تفاصيل الخبر

مصير الحكومة بعد استقالة وزراء ”القوات“ أمام 3 خيارات: استقالة مستبعدة أو تبديل حقائب غير مرغوب بها أو ”تطعيم“ بأربعة ”مستقلين“ يتقبلهم ”الثوار“ في الساحات!

24/10/2019
مصير الحكومة بعد استقالة وزراء ”القوات“ أمام 3 خيارات: استقالة مستبعدة أو تبديل حقائب غير مرغوب بها  أو ”تطعيم“ بأربعة ”مستقلين“ يتقبلهم ”الثوار“ في الساحات!

مصير الحكومة بعد استقالة وزراء ”القوات“ أمام 3 خيارات: استقالة مستبعدة أو تبديل حقائب غير مرغوب بها أو ”تطعيم“ بأربعة ”مستقلين“ يتقبلهم ”الثوار“ في الساحات!

 

لن يكون من السهل معرفة ما ستؤول إليه انتفاضة اللبنانيين التي بدأت يوم الخميس 18 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري والتي حولت الوسط التجاري من بيروت ومناطق عدة في كل المحافظات اللبنانية، الى ميادين ساحات تجمع فيها مئات الآلاف يهتفون <ثورة... ثورة>! ذلك ان انطلاقة <الثورة> بدت في أول المسيرة، اعتراضاً على الأوضاع الاقتصادية والمالية الصعبة التي تمر بها البلاد، ثم تطورت الى مطالب سياسية تلخصها هتافات المعتصمين والمتظاهرين <الشعب يريد اسقاط النظام>، وصولاً الى المطالبة برحيل كبار المسؤولين وبحل مجلس النواب وإجراء انتخابات نيابية مبكرة. وفيما تفاوتت الدعوات بين المعتصمين من فريق يريد أن يشمل <اسقاط النظام> رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وبين الاكتفاء باسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري، بدا ان سقف المتظاهرين لم يصل الى مكان واحد، بل تعددت <السقوف> بتعدد المجموعات المتظاهرة والتي اختلفت مطالبها بين منطقة وأخرى.

وعلى رغم القرارات التي صدرت عن جلس مجلس الوزراء يوم الاثنين الماضي، والتي ضمنت البنود الاصلاحية التي تم الاتفاق عليها مع إقرار مشروع موازنة 2020، والتي تستجيب لطائفة من المطالب التي رفعها المتظاهرون، إلا ان الساحات لم تفتقد الى روادها، وحركة الاعتراض اتسعت من منطقة الى أخرى، ومعها ازدادت الشعارات وقطع الطرق لاسيما في محافظة جبل لبنان، وخصوصاً في المتن وكسروان وجبيل، ومن وقت الى آخر في منطقة بعبدا. وكان من الصعب احتواء هذه التحركات الشعبية لأسباب عدة أبرزها ان لا قيادة موحدة للمتظاهرين، ولا مطالب واحدة وثابتة لهم، إضافة الى اتساع رقعة التظاهر والاعتصام الى مناطق الشمال (وخصوصاً طرابلس) والبقاع وعكار وبعض الجبل، غير ان الواضح من تحرك المتظاهرين ان ثمة ثلاثة أنواع من المتحركين ميدانياً، الأول يضم مجموعة محترفين يديرون بتنظيم لافت اللعبة بشكل جيد وواضح، وهؤلاء ينتمون الى الأحزاب اليسارية ولاسيما منها الحزب الشيوعي والمجموعات التروتسكية ــ اللينينية، والثاني يضم المستقلين وجماعة <الحراك المدني> وحزب سبعة وفئات متألمة وتعاني من ظروف اجتماعية قاسية، ومجموعات شبابية وطالبية <متمردة> على الواقع الراهن. أما النوع الثالث فهو يمكن أن نطلق عليه مصطلح <الشبيحة> أو ركاب الدراجات النارية وبعضهم ينتسب الى أحزاب وحركات سياسية.

