تفاصيل الخبر

متى يحاسب اللبنانيون ممثليهم بناء على انجازاتهم وليس أي أمر آخر؟  

31/07/2015
متى يحاسب اللبنانيون ممثليهم بناء  على انجازاتهم وليس أي أمر آخر؟   

متى يحاسب اللبنانيون ممثليهم بناء على انجازاتهم وليس أي أمر آخر؟  

 

بقلم خالد عوض

تمام-سلام حديث الساعة في لبنان هو النفايات. ليس خطر <داعش> وأخواتها على الحدود، ولا  الحرب المشتعلة في سوريا، ولا أي أمر آخر يتقدم المشكلة البيئية الحياتية التي تمس كل مواطن لبناني وليس فقط أهل بيروت. حتى أهالي المخطوفين من الجيش لم يعودوا يلجأون إلى قطع الطرقات في العاصمة ربما ليأسهم من جدية الدولة ولكن بالتأكيد  كي يحفظوا صحتهم من وساخة <شوارع بيروت>.

إذا كانت أزمة النفايات لم تطح بالطاقم السياسي الحاكم، فماذا يمكن أن يغيره؟ لنستفق مرة ونفكر بالمحاسبة على النتائج وليس على النيات أو الأفكار أو الشعارات السياسية.

البداية من تيار <المستقبل> <الحريص> على أهالي بيروت. جاء الرئيس الشهيد رفيق الحريري عام ١٩٩٢،  فنظف كل لبنان وليس فقط بيروت. بغض النظر عن كل ما يقال عن <سوكلين> اليوم، ومعظمه محق، فهي كانت في بداية التسعينات الحل الأسرع والأنجع وربما لذلك الأكلف. <سوكلين> تنتمي الى حل استثنائي استنبط في القرن الماضي ويجب محاسبة من أبقاها واستفاد منها في القرن الحالي. على الأقل وجد رئيس الحكومة يومئذٍ حلاً أين منه الحلول <المستقبلية> اليوم؟ أي مستقبل بيئي أو اقتصادي أو سياسي حققه التيار للبنانيين ومناصريه ومؤيديه بعد إغتيال رفيق الحريري؟ لا يكفي قول <لم نستطع أن نفعل شيئاً لأننا محاربون ويعرقلون كل ما نطرحه> وإلى ما هنالك من حجج. النتيجة أن بيروت غرقت في الزبالة وتيار <المستقبل> في الحكم أي النتيجة صفر.

أما تكتل الإصلاح والتغيير، فأمامه حل واحد فقط حتى يحفظ ورقة التين: تغيير اسمه. يمكن أن يكون تيار الدفاع عن حقوق المسيحيين في لبنان أو تيار التصدي لتيار <المستقبل> أو أي تسمية شبيهة أخرى ولكن أن يبقي اسمه كما هو، فذلك استخفاف بعقول المسيحيين واللبنانيين جميعاً. هذا التيار الذي كان مسؤولاً مطلقاً عن قطاع الاتصالات ثم قطاع الكهرباء وشريكاً في قلب الطاولة على الرئيس سعد الحريري بسبب شهود الزور يزوّر اليوم اداءه الحقيقي من خلال تسمية مفبركة. أين الإصلاح والتغيير في كل إنجازات التيار؟ لا ينفع الكلام: <عاجزون عن الحكم أو نحارب مافيات...> وإلى ما هناك من تلطٍ وراء استحالة الإبراءات. النتيجة صفر.

النصيحة نفسها يجب أن تأخذ بها كتلة التنمية والتحرير. الاسم لا يتناسب مع الأداء. مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وبعض مياه لبنان المليئة بالغاز محتلة والتنمية في خبر كان. يكفي أن نسمع الوعود الرنانة لوزير المال علي حسن خليل قبل أيام من نهاية السنة المنصرمة عن أن المحاسبة الجدية ستبدأ في الوزارة ودوائرها لنكتشف أن النتيجة صفر.

