تفاصيل الخبر

متى تنتهي فترة صلاحية عون وبري وجعجع والحريري ونصر الله وجنبلاط؟

02/10/2015
متى تنتهي فترة صلاحية عون وبري  وجعجع والحريري ونصر الله وجنبلاط؟

متى تنتهي فترة صلاحية عون وبري وجعجع والحريري ونصر الله وجنبلاط؟

 

بقلم خالد عوض

bechara-el-khoury في سنة ١٩٧٣، اقترح الرئيس الفرنسي الراحل <جورج بومبيدو> أن يتم تقصير ولاية الرئيس في فرنسا من سبع إلى خمس سنوات. لقي اقتراحه قبولاً كبيراً في مجلسي النواب والشيوخ ولكنه فشل في جمع أكثرية الثلاثة أخماس الضرورية في فرنسا لتعديل دستوري من هذا النوع فتراجع عنه. ولكن هذا الاقتراح طُرح من جديد على الاستفتاء في عام ٢٠٠١ وحصل على إجماع الشعب الفرنسي (حوالى ٧٣ بالمئة من الأصوات) فأُقر عام ٢٠٠٢.

في الولايات المتحدة، رفض <جورج واشنطن> أول رئيس أميركي أن يترشح لولاية ثالثة، فأصبح عرفاً أن تكون أطول مدة لرئاسة الجمهورية هي فترتان من أربع سنوات. ولكن <فرنكلين روزفلت> كسر هذه القاعدة وانتُخب أربع مرات متتالية، منهما مرتان خلال الحرب العالمية الثانية مما أدى عام ١٩٤٧، أي بعد وفاة <روزفلت> بسنتين، إلى التعديل الإثنين والعشرين في الدستور الأميركي الذي يسمح فقط بولايتين رئاسيتين من أربع سنوات لأي رئيس.

لبنان سبق الولايات المتحدة وفرنسا في هذا الجانب الديموقراطي من الدستور. فعندما عدّل الرئيس بشارة الخوري الدستور عام ١٩٤٧ ليُعاد انتخابه عام ١٩٤٩، فشل في إكمال ولايته الثانية واستقال تحت وطأة الشارع عام ١٩٥٢ بسبب الغضب الشعبي من ...الفساد. منذ هذا التاريخ أصبح العُرف أن يُنتخب الرئيس في لبنان مرة واحدة فقط لست سنوات مع أن الدستور يسمح بإعادة الإنتخاب بشرط أن تكون هناك فترة ست سنوات بين الفترة الرئاسية الأولى والثانية لأي رئيس.

عندما وُضع إتفاق الطائف عام ١٩٨٩، أصبحت معظم صلاحيات رئيس الجمهورية في يد مجلس الوزراء مجتمعاً. وبسبب مفهوم الديموقراطية التوافقية أصبح زعماء الطوائف هم الرؤساء الفعليون للبلد. وبالمنطق الدستوري  نفسه الذي اتبعه لبنان منذ ١٩٤٣ لا بد من حصر مدة <هذه الزعامات> دستورياً.

الفساد موجود في فرنسا والولايات المتحدة، بأشكال منظمة. وهو ظهر حتى في القطاع الخاص الألماني الذي يُضرب به المثل بالصرامة مع فضيحة سيارات <فولسفاغن>. ولكن ما هو غير موجود في أي من هذه الدول وفي أي معيار قيادي وسياسي خاص أو عام أن يستمر زعماء احزاب ورؤساء كتل نيابية ووزراء لأكثر من ربع قرن في السلطة. نبيه بري، ميشال عون، سمير جعجع، حسن نصر الله، سليمان فرنجية، أمين الجميل، سعد الحريري بالوراثة.. هؤلاء يحكمون لبنان منذ ١٩٩٠. لو كانوا هؤلاء أحفاد <غاندي> أو الأم <تيريزا> لكانوا أُفسدوا من ممارسة السلطة بأشكالها لأكثر من ٢٥ سنة، هذا إذا افترضنا أنهم لم يكونوا يمارسونها خلال سنوات الحرب.

 المشكلة أساساً أن أمراء الحرب أصبحوا هم أنفسهم حكام البلد، ولكن المصيبة الأكبر أنهم جعلوا الحكم لأطول مدة في التاريخ الحديث لأي بلد يقول عن دستوره أنه ديموقراطي.

لم يكن البريطانيون عديمي الوفاء عندما لم ينتخبوا عام ١٩٤٥ <ونستون تشرشل> بطل الحرب العالمية الثانية بل ايقنوا أن ملهمهم وأقدر قائد بينهم على خوض الحرب لم يكن مناسباً لفترة السلام وإقرار الإصلاحات الضرورية لنهضة بريطانيا، فانتخبوا لرئاسة الحكومة زعيم <حزب العمال> <كليمنت اتلي>.

لبنان في مرحلة تعدت انتهاء الصلاحية لحكم عون وجنبلاط وبري والحريري ونصر الله وغيرهم. ومهما دافع هؤلاء عن أنفسهم وعن السبب المذهبي لبقائهم، فإن winston-churchillالنتائج والأرقام الاقتصادية والاجتماعية تتكلم وتشير الى انتهاء الصلاحية منذ فترة طويلة. معظم اللبنانيين لا يأملون كثيراً في الحراك الشبابي ضد الفساد. إما لأنه بلا قيادة واضحة وعناوين موحدة أو لأنه <مشبوه> الخلفيات، وربما لمعرفتهم أن الفساد في لبنان أصبح ثقافة في القاعدة تماماً كما هو في رأس الهرم أي أنه ليس أمراً مستجداً يمكن إلغاؤه. ولكن المهم في هذا الحراك أنه تيار ليس أمامه إلا التنامي، وإذا لم يكن هذا النمو من نجاح الحراك نفسه فهو سيكون بسبب تراكمات فشل السلطة.

بداية الحل لا تكون بالكلام عن محاربة الفساد فقط. ولكن التغيير بحد ذاته مفيد لمستقبل البلد. لذلك يجب الوصول الى <اتفاق> مع الطبقة السياسية الحاكمة على ضرورة التنحي. وكما أتقنوا فن الفساد بالتراضي، المطلوب منهم الاتفاق مع مكونهم الشعبي وبين بعضهم البعض على ضرورة التنحي بالتراضي. ليس بالتوارث والتوريث بل بالاعتكاف والانكفاء المطلق. مقابل ماذا؟ عفو عام من الشعب على فترة ربع قرن أُهدرت فيها معظم موارد لبنان البشرية والاقتصادية. سيرفض الحراك هذا المنطق، منطق عدم المحاسبة ويجب أن يرفض ذلك. ولكن المقابل الذي يمكن كسبه هو التنحي الكامل وغير الملغوم لكل هذه الطبقة السياسية وعائلاتها. كلفة بقاء هؤلاء سنوات جديدة في الحكم ستفوق ربما ما سرقوه من مقدرات البلد. أما الزعماء المتشبثون بالسلطة، فلا زالت أمامهم اليوم فتحة ضيقة للتمتع بما جمعوه من ثروات قبل أن ينتهي بهم الأمر إلى أصفاد من نار لن تفكها أموالهم أو مذاهبهم. فهم بإمكانهم من خلال طاولة الحوار رسم خط النهاية السعيدة لوجودهم في السلطة قبل أن تزحف نحوهم، ولو ببطء وفوضى وتخبط، منصات المحاسبة.