تفاصيل الخبر

مرحلة ما بعد إجراءات "كورونا" والتعبئة: عودة التحركات الشعبية تحت شعار "ثورة الجياع"!

23/04/2020
مرحلة ما بعد إجراءات "كورونا" والتعبئة: عودة التحركات الشعبية تحت شعار "ثورة الجياع"!

مرحلة ما بعد إجراءات "كورونا" والتعبئة: عودة التحركات الشعبية تحت شعار "ثورة الجياع"!

[caption id="attachment_77264" align="alignleft" width="372"] إنجاز واحد سجل للحكومة وهو مكافحة "كورونا"![/caption]

 ينظر المسؤولون الأمنيون في لبنان بكثير من القلق الى مرحلة ما بعد "كورونا" ورفع الإجراءات الأمنية المتخذة حالياً لتفادي انتشار الوباء الخبيث، لاسيما لجهة تجدد التحركات الشعبية التي بدأت في 17 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي في ما سمي بـ"الانتفاضة"، أو "الثورة" و"الحراك الشعبي". ذلك أن كل المعطيات الأمنية تشير الى أن التحرك الذي توقف نتيجة إجراءات التعبئة العامة وعدم الاختلاط، سوف يتجدد على نحو مختلف عما كان عليه سابقاً، للمطالبة بإجراءات اقتصادية ومالية تنقذ الوضع الاقتصادي الراهن وتعيد دورة الحياة من جديد.

 وتشير المعلومات المتوافرة لدى الأجهزة الأمنية أن اجتماعات تعقد بعيداً عن العيون الأمنية في منازل عدد من قادة "الثورة" تحضيراً للخطوات التالية التي ستحصل فور رفع الاجراءات المتخذة تطبيقاً لحالة التعبئة، وهذه الخطوات موزعة على عدد من المناطق اللبنانية من خلال ما يُعرف بـ"منسقية الثورة" في المحافظات، وبعض هذه التحركات لن تكون سلمية بل ستحمل في طياتها طابعاً عنفياً خلافاً لما كانت عليه تحركات "الانتفاضة" قبل انتشار وباء "كورونا". وفي خلال اجتماع ضم وزراء ومسؤولين أمنيين، عُرض تقرير على  الحضور يورد معطيات دقيقة حول طبيعة الاجتماعات التي تعقد والصيغ التي يدرسها المجتمعون ليكون تحركهم له فعالية أكبر من تلك التي تمت في السابق. أما الشعار الذي ينوي هؤلاء التركيز عليه، فهو "الثورة على الجوع" لأنه من الشعارات التي تستقطب الكثيرين نتيجة الوضع الاقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد.

وأشار التقرير الى أن الفارق في التحرك المرتقب بعد "كورونا" هو دخول الأحزاب المعارضة لحكومة الرئيس حسان دياب على الخط للمشاركة في الخطوات المنوي اتخاذها لأهداف سياسية تصب في خانة العمل المستمر من أجل اسقاط الحكومة وإدخال الوضع في البلاد في المجهول والدفع في اتجاه تغييرات سياسية تحت ستار المطالب الاجتماعية والغذائية والاقتصادية. وما "يشجع" على مثل هذه المشاركة من الأحزاب المعارضة، هو المواقف التي تصدر عن رؤساء هذه الأحزاب ونوابها وفعالياتها والتي تحضّر الأجواء الملائمة ليكون للتحرك نتائج عملية تُستغل في السياسة. ويروي أحد المسؤولين الحزبيين أن السيناريو المعد لهذه الغاية يتم درسه باتقان مع الأخذ في الاعتبار الأماكن المناسبة مثل طرابلس وعكار وغيرهما من البلدات الشمالية التي تعاني من الفقر والحرمان، وصولاً الى أماكن أخرى، لكن "الشرارة الأولى" ستكون من الشمال حيث تجري استعدادات للمباشرة بالتحرك فور زوال إجراءات التعبئة العامة، وهناك تلعب أحزاب وجمعيات متطرفة على تهيئة الأجواء المناسبة للتحرك عندما تأتي الساعة. وترصد الأجهزة الأمنية، في هذا السياق، تحركات تجري على قدم وساق من أجل تأمين "جهوزية" الى أن يحين الوقت المناسب.

