تفاصيل الخبر

مشروع مشترك بين جمعية «آفاق» الخيرية ومنظمة العمل الدولية لتطوير مهارات المشاريع الصغيرة في عكار!  

23/09/2015
مشروع مشترك بين جمعية «آفاق» الخيرية ومنظمة العمل الدولية لتطوير مهارات المشاريع الصغيرة في عكار!   

مشروع مشترك بين جمعية «آفاق» الخيرية ومنظمة العمل الدولية لتطوير مهارات المشاريع الصغيرة في عكار!  

بقلم وردية بطرس

الاستاذ-زياد-حدارة-يدرب-اهالي-عكار-في-ورشة-عمل في ظل الظروف المعيشية والاجتماعية الصعبة في لبنان، يعاني اللبنانيون في مختلف المناطق، ولكن الحرمان والفقر اللذين يعاني منهما أهالي عكار يفوقان حد التصور، اذ لم يعد خافياً على أحد حجم الصعوبات التي تعاني منها محافظة عكار على جميع الأصعدة الاقتصادية، والاجتماعية، والصحية، والتربوية... ان النسب الصادرة عن <مؤسسة البحوث والاستشارات>، ووزارة الشؤون الاجتماعية، و<برنامج الأمم المتحدة الانمائي> تبرز الواقع المأساوي الذي يعيشه أهالي عكار. وذلك الواقع دفع بالعديد من المؤسسات الدولية والأجنبية لأن تفتح لها مكاتب في عكار، الا ان ما يتم تقديمه من خدمات لا يعد شيئاً بالنسبة لما هو مطلوب.

والدراسات المتوافرة عن عكار هي بغالبيتها دراسات تعود الى العام 2007 وما قبل، اذ لم تقم اي جهة حكومية او دولية بوضع دراسات جديدة عن المنطقة. وتظهر دراسات أخرى ان عكار متجهة نحو مزيد من الأزمات نتيجة ارتفاع معدلات الفقر والبطالة والتسرب المدرسي، وما الى ذلك من أزمات معيشية واجتماعية واقتصادية مترافقة مع تقلص القدرة الشرائية لدى المواطنين. الأمر الذي أدى الى تصنيفها على أنها أكثر الأماكن حرماناً في لبنان، اذ تصل نسبة الحرمان العامة، بحسب <دليل أحوال المعيشة للأسر> في القضاء الى 63,3 بالمئة، اي ضعف النسبة على الصعيد الوطني، البالغة 32.1 بالمئة، وتبلغ نسبة الأسر المحرومة من الحقوق التعليمية 63,7 بالمئة، تُعتبر نسبة 36,8 بالمئة منها محرومة جداً، كما تصل نسبة عمالة الأطفال الى 14,1 بالمئة، وتصل نسبة البطالة الى 12,2 بالمئة، بالاضافة الى ان 47 بالمئة من تلامذة المدارس لم ينهوا المراحل الابتدائية وفقاً لوزارة الشؤون الاجتماعية.

 

سيدات تحت التدريب

وبهدف تدريب وتطوير أصحاب الأعمال الصغيرة في عكار، عمدت كل من جمعية <آفاق> الاجتماعية الخيرية ومنظمة العمل الدولية الى تدريب مجموعة من السيدات والرجال الذين يملكون محلات او اعمال صغيرة بالكاد يكتسبون منها القليل من المال وهم لا يجيدون الكتابة والقراءة، فتأتي هذه المبادرة لتحسين قدراتهم وتطوير أنفسهم وأعمالهم حتى لو كانت عبارة عن إدارة محل سمانة او محل للثياب الى ما هنالك... وهذا المشروع يهدف الى تطوير قدرات أهالي عكار الذين يعانون منذ سنوات من الحرمان والتهميش. وهذه ليست المبادرة الأولى التي تقوم بها جمعية <آفاق> الاجتماعية الخيرية تجاه أهالي عكار بل تساهم في دعمهم في مجالات مختلفة... ومن أهداف جمعية <آفاق> التي أسستها السيدة رولا المراد ابنة عكار: القيام بتدريب وتعليم الأطفال والفقراء والمحتاجين، وإقامة دورات محو الأمية والمساهمة في اقامة مؤسسة تربوية، كذلك القيام بدورات إسعافات أولية، والقيام بنشاطات صحية واجتماعية تُخرج من الشبان والشابات طاقة خلاقة فاعلة في خدمة المجتمع.

