تفاصيل الخبر

مصـيــــر الـنـازحـيـــــن السوريـيـــــن يـتـأرجــــح مــــن جـديـــــد بـيــــن دعـــوات لعـــودة ”آمـنـــة“... وأخــــرى ”طوعـيــــة“!

22/02/2019
مصـيــــر الـنـازحـيـــــن السوريـيـــــن يـتـأرجــــح مــــن جـديـــــد  بـيــــن دعـــوات لعـــودة ”آمـنـــة“... وأخــــرى ”طوعـيــــة“!

مصـيــــر الـنـازحـيـــــن السوريـيـــــن يـتـأرجــــح مــــن جـديـــــد بـيــــن دعـــوات لعـــودة ”آمـنـــة“... وأخــــرى ”طوعـيــــة“!

 

في الوقت الذي كان فيه السفير الروسي في لبنان <الكسندر زاسبكين> يؤكد أن المبادرة الروسية لإعادة النازحين السوريين الى ديارهم لا تزال <حيّة ترزق> ولم تسقط بـ<الضربة الأميركية القاضية>، كان ملف النازحين السوريين الموجودين في لبنان يعود الى الواجهة من زاويتين: الأولى بروز تناقض بين ما ورد في البيان الوزاري لحكومة الرئيس سعد الحريري حول <العودة الآمنة والكريمة> للنازحين، وبين ما قاله الرئيس الحريري نفسه في مهرجان الذكرى الرابعة عشرة لاستشهاد الرئيس الشهيد رفيق الحريري حين تحدّث عن <عودة طوعية>. أما الزاوية الثانية فهي تتعلق بالمواقف المتناقضة أيضاً لوزراء يدعمون تولي الوزير صالح الغريب لهذا الملف، ووزراء يرفضون ذلك ويحذرون من <ممارسات ملتبسة> تجاه النازحين السوريين.

وتقول مصادر متابعة إن هذا الملف الحساس سوف يشكّل مادة خلافية داخل مجلس الوزراء متى طُرح على البحث في خطوات عملية مرتقبة تضع عودة هؤلاء على سكة متحركة مع وجود معطيات تشير الى أن الوزير الغريب سوف يجري اتصالات مباشرة مع الجانب السوري لتسهيل عودة مجموعات من النازحين لا تزال تنتظر قراراً سورياً بالموافقة على عودتهم، وذلك بالتنسيق مع المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم الذي لا يزال يتابع عن قرب هذا الملف بالتشاور مع نظرائه السوريين.

عودة <طوعية>... أو <آمنة>؟!

وتضيف المصادر أن الرئيس الحريري باستعماله عبارة <عودة طوعية>، فاجأ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ووزير الخارجية جبران باسيل وقيادة حزب الله، لأن الأطراف الثلاثة يتحدثون عن <العودة الآمنة> وقد شهد النقاش حول هذه المسألة لإدراجها في البيان الوزاري أكثر من محطة متناقضة قبل التوصل الى الصيغة التي اعتُمدت. وتقول المصادر صحيح ان الرئيس الحريري <برّر> استعماله عبارة <العودة الطوعية> مدرجاً إياها في سياق <الانفتاح على المبادرة الروسية>، إلا أن المفاجأة في موقف الرئيس الحريري كانت في إشارته الى إمكانية الاستفادة من وجود النازحين كي يعملوا في المشاريع الاستثمارية المنوي المباشرة بها تطبيقاً لقرارات مؤتمر <سيدر>، مع تذكيره بوجود عمال سوريين منذ زمن بعيد في لبنان. وتقول مصادر في التيار الوطني الحر إن إشارة الرئيس الحريري الى مسألة <تشغيل> السوريين في مشاريع واردة في <سيدر> تخفي رغبة عملية بـ<توطينهم> في لبنان لأنه عندما يجد العامل السوري فرصة عمل له ولأفراد عائلته، فإنه لن يعود ثانية الى بلاده أو تكون إقامته في لبنان أطول مع <طلات> متقطعة الى سوريا! وأشارت هذه المصادر الى أن السوريين الذين كانوا يعملون في لبنان قبل اندلاع الحرب السورية في العام 2011 كانوا من دون عائلاتهم الموجودة في سوريا أي انهم كانوا يعملون ثم يعودون عند عائلاتهم. أما حالياً، فإن العمال السوريين باتوا مع عائلاتهم في لبنان وإذا ما توافرت لهم فرص العمل فإن إقامتهم في الأراضي اللبنانية ستطول!

