تفاصيل الخبر

 مصير الاقتصاد والتحديات المنتظرة التي سيواجهها رجال الأعمال خلال العام 2021

03/02/2021
 مصير الاقتصاد والتحديات المنتظرة التي سيواجهها رجال الأعمال خلال العام 2021

 مصير الاقتصاد والتحديات المنتظرة التي سيواجهها رجال الأعمال خلال العام 2021

 

 

بقلم طوني بشرة

 

رئيس تجمع رجال الأعمال في إسطنبول سامر صقر: المسؤولون يعيشون في كوكب آخر والشعب متروك للأسف لمصيره الأسود!

  

[caption id="attachment_85505" align="alignleft" width="348"] مصرف لبنان ..مقابل سياسة الدعم انخفض الاحتياطي لديه.[/caption]

تعرض الاقتصاد اللبناني طوال عام 2020 لأزمات نقدية- سياسية- مالية عديدة، أزمات أدت الى تراجع نمو الناتج المحلي الفعلي الى ناقص 19,2 في المئة إثر انكماش قدره ناقص 6,7  في المئة .

 أزمات عديدة  أدت الى حالات بطالة وتضخم وكساد متعمد مع عواقب غير مسبوقة على الرأسمال البشري  مما اثر سلباً على استقرار المواطن ورخائه. ولكن ما مدى تأثير أزمات عام 2020 على مصير الاقتصاد للعام 2021؟ وهل من تحديات معينة سيواجهها رجال الاعمال وأصحاب الشأن خلال العام الحالي؟

  

 أسئلة طرحناها على رجل الأعمال اللبناني ، المخضرم في مجال المال والاعمال ورئيس تجمع رجال الاعمال في إسطنبول سامر صقر الذي قال بداية إن ملامح الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في لبنان بدأت تلوح في الأفق بداية من شهر آب (أغسطس) 2019 مع ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، اذ لأول مرة منذ عام 1993، شهدنا ارتفاعاً للدولار من السعر الرسمي 1507 إلى 1540 في السوق السوداء، واستمر بالارتفاع ليتخطى قبل نهاية عام 2020 حاجز الـ 8500 ليرة.

*- هل من اثر معين لهذا التدهور المالي على معيشة المواطنين؟ وماذا عن الازمة السياسية وهل يمكن ربطها بحالة التدهور؟

-لاحظنا كمتتبعين للامور الاقتصادية والمعيشية انعكاساً كبيراً للتدهور المالي على مستوى معيشة اللبنانيين حيث ارتفعت أسعار السلع والخدمات، وتقلصت قدرة المواطنين الشرائية بنسبة 75 في المئة وفقدت مداخيلهم الكثير من قوتها، وتم حرمانهم من ودائعهم المصرفية المودعة بالدولار،  كما أصبح الوصول لودائعهم بالليرة مقيداً بسقف محدود.

 وتابع صقر قائلاً: ترافق كل ذلك مع أزمة سياسية معقدة وربما تكون مفتعلة، زادت من معاناة الشعب اللبناني. فبعد الانفجار الهائل في مرفأ بيروت (4 آب (أغسطس) 2020) وبالرغم من المبادرة الفرنسية التي تلته ومقترحاتها لحلِّ الأزمة الاقتصادية، إلا أن الخلاف السياسي الحاد بين القوى السياسية في الداخل اللبناني ما زال حتى تاريخه يقف عقبة أمام أي حلٍّ منشود وأوله تشكيل حكومة من أجل معالجة جدية للأزمة، واقصد بذلك معالجة تتماهى مع مقاربات الخارج للحل. 

*-وماذا عن سياسة الدعم وانعكاساتها السلبية على الوضع المالي؟

- في السياق ذاته لا بد من ذكر سياسة دعم المواد الأساسية من قبل مصرف لبنان وذلك  للحؤول دون انهيار البلد من جهة ومن اجل توفير حاجيات الناس من جهة ثانية، ولكن للأسف، مقابل سياسة الدعم  انخفض الاحتياطي لدى مصرف لبنان ليصل إلى مشارف ادنى من عتبة الاحتياطي الإلزامي، مما سيهدِّد حكماً جميع القطاعات في لبنان وخاصة الأساسية منها، وسيؤثر بالتالي على توفير المواد الأساسية للمواطنين وأهمها الأدوية والمستلزمات الطبية، والمواد الغذائية والمحروقات بسبب احتمال توقف الدولة عن دعمها وعدم القدرة على استيرادها من الخارج.

