تفاصيل الخبر

مسيحيو 14 آذار يرفضون «حصرية التمثيل » و «المستقبل » غير مرتاح وحلفاء عون في 8 آذار يثقون به لكنهم يشكّكون بـ «نيات » جعجع!

12/06/2015
مسيحيو 14 آذار يرفضون «حصرية التمثيل » و «المستقبل » غير مرتاح وحلفاء عون في 8 آذار يثقون به لكنهم يشكّكون بـ «نيات » جعجع!

مسيحيو 14 آذار يرفضون «حصرية التمثيل » و «المستقبل » غير مرتاح وحلفاء عون في 8 آذار يثقون به لكنهم يشكّكون بـ «نيات » جعجع!

 

aoun-geagea إذا كانت استطلاعات الرأي التي أجريت بعد لقاء رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون مع القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع في دارة الأول في الرابية الأسبوع الماضي قد أظهرت <ارتياح> الشارع المسيحي للتقارب الذي تحقق بين الرجلين ومن خلالهما بين القاعدتين الشعبيتين، فإن المعطيات السياسية التي أفرزتها ردود الفعل المعلنة وغير المعلنة سجلت تفاوتاً في مواقف حلفاء الحزبين وخصومهما، لاسيما في الساحة المسيحية التي لا تزال <تدفع> ثمن الحروب التي وقعت بين <القوات> والعماد عون عندما كان رئيساً لحكومة العسكريين من 1988 الى 1990 وزيراً للدفاع وقائداً للجيش في آن. وحسناً فعل كل من العماد عون والدكتور جعجع في إرسال موفدين عنهما الى المرجعيات المسيحية ناقلين لها الخطوط العريضة للمفاوضات التي دارت على مدى سنة تقريباً، وأفضت الى <إعلان النيات>، وذلك ليس بهدف وضع هذه المرجعيات بصورة ما تم الاتفاق عليه بقدر ما كان الهدف منه <امتصاص> ردود الفعل السلبية أو المتحفظة التي ظهرت في صفوف مسيحيي 14 آذار الذين <نقزوا> من تقارب عون وجعجع، لاسيما بعد <تكريس> العونيين و<القوات> على أنهم يمثلون الغالبية العظمى من المسيحيين.

مسيحيو 14 آذار يرفضون

ويقرّ قياديون في صفوف مسيحيي 14 آذار ان <سوء تقدير> ظهر من طرفهم منذ ان بدأ الحوار بالوساطة بين عون وجعجع على أساس ان الاتفاق لن يحصل بين الزعيمين وإن كان ما يحصل من لقاءات بين النائب إبراهيم كنعان باسم العماد عون وملحم رياشي باسم الدكتور جعجع لا يعدو كونه <تضييعاً> للوقت. غير ان زيارة جعجع للرابية التي فاجأت <الجنرال> لم تنزل على مسيحيي 14 آذار برداً وسلاماً، وأول ردة فعل كانت الدعوة الى <توافق وطني> في هذه المرحلة وليس الى توافق بين المسيحيين فقط، حتى ان الذين كانوا بالأمس ينادون <بوحدة الموقف المسيحي> آثروا بعد اتفاق عون - جعجع الدعوة الى وحدة مواقف جميع اللبنانيين من دون استثناء!

ولعلّ ردة الفعل الكتائبية التي اختارت كلمات <منمّقة> للحديث عن لقاء الرابية وما نتج عنه خير دليل على ان حزب  <الله والوطن والعائلة> لم يظهر حماسة للمصالحة العونية - القواتية وما رافقها من <حصرية> التمثيل المسيحي لأنه يدرك ان مثل هذه الحصرية تبعده عن <الكوتا> المسيحية في الزعامة وتصنّف عون في المرتبة الأولى وجعجع في المرتبة الثانية، وتجعل شراكتهما <طبيعية> لإبعاد الآخرين عن المسرح المسيحي، أو الحد من تأثيرهم وحضورهم... وإذا كانت ردة الفعل الكتائبية قد اقتصرت على كلام عام وتمنيات بالتوفيق مقرونة بـ<تشكيك ضمني> بصمود <النيات> وضرورة استبدالها بـ<التطبيق>، فإن الرد العملي على لقاء الرابية كان في إحياء اجتماعات <اللقاء التشاوري> الذي يضم عملياً رافضي التقارب بين عون وجعجع والذين يمثلهم الرئيس ميشال سليمان وحزب الكتائب و<المستقبل> من الموارنة الأقرب عملياً الى 14 آذار. وهؤلاء راهنوا على <عدم صمود> التفاهم العوني - القواتي، لاسيما وان <لغم> الاستحقاق الرئاسي يمكن ان يفجّر مفاعيل لقاء الرابية في أي لحظة. أما على المقلب الآخر من مسيحيي 14 آذار، فكان الرد غير المباشر إعادة إحياء اجتماعات <لقاء سيدة الجبل> مع حفنة من القرارات التي ركزت على رفض أي <حوار فئوي>.