ورأت المصادر نفسها ان السوريين الموجودين في لبنان حالياً يزاولون كل الأعمال وينافسون اليد العاملة اللبنانية حتى بلغت نسبة البطالة في صفوف الشباب اللبناني أكثر من 43 بالمئة، في حين أن السوريين قبل الحرب السورية كانوا يعملون في لبنان إما في الحقول الزراعية أو في قطاع البناء واستناداً الى إجازات معطاة لهم، أما الآن فإن من بينهم من يعمل في الطب على أنواعه والمحاماة (!) وفي المطاعم والمصانع والمدارس إلخ... ما يعني أن المقارنة لا تجوز في هذه الحالة. وتوقفت المصادر عند إعلان الرئيس الحريري بأن النظام في سوريا <يريد أن ينتقم من النازحين ويضع شروطاً على عودتهم>، فرأت أن رئيس الحكومة استبق من خلال موقفه، طرحاً يُرتقب أن يقدمه البعض في مجلس الوزراء يشدد على ضرورة التنسيق مع النظام السوري في هذا الملف، وتفادياً لهذا الأمر قال الرئيس الحريري <لا يحاولن أحد أن يزايد فالتنسيق جارٍ بين بعض الأجهزة الأمنية في لبنان والجانب السوري لتفعيل عودة النازحين لأن هدفنا بكل بساطة عودتهم الى بلادهم وإنهاء الظروف المعيشية القاسية التي يعيشونها>.

 

<عودة غير قسرية>!

 

وفيما توقعت مصادر متابعة أن يصار الى <توضيح> الفكرة التي طرحها الرئيس الحريري لجهة <تشغيل> النازحين في المشاريع المطروحة في مؤتمر <سيدر>، أشارت هذه المصادر الى أن رئيس الحكومة أبلغ <من التبس عليهم الأمر>، أنه قصد من خلال عبارة <العودة الطوعية> ألا تكون هذه العودة <قسرية> من دون أن يعني ذلك ترك العودة على همة النازحين، علماً أن المقصود - تضيف المصادر - هو العودة غير المشروطة بالحل السياسي في سوريا ويجب أن تتحقق وعلى المجتمع الدولي أن يتحمّل مسؤولياته، فلبنان لا يستطيع حلّ أزمة النزوح بمعزل عن هذا المجتمع الذي تقع على عاتقه مسؤولية توفير المستلزمات المالية لعودة النازحين، فضلاً عن تقديم المساعدات لهم في سوريا كالتي يوفرها لهم في لبنان، وبذلك يتم الدفع في اتجاه عودتهم، ذلك أنه من دون مساعدات دولية لا يريد عدد كبير منهم العودة ويفضلون البقاء في لبنان حيث يعملون ويتلقون المساعدات في آن معاً.

وتتوقع مصادر مطلعة أن تساهم إيضاحات الرئيس الحريري لما قصده بـ<العودة الطوعية> في التخفيف من ردة الفعل السلبية التي برزت بعد كلامه في ذكرى استشهاد والده، خصوصاً أن ثمة من تحرّك في محيط الرئيس الحريري ليؤكد أن رغبته في عودة النازحين السوريين الى بلادهم ليست موضع شك، خصوصاً أنه أدرج في صلب البيان الوزاري الترحيب بالمبادرة الروسية التي تنظم هذه العودة، وإن تكن لم تحقق بعد ما هو مأمول منها قياساً الى ردود الفعل التي أحيطت بها بعد اعلانها.

