تفاصيل الخبر

مصير الشرق الأوسط لا تحدده”كلينتون“ ولا يؤثر فيه ”ترامب“  

14/10/2016
مصير الشرق الأوسط لا تحدده”كلينتون“ ولا يؤثر فيه ”ترامب“   

مصير الشرق الأوسط لا تحدده”كلينتون“ ولا يؤثر فيه ”ترامب“  

بقلم خالد عوض

بري

إذا كان هناك أي خلاصة من المناظرة الأخيرة بين المرشحين للرئاسة الأميركية <هيلاري كلينتون> و<دونالد ترامب> فهي أن شخصية الرئيس لن تحدد معالم السياسة الأميركية الخارجية بل ستكون جزءا منها. <السيستم> أو ما يسمى بـ<الإستابليشمنت> (ESTABLISHMENT) أو المؤسسة هو الحاكم في الولايات المتحدة وليس الأشخاص. هناك عقول ستكون حول الرئيس بأسماء استشارية أو وزارية مختلفة، منها القريب من  الـ<سي.آي. أي> وثانية من <البنتاغون> وثالثة من عالم المال والأعمال، ورابعة من شركات الأسلحة، وأخرى من مؤسسات أميركية مختلفة. هذه الشخصيات تحددت منذ الآن في كل فريق، وهي التي ستجد التسويات بينها و<تساعد> الرئيس المقبل في القرارات الكبرى، حتى كاتب خطابات الرئيس والمتحدث الرسمي للبيت الأبيض هما من ضمن أشخاص معروفين سيختار منهم الرئيس ولكنهم جزء من <السيستم>.

لن تقرر <هيلاري كلينتون> مثلا كيف ستتعامل مع الازمة السورية أو مع الفوضى في ليبيا رغم خبرتها في السياسة الخارجية. وكذلك لن تنطق بإسم رئيس الجمهورية في لبنان كما يتخيل الكثيرون عندما يقولون أن لا رئيس قبل الإنتخابات الرئاسية الأميركية. هذه الإنتخابات هي محطة سياسية عالمية تمنح الفرصة للأطراف الدولية والإقليمية لفتح صفحة جديدة، سلبية أو إيجابية، مع الولايات المتحدة وليس العكس. العارفون بالواقع السياسي الأميركي ينظرون إلى السيرة الذاتية للاشخاص المرشحين لفريقي <كلينتون> و<ترامب> ليفهموا علاقات هؤلاء بأصحاب القرار في المؤسسات الأميركية، فيعرفون مَن المنظومة التي سيكون لها التأثير الأكبر في هذا الشأن الداخلي أو ذلك الموضوع الخارجي.

لنأخذ مثلا وعود الرئيس <باراك اوباما> وكلامه قبل أن يصبح رئيسا حيث كان يؤكد أنه سيسحب كل القوات الأميركية من العراق وأفغانستان قبل نهاية ولايته. <السيستم> قال له <OK> في البداية. ولكن الواقع اليوم أن الولايات المتحدة منغمسة بشكل كبير في حروب الشرق الأوسط بل هي جالسة على كل طاولات المفاوضات تقريبا تناقش هدنة هنا وحلا سياسيا هناك، ومن دون أن يكون لها أي وجود <رسمي> على الأرض. هل إنسحب <اوباما> فعلا من العراق أو حتى من <أفغانستان>؟ ربما، ولو نسبيا فقط، بالشكل، أما بالفعل فبالطبع لا. <السيستم> الأميركي هو الذي لا يريد أي حسم اليوم في المنطقة وليس المستر عون-1<اوباما> كما يتهمه الكثيرون.

وتماما كما كان من الصعب التصديق أن الدولة الإرهابية في العراق والشام كانت وليدة لحظة خاطفة إلتقى فيها أبو بكر البغدادي مع فلول حزب البعث العراقي السابق والنقشبنديين، فمن المستحيل فهم كيف لم تتمكن روسيا ومعها إيران وحزب الله وكل ما تجمع من قوى مساندة لنظام بشار الأسد من أن تحسم المعركة في سوريا، بل حتى في حلب، أو اقله في ريف دمشق. فجأة أصبحت <جبهة النصرة>، بنت البضع سنوات، قوة إقليمية تواجه روسيا بعظمتها. تماما كما كسر حزب الله شوكة إسرائيل عام ٢٠٠٦. إذا كان حزب الله إنتصر على إسرائيل لوحده من دون إيران وروسيا والصين وحتى من دون تكنولوجيا الأنفاق الكورية الشمالية، ترى ماذا ستقول لنا <النصرة> أو <جبهة فتح الشام> بالمسمى الإعتدالي الجديد، عن صمودها أمام الدب الروسي لأكثر من سنة، والحبل على الجرار، هكذا لوحدها ومن دون تركيا أو دول الخليج أو الولايات المتحدة؟.

خلاصة المناظرات الرئاسية بين المرشحين لأهم موقع قيادي في العالم اليوم هي أن المساحة المستقلة التي يتمتع بها الرئيس الأميركي هي أقل بكثير مما يظن الكثيرون، وهي تقلصت حتى عما كانت عليه منذ عقد أو عقدين، فالإستراتيجية الأميركية تقوم على حسابات بعضها ظرفية وبعضها الآخر طويل المدى، ولا علاقة لها بالرئيس، إلا ربما بالشكل وبعض الأوجه التكتيكية التي تلائم شخصية هذا الرئيس أو ذاك.

كل هذا يعني أن الوقت لا زال سانحا في لبنان للإستفادة من اللحظة وفرض قرار لبناني داخلي على العالم من خلال إنتخاب رئيس للجمهورية. أما بالنسبة لصلاحيات الرئيس والخائفين على ما تبقى منها، فما عليهم إلا التفرج على أي من المناظرات الثلاث بين <كلينتون> و<ترامب> ليروا بأم العين أن الرئيس هناك أشبه بالدمية المتحركة، يقفز ويرقص ويصرخ ويجادل، ولكنه مربوط بخيوط <السيستم>، لربما يقتنعون ساعتئذ بأن السلة، رغم كل مساوئها ومفهومها التحاصصي، تبقى أقل وطأة على البلد من الإنتظار أكثر، وهي الطريق الأكثر اماناً في ظل إعصار التغيير العتيد، الآتي بغض النظر عن إسم الرئيس أو الرئيسة الأميركية المقبلة.