 

... وردة فعل باردة لـ<المستقبل>

 

أما على جبهة تيار <المستقبل> الحليف الأقوى لـ<القوات اللبنانية>، فإن التعاطي مع ورقة <إعلان النيات> ولقاء الرابية كان <بارداً> لاسيما في وسائل الإعلام الناطقة باسم <التيار الأزرق>، في حين اقتصرت ردود الفعل السياسية على ملاحظات عامة وتساؤلات عما إذا كان تنفيذ ما ورد في <إعلان النيات> سيكون ممكناً في ظل الظروف الراهنة والعقد التي تكبّل التحالفات السياسية داخلياً وإقليمياً. إلا ان المطلع على الموقف الحقيقي لـ<تيار المستقبل> يلمس وجود تساؤلات عن الأسباب التي أدت الى عدم مراعاة <القوات> للاشتباك السياسي الحاصل مع العماد عون ووزرائه ونوابه. وبالتالي، هل كان من الضروري اعتماد سياسة <تعويم> للعماد عون بحجة وحدة الموقف المسيحي والمخاوف على مصير المسيحيين في الشرق؟ علماً ان المعترضين في <المستقبل> يرون ان <الجنرال> سيستثمر اتفاقه مع جعجع في معركته لمحاولة الوصول الى قصر بعبدا، إضافة الى تعزيز قدراته السياسية والمعنوية داخل <حكومة المصلحة الوطنية> التي هدّد بتعطيل عملها إذا لم تستجب مطالبه في التعيينات الأمنية. وفي النتيجة، يجزم <المستقبليون> ان ما حصل في الرابية تلك الليلة <لن يقدّم ولن يؤخّر> في الوضع العام، تماماً كما هو الحال بالنسبة الى الحوار بين حزب الله و<المستقبل> الذي يكاد يصبح <مملاً وروتينياً وأقرب الى المناورة> على حد ما وصفه أحد المسؤولين البارزين في تيار <المستقبل> الذي أبدى ثقته بأن أي اتفاق بين عون وجعجع لن يكون على حساب <التيار الأزرق>، لاسيما وان جعجع - حسب المسؤول <المستقبلي> - لم يتنازل عن مبادئه الأساسية ومواقفه المعلنة، في حين ان <الجنرال> التزم <نيات> تناقض مواقف سابقة له، لاسيما في معرض الإشارة الى مفهوم <السيادة> ومعايير <سلطة الدولة>.

وقد حرص الرئيس سعد الحريري من خلال المواقف التي أطلقها بعيد لقاء الرابية على عدم تناول اللقاء مباشرة بالتعليق السلبي أو الإيجابي مكتفياً بتوجيه رسائل غير مباشرة الى عون وجعجع في آن، فدعا الأول الى <عدم السير في اتجاه الشلل الحكومي>، و<أنذر> الثاني من دون ان يسميه أو يخاطبه بأن إمكانية التفاهم مع عون تبقى واردة في أي لحظة ويمكن استطراداً التأسيس على ما سبق من لقاءات وحوارات لإعادة <نفخ> الروح فيها، وهو ما كان يزعج جعجع في حينه!

 

مواقف متمايزة في 8 آذار

 

