تفاصيل الخبر

مصير الاستحقاق الرئاسي رهن نتائج الحراك الدولي في ظل انكفاء أميركي وانتظار فرنسي مصير الاتفاق النووي!

18/06/2015
مصير الاستحقاق الرئاسي رهن نتائج الحراك الدولي  في ظل انكفاء أميركي وانتظار فرنسي مصير الاتفاق النووي!

مصير الاستحقاق الرئاسي رهن نتائج الحراك الدولي في ظل انكفاء أميركي وانتظار فرنسي مصير الاتفاق النووي!

francois-geraud

   لم تكن ثمة حاجة أن يعلن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط ان لا رئيس جمهورية في الظرف الراهن، ولا ان يطلق نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم المعادلة الجديدة القديمة <اما العماد عون رئيساً أو الفراغ سيطول>، ليدرك اللبنانيون ان أوان انجاز الاستحقاق الرئاسي لم يحن بعد على رغم مرور سنة كاملة وبضعة أسابيع على انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان، وذلك لأن كل المعطيات التي توافرت خلال الأسبوعين الماضيين أكدت مرة جديدة أن الأجواء ليست مؤاتية بعد لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، لا على الصعيد الداخلي، ولا على الصعيدين الاقليمي والدولي على رغم بعض الحراك الذي سُجل في الأسبوعين الماضيين وأبرز ما فيه زيارة الموفد البابوي الكاردينال <دومينيك مامبرتي> لبيروت ولقاؤه رسميين وسياسيين لاسيما ما يعرف بـ<القيادات المارونية>.

   وفي هذا السياق تقول مصادر متابعة ان امكانية توافق الزعماء اللبنانيين على رئيس جديد باتت مستبعدة في المدى المنظور نتيجة استمرار التجاذبات السياسية من جهة، والرهان على التطورات الاقليمية من جهة أخرى، وهو ما دفع مراجع ديبلوماسية غربية الى القول إن السياسيين اللبنانيين أضاعوا فرصة الاتفاق على رئيس جديد لهم عندما كانوا قادرين على ممارسة حقهم في اختيار هذا الرئيس. إلا ان التطورات التي رافقت الأزمة الرئاسية اللبنانية نزعت من القيادات اللبنانية زمام المبادرة ووضعته في واقع اقليمي ودولي لا يعتقد ان الأولوية هي لانتخاب الرئيس اللبناني العتيد، بل يصب اهتمامه بتطورات الحرب في اليمن وسوريا والعراق. وعليه لن يكون في مقدور القيادات اللبنانية الوصول الى أي نتيجة، ما يعني استطراداً استمرار الدوران في الحلقة الرئاسية المغلقة إياها وعدم تحقيق أي تقدم يخرق الجدار المستمر...

<كاغ> في طهران...

   وبين <صرخة> النائب جنبلاط ان لا رئيس في المدى المنظور وموقف الشيخ نعيم قاسم، تحدثت مصادر ديبلوماسية مطلعة عن ان <انكفاء> القيادات اللبنانية عن تحمل مسؤولياتها لا يعني <انكفاء> مماثلاً في صفوف العاملين على خط تسهيل الاتفاق على الرئيس العتيد. وسجلت المصادر نفسها وجود حراك ثلاثي الأضلاع بدأ مع الزيارة التي قامت بها ممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في بيروت السفيرة <سيغريد كاغ> الى طهران حيث عقدت لقاءات أبرزها مع وزير الخارجية الإيرانية <محمد جواد ظريف> ومستشار مرشد الثورة الإيرانية للشؤون الدولية <علي أكبر ولايتي> ونائب وزير الخارجية الإيرانية <حسين أمير اللهيان>، تمحورت حول الأوضاع الاقليمية الراهنة والاستحقاق الرئاسي. وفي معلومات <الأفكار> ان السفيرة <كاغ> سمعت كلاماً إيرانياً مألوفاً حول أهمية حصول هذا الاستحقاق وتذليل العقبات من أمامه <شرط أن يعمل قادة لبنان في خدمة المصلحة الوطنية>، على حد تعبير المسؤولين الإيرانيين الذين التقتهم السفيرة <كاغ>. ومثل هذا الكلام يعني باللغة السياسية السائدة ان طهران حولت، مرة أخرى، المسؤولة الدولية الى اللبنانيين على أساس ان الاستحقاق هو لبناني وان عليهم هم أن يتفقوا لأن لا أحد في مقدوره، في الوقت الراهن على الأقل، فرض مشيئته على الآخرين. وكما في المرات السابقة أعاد الجانب الإيراني التشديد على أهمية تواصل المسؤولين الدوليين مع حزب الله والأحزاب اللبنانية الحليفة لأن الملف هو بأكمله في أيديهم ولن تفرض طهران رأيها عليهم مهما كانت الأسباب. إلا ان السفيرة <كاغ> لن تيأس، وهي ستواصل لقاءاتها بتكليف من الأمين العام <بان كي مون>، والمحطة التالية ستكون في السعودية للأهداف نفسها، وخلاصتها <تسهيل> الانتخابات الرئاسية اللبنانية.

