تفاصيل الخبر

”مصالحة بكركي“ أراحت قاعدتي ”المردة“ و”القوات“ لكنها لن ترتقي الى مرتبة ”التحالف السياسي“!

23/11/2018
”مصالحة بكركي“ أراحت قاعدتي ”المردة“ و”القوات“  لكنها لن ترتقي الى مرتبة ”التحالف السياسي“!

”مصالحة بكركي“ أراحت قاعدتي ”المردة“ و”القوات“ لكنها لن ترتقي الى مرتبة ”التحالف السياسي“!

كما توقعت <الأفكار> في عدد سابق، تمت المصالحة بين رئيس تيار <المردة> النائب السابق سليمان فرنجية ورئيس القوات اللبنانية الدكتور سمير جعجع في ظل رعاية البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، وفي البطريركية في بكركي. هذا الحدث لم يفاجئ اللبنانيين والمتتبعين إذ كان متوقعاً وتم التمهيد له لسنوات، ثم اشتد الحديث عن قرب حصول المصالحة في الأسابيع الثلاثة الأخيرة، والواقع أن <مصالحة بكركي> بين <المردة> و<القوات> لا تقل أهمية عن <مصالحة معراب> بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية (تمت في 18/1/2016)، ففي كلتيهما اقترن العداء بين شخصين أكثر منه بين حزبين، لكن مع فارق ملحوظ إذ ان المصالحة الأولى <ولّدت> اتفاقاً سياسياً قامت عليه مرحلة سياسية لاحقة عمودها الفقري انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية استناداً الى <ورقة إعلان النيات> بين الطرفين يوم 2/6/2015 في الرابية، في حين ان المصالحة الثانية تمت بين شخصين بلا وثيقة سياسية بل في مجرد بيان تضمن نقاط الاتفاق والتوجهات المستقبلية - وإن بخفر - بحيث بقيت النصوص المعلنة في الوثيقة ضمن العموميات ولم تدخل في التفاصيل التي يفرضها اتفاق سياسي على هذا النحو، وذلك للتأكيد على أن الحديث عن <تحالفات سياسية> بين <المردة> و<القوات> سابق لأوانه.

وبصرف النظر عن الاسباب التي ادت الى قيام خلافات دموية بين الطرفين وتعذر التفاهم على حلول وسطى، إلا أن حصول المصالحة في هذا التوقيت بالذات، طرح علامات استفهام كثيرة عن مدى ارتباطها بالتطورات السياسية في لبنان، وإمكان تشكيل جبهة معارضة من داخل النظام ولاسيما من داخل مجلس الوزراء، لاسيما عند طرح المواضيع الاساسية بهدف <كبح جماح> الخصم المشترك للزعيمين فرنجية وجعجع، أي رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل.

 

إطار <وجداني>

و<تصالحي>!

ولعل القراءة المتأنية للبيان المشترك بعد اللقاء الثنائي، والذي تم إعداده بدقة واختيرت كلماته بعناية، تظهر مدى رغبة الطرفين في إبقاء هذا الحدث في إطار <وجداني> و<تصالحي> لا مكان فيه للتحالفات السياسية بعد بين فرنجية وجعجع، إذ جاء في البيان أن المصالحة <تمثل قيمة مسيحية - إنسانية لبنانية مجردة بصرف النظر عن الخيارات السياسية لأطرافها الذين ينشدون السلام والاحترام المتبادل>، وفي مكان آخر إشارة الى أن <الالتقاء والحوار ليسا مستحيلين بمعزل عن السياسة وتشعباتها>، فيما تسبق بنود المصالحة دعوة الى <حل الخلافات عبر الحوار العقلاني الهادف الى تحقيق مصلحة لبنان العليا ودور مسيحييه>... أما العبارة الأبرز فهي الاشارة الواضحة الى <تمسك كل طرف بقناعاته وبثوابته السياسية بحيث لا تقييد لحرية الخيارات والتوجهات السياسية ولا الزامات محددة (...)>. وفي هذا السياق، تتحدث مصادر متابعة لمسار الاتصالات التي سبقت اللقاء في بكركي، ان لقاء فرنجية - جعجع أسس لمرحلة جديدة في العلاقة بين الطرفين، لكنه لم يزل التباين في وجهات النظر لاسيما في ما خص المواقف من سوريا وحزب الله وغيرها من المواضيع الشائكة، لكن ذلك لا يعني أن إمكانية الاتفاق على شؤون محددة داخل مجلس الوزراء لاحقاً، أو في مجلس النواب، مسألة غير واردة، خصوصاً ان <التناغم> داخل مجلس الوزراء كان قد بدأ في زمن الحكومة المستقيلة إذ غالباً ما دعم الوزير <المردي> يوسف فينيانوس طروحات وزراء <القوات> والعكس بالعكس.

<نكاية> بالتيار الوطني الحر؟

 

إلا أن ثمة من وجد في <مصالحة بكركي> المناسبة لتوجيه الانتقادات الى <المردة> قيادة وأفراداً، في حين كانت الملاحظات السلبية اقل لدى القاعدة <القواتية> ومنها أن <الحكيم> بدا متسرعاً في اتمام المصالحة <نكاية> بـ<التيار الوطني الحر> رئيساً واعضاء، والأمر نفسه يمكن أن ينسحب على الدافع الى تحقيق <المصالحة> في هذا التوقيت بالذات، علماً أن قياديي <المردة> الذين أطلوا عبر الإعلام بقوة، حرصوا على القول بأن لا ارتباط بين ما حصل في بكركي وبين الخلافات القائمة مع التيار الوطني الحر. أما بالنسبة الى قول بعض حلفاء 8 آذار بأن فرنجية <أخطأ> بلقائه جعجع وإعطائه <صك براءة>، فإن لفرنجية وجهة نظر تؤكد على التنسيق والتعاون مع الجميع، وأن سياسة الانفتاح التي اعتمدها لإقامة تواصل بين <المردة> وتنظيمات سياسية أخرى، بديهي أن تكون - اي السياسة - معتمدة في العلاقة بين حزبين باعد بينهما الدم ورسم خطوط تماس استمرت نحو أربعة عقود وأنه آن الأوان لفتح صفحة جديدة أرادها فرنجية حاسمة لأنه أكد مراراً على ضرورة إقفال كل ملفات الحرب في لحظة وجدانية وتاريخية، ونجح مع شريكه في <المصالحة> في تحقيق إنجاز داخل المجتمع المسيحي الذي يتآكل من الداخل وتحصل <انهيارات> من حين الى آخر في قيمه وأدبياته.

في أي حال، ما حصل في بكركي يوم الخميس الماضي هو إنجاز وطني مهم بين حزبين كان يمكن ألا يلتقيا... لكن ثمة اعتبارات حققت هذا التلاقي الذي يفترض أن يبقى بعيداً عن الحسابات الصغيرة لكي لا يكون مصيره مثل غيره.