تفاصيل الخبر

مصادر قانونية: مجلس الوزراء خالف الدستور لنشره قوانين ”تشريع الضرورة“ من دون جلسة!  

08/01/2016
مصادر قانونية: مجلس الوزراء خالف الدستور  لنشره قوانين ”تشريع الضرورة“ من دون جلسة!   

مصادر قانونية: مجلس الوزراء خالف الدستور لنشره قوانين ”تشريع الضرورة“ من دون جلسة!  

عصام-سليمان   مع انقضاء السنة الماضية، وتحديداً في 26 كانون الأول (ديسمبر) 2015، أصبحت القوانين التي أقرها مجلس النواب في جلستيه اليتيمتين في 12 و13 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، نافذة بشكل كامل في انتظار أن يبت المجلس الدستوري بالطعن الذي تقدم به نواب الحزب التقدمي الاشتراكي في شأن قانون استرداد الجنسية الذي كان من ضمن القوانين التي أقرها مجلس النواب في ما عُرف بـ<تشريع الضرورة>، مع الإشارة الى ان القانون المطعون به يبقى نافذاً الى حيث صدور قرار المجلس الدستوري الذي لم يطلب تجميد تنفيذ القانون الى حين يقول كلمته فيه.

   وإذا كانت القوانين التي أقرت لم تجد من يطعن بها ضمن المهلة الدستورية المحددة (شهر واحد) باستثناء قانون استرداد الجنسية، فإن مصادر قانونية مطلعة كشفت لـ<الأفكار> ان هذه القوانين، وعددها 38 قانوناً، صدرت على نحو مخالف للدستور ولاسيما المادة 62 منه، وذلك بصرف النظر عن مضمونها وأهميتها والأسباب التي دفعت الى اقرارها. وأشارت هذه المصادر الى ان المخالفة الدستورية تكمن في ان هذه القوانين نُشرت من دون قرار من مجلس الوزراء الذي انتقلت إليه صلاحيات رئيس الجمهورية بعد الشغور في 25 أيار (مايو) 2014، ومن بينها صلاحية نشر القوانين بعد اقرارها في مجلس النواب. فالعودة الى نصوص القوانين كما نشرتها الجريدة الرسمية في عددها الرقم 48 تاريخ 26 تشرين الثاني (نوفمبر) 2015، تظهر وجود عبارة <اقر مجلس النواب وينشر مجلس الوزراء استناداً الى المادة 62 من الدستور الخ...>، علماً ان مجلس الوزراء لم يجتمع في ذلك التاريخ ولا قبله لاتخاذ قرار بنشر القوانين التي أقرها مجلس النواب علماً ان موافقة مجلس الوزراء هنا ليست على القوانين اطلاقاً بل على نشرها استناداً الى ممارسة المجلس لصلاحيات رئيس الجمهورية المغيّب.

 

انعقاد مجلس الوزراء ضروري

   وقالت المصادر نفسها ان هذه المخالفة ليست الأولى من نوعها إذ سبق لمجلس الوزراء ان أصدر مراسيم من دون أن ينعقد ووقع عليها الوزراء بـ<المراسلة> أو عن طريق <البريد الجوال>، إلا ان انعقاد المجالس في هذه الحالة للموافقة على القوانين التي أُقرت يبدو ضرورياً لاسيما وان الدستور أعطى رئيس الجمهورية صلاحيات رد القوانين وطلب اعادة مناقشتها في مجلس النواب، الأمر الذي يجعل من انعقاد مجلس الوزراء والموافقة على نشر القوانين أمراً دستورياً لأن مجلس الوزراء بذلك يكون قد مارس صلاحية الرئيس في عدم رد القوانين. وتشير المصادر الى ان القاعدة التي اعتمدها مجلس الوزراء منذ حصول الشغور الرئاسي قضت بأن يوقع الوزراء على المراسيم العادية التي لا تحتاج الى قرار من المجلس بل ممارسة صلاحية الرئيس في توقيع المرسوم العادي، في حين تحتاج الفئة الثانية من المراسيم الى التئام مجلس الوزراء لدرسها والموافقة عليها ثم توقيعها ونشرها.

