بعد غياب عن السفارة الأميركية في عوكر استمر أسابيع تنقل خلالها بين باريس والرياض وبرلين وواشنطن، عاد السفير الأميركي <ديفيد هيل> بداية الاسبوع الماضي الى بيروت، وسارع الى القيام بزيارات لعدد من الرسميين والسياسيين في أعقاب الاتصال الذي أجراه الرئيس الاميركي <باراك أوباما> بالرئيس تمام سلام والذي أعلن رسمياً أنه تناول استحقاقي الانتخابات الرئاسية والنيابية.
إلا أن <اللغز> الذي أحاط غياب السفير <هيل> عن بيروت، ازداد غموضاً بعد ادلاء السفير ببيان من السرايا الكبير تناول فيه الاستحقاق الرئاسي وموقف بلاده منه، رداً على سلسلة <تسريبات> أغرقت وسائل الإعلام اللبنانية وانشغلت المحافل السياسية لمعرفة حقيقتها. وهكذا ردّ البيان على <تسريبة> عن عدم ترشيح واشنطن العماد ميشال عون لرئاسة الجمهورية بالتأكيد على أن دور الولايات المتحدة الاميركية <ليس في الاختيار (بين المرشحين)، ولكن في المساعدة مع المجتمع الدولي لتمكين اللبنانيين من أن تكون لهم فرصة في هذا الاختيار بعيداً عن التدخل الخارجي بالتوافق مع دستورهم>. وفسرت مراجع سياسية عبارة <التوافق مع دستورهم> على انها رفض اميركي لاجراء أي تعديل دستوري سواء لتمديد ولاية الرئيس ميشال سليمان او لتسهيل انتخاب من تمنع المادة 49 انتخابه لكونه موظفاً في الدولة.
كذلك رد بيان السفير <هيل> على <تسريبة> انتشرت في الايام الماضية حول توافق اميركي - فرنسي على التواصل مع روسيا وايران والسعودية للاتفاق على مرشح رئاسي محدد، فأورد البيان ان واشنطن تساعد <في حماية هذا الاستحقاق وعدم تمكين التدخلات الخارجية في تحديد الخيار الذي هو حق اللبنانيين فقط>.
ولخص مصدر ديبلوماسي لـ<الافكار> العناوين العريضة للموقف الاميركي من الاستحقاق الرئاسي بالقول: <نريد ان تجري الانتخابات في موعدها الدستوري، ولا نريد أن يحل الفراغ في الرئاسة الأولى لان ذلك سيؤدي الى شل عمل المؤسسات ويقود الى الفوضى واللااستقرار. ونحن ضد اي تدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية، ونرفض تدخل الآخرين بهذه الشؤون في الوقت نفسه. وموقفنا واضح لجهة عدم الموافقة على تعديل الدستور>. وعندما نسأل المصدر عن ترجمة لهذه المواقف يجيب: <ليفسر كل طرف موقفنا كما يريد>!
وفي احدى المناسبات التي تلت عودة <هيل> من الخارج، سئل السفير الاميركي عما اذا كانت واشنطن لديها مرشح معين للرئاسة، فسارع الى القول: <ليس لدينا مرشح.. ولا نضع <فيتو> على اي مرشح>.
وعلمت <الأفكار> أن مساعدة وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الاوسط <باترسون> ستزور بيروت خلال الاسبوعين المقبلين لـ<مواكبة> التحضيرات الجارية لانتخاب رئيس جديد للجمهورية. ووصفت زيارة <باترسون> بأنها <البديل> عن الزيارة التي كان وزير الخارجية <جون كيري> قد وعد بالقيام بها لبيروت، ثم عدل عن ذلك لئلا تعطى للزيارة تفسيرات مرتبطة بالاستحقاق الرئاسي.