تفاصيل الخبر

مصير العام الدراسي في مهب العاصفة بعد إقفال المدارس والجامعات  بسبب "كورونا"  

02/04/2020
مصير العام الدراسي في مهب العاصفة بعد إقفال المدارس والجامعات  بسبب "كورونا"   

مصير العام الدراسي في مهب العاصفة بعد إقفال المدارس والجامعات  بسبب "كورونا"  

بقلم طوني بشارة

    [caption id="attachment_76504" align="aligncenter" width="623"] تلفزيون لبنان ودوره المرتجى في برنامج التعليم عن بعد[/caption]  

  تزامن انطلاق العام الدراسي 2019-2020 مع بداية ثورة تشرين الاول (أكتوبر) الماضي، وما رافقها من إقفال تام  للمؤسسات التعليمية  في كل المناطق اللبنانية ولفترة تجاوزت الـ 23 يوماً. بعد العودة الى المدارس حاول الأساتذة قدر الإمكان التعويض على الطلاب  بساعات إضافية،  ساعين لإستكمال العام بشكل اعتيادي، ولكن للأسف  خابت آمالهم، إذ إنه وما إن انطلق الفصل الثاني من العام الدراسي حتى زارنا وباء" كورونا" ليضرب كل القطاعات ومن ضمنها القطاع التعليمي وبدول العالم كافة.

 إزاء هذا الوباء أعلنت العديد من الدول الأوروبية إنهاء العام التعليمي وإلغاء الامتحانات الرسمية وتعويض ما فات الطلاب من معلومات  في العام المقبل. أما في لبنان فما زال حتى تاريخه، يصر وزير الترببة طارق المجذوب على إجراء الامتحانات في مواعيدها، محاولاً التعويض على الطلاب بواسطة الدروس المباشرة عبر"التعليم عن بعد" بواسطة الانترنت، او عن طريق بثّ حلقات تشرح الدروس لصفوف الشهادات الرسمية عبر تلفزيون لبنان ، حيث استنبط  الوزير المجذوب هذا الحل الذي  لم يسبق للبنان ان شهده سابقاً، لكن يبقى السؤال  حول ما مدى فهم الطلاب للشرح في ظل غياب التواصل المباشر بينهم وبين الاساتذة وما اذا كان كل الطلاب مؤهلين عملياً لمواكبة الشرح عبر الانترنت؟.

 "الأفكار" حملت مجموعة من الاسئلة تتمحور حول  العام الدراسي وفعالية التعليم عن بعد، وحقوق الاساتذة في ظل انتشار وباء "الكورونا"، والتقت نقيب أساتذة التعليم الخاص الاستاذ رودولف عبود وأمين المدارس الكاثوليكية في لبنان الأب بطرس عازار.

عازار وعدم ارتياح الطلاب!

[caption id="attachment_76505" align="alignleft" width="376"] الأب بطرس عازار: التعليم عن بعد كمن يضيء شمعة بدل أن يلعن الظلام[/caption]

 بداية أفادنا الأب عازار أنه لم يصدر حتى الآن أي إعلان عن أن العام الدراسي سينتهي أو إنتهى، مع العلم أن مثل هذا "التفكير" غير مطروح أساساً، لا لدى وزارة التربية ولا  لدى المؤسسات التربوية، منوهاً بأهمية  المبادرات التي يقوم بها  الاساتذة مع المركز التربوي للبحوث او وزارة التربية او المدارس بهدف تأمين "تعليم عن بعد" يصل الى منازل الطلاب إن كان عبر الانترنت او عبر تلفزيون لبنان، وقال: هذا الإجراء لا يعني أن العام الدراسي قد إنتهى، إذ إن ما نقوم به يصب في خانة دعم العام الدراسي، بحيث يعود الطلاب الى المدارس، ونأمل أن يكون ذلك في وقت قريب جداً.

 وفيما يتعلق بمدى إرتياح الطلاب لهكذا إجراء أوضح عازار: لا نتوقع كجهات تربوية  أن يكون الطلاب في جو دراسي تام، نظراً لما يعيشونه من قلق، وما يسمعونه من أخبار وبرامج تلفزيونية التي وعلى الرغم مما تحمله من توعية مهمة وضرورية إلا أنها لا تخلو من بعض الخوف.