في هذه الأثناء، كشفت مصادر مطلعة لـ<الأفكار> أن إصرار لبنان الرسمي على تحمّل المجتمع الدولي مسؤولياته في ملف النازحين، حرّك مبادرة قيد الدرس في اوساط ومؤسسات دولية، تقضي بتقديم إغراءات مالية للنازحين كي يعودوا الى بلادهم <طوعياً> وذلك على غرار الإغراءات التي تقدمها ألمانيا للاجئين السوريين لديها. وقد فتحت هذه المؤسسات أقنية اتصال مع جهات رسمية لبنانية لشرح المبادرة وتنظيم قواعدها، بالتزامن مع رصد البنك الدولي نحو 300 مليون دولار لمعالجة أزمة النازحين في لبنان لم تتضح بعد وجهة صرفها، علماً أن ثمة معلومات تحدثت عن <حوافز> ستعطى للنازحين الذين يعيشون في مناطق باتت آمنة ومستقرة، لدفعهم الى العودة بعد الحصول على ضمانات من المسؤولين السوريين بعدم التعرض للعائدين وعدم تكوين ملفات ضدهم أو اعتبارات أمنية تعرقل هذه العودة. ولا تتوقع المصادر نفسها أن <تغطي> هذه الحوافز مروحة واسعة من النازحين، وإن كانت الأرقام الأولية تشير الى إمكانية أن يصل عدد المرشحين للحصول على حوافز الى 500 ألف شخص، مع  تركيز على العائلات أكثر من الأفراد.

 

الغريب في سوريا ؟

 

أما بالنسبة الى الشق الثاني من ملف النازحين، وهو <الاعتراض> على تولي الوزير صالح الغريب متابعته، فإن المصادر المطلعة تشير الى أنه خلال الزيارة التي قام بها النائب طلال أرسلان والوزير الغريب الى قصر بعبدا الأسبوع الماضي والتي امتدت الى أكثر من ساعة، تم التطرق الى مشروع آلية يمكن اعتمادها لإعادة تفعيل عودة النازحين سواء تمت بغطاء المبادرة الروسية، أو بغطاء المبادرة اللبنانية، وهي تشمل قيام الوزير الغريب بزيارة لسوريا للبحث مع المسؤولين السوريين في هذا الملف، وذلك بهدف تحقيق <اتصال وزاري> بين الجانبين اللبناني والسوري، لاسيما وأن الاتصال القائم حتى الآن هو <اتصال أمني>، وقد شكا المسؤولون السوريون مراراً من إصرار لبنان على إبقاء الاتصال على مستوى أمني في وقت تكثر فيه الطلبات من الجانب اللبناني وهي تشمل جوانب متعددة لاسيما في حقول الخدمات والكهرباء والترانزيت وغيرها. وفي هذا السياق، أكد الوزير الغريب ان التنسيق مع سوريا <ممر إلزامي> لعودة النازحين الى بلادهم، وهو كان يتمنى إضافة عبارة <التواصل مع الدولة السورية> لمعالجة هذا الملف في صلب البيان الوزاري لاسيما مع وجود فقرات فيه تتحدث عن أزمة النازحين، إلا أن طلبه لم يُستجب. إلا أن التواصل مع سوريا، يضيف الوزير الغريب، لا يلغي التنسيق مع المبادرة الروسية ومع المجتمع الدولي، علماً أن الوضع الإنساني لهؤلاء النازحين تبقى له الأولوية بهدف تأمين راحة النازحين الذين يعيشون في ظروف صعبة في لبنان.

إلا أن ثمة معلومات تشير الى أن مهمة الوزير الغريب في سوريا قد لا تكون سهلة مع بروز اختلاف في المواقف حيال مسألة عودة النازحين بين الرئيس السوري بشار الأسد من جهة والأجهزة الأمنية المعنية من جهة ثانية، لاسيما وأن أكثر من ديبلوماسي زار سوريا مؤخراً للبحث في ملف النازحين لم يجد الحماسة نفسها لتسهيل العودة عند الرئيس الأسد المتحمس، والأجهزة الأمنية المترددة والحريصة على التدقيق في هويات الراغبين في العودة للتمييز بين معارضي النظام وغير المعارضين، أو أولئك المنتمين الى تنظيمات اسلامية متشددة وإرهابية.