 

... و<جيرو> ينتظر الاتفاق النووي

   أما المشهد الثاني من الحراك الدولي لتفعيل الاستحقاق الرئاسي، فهو يتصل بما تنوي باريس فعله بعد زيارة السفير الفرنسي <جان فرانسوا جيرو> لبيروت الأسبوع الماضي وما قيل عن اتصالات أجراها بعيداً عن الأضواء مع معنيين بالملف الرئاسي اللبناني. وفي هذا السياق، قالت مصادر ديبلوماسية لـ<الأفكار> ان الجهد الفرنسي سينصب على توفير الأجواء الملائمة داخل لبنان وخارجه للاتفاق على الرئيس <التوافقي> الذي يجمع من حوله القيادات المسيحية فيصبح رئيساً <قوياً> بهم مع غيرهم من الفاعليات السياسية التي تؤيد عادة الرئيس العتيد بصرف النظر عن هويته السياسية وهذا يعني ــ تضيف المصادر الديبلوماسية ــ ان لا مجال لأي من المرشحين <الأقوياء> في الوقت الراهن. إلا ان ثمة من يعتقد ان الحراك الخارجي لن ينطلق بزخم إلا بعد مرور شهر رمضان المبارك، أي من منتصف شهر تموز (يوليو) المقبل وحتى أواخر تشرين الأول (أكتوبر) المقبل، حتى يصبح في مقدور <المتحركين> دولياً سماع موقف الدول المعنية بالاستحقاق الرئاسي ولاسيما السعودية التي تكون طبيعة الحياة فيها خلال شهر رمضان المبارك مختلفة عن غيرها من الدول والمجتمعات، إضافة الى ان الحراك الفرنسي الموعود لن يتم قبل تحديد مصير الاتفاق حول الملف النووي الإيراني.

 

sigrid-kaagانكفاء أميركي

   وفيما يتوالى ورود المعطيات عن الحراك الدولي <المتواضع> حتى الآن، ينقسم الأفرقاء اللبنانيون إزاء هذا الجهد المبذول بين متفائل بإمكانية الوصول الى <خاتمة سعيدة> للملف الرئاسي، ومتشائم يعتبر أن الأزمة الرئاسية ستبقى مفتوحة الى أواخر الصيف على الأقل. المتفائلون يرون ان الفاتيكان يرعى التحرك الفرنسي غير البعيد عن التوجه الأميركي، وكذلك سيصل السعي الأممي الذي أطلقه <بان كي مون> عبر السفيرة <كاغ> الى نتيجة ايجابية، لأن القيادات <الممانعة> ستدرك ولو متأخرة ضرورة التركيز على الوضع الداخلي وعدم الرهان على التطورات الخارجية. وعليه فإن هؤلاء المتفائلين يتحدثون عن توقيت سريع سيلي الاتفاق على الملف النووي الإيراني بصورة نهائية ما سيطلق ديناميكية جديدة لدى القيادة الإيرنية قائمة على <المرونة> في التعاطي مع الأزمات الاقليمية وفي مقدمها الأزمة اللبنانية، ومثل هذه <المرونة> ــ كما يقول المتفائلون ــ ستصب في مصلحة الرئيس <التوافقي> الذي سيتولى ادارة الأزمة مرة جديدة ريثما يتبلور المشهد في الجوار اللبناني، سواء كان ذلك في سوريا أو في العراق.

   أما الفريق المتشائم فيبني موقفه على عدم التسليم بقدرة باريس والفاتيكان والأمم المتحدة على فرض حل للأزمة الرئاسية المستعصية منذ ما يزيد عن سنة، لأن القرار العملي والفاعل هو حالياً في يد السعودية وإيران والولايات المتحدة الأميركية القادرة وحدها على إحداث تغيير في الملف الرئاسي اللبناني، نظراً لعلاقة الأطراف اللبنانيين مع هذه الدول بالجملة والمفرق، علماً انها، أي الدول الثلاث، لم تظهر حماسة بعد في الملف الرئاسي. وعليه فإن الفريق نفسه لا يؤمن بأن الحراك الراهن سيعطي نتائج عملية تؤدي الى <حلحلة> في الاستحقاق الرئاسي لأن اهتمامات كل من الدول الثلاث لم تصل بعد الى حد وضع الأزمة اللبنانية في مقدمتـــــــها، إلا إذا حصل <اختراق ما> شبيه بالذي حصل وأدى الى ولادة <حكومة المصلحة الوطنيـــــــــة> برئاسة الرئيس تمام سلام بعد 11 شهراً ونيف من الانتظار والمشاورات والشروط والشروط المضادة. إلا ان الفريق نفسه لا يرى أن الظروف الراهنة ستسمح بتكرار هذا <الاختراق> خصوصاً إذا ما توسع القتال في سوريا وحققت المعارضة مع <داعش> و<النصرة> انجازات ميدانية ضيقت هامش الدفاع لدى جيش النظــــــام، وأحدثت سقوطاً لمزيد من البلدات والقرى والمواقع العسكرية الاستراتيجية في يد مسلحي هذين التنظيمين الارهابيين.