   وفي رأي المصادر القانونية المعترضة على نشر القوانين الـ38 من دون انعقاد  مجلس الوزراء، ان مجلس الوزراء هو سلطة دستورية لا يحق لها ممارسة صلاحياتها إلا وفقاً لأحكام المادة 65 من الدستور التي تحدد اختصاص هذا الأخير وكيفية اتخاذ القرارات والنصاب القانوني لانعقاد مجلس الوزراء، وبالتالي فإن اجماع الوزراء على قرار ما لا يعطي مفاعيله القانونية إلا إذا تم التعبير عنه في مجلس الوزراء المنعقد أصولاً، وبالتالي ــ حسب المصادر نفسها ــ لا يحق للوزراء مهما بلغ عددهم اصدار مراسيم لم تقر في جلسة رسمية لمجلس الوزراء، ما يعني استطراداً ان كل المراسيم، عادية كانت أم لم تكن عادية، تحتاج الى اقرارها في مجلس الوزراء عند خلو سدة الرئاسة، والأمر نفسه ينطبق على القوانين التي يقرها مجلس النواب والتي تُنشر بواسطة مراسيم.

سابقة نشر قانون التمديد لمجلس النواب

   وتورد المصادر القانونية نفسها مثالاً لتأكيد اعتراضها ان مجموعة من القوانين المعجلة النافذة حكماً قد صدرت في 11 تشرين الثاني (نوفمبر) 2014 عندما لم يتمكن مجلس الوزراء من اصدارها في المهلة الدستورية بسبب الخلاف السياسي بين الوزراء والكتل التي يمثلونها، ومنها قانون تمديد ولاية مجلس النواب الذي حمل الرقم 16، إذ جاء في حيثياته ما يلي: <(...) وبما ان أمين عام مجلس الوزراء أبلغ مجلس الوزراء خلال جلسته المنعقدة في السراي الكبير تاريخ 6/11/2014 بإقرار القانون المعجل المذكور أعلاه،  وبما ان مهلة الخمسة أيام المنصوص عليها في المادة 56 من الدستور قد انقضت بتاريخ 10/11/2014 من دون أن يصدر مجلس الوزراء بصفته مناطة به صلاحيات رئيس الجمهورية القانون المعجل أو يعيده الى مجلس النواب>، فإن مجلس الوزراء نشر القانون المذكور، ما يعني ان اصدار القوانين، في ظل الشغور الرئاسي، يحتاج الى انعقاد مجلس الوزراء، وإلا لماذا إشارة الأمين العام للمجلس بإقرار القانون واحتساب سريان مهلة الأيام الخمسة من تاريخ هذا الابلاغ.

   وتسجل المصادر القانونية مخالفة أخرى في نشر القوانين الـ38، إذ حملت هذه القوانين عنوان <قانون معجل>، في حين لم يرد في متن نصوصها لاسيما في المواد الأخيرة، ما يشير الى ضرورة استعجال اصدارها كما يجري عادة، ما يدل، استناداً الى المصادر القانونية الى <تسرّع> مجلس الوزراء في البت في المواضيع القانونية المدرجة على جدول أعماله.

   وفي رأي المصادر القانونية ان تفادي حصول أي تشكيك قانوني ودستوري في طريقة نشر القوانين، يكون في استرجاع هذه القوانين وتأمين موافقة مجلس الوزراء على <نشرها> وليس على مضمونها، لأنه في حالات كثيرة تكون للشكليات قيمة دستورية توازي قيمة مضامين النصوص، ومن الأفضل عدم ترك أي ثغرة يمكن النفاذ منها للطعن والاعتراض...