تفاصيل الخبر

مسار التمديد للعسكريين اكتمل بعد استدعاء فاضل من الاحتياط فهل وُضعت ترقية روكز وعميدين لرتبة لواء على السكة؟  

23/09/2015
مسار التمديد للعسكريين اكتمل بعد استدعاء فاضل من الاحتياط  فهل وُضعت ترقية روكز وعميدين لرتبة لواء على السكة؟   

مسار التمديد للعسكريين اكتمل بعد استدعاء فاضل من الاحتياط فهل وُضعت ترقية روكز وعميدين لرتبة لواء على السكة؟  

aoun-1 مع صدور قرارين من وزير الدفاع سمير مقبل، الأول باستدعاء العميد <المتقاعد> إدمون فاضل من الاحتياط، والثاني بتكليفه الاستمرار في إدارة مديرية المخابرات في الجيش اللبناني، يكتمل مشهد التمديد في القيادات العسكرية الذي اختلف حوله السياسيون والمسؤولون طوال الأشهر الماضية. وبذلك يكون أربعة من الضباط في الجيش من المُدّد لهم، وهم: قائد الجيش العماد جان قهوجي، ورئيس الأركان اللواء وليد سلمان، والأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع اللواء محمد خير، ومدير المخابرات إدمون فاضل، الى جانب المدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء إبراهيم بصبوص الذي نال هو الأخير نصيبه من التمديد لمدة سنتين، فيما التمديد للعماد قهوجي واللواءين سلمان وخير تم لسنة واحدة، والعميد فاضل لستة أشهر قابلة للتجديد.... إذا اقتضت الحاجة.

وقد أتى <مخرج> الاستدعاء من الاحتياط بعد استنفاد العميد فاضل سنوات خدمته في السلك العسكري (42 عاماً)، ما حال دون إمكانية تأجيل تسريحه مرة أخرى كما كان حصل قبل عامين عندما أرجأ وزير الدفاع السابق فايز غصن تسريح مدير المخابرات بناء على طلب قائد الجيش العماد جان قهوجي، وصار التمديد يتم كلما انتهت المهلة الى أن أصبح من المتعذر تأجيل التسريح.

ويؤكد مطلعون على مسار التمديد للضباط الأربعة في الجيش، انها المرة الأولى التي يطبق فيها إجراء تأجيل التسريح لضباط قادة الجيش منذ ما بعد اتفاق الطائف، بحجة تعذر ملء مراكز الضباط الأربعة بالتعيين وفقاً للأصول، نظراً للخلافات السياسية التي تضرب المكونات السياسية في لبنان والتي انعكست على أداء السلطتين التنفيذية والتشريعية.

ويضيف هؤلاء المطلعون انه إذا كانت التجاذبات السياسية حالت دون تعيين مجلس الوزراء لقادة جدد، فإن تعيين مدير للمخابرات كان يمكن أن يتم بقرار من وزير الدفاع بناء على اقتراح قائد الجيش، ولا يحتاج بالتالي الى موافقة مجلس الوزراء، أو حتى الى صدور مرسوم عادي. إلا أن التجاذبات السياسية لعبت دورها مجدداً مما حال دون الاتفاق على  مدير جديد للمخابرات، لاسيما بعد الضغط الذي مارسه الرئيس السابق ميشال سليمان على أحد ممثليه الثلاثة في الحكومة الوزير مقبل لتعيين قائد لواء الحرس الجمهوري العميد وديع غفري، في وقت كان قائد الجيش يرغب في تعيين مدير مكتبه العميد كميل ضاهر في هذا الموقع المهم والحساس في هيكلية الجيش، لاسيما بعد اعتراض مرجعيات سياسية عدة على تعيين العميد غفري لاعتبارات مختلفة، الى أن تقرر إبقاء القديم على قدمه...

 

خيار التغيير أسقطته المحاصصة

وإذا كان استدعاء العميد فاضل من الاحتياط قد شكل <المخرج> الذي حال دون بروز خلافات بين وزير الدفاع وقائد الجيش حول هوية مدير المخابرات العتيد، فإن ثمة عوامل أخرى رجحت كفة بقاء العميد فاضل في مركزه من بينها <رغبة> عدد من الديبلوماسيين الأجانب وفي مقدمهم السفير الأميركي في بيروت <ديفيد هيل>، بعدم إحداث أي تغيير في مديرية المخابرات في الوقت الحاضر نظراً للتعاون الجيد القائم بين العميد فاضل ومعاونيه، وبين أجهزة المخابرات الخارجية الأمر الذي سهّل القضاء على شبكات إرهابية عدة، وملاحقة رؤوسها وخلاياها النائمة، وغيرها من المهمات الدقيقة التي نجحت مديرية المخابرات بتنفيذها خلال السنوات الماضية في إطار المسار المتشعب لمكافحة الإرهاب، إضافة الى أن أي تغيير في رأس المخابرات راهناً، سيؤدي الى حركة تشكيلات واسعة في تلك المديرية تطاول ضباطاً يتابعون الملفات الأمنية أو الاستخباراتية منذ فترة بعيدة ومن الصعب أن يلمّ بها سريعاً الضباط الجدد، ما قد ينعكس سلباً على أداء المخابرات في هذه الفترة الدقيقة.