ورئيسة جمعية <آفاق> السيدة رولا المراد تحرص على تقديم يد العون لأهالي عكار ليواجهوا الواقع الصعب والحرمان، كيف لا والسيدة رولا المراد كانت قد بدأت العمل التطوعي منذ ان كانت في السابعة عشرة من عمرها وكانت لا تزال طالبة في جامعة <البلمند>، اذ أنشأت مجموعة من الصبايا والشبان نادياً للمساعدة الاجتماعية، وقد استهوى السيدة رولا المراد العمل التطوعي والاجتماعي، وهي خريجة جامعة <البلمند> اختصاص أدب فرنسي، متزوجة ولها ثلاثة أولاد، وبعدما تزوجت وسافرت الى الولايات المتحدة حيث أقامت هناك مع أسرتها لمدة 11 سنة، وعملت متطوعة في المجتمع الأميركي، وكانت لديها نشاطات تتعلق بالمرأة والطفل والمعوقين. فمنذ العام 1989 ولغاية اليوم تعمل ضمن حقوق المعوقين كما عملت على مسألتي المواطنة والقوانين الانتخابية. وعندما عادت الى لبنان، أسست جمعية <آفاق> الاجتماعية الخيرية التي تُعنى بالطفل والمرأة لأن هذين العنصرين بالنسبة اليها يمثلان مستقبل المجتمع وبنيانه. كما انها رئيسة مركز <Educare> وهو مركز يهتم بالأولاد ذوي الاحتياجات الخاصة في عكار وطرابلس. كما انها نظمت العديد من النشاطات للمنظمات غير الحكومية والجمعيات، وشاركت في العديد من المؤتمرات حول مواضيع متعددة منها استراتيجية الدفاع الوطني، والقانون الجديد للانتخابات، وتمكين النساء اللبنانيات، وحق المرأة اللبنانية في التصويت والترشح، والمواطنة، والعلمانية، وأطفال الشوارع وغيرها. كما أنها عضو في جمعية <نساء رائدات> التي تعمل على ادخال النساء اللبنانيات في مجال السياسة.

السيدة-رولا-المراد-رئيسة-جمعية-آفاق-تتحدث-الى-السيدات-المشارفما هو المشروع الذي يهدف الى تطوير قدرات أهالي عكار؟ ومن يشرف على تدريبهم؟

ونسأل السيدة رولا المراد عن أهداف المشروع المشترك بين جمعية <آفاق> ومنظمة العمل الدولية فتقول:

- إن للمشروع المشترك بين جمعية <آفاق> ومنظمة العمل الدولية أهمية كبيرة، إذ نعتقد بأنه يجب ان نعمل على التنمية المستدامة، وليس فقط تقديم المساعدات المادية او العينية، فبالنهاية نحن نسعى من خلال هذا المشروع الى مساعدة الناس ليقوموا هم بأنفسهم بانشاء مشاريع او أعمال خاصة بهم حتى لو كانت صغيرة او بسيطة لتأمين احتياجاتهم اليومية الى ما هنالك، وهذا ما يحتاج اليه أهالي عكار الذين يعانون الكثير منذ سنوات، فليس من السهل تأمين لقمة العيش خصوصاً في المناطق الفقيرة مثل عكار، لأن عكار تعاني الحرمان والتقصير والاهمال، وبالتالي ان اهالي عكار بحاجة للاهتمام والدعم لكي يتمكنوا من اعالة عائلاتهم، كما ان الشبان والشابات بحاجة للاهتمام أيضاً.

وتابعت قائلة:

- تكمن أهمية هذا المشروع انه يدربهم على كيفية إقامة مشاريع ولو صغيرة وضمن امكانياتهم وبالمقابل تحقيق الأرباح. فنحن نرى ان للأمر أهمية لأنه ليس فقط يمنح المساعدات المادية لهؤلاء الأشخاص، بل علينا ان نقدم لهم برنامجاً تنموياً اقتصادياً مستداماً ليتمكنوا من توسيع أعمالهم ومشاريعم، فمثلاً من خلال تواصلنا وتعاطينا مع الناس في عكار نجد ان هناك حالات صعبة، فمثلاً قد يجني صاحب سمانة او محل صغير مئة ألف ليرة فقط في الاسبوع، وكانت هناك سيدات لا يربحن حتى عشرين ألف ليرة في الاسبوع، فتخيلي كيف يكون وضعهن المادي والاجتماعي في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها البلد على جميع الأصعدة.

