تفاصيل الخبر

مستشارة لوائح الطعام وناقلة الأطايب اللبنانية التقليدية باربرا مسعد: هـــذا مــا أدعــــو الـمـصـنعّيـــن الـمـحـلـيـيـــن الى زيـــادة الانـتـــاج مـنـــه!

15/03/2019
مستشارة لوائح الطعام وناقلة الأطايب اللبنانية التقليدية باربرا مسعد:  هـــذا مــا أدعــــو الـمـصـنعّيـــن الـمـحـلـيـيـــن الى زيـــادة الانـتـــاج مـنـــه!

مستشارة لوائح الطعام وناقلة الأطايب اللبنانية التقليدية باربرا مسعد: هـــذا مــا أدعــــو الـمـصـنعّيـــن الـمـحـلـيـيـــن الى زيـــادة الانـتـــاج مـنـــه!

 

بقلم عبير انطون

 

متعة تذوق المأكولات، قد لا يضاهيها سوى الشغف الذي تتحدث به باربرا مسعد عن الوصفات اللبنانية ومكونات المنقوشة والمونة والمازة اللبنانية، بشكل خاص تلك التي تأتينا نقية طازجة من صغار المنتجين المحليين في القرى والارياف من خلال مواسم غنية يتمتع بها البلد حيث الخضار والفاكهة تضاهي بمذاقها أطيب ما يمكن تذوقه في أية بقعة من العالم.

دراسة باربرا الجامعية في فنّ التسويق، وشغفها بالتصوير الذي اخذته عن والدها، جعلاها تستثمر مواهبها لنشر كتب المأكولات التي تكتبها بعد ان تجوب المدن والقرى وتطهو مع أهل المحلة، وتنقل بالـ<وصفة> والصورة ما صنعوه معا، ولتستحق جوائز عالمية تدفعها الى الامام. الا ان ذلك ليس وحده ما يحرك باربرا فالحس الانساني لديها أولوية، وقد شكل كتابها <حساء لسوريا> بصمة مهمة في حياة النازحين بعيدا عن اي اعتبار سياسي او تمييز او أفكار مسبقة.

مع باربرا كان حوار <الأفكار> ممتعا جلنا فيه على المشوار الناجح ووقفنا عند جهودها المختلفة، خاصة لجهة عضويتها في منظمة <Slow Food> لبنان. فما هي هذه المنظمة وماذا تبتغي؟

سألنا بربرا اولا:

ــ درست في الولايات المتحدة، اقمت في فلوريدا وعدت الى لبنان في العام 1988، ما كانت اسباب هذه العودة؟

- للحقيقة، فضّل والداي العودة والعيش في لبنان.

 ــ لنذكّر القراء: من اي منطقة لبنانية انت وما الذي كان يلفتك في طبيعتها أولا، وفي مطبخها ثانيا؟

 - أنا من بيروت لكن قرية الأجداد هي <عبدين> قرية لبنانية من قرى قضاء بشري في محافظة الشمال. نحن لم نعش فيها، الا أنني أحب الجبل، وخاصة زهرات الأقحوان في فصل الربيع. المطبخ اللبناني في <عبدين> كما المطبخ اللبناني بشكل عام غني جدا ومليء بالنكهات اللذيذة، وانطلاقا من محبتي لضيعتي ولكل الضيع والقرى قررت استخدام المنتجات المحلية التي ينتجها صغار المنتجين.

ــ ما هي ذكرياتك عن مطعم العائلة في مدينة <Fort Lauderdale> في فلوريدا واي أصناف من الطعام كان يقدم؟

 - لقد شكّل المطعم في فلوريدا حدثاً مهماً في حياتي. فيه تعلمت فنون الطبخ اللبناني، والأهم الدروس الجوهرية في الحياة على مختلف الصعد. لم يكن الأمر سهلاً دائماً، لكنني استطيع القول انها كانت أفضل الأوقات التي قضيناها معا كعائلة. كان المطعم يقدم الاطباق اللبنانية المختلفة ومن بينها مختلف المازات المعروفة مثل الكباب والسلطات والحلويات، ليتوجها بالقهوة العربية اللذيذة طبعاً.