غير أن ثمة من يرى أن خيار <التمديد> لمدير المخابرات من خلال تأجيل التسريح الذي اعتُمد في زمن حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، ثم تكرّر لاحقاً مع حكومة الرئيس سلام، كان يمكن تفاديه منذ نيسان/ أبريل 2013 تاريخ التأجيل الأول للتسريح لولا وجود رغبة ضمنية منذ ذلك التاريخ لتطبيق الإجراء نفسه على قائد الجيش ورئيس الأركان، ثم لاحقاً على الأمين العام لمجلس الأعلى للدفاع الذي عُيّن قبل ساعة من استقالة الرئيس ميقاتي ودخول حكومته في مرحلة تصريف الاعمال، علماً أنه كان من الأفضل في حينه ملء الشواغر في المجلس العسكري الذي أصبح يدار بواسطة ثلاثة أعضاء فقط، بدلاً من ستة. في مقابل ذلك، ثمة من يعتقد بأن خيار التمديد للعميد فاضل في حينه، كان يرمي الى قطع الطريق على أي مرشح يمكن أن يفرضه الرئيس سليمان او العماد ميشال عون، لاسيما وأن الرئيس السابق للجمهورية كان لديه مرشحه المُعلن، وكذلك العماد عون الذي قيل انه طرح أسماء، لكن <الجنرال> ينفي ذلك جملة وتفصيلاً، لأنه كان يدرك أن <التركيبة> التي كانت سائدة نبيه-بري-وائل-ابو-فاعوربرئاسة سليمان لن تتجاوب معه في أي طرح!

وثمة حقيقة تشير الى أن العماد قهوجي كان يسعى الى تعيين العميد ضاهر الذي بات ملمّاً بتفاصيل كثيرة من عمل مديرية المخابرات نظراً لمواكبته للأحداث بتكليف من قائد الجيش، فضلاً عن الثقة التي يوليها للعميد ضاهر واعتباره الأكفأ بين الأسماء التي كانت تتردد في حينه، لاسيما وأن مدير المخابرات بات منذ عهد الرئيس الراحل الياس الهراوي <عين> قائد الجيش ويده اليمنى داخل المؤسسة العسكرية وخارجها، بعدما كان قبل اتفاق الطائف أقرب الى رئيس الجمهورية منه الى قائد الجيش. وقد أصرّ العماد قهوجي يومئذٍ على أن يكون مدير المخابرات من خياره هو ولا شريك معه فيه حرصاً على أداء سليم لمديرية المخابرات بعيداً عن الحسابات السياسية والمحاصصة التي كانت تحدث في الماضي <محميات> داخل المؤسسة العسكرية. واستمر موقف العماد قهوجي على حاله، فإما يكون العميد ضاهر مديراً للمخابرات أو يبقى العميد فاضل في موقعه طالما ان نظام الاستدعاء من الاحتياط ينطبق عليه وعلى الوظيفة التي يشغلها، في حين لا ينطبق النظام نفسه على قائد الجيش وأعضاء المجلس العسكري الذي لا يمكن استدعاؤهم من الاحتياط حسب قانون الدفاع المعمول به حالياً. وعليه تمت الاستعانة بالقانون لاستدعاء العميد فاضل من الاحتياط مما أظهر ان الكلمة الفصل في هذا الموقع الدقيق هي للعماد قهوجي وليس لأحد غيره!

في أي حال، بدأ العميد فاضل منذ الاثنين الماضي <عهداً> جديداً في مديرية المخابرات بالمفهوم الإداري، لأن الاستدعاء من الاحتياط غير تأجيل التسريح، وهو يفرض انقطاعاً عن العمل ولو لفترة قصيرة، ثم العودة الى الوظيفة وفقاً للمادة 27 من قانون الدفاع ليكون بذلك أول مدير للمخابرات يُستدعى من الاحتياط ويمضي سنوات عدة في هذا المنصب الذي انتقل إليه بعدما كان قد شغل مركز رئيس الغرفة العسكرية على زمن وزير الدفاع السابق عبد الرحيم مراد الذي اختاره في حينه ليتسلم الغرفة العسكرية، وهي مركز حساس أيضاً في هيكلية وزارة الدفاع. واستمر مع وزير الدفاع السابق الياس المر إلى حين تعيينه مديراً للمخابرات في العام 2008 بعد انتقال سلفه العميد جورج خوري الى السلك الديبلوماسي وتعيينه سفيراً للبنان لدى الكرسي الرسولي في الفاتيكان.