التحديات والاستحقاقات والالتزامات

*-الوضع كما يبدو ميؤوس منه فماهي التحديات المنتظرة خلال عام 2021؟ وماذا عن الاستحقاقات؟

- إن إعادة الثقة إلى القطاع المالي والمصرفي وعودة الانتظام إلى المالية العامة من أهم التحديات الاقتصادية في المرحلة القادمة. فقد جفَّت مصادر تمويل خزينة الدولة والقطاع المصرفي بالعملات الأجنبية. هذا من جهة ومن جهة أخرى على الدولة اللبنانية التزامات عديدة تتطلب توافر الدولار لسدادها.

*- من الواضح ان هناك تراتبية للتحديات فهل من الممكن التكلم عنها؟ 

- يأتي في أعلى سلَّم هذه التحديات توفير الدعم المالي اللازم لتأمين متطلبات الوضع الصحي لاسيما توفير لقاح لجائحة "كورونا"، كما توفيرالأدوية للامراض المزمنة والمستلزمات الطبية المفروض وجودها، وكذلك الاستمرار في تأمين حاجات الغذاء الأساسية من قمح وطحين ومنتجات غذائية بأسعار في متناول المواطنين، فضلاً عن المحروقات لحاجات الكهرباء والنقل وتشغيل المؤسسات والمصانع. وقد تم صرف حوالي 5.8 مليارات دولار منذ سنة لتأمين هذه المتطلبات، لكن مع وصول الاحتياطي إلى عتبة الاحتياطي الإلزامي للمصارف، يزداد خوف اللبنانيين من عدم قدرة مصرف لبنان على الاستمرار في سياسة الدعم هذه، لأن مصرف لبنان، بحسب تصريحات المسؤولين اللبنانيين أنفسهم، لا يستطيع استخدام متطلبات احتياطي المصارف لتمويل التجارة بمجرد وصول الاحتياطي إلى هذه العتبة.

*-وماذا عن إلتزامات لبنان الخارجية الا تشكل جزءاً من التحديات؟

[caption id="attachment_85504" align="alignleft" width="200"] سامر صقر: أكثر من 60 في المئة من الشعب بات تحت خط الفقر وإذا استمر الوضع على ما هو عليه سنشهد المزيد من التفلت الأمني.[/caption]

- بالتأكيد. فمن تحديات العام الجاري (2021) هو التفاوض مع الدائنين من أجل استحقاقات سندات الخزينة بالدولار (اليوروبوند) والذي أعلنت الحكومة اللبنانية في 7 اذار (مارس) الماضي ، التوقف عن دفعها، وبالتالي إعلان حالة التعثر المالي، وهي شبيهة بحالة إفلاس الشركات والمؤسسات الخاصة. وهذا الامر نتج عنه تخفيض التصنيف الائتماني للبنان إلى أدنى سلم التصنيف وهو فئة التعثر الانتقائي (SD)، مما أدى الى خسارة ثقة الأسواق المالية العالمية وتعذر الحصول على التمويل اللازم، ويمكننا أن نضيف تحديات أخرى مثل إعادة ودائع الدولارات للمواطنين، وتوفير الدولار الطلابي للطلاب الذين يتابعون دراستهم في الخارج.