في المقابل، فإن ردود الفعل لدى قوى 8 آذار، في ما يمكن تسجيله في هذا الإطار، هو التمايز الذي برز بين حلفاء <الخط الواحد> في قراءة أبعاد اللقاء العوني - القواتي، ذلك أن زعيم تيار <المردة> النائب سليمان فرنجية الذي كان قد عبّر مراراً عن <تحفّظه> على مسار الحوار بين الرابية ومعراب لعدم ثقته بمواقف الدكتور جعجع، استمر على موقفه وإن كان قد حرص بالتزامن على التفاعل إيجاباً مع نتائج هذا الحوار، وهو الذي اعتبر ان <الشيطان يكمن في التفاصيل>. وأبلغ العماد عون الذي اتصل به بعيد حصول اللقاء مع جعجع (ثم أوفد النائب ابراهيم كنعان لإطلاعه على التفاصيل) تمنياته بأن تترجم نقاط الاتفاق مع <القوات> الى أمر عملي لا أن تبقى عناوين عامة، مبدياً استعداده لأي تعاون في هذا المجال. وقد بدا من خلال ما تردد في بنشعي من مواقف ان النائب فرنجية يريد ان يعطي لهذا الاتفاق فرصة لأنه <يعزز التقارب على الساحة المسيحية>، ويريد في الوقت نفسه ان يحمي <التفاهم العميق> بينه وبين العماد عون من أي <بارازيت> يمكن أن ينتج كردة فعل على اتفاق عون - جعجع، لأن التحالف مع عون <عميق جداً> ولا يقلق <المردة> أي تفاهم يجريه العماد عون مع أي طرف سياسي آخر، خصوصاً إذا كان الهدف منه <تنفيس> الأحقاد. ويضيف: <إذا كنا قد أيدنا الحوار بين <المستقبل> وحزب الله، فهل يمكننا عدم الترحيب بالحوار بين عون و<القوات>؟ إضافة الى ذلك، يتطلع فرنجية الى مرحلة ما بعد <إعلان النيات> ويطرح جملة تساؤلات حول ما يمكن ان تكون عليه مواقف <القوات> من قانون الانتخاب مثلاً ومن الاستحقاق الرئاسي الأكثر إلحاحاً بالنسبة الى المسيحيين في هذه المرحلة. وعندما يُسأل  فرنجية عن إمكانية ولادة <تحالف> رباعي قوامه عون وفرنجية وجعجع والبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي لتشكيل <قوة ضغط> مسيحية، يبدي <تفهّمه> لمثل هذا المطلب، لكنه لا يوضح موقفه منه في الوقت الراهن على الأقل لأنه يريد ان ينتظر ما سيؤول إليه الاتفاق بين عون و<القوات> بالنسبة الى مسألتي قانون الانتخاب ورئاسة الجمهورية، وهو قال للنائب ابراهيم كنعان عندما زاره في بنشعي بتكليف من <الجنرال> ان المهم في كل ما يجري المحافظة على اللعبة الديموقراطية ووضع آليات لها مقبولة من الجميع.

 

حزب الله <يثق> وملاحظات لـ<أمل>

 

أما بالنسبة الى الأحزاب غير المسيحية في قوى 8 آذار، فإن ردود الفعل كانت حذرة لدى فريق منهم، ومرحبة لدى فريق آخر. وبديهي ان يقفز الى الواجهة عدم تناول الرئيس نبيه بري ما حصل في الرابية خلال لقاءاته النيابية، وقد حرص مقربون منه على القول ان رئيس مجلس النواب يرحب بكل ما من شأنه تقريب وجهات النظر بين اللبنانيين، من دون أن يضيفوا شيئاً، في إشارة واضحة الى <تريّث> الرئيس بري في إعلان موقف حاسم من ورقة <إعلان النيات>، لاسيما بعدما وصلته أصداء <ملاحظات> رددها عون وجعجع على أداء بعض السياسيين كان الرئيس بري من بينهم! وما لم يصدر بوضوح عن الرئيس بري سُمع يتردد في جلسات عدد من نوابه الذين يعتبرون ان جعجع <كسب> أكثر من العماد عون في حوارهما وما تلاه من خطوات لأنه كرّس نفسه في معادلة <المسيحي القوي> القادر على ان يقول لخصومه ولغيرهم انه الرقم 2 في المعادلة المسيحية بعد العماد عون، ويمكن ان يصبح الرقم 1 بعد حين، وكما ان العماد عون هو المرشح الأقوى والأبرز للرئاسة الأولى، فإن جعجع سيحصل ذات يوم على التوصيف ذاته، والمكتسبات إياها. ويضيف هؤلاء النواب ان جعجع من خلال توقيته موعد اللقاء مع عون أراد ان يظهر ان زمام المبادرة بقي في يده طوال فترة مفاوضات كنعان - رياشي، وهو كرّس ذلك من خلال تحديده زيارته للرابية عشية استقباله للموفد البابوي الكاردينال <دومينيك مامبرتي> الذي كان يسعى الى تكريس وحدة المسيحيين وتضامنهم، وبعد 24 ساعة على ذكرى اغتيال الرئيس الشهيد رشيد كرامي، وخلال زيارة الرئيس تمام سلام والوفد المرافق له للسعودية، وفي كل هذه التواقيت ما يشير الى ان جعجع <عرف كيف يلعبها> في مفاوضاته مع عون، ما أعطاه <رأسمالاً> سياسياً يمكن ان يستثمره في أي مفترق مقبل.

