تفاصيل الخبر

مشكلة البطالة وتداعياتها الخطيرة والكارثية بعدما وصلت الى 60 بالمئة وسبل معالجتها

10/06/2020
مشكلة البطالة وتداعياتها الخطيرة والكارثية بعدما وصلت الى 60 بالمئة وسبل معالجتها

مشكلة البطالة وتداعياتها الخطيرة والكارثية بعدما وصلت الى 60 بالمئة وسبل معالجتها

بقلم طوني بشارة

[caption id="attachment_78729" align="aligncenter" width="609"] مارون خولي: إذا لم يتم تدارك كارثة البطالة سيدخل البلد في نفق مظلم وصولاً الى الانهيار[/caption]

 

رئيس الإتحاد العام لنقابات عمال لبنان مارون الخولي: الحكومة اللبنانية لا تملك حلولاً لأزمة البطالة المتفاقمة بسبب قلة إدراك مسؤوليها لأهمية معالجة هذه المشكلة ! 

 لبنان مقبل بالفعل على أزمة بطالة خطيرة، أزمة طالت كل الفئات العمرية وكل الاختصاصات ومجالات العمل حتى باتت لا تقل أهمية عن كل الأزمات من سياسية وأمنية وصحية التي يعاني منها البلد في الفترة الأخيرة.

 أزمة تتفاوت التقديرات حول نسبتها وتتراوح ما بين ال 55% كحد أدنى و60% كحد اقصى، أزمة  يكاد لا يخلو خطاب أي مسؤول لبناني من التطرق الى خطورتها من  دون طرح أي حلول لمكافحتها. كما ويستبعد الخبراء  في الوقت نفسه حصول أي خروقات إيجابية في هذا الإطار خلال المرحلة المقبلة، إذا استمر الوضع على ما هو عليه.على اعتبار ان  لبنان يعاني من عجز مالي ووضع اقتصادي صعب، ناهيك عن قلة في السيولة وارتفاع بسعر الصرف مما جعل الأزمة تنعكس على المؤسسات والشركات الخاصة التي لم تعد قادرة على تمويل نفسها، ويعلن تباعاً عن إقفال عدد منها.

فما أسباب هذه الأزمة ؟ وهل من مساع لايجاد مخرج لها؟

 للإطلاع أكثر على حيثيات الأمور التقت "الأفكار" رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال لبنان مارون الخولي الذي افادنا قائلاً :إن أخطر من تداعيات البطالة في لبنان هو عملية تجهيلها من قبل السلطات الرسمية وإغفال ارقامها واعتبارها مسألة ثانوية لا تستأهل إحصائها او تبيان مُعدّلها العام او حتى النسبة المئويّة للبطالة في القطاعات اللبنانية المختلفة او في المناطق والتي يتم قياسها بالاعتمادِ على معرفةِ العدد الإجماليّ للأفراد العاطلين عن العمل، بالرغم من ان البطالة  في العالم تعتبر مِنْ أهمّ الأزمات التي تُهدّدُ استقرار المُجتمعات، وهي تتعدد اسبابهاُ من اقتصادية الى سياسية او اجتماعية او تعليمية ولكلٍ من هذه الاسباب مؤثرات ونتائج سلبيّة تُؤثّر على الدولة المعنية،وبالتالي عليها خلق سياسات تهدف الى تحسين أداء سوق العمل، وبالرغم من هذه الاهمية لضرورة ابراز مؤشر البطالة في كل دولة يستمر لبنان في تجاهل هذا المؤشر وهذا ما يدل على انعدام رؤية للحكومات المتعاقبة والحالية  في تصحيح هذا المؤشر الاجتماعي الاقتصادي وفي عدم اعتماد ارقامه لتصحيح الخلل في البنية الاقتصادية والاجتماعية او حتى في الهيكلية التعليمية للدولة.

وتابع الخولي قائلاً:

 ـ في العودة الى أرقام البطالة في لبنان،غير الرسمية والتقديرية  ارتفعت نسبة البطالة إلى ما يفوق 60 % من بداية العام 2020 ومعظمهم من صفوف الشباب، وهذا الرقم مخيف وتداعياته كارثية وتنذر بثورة شعبية قد تطيح بكامل النظام اللبناني وكيانه وقد تجر الى حروب أهلية وطبقية ومناطقية وهذا ليس استنتاجاً او تحليلاً إنما هذا سيكون واقعنا الفعلي في بلد سيقاتل ابناؤه من اجل الحصول على الرغيف. فالبطالة بهذه الارقام غير المسبوقة لها مؤشر واحد وهو الانهيار، وعدم تداركها بشكل سريع سيؤدي الى دخول لبنان في نفق مظلم وطويل والخروج منه سيكون طويلاً ومؤلماً.

