقريباً 70 بالمئة لكي نكتسب المناعة في كل المجتمع ولا تعود تنتقل بسهولة، لذا من الممكن ان تكون هناك موجة ثالثة ورابعة وممكن ان تأتي موجات عدة خلال سنة او سنتين الى ان تصبح هناك مناعة عند غالبية الناس اي من 60 الى 80 بالمئة، وعندما نصل الى هذا المعدل عندها سيجد الفيروس صعوبة بأن ينتشر، اذ ان كل الناس الذين سيكتسبون المناعة لن يتقبلوا الفيروس ولن ينتقل من خلالهم. والأمر الثاني الذي سيساعدنا هو ان يتم تصنيع اللقاح، فاذا حصل ذلك سيسرّع اللقاح من الحد من انتشار الفيروس.

* اذاً علينا ان نتعايش مع الوباء لحين تصنيع اللقاح؟

- هذا صحيح علينا ان نتعايش مع الوباء وأن نتأقلم معه، اذ حياتنا ستكون مختلفة خلال سنة او سنتين في المدارس والجامعات وأماكن العمل وأماكن الترفيه، فالكل سيتأقلم مع الوضع الجيد، وأعتقد أنه أصبح لدى الناس الوعي الكافي حول الطرق الوقائية ومنها النظافة الشخصية والتباعد الاجتماعي، اذ من المهم ان يحافظ كل شخص على نظافة اليدين وعدم لمس الوجه فاذا التزم بهذين الأمرين سيقلّل كثيراً من انتقال العدوى، ومن الضروري ارتداء الكمامات والقفازات في الأماكن المكتظة مثل السوبرماركت او المصعد، وبالتالي اذا التزم الناس بهذه الاجراءات فلن تنتقل العدوى بينهم.

الوقت المتوقع لتصنيع اللقاح

* وهل من الممكن ان يتطلب تصنيع اللقاح وقتاً أطول مما يُشار اليه؟

- هذا السؤال صعب لأن هذا الفيروس لم يُجرَ له لقاح من قبل، فمنذ 11 سنة عندما تسببت انفلونزا الخنازير بالوباء كان اللقاح جاهزاً تقريباً بعد ستة أشهر لأننا كنا نعرف كيف نصنع لقاح الانفلونزا لأننا نصنعه منذ 50 سنة ولم يكن الأمر جديداً علينا وكانت التكنولوجيا متوافرة، اما في ما يتعلق بفيروس "كورونا المستجد" فليست هناك تجارب سابقة اذ نعمل على فيروس جديد وعلينا ان ندرس اللقاح جيداً وأن نتأكد أنه لا يضر، لأنه تاريخياً كان هناك بعض أنواع اللقاحات التي تم تجريبها وكانت لها ردة فعل عكسية وقد أضرّت أكثر مما نفعت، اذاً لا نقدر ان نستعجل الأمور قبل ان ندرس اللقاح جيداً، وحالياً هناك أكثر من 90 لقاحاً يتم تجريبها وكل لقاح مختلف عن الاخر، اي لدينا خيارات كثيرة ولا بدّ من التمهل لمعرفة اي نوع لقاح سيكون فعّالاً وآمناً في الوقت نفسه.

* تاريخياً عندما كان الفيروس ينتشر ويتحول الى وباء عالمي كان يعود وينحسر ولكن الأمر اختلف بالنسبة لفيروس "كورونا"، فهل ان انفتاح العالم ادى الى سرعة انتشاره أكثر؟

- اجمالاً الفيروس لا يزول نهائياً اذ ان الفيروس الوحيد الذي اختفى هو الجدري والذي كان يقتل الآلاف والملايين، ولكن بفضل اللقاح سُجلت آخر حالة اصابة بالجدري في السبعينات وهكذا اختفى الفيروس. طبعاً انفتاح العالم ساهم بانتشار الفيروس كما ان وسائل التواصل الاجتماعي ساهمت بنشر الأخبار أكثر اذ منذ 11 سنة عندما انتشرت الانفلونزا لم يتداول الناس ذلك على "الفايسبوك" و"التويتر" و"الانستغرام" كما اليوم، اذ ان أعداد الناس الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي باتت أكبر بكثير من السابق وبالتالي تنتشر الاخبار والمعلومات أكثر ومنها المعلومات المغلوطة التي تسبب الذعر والهلع والقلق عند الناس، ولربما كان هذا الامر مستحباً اذ ان شعور الناس بالخوف أدى الى زيادة الوعي لديهم ودفعهم لملازمة بيوتهم للحد من انتشار الفيروس.