 وعن توصيفه للتعليم عن بعد قال عازار: نحاول  من خلال "التعليم عن بعد" أن نضيء شمعة في قلب الظلام، ولا يجوز أن نلعن الظلام ونبقى مكتوفي الأيادي، وبالمقابل نشدد على كوننا كجهات مسؤولة نتمسك بإنهاء المناهج التربوية وإن كان ذلك خلال فصل الصيف. فالحالات الإستثنائية ليست جديدة على لبنان، إذ خلال الحرب الأهلية اضطرت المدارس الى  دمج عامين، وفي تلك الفترة تم تخريج 3 دفعات في سنة واحدة، حيث كنا نضطر دائماً الى وقف الصفوف، لكن اليوم الوضع مختلف تماماً، إذ كنا في السابق نستطيع أن نتابع الدروس بشكل منتظم اكثر، ولكن اليوم  في ظل هذا الوباء، الخطر يدهم منازلنا.

وبالنسبة لخطة إنقاذ العام قال:

 أرى أن انقاذ العام الدراسي 2019 – 2020 هو مسؤولية كبيرة جداً على المجتمع ككل، وهذا الإنقاذ لا مفر منه، حتى وإن كان لا بد من الاستعانة بالعام 2020- 2021 فنحن مستعدون لذلك، او حتى للتعليم خلال فصل الصيف، ونحن مستعدون للقيام بالمستحيل كي لا يدفع طلابنا الاعزاء وتحديداً طلاب الشهادات الرسمية بفروعها كافة الثمن وتضيع سنة من عمرهم، مستغرباً التفكير المتشائم للبعض الذي بات يصرح علناً وعلى مسمع الطلاب ما مفاده "تضيع سنة افضل من ان يضيع العمر كله"، فنحن على العكس لا نريد ان يضيع شيء. وأول ما يخطر الى اذهاننا هو اطالة العام والطلب من وزارة التربية اللجوء الى هذا الحل، الى جانب تنظيم العام الدراسي المقبل، كي لا يشعر الطلاب بضغط نفسي وتعليمي وتربوي، وبالتالي يجب الأخذ بالاعتبار أهمية تأمين الراحة للطلاب، ومثل هذا القرار لا تتخذه المدارس الكاثوليكية وحدها، بل بالتعاون مع الوزارة والمركز التربوي وكل المؤسسات التربوية.

  ورداً على سؤال حول الازمة الاقتصادية الناتجة عن" كورونا" وتداعياتها على الاهالي والمدارس قال: لسنا بمعزل عما سيتركه" كورونا" من ازمات اقتصادية ومعيشية، علماً أن هناك صعوبات عديدة يعاني منها القطاع التربوي ككل منذ فترة طويلة، ويترافق ذلك مع تدخلات غير مدروسة وجاهلة للواقع التربوي، وصولاً الى خلق نوع من التشكيك في عمل المؤسسات التربوية ورسالتها. وفي هذا السياق لا بد من لفت النظر الى المأزق المالي، وتحديداً بالنسبة الى المدارس الخاصة المجانية، حيث لدى الدولة المال المخصص لهذه المدارس لكنها لا تفرج عنه.  وألفت  النظر هنا الى المستحقات المالية المتوجبة على المؤسسات التربوية للمعلمين، فهذا حقهم في الأساس ليعيشوا حياة كريمة مع عائلاتهم، وهم اليوم ايضاً يقدّمون الجهد والتعاون من أجل انقاذ العام الدراسي. وهنا اتساءل: أما آن الأوان لإقرار البطاقة التربوية من أجل إراحة المعلمين وتأمين حقوقهم، وفي الوقت عينه دعم الاهل من أجل أن يعلموا اولادهم في المدرسة التي يريدونها؟. وهنا ارفض اتهام المدارس بـ"تخزين الاموال" والتحجج بعدم دفع الرواتب، فنحن أمام أزمة علينا أن نتضامن جميعنا لحلها.

[caption id="attachment_76506" align="alignleft" width="198"] النقیب رودولف عبود: الأساتذة لا یتقاضون أجورھم بشكل كامل وبعض المدارس تبتزھم[/caption]

عبود ومسؤولية النقابة!

 من جهته، شدد نقيب المعلمين في المدارس الخاصة رودولوف عبود على ضرورة إجراء الامتحانات الرسمية هذا العام نظراً لأهميتها، مع مناقشة شكلها وكمية المعلومات التي تشملها وتواريخها.