أسباب البطالة

* البطالة كما يبدو واقعة لا محالة وقد تتخطى عتبة المليون مواطن وقد تؤدي بالتالي الى الانهيار، ولكن ما أسبابها؟ 

 ـ  يعاني اليوم اقتصادنا من عدة أزمات أدت الى اقفال وإفلاس الآلاف من المؤسسات والشركات من جراء السياسات الاقتصادية والمالية ومن تداعيات جائحة كورونا وصعوبة الاستيراد وسحب الأموال من المصارف والتي تؤثر حكماً على أسواق العمل  أثرت بالتأكيد على ارتفاع نسبة البطالة ووصولها الى رقم المليون عاطل عن العمل حسب "الدولية للمعلومات" مما يشكل ظاهرة خطيرة تنذر بكارثة وشيكة.

* ولكن ما أسبابها؟

ـ أسباب البطالة في لبنان عديدة: أولاً: الركود والشلل الاقتصادي الذي يعاني منه لبنان قبل 17 تشرين وبعده مروراً بتداعيات جائحة كورونا  وما خلقته من تباطؤ في النمو الاقتصادي لامس الصفر وما يعينه من انعدام فرص العمل وغياب الاستثمارات . ثانياً: الحرب السورية والتي أدخلت النازحيين إلى لبنان وبالتالي الى سوق العمل وبشكل عشوائي بحيث نافست العامل اللبناني في مختلف القطاعات التجارية والصناعية والخدماتية والصحية وتم استخدام الآلاف من العمال السوريين مكان العمالة الوطنية وذلك بهدف تخفيف كلفة الانتاج وزيادة الارباح، والاخطر من ذلك حاجة العامل السوري الى العمل تحت اي ظرف او بيئة جعلت من بعض اصحاب العمل اللبنانيين متسلطين  ينتهكون حقوق العمال الاجانب ويعملون على استعبادهم . ثالثاً: أزمة المصارف وفقدان السيولة ومنع التحاويل المالية لاستيراد المواد الاولية للصناعة وللتجارة وهذا ما ادى الى اقفال عدد كبير من المصانع والمؤسسات التجارية. رابعاً: غياب هيكلية توجيهية للتعليم في لبنان أفقدت بعض فرص العمل في بعض المجالات وحشوها في البعض الآخر، وبالنسبة للوضع الاقتصادي اللبناني وهذا لا شك هو السبب الرئيسي في مشكلة البطالة اللبنانية فهي مع الأسف إلى مزيد من التأزم والتدهور مع ملامسة الصفر في النمو وتطور الأزمة المصرفية وقلة السيولة والخلل الكبير في الميزان التجاري وفق ما يذكره معظم المحللين الاقتصاديين من لبنان والعالم.

وأضاف:

ـ خامساً: غياب الخطط لمكافحة البطالة وغياب الأجهزة والمؤسسات المعنية في معالجة او التخفيف من أزمة البطالة منها المؤسسة الوطنية للاستخدام والتي تعنى في تسهيل وتأمين الاستخدام وفقاً للمرسوم الاشتراعي الرقم 80 من قانون العمل، لاسيما وأن هذه المؤسسة معنية ايضاً بإيجاد فرص العمل للعاطلين منه، وتتولى المؤسسة رسم سياسات الاستخدام العامة والإقليمية والقطاعية وتنفيذها، وتدريب اليد العاملة، ودرس سوق العمل والأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وانعكاساتها على سوق العمل، وإيجاد فرص عمل لطالبي العمل. سادساً:عدم وجود فرص عمل للشباب الخريجين من الجامعات حديثاً فما يقارب 16 ألف خريج من الجامعات اللبنانية سنوياً، ما يقارب 3 آلاف منهم يتم توظيفهم في القطاعات العامة والخاصة ما يعني أن 13 ألف خريج جامعي ينضمون سنوياً الى فئة العاطلين عن العمل. سابعاً: مشكلة الصرف التعسفي للعمال من عدد كبير من المؤسسات الخاصة تحت حجة الأزمة المالية وجائحة كورونا وتعثر هذه المؤسسات اقتصادياً، وتكبدها خسائر مالية ، حيث بلغ عدد المصروفين من بداية العام 100 ألف أجير لبناني، بحسب أرقام لجنة المال والموازنة في المجلس النيابي. فيما صرفت مؤسسات اخرى واستبدلتهم بآخرين أقل أجراً، تحديداً من الأجانب السوريين  ولم تقتصر عمليات الصرف على الفردية فصرفت بعض المؤسسات كامل أجرائها بحجة جائحة كورونا خصوصاً قطاع المطاعم لعدم تجديد عقود عمل معها. ثامناً : التداعيات الاقتصادية العالمية لجائحة فيروس كورونا الحالية التي أدت الى افلاس واقفال وتقليص للعديد من الشركات العالمية وما نتج عنها من صرف طال  لبنانيين عاملين في دول العالم اميركية وخليجية، ودول أوروبية، ودول شمال أفريقيا وأسيا وصولاً الى دول اميركا اللاتنية نتيجة لهذه التدعيات .