غير ان العامل الأخطر، كان قطع الطرق الرئسية والأوتوسترادات ولاسيما في ساحل المتن وكسروان وجبيل حيث لعب مناصرو <القوات اللبنانية> دوراً بارزاً في قطع التواصل بين البلدات اللبنانية لاسيما في جبيل وذوق مصبح وجل الديب، حيث كانت <بصمات> مجموعات <القوات اللبنانية> واضحة في عمليات قطع الطرق ورمي الأتربة والحجارة فيها وغيرها من العوائق، ثم تنظيم <سهرات> ليلية في أماكن الاعتصام حيث لوحظ ازدياد عدد المشاركين في الاعتصامات والذين هتفوا خصوصاً ضد رئيس الجمهورية ورئيس <التيار الوطني الحر> الوزير جبران باسيل من دون أن ينسوا مطلب رحيل الحكومة واجراء انتخابات نيابية مبكرة. ولا يختلف اثنان على ان <دينامو> التظاهرات في المنطقة الشرقية من بيروت، هي <القوات اللنبانية> التي جاهرت من خلال <ادارة> هذه الحواجز بعدائها العميق لرئيس الجمهورية وباسيل خصوصاً و<التيار الوطني الحر> عموماً. وبدا واضحاً ان <القوات اللبنانية> التي استقال وزراؤها الأربعة من الحكومة عمدت من خلال تحركها الى <تصفية> حساباتها مع رئيس الجمهورية والوزير باسيل على قاعدة <الانتفاخ> من نكوث الحكم و<التيار> بالوعود التي قطعوها خلال معركة رئاسة الجمهورية والتي يقول رئيس <القوات> الدكتور سمير جعجع انه لولا موقف <القوات> المؤيد للرئيس عون لما كان دخل <الجنرال> قصر بعبدا رئيساً للجمهورية!

 

3 خيارات!

وبعيداً عن المناوشات التي رافقت الاعتصامات والتظاهرات والتجمعات التي سجلت على مساحة الجمهورية خلال الأيام الأولى لـ<الثورة>، فإن من الواضح ان الذين اعتصموا في ساحتي الشهداء ورياض الصلح، لن يخرجوا من الساحتين من دون تحقيق مكاسب معينة لعل أبرزها <اسقاط> الحكومة، في وقت رأى مطلعون ان <سقوط>الحكومة لن يشفي غليلهم، بل سيستمرون في اعتصاماتهم وتحركاتهم الشعبية حتى اشعار آخر، والتحضيرات الجارية تنبئ بذلك، خصوصاً وان التغطية الاعلامية المباشرة عبر محطات الإذاعة والتلفزة على مدار الساعة، تشكل سبباً اضافياً للبقاء في الشارع وإبداء الآراء والسهر والرقص والغناء... واطلاق الشعارات المناسبة مع الحدث. وثمة من يوفر للمعتصمين في ساحتي رياض الصلح والشهداء، وسائل <الصمود> في اعتصامهم، من مأكل ومشرب وصولاً الى <تشريج> الهواتف الخلوية مجاناً، وتوزيع وحدات من الانترنت والاتصال الهاتفي المدفوع على المشاركين الذين أمضوا ليال من السهر <الغنائي> بعيداً عن الهموم، وذلك من خلال تبرع فنانين وفنانات، وراقصين وراقصات، لتأمين برامج فنية للساهرين... مجاناً!