 وأشار عبود الى أن النقابة وقبل تطبيق التعليم عن بعد عقدت إجتماعات متواصلة مع المديرية العامة للتربية، وتحديداً مع المركز التربوي للبحوث والإنماء، بهدف وضع آلية تطبيقية للتعلم عن بُعد، كما ان إدارات المدارس الرسمية سعت  إلى الاستفادة من تجارب المدارس الخاصة، بغية تعميم التجربة في الأزمة الراهنة.

 وبالنسبة لكون  طلاب المدارس الرسمية مهيئين لهذا الحل في الأصل أجاب عبود: كل هذه التفاصيل  بحثناها ونبحثها بشكل متواصل، وتحديداً  تلك المتعلقة بشأن الطلاب الذين لا يصلون لشبكات الانترنت وكيفية تأمين التعليم المتكافئ والعادل بين الطلاب من مختلف الطبقات والمناطق. وحالياً، نسعى للابتعاد عن كل خيار ورقي يتطلب حضور الطلاب واجتماعهم، تفادياً للاحتكاك ومخاطر انتشار الفيروس. لذا، ركزنا  البحث في فكرة تفعيل التلفزيون التربوي، والفيديو واليوتيوب، لا سيما أنّ كل الإحصاءات أكدت أن معظم الطلاب يملكون هواتف ويصلون إلى شبكات الانترنت، مع الأخذ بالاعتبار الأهداف المحددة في المناهج.

 وعن واقع الأساتذة في ظلّ هذه الأزمة، ركز عبود على أنه قبل العامل الصحي، كانت هناك عوامل ضغط أخرى على الأساتذة هذا العام، وتحديداً على المستوى الاقتصادي الذي تدهور بعد ثورة 17 تشرين الاول (اكتوبر) الماضي. ففي أيام التعطيل القسري، كان معظم الأساتذة لا يتقاضون أجورهم بشكل كامل ومنتظم، رغم الضغوط التي تفرضها عليهم الإدارة وإجبارهم على مضاعفة جهود عملهم وإنتاجهم. فالعلاقة في الأساس ليست سوية بين الأساتذة والإدارات، وتحديداً في المدارس الخاصة، وأصفها بـ "العلاقة التجارية" البحت، في ظلّ غياب الاجراءات الصارمة بحق هذه الإدارات من قبل المراجع الرسمية في وزارة التربية ومصلحة التعليم الخاص.

 وتابع عبود قائلاً: فيما يخصّ رواتب الأساتذة على المستوى القانوني، فـلا يجب ربطها بتحصيل الأقساط من أهالي الطلاب، لأن المعلّم يجب أن يتقاضى أجره مقابل العمل الذي يقدمه ويقوم به، بصرف النظر عن مشاكل الإدارات والأهالي. وهنا لا بدّ من الإشارة، وبشهادة عدد من الأساتذة الذين يتحفظون عن ذكر أسمائهم، هو أنّ إداراتهم لا تتوقف عن ابتزازهم في ظلّ هذه الأوضاع وتستغل حاجاتهم للعمل، سواء برمي مهمات إضافية على كاهلهم غير مدفوعة الأجر، وسواء باقتطاع رواتبهم من دون تحديد مواعيد تعويضها.

 وعن دور النقابة فيما يتعلق بشأن حقوق الاساتذة أجاب عبود قائلاً:أنّ ما تقوم به النقابة ضمن لجنة الرقابة التي شكلتها، يرتكز على مناقشة أوضاع كل مدرسة على حدة، مع اتحاد المؤسسات التربوية الخاصة وممثلي لجان الأهل المشاركين في هذه اللجنة. لقد وجدنا حلولاً ترضي بعض المعلمين في علاقاتهم مع إداراتهم. لكن الأزمة الكبرى هي في بعض المدارس التي لا تراعي الأصول الموضوعة، وتتخطى القوانين بشكل فاضح، ونسعى لمتابعتها، بناءً على شكاوى عدد كبير من الأساتذة حتى من أهمّ المدارس التعليمية.

 ختاماً وفيما يتعلق  بحماية العام الدراسي مع انتشار "كورونا" وتدهور الأوضاع الاقتصادية في لبنان شدد عبود على ان  الخطر الذي يهدد العام الدراسي لا يمكن انكاره أو تخطيه، والأولوية تبقى لحماية الشهادة الرسمية، والعمل على تنظيم العلاقة بين الأهل والإدارة والمعلمين.