أما على <جبهة> حزب الله، فبدا ان القيادة سارعت الى نفي كل ما أشيع من ان الحزب ينظر <بعين الريبة والحذر> الى لقاء عون - جعجع، لاسيما وان السيد حسن نصر الله كان أول من شجع على عقد حوارات من هذا النوع مع الأفرقاء اللبنانيين. وقد أفسحت القيادة الحزبية أمام الوزراء والنواب الممثلين للحزب في الحكومة ومجلس النواب المجال للتعبير عن <إيجابية> ما حصل مقروناً بتأكيد <الثقة الكبيرة> بالعماد عون وكذلك إبداء الاحترام لخياراته. ولم يخفِ نواب حزب الله <سرورهم> بحصول اللقاء لإيمانهم بأن <مردود> التقارب بين عون وجعجع سيكون إيجابياً على <الجنرال> الساعي الى إعادة التوازن المسيحي وانعكاسه على البلاد، وهو ما <يريح> حزب الله لاسيما وان تيار <المستقبل> لم يستقبل بارتياح مشهد الزعيمين في الرابية والذي كان يفضّل الا يحقق الحوار أي نتيجة بين الرابية ومعراب. وتقول مصادر في كتلة الوفاء للمقاومة ان احترام حزب الله لخيارات العماد عون وانفتاحه على سائر المكوّنات اللبنانية هو من الثوابت في العلاقة بين <الجنرال> و<السيد>، وان الأحداث التي توالت خلال الأعوام الماضية أظهرت ان ما يجمع بين الزعيمين أقوى وأثبت من أي محاولات للرهان على افتراقهما، خصوصاً في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها الحزب نتيجة انخراطه في الحرب في سوريا وما نتج عن ذلك من تداعيات. إلا ان المصادر نفسها لا تحسم ما إذا كان الاتفاق العوني - <القواتي> سيسهّل وصول العماد عون الى قصر بعبدا، وان كان ما حصل في الرابية يساعد - في رأي المصادر نفسها - على تحقيق ذلك. ولعل <حذر> الحزب في هذا الشأن له ما يبرره، لاسيما وان جعجع لم يعلن موقفاً إيجابياً في هذا المجال، وهو لا يزال يعتبر نفسه مرشحاً رئاسياً ويدعو العماد عون وحزب الله للنزول الى ساحة النجمة وتأمين النصاب وليقل النواب كلمتهم ويختاروا بينه وبين عون. والملفت ان نواب الحزب ومصادر المعلومات فيه آثروا عدم الدخول في تفاصيل <إعلان النيات> على الرغم من وجود ملاحظات لهم على بعض ما جاء فيه لأن الحزب لا يريد - حسب مصادر مطلعة فيه - الدخول على خط التفاهم العوني <القواتي> منعاً لاستثمار هذا الدخول سلباً.

 

بري-الجميلأسئلة... ورعاية بكركي

 

في أي حال، ومهما تنوّعت ردود فعل الخصوم قبل الحلفاء، فإن المصادر المتابعة ترى ان ما تحقق في الرابية في الأسبوع الماضي خطوة مهمة في مسيرة الألف ميل للتفاهم المسيحي - المسيحي، لكنها تطرح أسئلة عدة حول مسائل كثيرة ليس من قبيل التشكيك، بل من قبيل استقراء المستقبل، من بينها: هل يستطيع العماد عون والدكتور جعجع الاتفاق على مشروع قانون للانتخابات يرفعانه في وجه الحلفاء والخصوم ويوفّران له أكثرية تضمن إقراره؟ وهل سيتوصل الزعيمان الى تفاهم حول هوية <الرئيس القوي> الذي طالبا بانتخابه؟ وهل سيعلن جعجع يوماً تأييده للعماد عون رئيساً للجمهورية؟ وهل سيأتي اليوم الذي يقبل فيه عون بالتفاهم مع جعجع وغيره من القيادات على <مرشح توافقي>، فيوفر له التغطية الكاملة ليكون <رئيساً قوياً>؟ وكيف سيتعاطى عون وجعجع مع توسع مشاركة حزب الله في الحرب السورية؟ أسئلة ستبقى حتماً من دون أجوبة في المدى المنظور، لأن العماد عون وجعجع يريدان ان <يصمد> اتفاقهما أطول مدة ممكنة، ومثل هذه الأسئلة تحمل في طياتها بذور خلاف وتباعد يقول الزعيمان انهما لن يسمحا بتكرارهما لأن الساحة المسيحية لم تعد تحتمل تكرار سيناريو <حرب الإلغاء>.. ولو سياسياً في غياب القدرة العسكرية على إشعالها، وهما وضعا ورقة <إعلان النيات> في عهدة البطريرك الماروني ليكون <راعياً> لاستمرارها وتنفيذها!