ــ تعتبرين افتتاح مطعم <زيمي> في بيروت فصلا جديدا في حياتك. لماذا، والى اي مدى يختلف هذا المطعم المتوسطي عن غيره؟

- لقد عملت كمستشارة ومطورة قائمة الطعام في العديد من البلدان بما في ذلك الولايات المتحدة والبرتغال. <زيمي> هو أول مطعم في لبنان أعمل فيه كمستشارة قائمة الطعام وكشريكة، كذلك فان ابني أيضاً <شيف> فيه، وهو طاه مميّز وكان انهى دراسته في <معهد بول بوكوس> في فرنسا.

 ــ الى أي مدى ساعدك البرنامج التلفزيوني وعرضه لجولاتك في أرجاء لبنان بحثا عن أصول المذاق الطيب، في انتشار اسمك؟

 - كان البرنامج على محطة الـ<ال بي سي> تجربة رائعة. كثيرون من الناس يقدرون ذلك والكثيرون منهم يقولون لي إنهم تعلموا الكثير عن طعام بلدهم من خلاله. كذلك فان مقابلتي الأشخاص الذين التقيت بهم وتحدثت اليهم في مناطق جغرافية مختلفة كانت شيّقة أيضا. لقد ركزنا على الأكلات المحلية وكنت أقوم بالمقابلات وبالطهي مع طهاة محليين ومع منتجين وربات منزل ومزارعات. يبقى حسن الضيافة في لبنان ميزة أساسية ومهمة في هذا البلد.

 ــ أين ترين فن الطبخ اللبناني عالميا اليوم وهل يحتل مواقع متقدمة؟

 - نعم موقعه متقدّم، وكذلك طعام الشارع اللبناني الذي بات منتشرا في جميع أنحاء العالم وكثيرا ما يستخدم كتاب <منقوشة> الذي كتبته نقطة انطلاق لهم.

ــ لنذكرّ بكتاب <Man’oushé: Inside the Street Corner Lebanese Bakery> الذائع الصيت والذي كان نقطة انطلاقة سلسلة كتب الطهي لديك. كيف حضَرت له؟

- كتبته في العام 2012 حول طريقة عمل الـ<Man’oushé> وهو يحتوي على 70 وصفة للفطائر اللبنانية من ضمنها أصناف نموذجية موجودة في المخابز ولكن يمكن أيضا اعدادها بالمنزل. يحتوي الكتاب أيضا على صور وقصص حول رحلتي في لبنان، وكان ذلك بالتعاون مع ريمون يزبك.

ــ بالنسبة لـ<المنقوشة>، هل يمكن برأيك التوقف عند ما تم تداوله مؤخرا من ان ايطاليا أخذتها عن لبنان وصنعت <البيتزا>؟

 - لكل بلد تعامله وترجمته للخبز بطريقته الخاصة. البداية الفعلية كانت من مصر بالقرب من النيل. لا أعتقد أن الإيطاليين أخذوا عنا المنقوشة ليصنعوا <البيتزا>، الا أننا على الموجة ذاتها، وكل من الشعبين فكر بامكانية وضع المنتجات المحلية على العجين وخبزه. نحن لدينا الزعتر. في إيطاليا، لديهم الطماطم والجبن والريحان وزيت الزيتون...

مونة لبنان...!