*- هل من الممكن تفسير ما سنعانيه من تحديات تجاه الناتج المحلي بالأرقام؟

-لاحظنا ارتفاعاً لناحية العجز المالي إلى الناتج المحلي من 11.5 في المئة عام 2019 إلى 16.5 في المئة في العام 2020، وهي من النسب المؤشرة على حالة العجز الكبير في مالية الدولة، وترافق ذلك مع انخفاض كبير في الإيرادات العامة بسبب الأزمة الاقتصادية والسياسية الحادة. وكما يبدو ان السلطات المالية عاجزة عن تحصيل الضرائب والرسوم المتوجبة بسبب الأوضاع الصعبة التي تمر على المواطنين وعلى الشركات، مما اثر سلباً على قدرة الدولة على الإنفاق العام لاسيما على شبكات الأمان الاجتماعي، وادى أيضاً الى تراجع في تنفيذ مشاريع إنتاجية لتصبح في حدودها الدنيا، ومع كل ذلك نلاحظ تزايد الحاجة إلى التمويل والدعم الخارجي. يُضاف إلى ذلك تخطي الدين العام الإجمالي قيمة الـ 94.7 مليار دولار في نهاية ايلول (سبتمبر) الماضي ،  وبهذا قد يصبح لبنان مرهوناً بكل مقدراته وثرواته إلى الدائنين، مما يجعل الامر يصل ربما إلى الحجز على أصول وأملاك الدولة أو السيطرة على النفط والغاز المتوقع استخراجه، أو حتى خسارة احتياطي الذهب الموجود في الخارج.

*- وماذا عن الأثر السلبي لتناقص احتياطي العملات الأجنبية؟

- من أخطر هذه المؤشرات هو تناقص احتياطي العملات الأجنبية لدى مصرف لبنان بـ11.5 مليار دولار في الأشهر التسعة الأولى من عام 2020، منه 2.3 مليار دولار سُجِّلت بين 15  ايلول (سبتمبر) و30 منه.  أما ما تبقى من الاحتياطي القابل للاستعمال فلا يتخطى 825 مليون دولار. وحتى الآن، لم يتم إعطاء أي طرح جدي للحل مع استبعاد وقف الدعم نهائياً والانتقال إلى ترشيد الدعم عبر تخفيض عدد السلع المدعومة أو احتساب السلع المدعومة على أساس سعر صرف المنصة أي حوالي 3900 ليرة (سعر السوق أكثر من 8000 آلاف)، أو عبر استعمال جزء من الاحتياطي الإلزامي، خاصة أنه من المستبعد الحصول على تمويل خارجي في ظل العقوبات الحالية.

 

المصير المعقد

*-هل يعني ذلك ان مصيراً معقّداً على الصعيدين الاقتصادي والمالي ينتظر لبنان ؟

 

- إن خفض نسبة الإحتياطي الإلزامي في العام 2021، حتى ولو تم رفع الدعم يعتبر أمراً خطيراً. لذا وكخطوة أساسية لا بد من تأمين استمرارية عمل الدولة، من خلال دعم استيراد المواد الأساسية التي تحتاجها المؤسّسات الحكومية للاستمرار في العمل، كاستيراد المحروقات من أجل تشغيل معامل الكهرباء، وأمور أخرى.

*-في سياق حديثك اشرت الى ان لبنان سيكون امام طريقين في ظل الازمة ، فما هما ؟

 

- لبنان سيكون أمام طريقين: إمّا الاستمرار كما هو الوضع الحالي، أو التوجّه نحو صندوق النقد.

 

*- في حال تم رفض التفاوض مع صندوق النقد ما هي التداعيات السلبية التي من الممكن حدوثها خلال عام 2021؟

- في حال أصرّت السلطة على متابعة الطريق نفسه، فانهيار العملة سيستمر، وسيُطبَّق الهيركات دون إقراره كقانون، والمصارف ستعطي المودعين أموالهم بالليرة وفق سعر المنصة 3900 ليرة بدل الدولار، في حين أن سعر الصرف في السوق اليوم يفوق الـ8000 ليرة، وذلك حتى انتهاء الودائع. كما أن التعامل بالـCheque Bancaire  سيتوقف، وسيتوجّه الجميع إلى التعامل النقدي لعدم قدرة سحب الأموال من المصارف..

 

لبنان والمفاوضات مع صندوق النقد

 

*- وفي حال قرر لبنان الدخول بمفاوضات جدية مع صندوق النقد الدولي فكيف سيتم ذلك؟

 

- صندوق النقد الدولي سيضع حكماً، وهذا من حقه، برنامجاً للإصلاحات، كما سيقوم بتوزيع الخسائر بطريقة عادلة، وسيطالب وبطبيعة الحال، بإقرار سلّة من القوانين، منها الهيركات، كما سيشدّد على وجوب إنشاء شبكة أمان ا جتماعي لحماية الطبقات الفقيرة وهذا أمر ضروري، وسيراقب مسار العمل، ولن يعطي الحكومة أكثر من مليار أو ملياري دولار في السنة كحد أقصى، ولن يكون الهدف الازدهار، بل دعماً للعائلات الفقيرة.