أما حزب الله، فلا يمكنه الكلام عن الوفاء للمقاومة عندما يقول أن طريق فلسطين تمر من الزبداني. لا هندسياً ولا جغرافياً ولا عسكرياً ولا سياسياً ولا بأي علم يمكن أن تمر هذه الطريق من سوريا. أين المقاومة الموعودة في الجولان؟ أين حرب تحرير <مزارع شبعا>؟ هل يمكن تصديق أن تخصيص مزارع شبعا بجزء بسيط من المجهود الحربي الذي قام به الحزب في سوريا لم يكن ليؤدي الى ضغط عسكري على إسرائيل لتتنازل عنها؟ هل الوفاء للمقاومين يكون بالتفرج على إسرائيل وهي تنتج الغاز وتتحضر لتصديره إلى أكثر من دولة عربية تحت غطاء القرار ١٧٠١؟ لولا هذا الإتفاق لربما كانت إسرائيل اليوم في وضع مالي شبيه باليونان والبرتغال و... لبنان. النتيجة هي مئات الجثث لشبان لبنانيين، ذنبهم أنهم صدقوا السيد رياض-سلامةحسن نصر الله في كل كلمة يقولها، تعود إلى البلد من دون أي اضرار بإسرائيل. أقل من صفر.

الكلام يمكن أن يبدأ عن الوزير وليد جنبلاط ولكن من الصعب أن ينتهي. ربما يمكن أن تلخص نشرة تصدر عن مصرف لبنان بالحسابات البنكية لأعضاء كتلته مسيرة هذه الكتلة منذ اتفاق الطائف. وربما يليق بهم ساعتئذٍ أن ينتموا إلى حزب الفساد الرأسمالي وليس إلى الحزب التقدمي الإشتراكي . النتيجة الوطنية التي حققها الوزير جنبلاط عدم. (الوزير وائل أبو فاعور حالة استثنائية وهو من الوحيدين من كل الطقم السياسي الحالي الذي يستحق ألا يكون مشمولاً بهم).

لا يمكن الكلام كثيراً عن القوات اللبنانية على الأقل بعد الحرب. فهذا الحزب اختار أن يحصي أخطاء غيره ولا يبادر إلا بالكلام. يرفض الدخول في حكومة تسويات ولكنه لا يرفض مبدأ المحاصصات. الفساد لا يأخذ  أي حيز في أجندة الحزب. لا يمكن أن يكون الاعتكاف وسيلة نجاح إلا إذا كان انقلابياً. أما أن يكون التفرج هو القاعدة السياسية فهذا يعني العجز. وفي الجردة نفسها، ماذا حققت القوات للمسيحيين واللبنانيين منذ خروج الحكيم من السجن؟ صفر.

حزبا الكتائب والمردة شريكان في العقم ولا يمكن أن يفخرا بإنجاز واحد على مستوى الوطن هذا إذا افترضنا أنهما لم يستفيدا من المحاصصات.

إذا لم تكن صورة ورائحة النفايات كفيلة بأن يكتشف اللبنانيون أن من أوكلوهم إدارة البلد فشلوا وان إنجازاتهم بعد ٢٥ عاماً من نهاية الحرب زبالة وظلام كهربائي ومياه ملوثة وفساد في كل زاوية إدارية يعني أن الأكثرية الشعبية راضية عما يحصل.  ربما تفضل أن لا يكون المنظر بهذا التشويه الذي أدت إليه أكوام الزبالة ولكن للشكل فقط لأنها يبدو أنها قابلة بالمضمون.  إما إذا كانت فعلاً مستاءة، فما عليها إلا أن تسحب توكيلها وتعلن العصيان العام بكل الوسائل حتى يستقيل كل النواب والوزراء من مناصبهم ويتعهدوا بعدم ممارستهم السياسة بعد اليوم. لتبقَ الأحزاب ولكن ليتغير ممثلو الشعب. هكذا يأتي التغيير وليس بقانون انتخاب يعيد الزمرة نفسها ناقصة واحداً من هنا أو زيادة اثنين من هناك.

هذا هو الحل للنفايات السياسية التي تحكمنا.