وعن تحسين وضعهم المعيشي والاجتماعي تشرح السيدة رولا:

 - يعمل هذا المشروع على تعليمهم كيفية تطوير أعمالهم أكثر، وكيفية اجراء الحسابات، وكيف يتنبهون لأدق التفاصيل في العمل لكي يطوروا أنفسهم وأعمالهم مع الوقت، وكيف يحصلون على مدخول جيد، صحيح انهم ينتمون لفئة معدومة مادياً ولكن لديهم الذكاء، هم لم يحظوا بفرصة التعلم والدراسة ولكن الله أنعم عليهم بالذكاء، ومن جهتنا سعينا لتقديم هذه الفرصة لهم من خلال الأساتذة الذين قاموا بتدريبهم لأنهم بحاجة للدعم والمساعدة لينجحوا ويحققوا الأرباح. ما يهمنا هو ان تحظى هذه الفئة بكل هذه الأسس ليطوروا أعمالهم في عكار حيث تشكو الناس من الحرمان والاهمال. عندما نتمكن من ذلك، نكون قد ساعدناهم أكثر ليصبحوا قادرين لتحمل أعباء الحياة لا سيما في بلد مثل لبنان يعاني فيه المواطنون الكثير خصوصاً في عكار في ظل غياب الدولة التي لا تولي اهتماماً بهذه المنطقة وأهلها ولا توفر لهم ما يحتاجونه من المتطلبات الأساسية.

وفي ظل ما يعانيه اللبنانيون من تهميش وتقصير وخصوصاً في المناطق الفقيرة والمهملة مثل عكار يأتي هذا المشروع لتحسين ظروف الناس من الناحية المادية، فمن خلال مشاركة السيدات والرجال في ورشة التدريب تعلموا كيفية اقامة مشروع ولو صغير انما يكسب بشكل جيد، خصوصاً انه بالرغم من انهم لا يجيدون الكتابة والقراءة الا ان حبهم لعملهم والمسؤوليات التي تقع على عاتقهم لاعالة عائلاتهم دفعتهم للمشاركة للاستفادة من هذه الورشة.

 

إيمان ومحل السمانة

فها هي السيدة هلا المصري تعتبر ان هذه الورشة ساعدتها لتتمكن من تعلم الكثير من الأمور بما يتعلق باقامة اي مشروع عمل حتى لو كانت غير متعلمة وتقول:

- طبعاً تقع على عاتقي مسؤولية الاهتمام بأسرتي، ولدي محل سمانة انما من خلال مشاركتي في هذه الورشة تعلمت الكثير، اذ ساعدنا المدربون على كيفية معاملة الزبائن، وأيضاً علمونا كيف نفهم الربح والخسارة في كل عمل او مشروع سواء كان صغيراً ام كبيراً. وبالتالي تعلمت من خلال مشاركتي في هذه الورشة كيف أتعامل مع الزبائن وآمل ان يتطور العمل أكثر لأتمكن من تحقيق الربح، ولأوفر لعائلتي ما تحتاجه.

والسيدة ايمان طالب أيضاً لديها محل سمانة وتشكر القيمين على المشروع لأنه أفادها كثيراً وعن ذلك تشرح قائلة:

- طبعاً لا يسعني الا أن أشكر جمعية <آفاق> ومنظمة العمل الدولية لاهتمامهما بنا كأناس لا نملك الامكانيات او الخبرة لاقامة مشروع عمل حتى لو كان صغيراً. لقد تعلمت أموراً عديدة تتعلق بالعمل خصوصاً اننا لم نحظَ بفرصة التعلم والدراسة. ساعدنا المدرب في ورشة العمل لمعرفة كيفية استخدام المال الذي بحوزتنا لإقامة مشروع او عمل خاص بنا دون ان نواجه الخسارة، كما علمنا فكرة البيع والشراء والتسويق وكيفية التعامل مع الزبائن لكي نتطور أكثر وان كنا غير متعلمين، وبالتالي كانت فرصة جيدة لنا ان نشارك في هذه الورشة لنتعلم ونطبق ما تعلمناه، ولقد استفدنا بالكثير خلال ثلاثة أيام.