 

ترقية روكز وعميدين على الطريق؟

وإذا كانت صفحة تعيين مدير المخابرات قد طويت ببقاء العميد فاضل في موقعه بصيغة قانونية بديلة عن تأجيل التسريح، فإن صفحة ترقيات عمداء في الجيش الى رتبة لواء لا تزال مفتوحة ولم تكتمل فصولاً على رغم الاتصالات التي تكثفت على أكثر من اتجاه لإيجاد حل لهذه العقدة التي <كربجت> انتاجية مجلس الوزراء ويمكن أن تطيح بفعالية جلسات <هيئة الحوار الوطني>، وهذا ما أدركه أكثر من قيادي يعمل على إيجاد مخرج لهذه العقدة التي باتت <مفتاح> جلسات مجلس الوزراء وربما مجلس النواب أيضاً. فبعد الصيغ الكثيرة التي سقطت الواحدة تلو الأخرى للوصول الى تدبير يبقي العميد شامل روكز في الخدمة قبل إحالته على التقاعد في منتصف شهر تشرين الأول/ أكتوبر المقبل، ظل البحث مستمراً عن صيغة تضمن حصول الترقية من دون اللجوء الى مجلس النواب لإقرار قانون تمديد سن التقاعد ثلاث سنوات للضباط في كل الأسلاك العسكرية.

وبدا أن رأي <سعاة الخير> المدعومين من السفير الأميركي <ديفيد هيل>، وفي مقدمهم النائب وليد جنبلاط، استقر على الاستناد الى نص قديم في قانون الدفاع يجيز جعل عدد الألوية في الجيش ثمانية، ما يتيح ترقية ثلاثة عمداء الى رتبة لواء نظراً لوجود خمسة ضباط يحملون رتبة لواء كأعضاء حكميين في المجلس العسكري هم: رئيس الأركان (مدد له)، الأمين العام للمجلس الأعلى للدفاع (مدد له)، والشواغر تشمل المفتش العام (أرثوذكسي) والمدير العام للإدارة (شيعي) والعضو المتفرغ (كاثوليكي). ويفترض أن يشمل هذا التدبير العميد روكز فيصبح عدد الألوية في الجيش ثمانية موزعين مناصفة بين المسلمين والمسيحيين، يُضاف إليهم قائد الجيش وهو برتبة عماد (ماروني).

إلا أن الوصول الى اتفاق نهائي حول هذا المخرج ظل متعثراً طوال الأسبوع الماضي على رغم ان هذه التسوية حظيت بقبول مبدئي من تيار <المستقبل> وحزب الله خلال جولة الحوار التي جمعت ممثلين عن الطرفين في عين التينة، إضافة الى النائب وليد جنبلاط الذي حرّك موفده الوزير وائل أبو فاعور بين عين التينة والرابية واليرزة، سعياً للحصول على موافقة الرئيس بري والعماد عون والرئيس ميشال سليمان وقائد الجيش، علماً أن موقف سليمان وقهوجي لم يكن مشجعاً على المضي في هذا المخرج، على رغم أن سليمان يتشدد بالرفض، فيما العماد قهوجي يرى أن مسألة اختيار العميد الماروني لترقيته الى رتبة لواء قد تؤثر على باقي العمداء الموارنة، لكنه نفى أن يكون قد قال بأن الترقيات <تخرب> الجيش. إلا أن الطابع السياسي الذي اخذته هذه المسألة بات يحتم حلاً سياسياً وليس فقط حلاً تنظيمياً وهو ما جعل الجهود تنصب للوصول الى حل نهائي قبل نهاية شهر أيلول/ سبتمبر الجاري، لأن العميد روكز يتقاعد في منتصف الشهر المقبل.