الخولي والحلول!

*وماذا عن الحلول ؟ ألا يمكن تفادي حدوث هكذا أزمة؟

ـ  الحكومة اللبنانية لا تملك أي حلول لأزمة البطالة المتفاقمة، بسبب قلة إدراك مسؤوليها لأهمية معالجة هذه المشكلة بشكل جدي غير التنظير الانشائي والحشو الاعلامي لحسن النيات في الاشارة الى الاهتمام بمكافحة هذه الظاهرة كما انها لا تملك القدرات على وضع اسس ثابتة لتنفيذ خطط استراتجية الهدف منها رسم خط بياني لمؤشر البطالة ليصل الى حدود 1% او 2% كمعدل سنوي لنسبة البطالة. ونحن نرى بأن الحلول تمكن  في:

ـ ضرورة إنشاء قواعد شاملة وقابلة للمقارنة حول التحديات الاجتماعية والاقتصادية او حول تأثير السياسات العامة لتمكين صانعي السياسات التنفيذية والتشريعية من ادراك مواطن القوة والضعف في سياسات العمل لرسم سياسات ملائمة ولوضع أطر ثابتة لمعالجتها وفقاً لتلك المعطيات.

ـ دعم وتطوير المؤسسات الصغرى والمتوسطة عبر تقديم مساعدات فنية ومالية وقروض ميسرة لما لهذه المؤسسات من دور في خلق فرص عمل خصوصاً في ظل عدم قدرة لبنان على استقطاب استثمارات خارجية مالية كبرى لتوظيفها في الصناعة او في العقارات او في قطاع الخدمات في هذه الظروف المحلية والعالمية لذلك نؤكد على ضرورة دعم هذه المؤسسات الوطنية الصغيرة والمتوسطة كمخرج مساعد للتخفيف من البطالة.

ـ اعتماد نهج متكامل في تصميم سياسات التعليم والتدريب وتنفيذها لضمان تلبية الاحتياجات التعليمية والتدريبية للباحثين عن عمل ووضع خطة لاصلاح التعليم والتدريب المهني والتقني عبر استحداث مجلس مشترك يضم ممثلين عن وزارة التعليم والعمل ومديرية التدريب المهني والتقني وتوفير نظم معلومات لاستخدامها في صنع السياسات لتحسين وضع التعليم والتدريب المهني والتقني بما يلبي احتياجات سوق العمل مع ضرورة وصول التدريب الى المناطق الريفية من عكار الى البقاع الى الجنوب.

   ـ تعزيز قدرة المؤسسة الوطنية للاستخدام من أجل توفير خدمات الاستخدام، وتحسين ارتباط مختلف البلديات وأصحاب العمل والباحثين عن عمل بالشبكة العامة للمعلومات ذات الصلة بالاستخدام وتشجيع فرص الاستخدام الذاتي لصالح النساء والرجال على حد سواء. ويشمل ذلك تحسين إتاحة المعلومات ذات الصلة بسوق العمل، وتوفير برامج سوق العمل النشطة، وإقامة الشراكات بين القطاعين الخاص والعام، واستحداث تصنيف وطني للمهن وتصميم وحدات المهارات والتدريب.

ـ الاستغناء عن العمالة الوافدة القادمة من الدول النامية الاسيوية والسورية والمصرية بشكل تدريجي وفي بعض القطاعات وتوظيف العمالة المحلية بدلاً منها وهذا الأمر بدأ تنفيذه بشكل عفوي بعد عدم قدرة  اصحاب العمل على دفع رواتب تلك العمالة الاجنبية  بالدولار الاميركي بحيث يشهد لبنان في هذه الفترة على رحيل جزء منها بشكل غير منظم، ومن المقدر استمرار عودتها الى بلدانها بعد فتح المطارات، وعلى وزارة العمل متابعة هذا الموضوع لوضع دراسة تبين حجم هذه العودة وكيفية استبدالها بالعمالة الوطنية .

ـ دعم وتشجيع التعاون مع القطاع الخاص خصوصاً بعد اقرار قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص لدعم عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتي تحتاج إلى حشد جميع إمكانات المجتمع، بما فيها من طاقات وموارد وخبرات في القطاعين العام والخاص وهذا ما يخلق آلاف فرص العمل.

ـ تخفيض الضرائب والرسوم على الشركات والمؤسسات التي تخلق فرص عمل جديدة للبنانيين .

ونحن نحذر الحكومة اللبنانية بأن تجاهلها لكارثة البطالة وعدم السعي لمعالجتها سريعاً سيكون له تداعيات دراماتيكية على الكيان اللبناني برمته.