[caption id="attachment_77263" align="alignleft" width="314"] الرئيس حسان دياب هو الافضل في المرحلة الراهنة حسب استطلاع رأي "الدولية للمعلومات".[/caption]

أين الأمن الاستباقي؟

 وتبدي مصادر رسمية انزعاجها من الطريقة التي يتم فيها التعاطي مع المعلومات المتوافرة لدى الأجهزة الأمنية إذ لا تُعطى هذه المعلومات الأهمية التي تستحق فلا تحصل مبادرات عملية لمواجهة هذه الاستعدادات وخنقها في المهد على رغم أن المجلس الأعلى للدفاع كان ركز في جلساته المتتالية خلال الشهرين الماضيين على أهمية إعتماد "الأمن الاستباقي" كأساس في إطار مواكبة التطورات في البلاد، خصوصاً بعدما تأكدت معطيات حول جدية التحركات الشعبية المرتقبة في هذه المناطق، نواتها تجمعات شعبية محدودة في ساحة النور في طرابلس وتجمعات لا تزال قليلة في عدد من قرى عكار وفي منطقة العبدة، تقابلها تحركات محدودة في عدد من البلدات البقاعية ذات أكثرية مذهبية معينة. أما في المناطق الشرقية فترصد الأجهزة الأمنية لقاءات في عدد من المراكز الحزبية تُطرح فيها بوضوح طروحات ومواقف تشجع على عودة التحركات الشعبية فور انتهاء اجراءات الحجر المنزلي ومنع التجول خلال فترات معينة وغيرها من الاجراءات. وفي هذا الإطار رُصدت زيارات يقوم بها عدد من المسؤولين الحزبيين الى هذه الأماكن حيث تعقد جلسات مغلقة تحت عنوان "الثورة راجعة".

 ولعل ما يشجع البعض على الانخراط في التحركات الشعبية المنتظرة وجود ملفات اجتماعية من دون حلول حتى الساعة على رغم أهميتها، اضافة الى الوضعين المالي والاقتصادي، يضاف إليهما تنامي موجة البطالة الى ما يزيد عن 50 بالمئة خصوصاً بعد اضطرار مؤسسات ومصانع وشركات الى الاقفال وتسريح العمال نتيجة أزمة "كورونا" علماً أن هذه الأعداد فاقت الآلاف ممن فقدوا وظائفهم وأماكن عملهم ولن يكون في مقدورهم تسديد ما يتوجب عليهم من أقساط منازل ومدارس أو تلبية حاجات أفراد أسرهم. لذلك يجري تركيز المعنيين في تحضير التحركات على "ثورة الجياع" التي تعكس صورة عن الوضع الذي آلت إليه البلاد. ويشير مسؤول أمني كبير الى أن القوى الأمنية ستكون في وضع صعب حيال التحركات المرتقبة خصوصاً إذا حملت شعارات الجوع والفقر والعوز ولم تحمل شعارات سياسية، لأنه سيكون من الصعب مواجهة من يصرخ ويتألم من الجوع والفقر، في ظل عدم وجود مبادرات حقيقية لتوفير مساعدات عاجلة للعائلات التي تضررت بفعل تداعيات "كورونا" وتوقف عجلة العمل في البلاد عن الدوران. ويضيف هذا المسؤول أن الظروف التي نشأت بعد تفشي وباء "كورونا" زادت الأوضاع الاجتماعية تردياً وبات من الصعب اقناع الناس العاديين، وليس "الثوار" بضرورة المحافظة على الهدوء وعدم القيام بأعمال مخلة بالأمن أو قطع الطرق وإقامة الحواجز وغيرها، لأن الظروف الراهنة اختلفت عن تلك التي سادت قبل "كورونا" والأرضية الشعبية باتت جاهزة للتجاوب مع أي دعوة توجه إليها للتحرك ضد المؤسسات الرسمية أو المصارف أو الذين تحوم حولهم شبهات الإثراء غير المشروع أو الأغنياء الذين أهملوا الاهتمام بالفقراء.