الأقدمية تلغي الخلل في التراتبية

وفي الوقت الذي كانت فيه مصادر معارضة لترقية العميد روكز تتحدث عن <خلل> سيقع في هيكلية الجيش، أكدت مصادر متابعة أن الحديث عن الاقدمية في مسألة العمداء يمكن تجاوزه لأن الترقية الى رتبة لواء هي استنسابية بدليل أن تعيين أعضاء المجلس العسكري لا يتم وفقاً للتراتبية الهرمية للعمداء وكثيراً ما اختير عمداء لعضوية المجلس العسكري ممن ليسوا الأقدم في الهرمية العسكرية ومنحوا رتبة لواء تبعاً للوظيفة التي حلوا فيها ضمن المجلس العسكري وتقدموا على عمداء كانوا أقدم منهم في الرتبة ذاتها. وبالتالي فإن التحجج بـ<الخلل< التراتبي يراد منه عرقلة ترقية العميد روكز وإبقاء الخلاف قائماً مع العماد عون، في حين أن ثمة رغبة بإرضاء <الجنرال> عبّر عنها بوضوح النائب جنبلاط قبل أيام بقوله إن مطلب العماد عون <محق> في ما يتعلق بالعميد روكز لاسيما وأن المخرج القانوني موجود من خلال العودة الى قانون العام 1979 الذي أجاز وجود 8 ألوية في الجيش، طالما أن المراسيم التنظيمية لقانون الدفاع المعمول به حالياً لم تصدر كلها بعد، مما يسهّل العودة الى النص القديم لقانون الدفاع والاستناد إليه لإيجاد المخرج اللازم الذي سمير-مقبليعيد فتح باب مجلس الوزراء... وربما مجلس النواب أيضاً.

وتراهن الجهات العاملة على خط إنجاز <المخرج - التسوية>، وفي مقدمها النائب جنبلاط وحزب الله، على استكمال تجاوب بقية الأطراف لضمان مرور الترقية لأن السيناريو الموضوع للحل يقضي بأن تصدر مراسيم الترقية التي تحتاج الى تواقيع الوزراء لأنها مراسيم عادية بالتزامن مع تعيين مجلس الوزراء للأعضاء الثلاثة الباقين في المجلس العسكري، حتى يكتمل عدد الألوية فيصحبون ثمانية مع وجود اللواءين خير وسلمان في موقعيهما ولو بالتمديد. وتفادياً لأي اعتراض من عميد متضرر أو أكثر، تشير التسوية الى إعطاء سنوات أقدمية للضباط الثلاثة المنوي ترقيتهم الى رتبة لواء بحيث يتقدمون على رفاقهم، ومثل هذا التدبير يحتاج الى قرار من المجلس العسكري بناء على اقتراح قائد الجيش وموافقة وزير الدفاع... أي انه يحتاج في النهاية الى اتفاق سياسي، فهل سيتحقق ذلك بعد عطلة عيد الأضحى، فينعقد مجلس الوزراء كما طالب الرئيس سلام لدى زيارته الرئيس بري يوم السبت الماضي، أم تتعرقل الأمور من جديد؟

<التسوية> قبل <الزحف> الى بعبدا؟

المطلعون على الملف يقولون نسبة النجاح توازي نسبة الفشل، فأي من النسبتين ستتقدم على الأخرى؟

في الخطاب الذي ألقاه العماد عون الأحد الماضي وهو يسلّم رئاسة <التيار> الى الوزير جبران باسيل، لم يُشر لا من قرب ولا من بعيد الى موضوع التعيينات العسكرية، ما فسّره المراقبون انتظاراً من <الجنرال> لمعرفة ما ستؤول اليه نتائج الاتصالات وإفساحاً في المجال أمام مبادرة إيجابية حدّها الأقصى بداية الشهر المقبل بعد عطلة عيد الأضحى مباشرة، وعودة الرئيس سلام من رحلته الى الأمم المتحدة للمشاركة في أعمال الجمعية العمومية للأمم المتحدة. ولعل ما سيعجّل في الوصول الى التسوية الدعوة التي وجهها الوزير باسيل وهو يتسلم رئاسة التيار الوطني الحر الى أنصار التيار لـ<الزحف> الى قصر بعبدا يوم 11 تشرين الأول/ اكتوبر المقبل، تزامناً مع ذكرى 13 تشرين الأول/ اكتوبر تاريخ إطاحة حكومة العماد عون واجتياح المنطقة الشرقية من بيروت واحتلال قصر بعبدا.

ويرى مراقبون ان هذه الدعوة مع ما تحمل من تداعيات سلبية قد تكون إحدى أبرز الأسباب للسير بالتسوية تفادياً للأسوأ، خصوصاً ان لهجة خطاب <الرئيس> باسيل كانت مرتفعة، وكذلك خطاب العماد عون الذي كرر فيه المواقف إياها من عدم شرعية مجلس النواب، مؤكداً ضرورة العودة الى الشعب، وواعداً أنصار <التيار> واللبنانيين بأنه سيكون لهم <رئيساً من نبض أحلامكم وآمالكم ومن رحم معاناتكم>. ويضيف المراقبون ان إنضاج <التسوية> قبل موعد <الزحف> العوني الى قصر بعبدا يؤدي الى <احتوائه> وربما تنفيسه أو تأجيله!