 

*- وماذا عن البنك الدولي ومساعداته؟

 

- الحكومة المستقيلة تتفاوض بشكل مستمر مع البنك الدولي ولكن المساعدات ستتراوح ما بين 100 مليون دولار كحد أدنى و200 مليون دولار كحد أقصى وذلك لدعم الطبقات الفقيرة.

 

 

*- هناك تخوف من قبل موظفي القطاع العام على رواتبهم ، والجهات الرسمية تحاول تبديد هذا الخوف فعلى ماذا ترتكز الجهات المعنية في ظل التدهور المالي الفظيع؟

 

-كما يبدو هناك توجّه من قبل الحكومة والجهات المعنية  نحو زيادة طبع العملة الوطنية لتأمين رواتب موظفي القطاع العام ، ولكن للأسف في حال تم اللجوء الى هذه الطريقة سيزداد  التضخم .

 

*-وماذا عن التعميم الأخير لمصرف لبنان؟ وهل ذلك إشارة مبطنة الى إمكانية إعادة الودائع للمواطنين؟

 

- كتحليل شخصي واستناداً الى معطيات سابقة ، استطيع الجزم بأن  تطبيق التعميم الأخير لمصرف لبنان على المصارف لن يكون  قادراً على إعادة أموال المودعين، على اعتبار أن القانون اللبناني  للأسف لا يفرّق بين شيك مصرفي ودولار حقيقي. لذا فزيادة رأسمال المصارف لن يضمن تأمين الدولار الحقيقي للمودع .كما أن المصارف وإن كانت تعمل كما يشاع على بيع أموالها في الخارج مقابل الدولار إلا أنها تملك حريّة التصرف فيها من دون أي رقابة.

*-على الصعيد الأمني، هناك معلومات مفادها احتمال انفجار الوضع في لبنان بسبب الضائقة الاقتصادية فهل هذا الامر ممكن الحدوث حالياً؟

 

- إن استمرار تدهور الأوضاع الاقتصادية، وما يرافقه من تهريب وخلل، وحتى احتكار، وعدم مساواة  بين المناطق اللبنانية لجهة وصول البضائع المستوردة، ناهيك عن استجلاب بضائع مهرّبة في بعض المناطق، كما وتخصيص بعض المناطق  ببضائع مدعومة أكثر من غيرها، وحتى توجيه الدعم نحو بضائع معينة دون سواها ، كل ذلك سيؤدي  في حال عدم المعالجة الجدية من قبل  الدولة، إلى لجوء كل منطقة إلى سياسة الحماية الذاتية اي المحلية، أو الأمن الذاتي، وذلك  لمراقبة عملية بيع البضائع والتأكد من عدم بيعها لغرباء عن المنطقة.

*-وماذا عن حركات الاحتجاج الأخيرة في طرابلس وغيرها في المناطق؟ وما سببها الرئيسي؟

 

- بخلاصة العبارة المسؤولون يعيشون في كوكب آخر والشعب متروك للأسف لمصيره الأسود، وهنا لا بد من الإشارة الى ان الاحتجاجات الأخيرة سببها عدم وجود أي توجه جدي للتعويض على الناس في ظل الاقفال العام المترافق مع تردي الأوضاع المعيشية. اذ بات هناك عدد كبير من العمال والصناعيين والمياومين والموظفين وغيرهم يعيشون من دون أي دخل . وفي السياق ذاته يمكن الإشارة الى عدم وجود أي تشاور من قبل السلطات المعنية اقله مع النقابات التي تعنى بالعمال للعمل على أي خطة تعوض عليهم الخسارة الكبيرة التي تلحق بهم جراء الاقفال وتبعاته لاسيما ان اكثر من 60 في المئة من الشعب بات تحت خط الفقر. وللأسف اذا استمر الوضع على ما هو عليه سنشهد المزيد من التفلت الأمني ومن حوادث السرقة – السلب- الخطف  والاجرام .