[caption id="attachment_77265" align="alignleft" width="402"] ثورة 17 تشرين عائدة تحت مسمى "ثورة الجياع"![/caption]

أرقام صادمة!

 خلال استطلاع رأي أجرته "الدولية للمعلومات" ونشر قبل أيام تم طرح السؤال التالي على المشاركين في الاستطلاع: بعد عودة الحياة الطبيعية الى لبنان هل تعتقد أنه ستحصل تظاهرات؟ فأتى الجواب صادماً إذ توقع 71 بالمئة من المشاركين عودة التظاهرات بعد انتهاء أزمة "كورونا" وإن ربط البعض مسألة العودة بقدرة الحكومة على معالجة الوضع الاقتصادي بعد انتهاء الأزمة، فإن نجحت في احتواء الوضع الاقتصادي ومعالجته سيخفف ذلك من ضرورة النزول الى الشارع للمطالبة بلقمة عيش كريمة. إلا أن الأخطر كان في جواب المستطلعين عن نوعية التظاهرات، إذ ذكر 37 بالمئة منهم أنها ستكون "عنيفة" إذ إن الشعب "جاع" و"طفح الكيل" في مقابل 22 بالمئة من الذين عبروا عن اعتقادهم بسلمية التظاهرات المحتملة بعد انتهاء أزمة "كورونا". وهذا الاستطلاع إن دلّ على شيء، فهو يدل على ان الأكثرية الشعبية باتت في حالة صعبة، وهي لا تثق بالحلول التي تعمل الدولة لايجادها في معالجة الأزمة الاقتصادية والمالية الراهنة، علماً أن هذا الاستطلاع الذي أجري يومي 14و15 نيسان (ابريل) الجاري شمل لبنانيين من مختلف المناطق والطوائف والفئات العمرية ودار أساساً حول موقفهم من أداء الحكومة في زمن "الكورونا". وقد قيم أكثر من نصف المستطلعين أداء الحكومة حتى الآن بالجيد والمتوسط (58 بالمئة) في مقابل 9 بالمئة ذكروا أن أداء الحكومة الحالية بشكل عام هو سيء و8 بالمئة سيء جداً. علماً أن نسبة 17 بالمئة من المستطلعين ذكروا أن أداء الحكومة الحالية ممتاز حتى الآن (تاريخ الاستطلاع)، فيما احتل الوضع الاقتصادي المرتبة الأولى على سلم الأولويات التي يجب على الحكومة معالجتها فوراً (17 بالمئة) تليه معالجة أزمة "كورونا" (15 بالمئة) والحد من ارتفاع الأسعار (13 بالمئة)، وتمكين المودعين من سحب أموالهم من المصارف (12 بالمئة)، واستعادة الأموال المنهوبة (11 بالمئة). كما طالبت نسبة 8 بالمئة الحكومة بوقف ارتفاع سعر الدولار، و7 بالمئة بتوفير المواد والمساعدات الغذائية. ولم يسجل المستطلعون سوى انجاز واحد للحكومة وهو مكافحة "كورونا" (54 بالمئة) في مقابل 31 بالمئة لم يروا أي انجاز للحكومة الحالية. وسمى 53 بالمئة من المستطلَعين الرئيس حسان دياب بأنه الأفضل في المرحلة الراهنة، فيما ذكر 13 بالمئة أنهم لا يفضلون أحداً.