ــ كتابك الثاني بعد المنقوشة كان للمونة اللبنانية. هل لا زال للمونة مكانها اليوم مع المأكولات الجاهزة وغياب غرف المونة في بيوت المدينة، كما وأيضا مع توافر المكونات على مدار أيام السنة وعدم ندرتها كما في السابق؟

ــ تحتلّ المونة حيّزا مهماً من تقاليدنا. كتابي < Mouneh: Preserving Foods for the Lebanese Pantry> وهو حول طرق الحفظ اللبنانية التقليدية للفاكهة والخضار والأعشاب والمنتجات الحيوانية يتضمّن أيضا مجموعة من

الوصفات والصور والأحداث المصاحبة.

وبعد لحظة تضيف باربرا:

- أنا جزء من جمعية عالمية تسمى <Slow Food>. في لبنان لدينا فصل بعنوان <Slow Food Beirut. www.slowfoodbeirut.com> وهو يهدف إلى الحفاظ على تقاليد وأصول صنع طرق الطعام في كل بلد من انحاء العالم. يمكن مقارنة الجمعية مع جمعية <السلام الأخضر>. من المهم طبعا تناول مكونات الطعام في أوقاتها الموسمية الطبيعية، الا ان المونة تحافظ أيضا على وفرة ما تقدمه الطبيعة في مواسمها من خلال طريقة حفظ سليمة. الطماطم مثلا في فصل الشتاء ليست طيبة المذاق او وفيرة العصائر وتميل الى المذاق الحلو قليلا، فيأتي <رب البندورة> الذي نصنعه للمونة ليعطينا أفضل مذاق.

 ــ لو أردت اهداء مكون واحد من مكونات الطعام اللبناني الى شخص يعيش في الخارج مثلا، ما الذي تهديه إياه وتعتبريه مميزا؟

- امدّه بمختلف مكونات التبولة، الحمص، الخبز، المنقوشة، واللبنة، هناك الكثير. النبيذ اللبناني أيضا يستحق ان يهدى.

ــ بعد كتابك عن المازة اللبنانية التي تصفيها بـ<عـمل حب> <A labor Of Love> كيف انطلقت فكرة كتاب <Soup for Syria> وكيف جمعت المعلومات عن مختلف أنواع الحساء. هل كانت الامور صعبة؟

 - جاءت الفكرة ببطء وبسلاسة... كنت أزور المخيمات لأنني كنت أشاهد صوراً على التلفزيون لأطفال يعانون، وينفطر قلبي. لا استطيع تحمل ذلك. حملت كاميرتي وقلت لنفسي يجب أن أري الجميع ما يحدث. بالنسبة لي عيون الناس تكسر حواجز الكراهية، أما التفاصيل الأخرى كالجنسية، والدِين، والمنطقة التي ينحدر منها صاحب الوجه، وفي أيّ صفّ يقف من الحرب في سوريا، فهي تفاصيل غير مهمة. أنا أكتب كتب الطبخ، إنها وظيفتي. لذلك أردت استخدام موهبتي للقيام بشيء، فكان الكتاب، كذلك فانني مصورة فجمعت هذين الامرين العزيزين جدا على قلبي للمساعدة. لقد بادرت مع دار <إنترلينك بابليشينغ> إلى التواصل مع معارفي والاتصال بطهاة مشهورين من العالم لتبدأ وصفات الحساء بالتدفّق. وقد شارك هواة إعداد الطعام وطهاة محترفون باقتراحاتهم الخاصة حول تحضير أنواع الحساء وتنكيهه، بينهم <مارك بيتمان>، <أنطوني بوردان>، <سالي باتشر>، جريج معلوف، <باولا وولفرت> وشخصيات من برامج تلفزيونية وأصحاب مطاعم معروفون ومدوّنون متخصّصون في مجال الطعام، إضافة إلى حفنة من عشاق الطعام مثل باسكال حارث التي تولت مهمة التصميم الغرافيكي للكتاب. ومن أصل مئات الوصفات التي تم جمعها، وصل 80 منها فقط إلى صفحات الكتاب المئتين وثمان. وقد استندت في معايير انتقاء الوصفات إلى مدى سهولتها وملاءمتها. وقد استضفت في منزلي خلال مرحلة الإختيار، فريقاً من عشرة أشخاص تولّوا معي مهمة تحضير الوصفات والتثبّت منها، فكانت المرحلة الأكثر متعةً في التجربة بأكملها.