السيدة هناء المصري تملك محل ثياب وتعتبر انه من خلال هذه الورشة تعلمت ان العمل يتضمن الربح والخسارة، وتعلمت أيضاً كيفية تحقيق الربح وتقول:

- لقد تعلمنا من خلال هذا التدريب كيف نتمكن من تحقيق الربح، وكيف ندخر المال لئلا نواجه اي خسارة، وطبعاً تعلمنا ماهية الربح والخسارة في العمل، والأهم كيفية التعامل مع الزبائن. اكتسبت الخبرة في هذه الورشة وسأطبق ما تعلمته في عملي لأنه كان مفيداً لنا من جميع النواحي. انها فكرة رائعة ان نشارك كأشخاص غير متعلمين في ورشة من هذا النوع حيث اكتسبنا الكثير خلال بضعة أيام، وأشكر كل المدربين والجمعية ومنظمة العمل الدولية لهذه المبادرة المميزة والمفيدة لنا كأناس يعيشون في منطقة محرومة مثل عكار وبحاجة للدعم لمواجهة الحياة بكل مشاكلها ومصاعبها خصوصاً على الصعيد المعيشي والاجتماعي.

المدرب حدارة

السيدة-رولا-المراد-رئيسة-جمعية-آفاق

ويطلعنا الأستاذ زياد حدارة المدرب الذي أشرف على تدريب أصحاب العمل في عكار عن أهمية تدريبهم، وكيفية تعلم الربح حتى لو كان مشروع عمل صغير ويقول:

- هذا المشروع تابع لمنظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة، اذ جاءت فكرة المشروع لتعليم الناس الأميين الذين لم تُسنح لهم فرصة التعلم في الصغر، لذا يهدف هذا المشروع لدعم هؤلاء الأشخاص ليتمكنوا من إنشاء مشاريع عمل على قدر إمكانياتهم وان يسعوا الى تطوير عملهم مع الوقت من خلال مشاركتهم في هذا التدريب. وهنا نتحدث عن مشروع عمل صغير لأنهم غير قادرين على القيام بمشاريع كبيرة، فمن خلال المشروع الصغير إنما سيتمكنون من تطوير أنفسهم برفع مستوى معيشتهم وزيادة مداخيلهم. وعندما طلبت مني جمعية <آفاق>، ومنظمة العمل الدولية ان أصمم برنامج تدريبي يتوجه لفئات لم تتعلم في المدارس، لم أتوانَ بل صممت البرنامج من خلال استخدام الصور والمحادثات والمناقشات لكي نتمكن من ايصال مبادىء إدارة وانشاء الأعمال الى المشاركين والمشاركات في المشروع حتى لو لم يجيدوا الكتابة والقراءة، اذ اعتمدنا أكثر على الصور والتمارين والمناقشات خلال ورشة العمل.

وأضاف:

- لقد طورنا هذا البرنامج الذي يُنفذ بحوالى 60 ساعة تدريب ليتعلموا كل الأمور المتعلقة باقامة الأعمال، وهو طبعاً برنامج منظمة العمل الدولية وهو برنامج اقليمي يعمل من أجل المنطقة العربية ككل، ولكن هنا في لبنان، كانت التجربة الأولى للبرنامج في الشمال بالتعاون مع جمعية <آفاق> الخيرية وهي شريكة لمنظمة العمل الدولية في الشمال، اذ تساعدنا لكي ننفذ المشروع الذي يتوجه للأشخاص الأميين وشبه الأميين الذين يخضعون للتدريب لتحسين أعمالهم وبالتالي مستوى معيشتهم خصوصاً في منطقة مثل عكار تعاني من الحرمان والاهمال، فيأتي هذا المشروع لمساعدة الناس على تطوير أنفسهم وبطبيعة الحال تطوير أعمالهم ومشاريعهم مهما كانت صغيرة، ليتمكنوا بذلك من العيش بمستوى معيشي جيد.