ولأن الشعارات والمطالب المرفوعة لن تتغير طالما ان الاعتصامات وليالي السهر في الساحات مستمرة، فإن الثابت، كما تقول مصادر متابعة، هو معرفة الخطوات السياسية المرتقبة من فريق الحكم والحكومة والتي كانت موضع تشاور خلال الأيام الماضية، حيث برزت ثلاثة خيارات:

ــ الأول: الاستجابة لمطالب المتظاهرين من خلال استقالة الحكومة، وهذا الخيار الذي مال إليه العديد من المسؤولين والسياسيين كان يقضي أيضاً بالاتفاق سلفاً على تشكيل حكومة جديدة مصغرة برئاسة الرئيس سعد الحريري تضم 14 وزيراً من غير النواب أو الحزبيين الملتزمين، ويتم اختيارهم على نحو لا <يجفل> منهم المعتصمون أو أن يكونوا من الوجوه الاستفزازية... وتكون مهمة هذا الفريق الوزاري المصغر، تنفيذ مضمون الورقة الاصلاحية التي أقرتها حكومة الرئيس الحريري. إلا ان هذا الخيار جوبه بقراءة سياسية خلاصتها ان استقالة الحكومة تحت ضغط الشارع سابقة خطيرة (على رغم انها حصلت مرات عدة في التاريخ السياسي اللبناني الحديث)، وكأن هذه الخطوة تهدي <القوات اللبنانية> وكل من طالب برحيل الحكومة هدية ثمينة على طبق من ذهب. وقد تحول هذا الخيار الى مادة للبحث الجدي بين المعنيين، لكن سرعان ما استبعد كي لا يعطى المتظاهرون <نصراً> يطالبون بغيره بعد تحقيقه على قاعدة <خذ وطالب>. فضلاً عن ان جهات عربية ودولية أوصت بعدم استقالة الحكومة ورئيسها لئلا تقع البلاد في فراغ حكومي قد يكون من الصعب ملؤه بسرعة.

ــ الخيار الثاني: اجراء تعديل في الحكومة من خلال توزيع جديد للحقائب يفرضه استقالة وزراء <القوات> غسان حاصباني وكميل أبو سليمان ومي شدياق وريشار قيومجيان الذين يتولون ثلاثة حقائب اضافة الى نيابة رئاسة الحكومة، خصوصاً انه تبين ان الوزراء بالوكالة للحقائب التي يشغلها وزراء <القوات> المستقيلين، هم أنفسهم إذ تبادلوا الحقائب في ما بينهم كوزراء بالوكالة! وتقول مصادر متابعة انه من الصعب اعتماد هذا الخيار، لأن الوزراء الذين ستتبدل حقائبهم قد يرفض بعضهم هذا الأمر ويستقيل مما يؤدي الى خلل في عمل الحكومة.

ــ أما الخيار الثالث، والذي يبدون انه سيعمد في نهاية المطاف، فيقضي بإضافة أربعة وزراء بدلاً من المستقيلين على أن ألا يكونوا من الحزبيين، بل من الوجوه المعروفة باعتدالها وبأنها موضع ثقة لدى <الحراك المدني> ولا يشكل وجودها في الحكومة استفزازاً لأحد. ومعروف ان الوزراء الأربعة يتوزعون طائفياً وفق الآتي: 2 موازنة، 1 روم ارثوذكس، 1 أرمن. وهذا التوزيع يعني ان <التيار الوطني الحر> لن يكون في استطاعته تسمية احد هؤلاء من قبله، لأن خللاً سيطرأ على توزيع الحصص، داخل الحكومة وفق التسوية التي اعتمدت، الأمر الذي يحتم اختيار <مستقلين> ليحلوا مكان وزراء <القوات>، خصوصاً ان فكرة تمثيل حزب الكتائب غير واردة نظراً لمواقف رئيس هذا الحزب النائب سامي الجميّل المشجعة على <الثورة> والمناهضة للحكومة ككل.

في أي حال ثمة من يرى ان <تطعيم> الحكومة بأربعة وزراء لن يقدم ولن يؤخر في تصميم المعتصمين على الاستمرار في الشوارع والساحات، وانه من غير استقالة الحكومة فإن من المتعذر فك الاعتصامات ووقف التظاهرات وفتح الطرقات!