ــ هل شهد الكتاب نسبة مبيعات عالية وانتشر في بلدان عديدة كما عرفنا؟

 - لقد نُشر في سبعة بلدان، وتم تجيير جميع الأرباح إلى الجمعيات لمساعدة اللاجئين. لقد علمتني هذه التجربة الكثير. كنت أقوم بتجميع الوصفات من كل مكان، مع أشخاص لهم اسمهم في هذا الحقل ايضا. اخترت الحساء كموضوع لأنه طبق عالمي وهو، لا يبعث الحرارة في الجسد فقط، انما في الروح والقلب أيضا.

ــ ماذا عن هوايتك في فن التصوير الذي اخذته عن والدك والى اي مدى ساعدك في انجاز كتبك؟

-  لقد شجعني والدي على التقاط الصور بنفسي، وبمساعدة المصور الصديق ريمون يزبك، سافرنا معاً عبر المناطق اللبنانية، هو للعمل على كتابه وأنا على كتابي. لقد علمني الكثير.

ــ هل تفكرين بمعرض فوتوغرافي مستقل لصورك؟

 - سبق وقمت بذلك مع توقيع كتاب <حساء لسوريا> في <ستاسيون بيروت> في جسر الواطي، والتوقيع كان ناجحاً بحيث بعنا 550 نسخة في أمسية واحدة.

ــ ماذا تعني لك الجوائز العالمية التي نلتها من <Prix de la Littérature Gastronomique> و<The Gourmand Cookbook Award> وغيرها؟

 - استحقاق الجوائز امر جيد دائما، ولكن بالنسبة لي الامر ليس هدفا بحد ذاته. لقد كتب رئيس منظمة <سلو فوود انترناشونال> مقالا عني في صحيفة <لا ريبوبليكا> قبيل عيد الميلاد، وهذا امر أثّر بي جدا ولا يمكن ان انساه... بالنسبة للباقي، أشعر بأن الكتب مثل الأطفال، تضعها في العالم وبعدها ما تعود تملكها. عندها حياتها الخاصة، المستقلة. أفصل نفسي عنها وأفكر في الحاضر والمستقبل.

ــ الى اي مدى تعتبرين انك ساهمت في تنشيط الاقتصاد اللبناني في القرى والارياف خاصة؟

 - لا يمكنني تقدير الحجم، لكن ما يمكنني قوله أن كتبي بالتأكيد أسهمت في جعل مأكولات القرى والبلدات معروفة، تماماً كما فعل صديقي كمال مذوّق مع <سوق الطيب>.

 ــ اي المنتجات والزراعات تدعين اللبنانيين الى المزيد منها وتجدين اننا في البلد او في الاسواق خارجه بحاجة اليها؟

 ــ الجبن الجبلي اللبناني (درفيه، سردالة)، وأدعوكم الى مشاهدة الأفلام على موقع <Slow Food Beirut>، وسوف تفهمون ما اقوله.

 ــ شخصيا، ما هي اكلتك اللبنانية المفضلة؟

 - الملوخية والهريسة.

ــ هل من شخصيات معروفة من حول العالم تذوقت احدى وصفاتك اللبنانية واثنت عليها؟

- هناك الكثير من الأسماء التي يمكنني ذكرها، الا ان الأهمّ هو عندما يهنئني زوجي أو أولادي على طبق معين.

 ــ ختاما، هل من مشروع جديد تعدين له وفي اي مجال؟

 - هناك كتاب جديد أقوم بإعداده لمطعم في الولايات المتحدة. وأود أيضا تنظيم رحلات الطهي الى جميع أنحاء العالم طالما أنني أملك الطاقة. هذا ما يجعلني سعيدة من الأعماق.